سودانايل:
2025-03-26@12:38:29 GMT

غانا: مسار الديمقراطية وتحديات المستقبل

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

محمد تورشين*

تُعد غانا إحدى أبرز الدول الإفريقية التي نجحت في تحقيق انتقال ديمقراطي مستقر وترسيخ التداول السلمي للسلطة. منذ استقلالها عن الاستعمار البريطاني عام 1957، مرت البلاد بتحولات سياسية عميقة، تضمنت فترات من عدم الاستقرار السياسي بسبب الانقلابات العسكرية، قبل أن تدخل حقبة جديدة من الديمقراطية المستدامة مع إقرار دستور الجمهورية الرابعة عام 1992.

ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد ثماني عمليات انتخابية منتظمة وتناوبًا سلميًا على السلطة بين الحزبين الرئيسيين: "المؤتمر الوطني الديمقراطي" (NDC) و"الحزب الوطني الجديد" (NPP)، ما جعلها نموذجًا إفريقيًا في الاستقرار السياسي.

التحديات الاقتصادية وتأثيرها على الاستقرار

رغم الإنجازات السياسية، تواجه غانا تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة قد تهدد استقرارها. في مقدمة هذه التحديات، تأتي البطالة التي وصلت إلى معدلات مقلقة تجاوزت 14% من قوة العمل، ما أدى إلى حالة من السخط الشعبي، خاصة بين الشباب. يمثل هذا الوضع ضغطًا متزايدًا على الحكومة الجديدة، حيث أظهرت استطلاعات الرأي مثل تقارير "جلوبال إنفو أناليتكس" و"أفرو باروميتر" أن أغلبية الشعب تطالب باتخاذ إجراءات عاجلة لخلق فرص عمل وتحسين الظروف المعيشية. الفقر أيضًا يمثل عائقًا كبيرًا أمام التنمية والاستقرار. على الرغم من النمو الاقتصادي الذي حققته البلاد في السنوات الأخيرة، إلا أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء تزداد اتساعًا، ما يزيد من التحديات الاجتماعية. تحتاج الحكومة إلى تعزيز سياسات التوزيع العادل للموارد، ودعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة لتوفير فرص عمل مستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية. إلى جانب ذلك، تعاني البلاد من ارتفاع الدين العام الذي يضغط على الميزانية الوطنية ويحدّ من قدرة الحكومة على تنفيذ مشروعات تنموية ضرورية. يتطلب هذا الوضع اعتماد إصلاحات اقتصادية جذرية تهدف إلى تقليل الاعتماد على القروض الخارجية، مع التركيز على تعزيز الإنتاج المحلي والصادرات. لا تزال البنية التحتية في غانا غير متطورة بالشكل الكافي لدعم الطموحات الاقتصادية للبلاد. هناك حاجة ماسة إلى تحسين شبكات النقل والطاقة والمياه، خاصة في المناطق الريفية، لتسهيل الوصول إلى الخدمات وتعزيز النشاط الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، يعاني قطاعا التعليم والرعاية الصحية من تحديات كبيرة تتطلب تدخلًا حكوميًا عاجلًا. تحسين هذه القطاعات سيكون له تأثير مباشر على تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز الإنتاجية.

غانا ودورها في محاربة الإرهاب في غرب إفريقيا

في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة غرب إفريقيا، تلعب غانا دورًا حيويًا في تعزيز الأمن الإقليمي. وعلى الرغم من أنها لم تشهد هجمات إرهابية كبيرة على أراضيها حتى الآن، إلا أنها تدرك خطورة انتشار الجماعات الإرهابية في البلدان المجاورة مثل بوركينا فاسو ومالي.تعمل غانا على تعزيز قدراتها الأمنية والعسكرية من خلال التعاون مع الشركاء الدوليين، مثل الأمم المتحدة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس). بالإضافة إلى ذلك، تساهم غانا في عمليات حفظ السلام الإقليمية وتبذل جهودًا لتأمين حدودها الشمالية من تسلل الجماعات الإرهابية. ومع ذلك، لا يقتصر دور غانا في مكافحة الإرهاب على الجانب الأمني فقط، بل يمتد إلى معالجة الأسباب الجذرية التي تغذي التطرف، مثل الفقر، والبطالة، وضعف الخدمات العامة. إن تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، خاصة في المناطق الحدودية، يُعد عاملًا رئيسيًا في منع انتشار الفكر المتطرف والحفاظ على استقرار البلاد والمنطقة.
ختاما يمكن القول بأن غانا تقف على مفترق طرق. نجاحها في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز دورها الإقليمي في محاربة الإرهاب، سيحدد مستقبلها كدولة مستقرة وديمقراطية في إفريقيا. ورغم التحديات الكبيرة، فإن إرثها السياسي الراسخ، إلى جانب التزامها بالإصلاحات، يمنحها فرصة حقيقية لتعزيز مكانتها كقوة ديمقراطية واقتصادية في القارة. إن الجمع بين الاستقرار السياسي، ومعالجة القضايا الاقتصادية، وتعزيز الأمن، سيُسهم في خلق بيئة مواتية للتنمية المستدامة، ما يجعل غانا نموذجًا يُحتذى به للدول الإفريقية الأخرى.

* باحث وكاتب سوداني ، متخصص بالشأن المحلي والشؤون الإفريقية

mohamedtorshin@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

صعوبة اللعب في شهر رمضان وتحديات أخرى.. تصريحات مدرب السعودية قبل مواجهة اليابان

السعودية – تحدث الفرنسي هيرفي رينارد، مدرب المنتخب السعودي، عن الصعوبات التي تواجه الأخضر أمام اليابان يوم الثلاثاء، ضمن الجولة الثامنة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم لكرة القدم 2026.

وقال رينارد في المؤتمر الصحفي امس الاثنين، عن استعدادات الأخضر للمباراة: “سنواجه أفضل منتخب في آسيا، لذا يجب استغلال الفرص، ولا سيما أننا لم نكن فعالين في ترجمة الفرص في المباراة الماضية أمام الصين”.

وطالب المدرب الفرنسي لاعبي الأخضر بتقديم مباراة قوية أمام اليابان، واللعب بقتالية وجاهزية تامة، مضيفا: “نؤمن بحظوظنا بالتأهل، وهذا سلاحنا”.

وعن وضع الأخضر السعودي بعد الإصابات، التي لحقت ببعض اللاعبين، مثل حسن كادش، وسعود عبد الحميد، اللذين سيغيبان عن المباراة، قال رينارد: “الإصابات جزء من كرة القدم، اللعب خلال شهر رمضان ليس سهلا، واللاعب عليه أن يتأقلم ويكون جاهزا، ونعلم أننا بحاجة لأن نبذل جهدا مضاعفا في مباراة الغد”.

وأضاف المدرب الفرنسي: “ما زال هناك 3 مباريات، مع اليابان، والبحرين، وأستراليا، نقاط هذه المباريات مهمة، فالمنافسة شديدة على المركز الثاني، ويجب أن ننافس بشدة، ونحقق بطاقة التأهل، ونحن نعرف أن المنتخب الياباني منضبط، وهذه فلسفتهم في كرة القدم، وسيلعبون بجهد كامل”.

وعلق رينارد على استهداف اليابان الفوز بكأس العالم في المستقبل، قائلا: “لا شك أن المنتخب الياباني فريق جيد، ومن الطبيعي أن يكون طموحهم عاليا، والفوز بكأس العالم رغبة كبيرة، ويمكن تحقيقها بالمستقبل، لأن لديهم جودة عالية من اللاعبين”.

وبسؤاله حول أسباب تراجع أداء المنتخب السعودي، مقارنة بما قدمه قبل ثلاثة أعوام، قال المدرب الفرنسي: “الوضع قبل ثلاثة أعوام مختلف عن الآن، ولكن هذا حال كرة القدم، ويجب أن يتأقلم فريقنا، وينافس، ويحصل على البطاقة الثانية، بغض النظر عن صعوبة التأهل، فالأهم هو التأهل”.

ويحتل المنتخب السعودي المركز الثالث في جدول ترتيب المجموعة الثالثة برصيد 9 نقاط بفارق نقطة واحدة عن أستراليا، صاحبة المركز الثاني.

ينما يتربع منتخب اليابان على عرش الصدارة برصيد 19 نقطة، وقد ضمن رسميا التأهل إلى نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2026 منذ الجولة الماضية، كأول منتخب يحقق هذا الإنجاز.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصحة الدكتور زهير قراط خلال المؤتمر: في ‏لحظة فارقة وخاصة فيما يتعلق بواحدة من أهم وأصعب التحديات التي ‏نواجهها وهي نقص أدوية السرطان وتأثيره الكارثي على حياة آلاف ‏المرضى وعائلاتهم في مختلف أنحاء البلاد؛ لقد أصبح هذ
  • صعوبة اللعب في شهر رمضان وتحديات أخرى.. تصريحات مدرب السعودية قبل مواجهة اليابان
  • غانا تعبر مدغشقر بثلاثية في تصفيات كأس العالم 2026
  • عندما تتحول القيم الديمقراطية إلى ذريعة سياسية
  • أنغولا تُنهي دورها كوسيط في نزاع شرق الكونغو الديمقراطية
  • المشاكل الاقتصادية تهدد البلاد و30 مليون إيراني تحت خط الفقر
  • الدروز في سوريا: هواجس وتحديات.. جنبلاط يرفض تحالف الاقليات
  • معركة عنيفة للجيش الأوغندي ضد متمردين شرق الكونغو الديمقراطية
  • ذهب الزواج.. تقاليد وتحديات وسط دوامة الأزمة المالية في كردستان
  • توحيد مسار خدمات المستثمرين وتبسيط الإجراءات في جميع المناطق الاقتصادية الخاصة والحرة