كأس العالم 2030 في المغرب.. فرص اقتصاية وتحديات مالية
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
مراكش – ينظر خبراء اقتصاد إلى المغرب بتفاؤل بعد إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تنظيم المملكة كأس العالم 2030 بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال، وسط توقعات بأن تفتح البطولة آفاقا جديدة أمام الاقتصاد المغربي.
لكن الاستثمارات الكبيرة التي يتطلبها هذا التنظيم تطرح تساؤلات عن جدوى هذه النفقات على المدى الطويل، وعن العوائد الاقتصادية المتوقعة والكافية لتغطية التكاليف، والآثار الجانبية المحتملة للاستثمارات.
يؤكد المحلل الاقتصادي يوسف سعود للجزيرة نت أن كأس العالم فرصة كبيرة لتطوير البنية التحتية التي تساهم بما بين 1% و3% في معدلات النمو، وتوقع أن يرفع ذلك المغرب إلى أفضل 50 بلدا في العالم مقارنة بالمستوى الحالي دون الـ80، وفق مؤشر دافوس.
ويعتقد أن تنظيم كأس العالم سيساعد في تحقيق هدف المغرب بالوصول إلى 16 ألف دولار كدخل الفرد من الناتج الإجمالي عام 2035، مع توقع إضافة ما بين 1.5 وملياري دولار للاقتصاد المغربي.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي علي الغنبوري للجزيرة نت إن الاستعداد للمونديال فرصة لتمكين المغرب من مقومات إنجاح مخططه التنموي، الذي يهدف إلى مضاعفة الناتج المحلي عبر تعزيز قطاع التصنيع وجذب الاستثمارات الأجنبية.
إعلانوينتظر أن يؤثر التنظيم إيجابيا على سوق العمل باستحداث ما بين 50 و80 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في البناء والسياحة والنقل والخدمات، مما يساعد في بلوغ هدف وصول إلى نمو 6%، وتقليص معدلات البطالة.
ووضع المغرب برنامجا لاستثمار 87 مليار درهم (8.7 مليارات دولار) في قطاع السكك الحديدية خلال السنوات القادمة.
يوسف سعود: المونديال سيضيف نحو ملياري دولار للاقتصاد المغربي (الجزيرة) انتعاش قطاع السياحيقول سعود المتخصص في تحليل البيانات إن طموح المغرب في توسيع شبكة القطار السريع سيؤدي إلى رفع مستويات الإنتاجية، مع سهولة تنقل الأفراد بين محور يشكل أكثر من 70% من اقتصاد البلد (طنجة- القنيطرة- الرباط- الدار البيضاء- مراكش).
وتحدث عن دور المونديال في زيادة المعروض من الغرف الفندقية وتحسين الخدمات، مما يعني تدفق أكبر للسياح الأجانب، وسيسمح بتوفير فرص أكبر للمستثمرين ورفع عائدات البلد من النقد الأجنبي، الذي بلغ العام الماضي 10 مليارات دولار في المغرب، مقابل -مثلا- 115 مليار دولار لدى الشريك الإسباني.
ويضيف سعود أن السياحة أكثر مجال يمكّن البلدان من رفع حجم الاستثمارات الأجنبية الصغيرة، مثل المطاعم والخدمات، حيث إنه كلما ارتفع عدد السياح ارتفعت فرص خلق ثروة عبر الاستثمار الأجنبي.
ويعتقد أن تنظيم المونديال سيساعد في تحقيق هدف استقطاب 26 مليون سائح، ورفع حركة المسافرين عبر مطارات الممكلة وما يتبعها من رواج اقتصادي.
والاثنين الماضي قال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش إن المغرب يعتزم رفع الطاقة الاستيعابية للمطارات الموجودة في البلاد إلى 80 مليون مسافر سنويا بحلول عام 2030 من 38 مليونا حاليا.
الغنبوري: الاستعداد للمونديال فرصة لتمكين المغرب من مقومات إنجاح مخططه التنموي (الجزيرة) مصادر التمويلولإنجاز كل هذه المشاريع الطموحة، يطرح سؤال مصادر التمويل والعوائد والمخاطر المحتملة، وهنا يؤكد الأكاديمي يوسف سعود أنه -بحسب ما هو متاح سواء عبر موقع الفيفا أو موازنة المغرب- يظهر أن الاستثمار في الملاعب لا يتجاوز 1.5 مليار دولار، وهو رقم متواضع مقارنة بقطر أو روسيا أو البرازيل التي نظمت النسخ السابقة من المونديال، وهذا طبيعي لكون المغرب جزءا من ملف مشترك، يوضح المتحدث ذاته.
إعلانويضيف أن ميزانية الاستثمار في المغرب تقارب 30 مليار دولار سنويا، وأن جزءا كبيرا من هذه الميزانية سيتم تحويله من أجل تطوير نظم النقل والمرافق والخدمات في المدن المعنية بالمونديال ومحيطها.
وأشار سعود إلى أنه يمكن للمغرب اعتماد حقوق التسمية، ودفع البنوك والشركات المغربية الكبيرة لتمويل جزء من تطوير الملاعب، عوضًا عن اللجوء لصندوق الإيداع والتدبير (مؤسسة مالية حكومية).
وقال "إلى جانب الاستثمار العمومي، يبحث المغرب عن حلول تمويلية بديلة عبر القطاع الخاص والشركاء خاصة بلدان الخليج، أو بعض المؤسسات المانحة مثل البنك الأفريقي للتنمية".
ياسين أعليا: نسبة الاستثمار في المغرب تبلغ نحو 30% من الناتج المحلي (الجزيرة) مخاوفيبدي أستاذ العلوم الاقتصادية ياسين أعليا "مخاوف مبنية على مقاربة رقمية للواقع الاقتصادي"، متسائلا: كيف يمكن أن يشكل المغرب استثناء عن قواعد أساسية ملاحظة خلال تجارب ماضية؟
ويقول للجزيرة نت إن نسبة الاستثمار في المغرب تبلغ نحو 30% من الناتج المحلي، ورغم ذلك لا تجني البلاد سوى نقطة واحدة مئوية في النمو الاقتصادي نظير كل 10 نقاط مئوية من الاستثمار العمومي، بينما يصل معدل النمو في عدد من الدول الصاعدة إلى 7%، وإنْ كانت نسبة الاستثمار العمومي فيها تترواح بين 20% و22%.
وأشار أعليا إلى أن 70% من الاستثمارات تأتي من القطاع العام مقابل 30% من القطاع الخاص، وأن ثمة توجها نحو تصحيح هذا الهرم المقلوب، لكنه لفت إلى أن زيادة مستويات الاستثمار تبدو صعبة.
وقال إنه بالرغم من رفع مستويات النشاط السياحي والوثوق في الاقتصاد والسمعة الجيدة التي يخلفها تنظيم كأس العالم، فإن فرص العمل لن ترتفع إلا بـ0.7% وهي غير مستدامة، مقابل ارتفاع التضخم (كما حدث في كأس العالم بالبرازيل عام 2014) وزيادة الدين العام والخاص (كما حدث في ألمانيا عام 2006)، وارتفاع أسعار العقارات (كما حدث مع دورة الألعاب الأولمبية في أتلانتا بالولايات المتحدة 1996).
نجيب أقصبي: المغرب لا يزال يعتمد في استثماراته على الديون (الجزيرة) مخاطر
من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي للجزيرة نت إن تجربة اليونان التي دخلت في أزمة اقتصادية بعد تنظيم الأولمبياد في 2004 وما زالت تداعياتها قائمة حتى الآن، تدفع إلى القول إن المغرب قد يدخل مخاطرة كبيرة بتنظيمه كأس العالم 2030.
إعلانويضيف أن عددا من المعطيات الرقمية الخاصة بتنظيم كأس العالم ما زالت غائبة، خاصة حجم النفقات الخاصة ببناء الملاعب وتجهيزها والبنية التحتية والأمن والرعاية الصحية، وباقي الشروط المفروضة من قبل الفيفا، بالإصافة إلى المداخيل المخصصة لتغطية هذه النفقات.
ويشير أقصبي إلى أن المغرب يعيش صعوبات مالية منذ جائحة كورونا تزامنا مع توالي سنوات الجفاف، مضيفا أن البلاد لا تزال تعتمد في استثماراتها على الدين العام الداخلي والخارجي.
ويعتقد أن الرفع من حجم الاستثمارات سيرهن المغرب بديون جديدة، وأن التأثير على سوق العمل سيكون مؤقتًا ومرتبطا بمرحلة بناء الملاعب وتحديث البنية التحتية، وليس بسبب الرفع من مستوى الإنتاج الزراعي وباقي القطاعات الأخرى، علاوة على أن زيادة عدد السياح لن تستمر بعد كأس العالم.
طمأنةيقول الأكاديمي الغنبوري إنه يمكن تبديد هذه المخاوف بالنظر إلى أن تكاليف التنظيم ليست آنية، بل هي استثمارات طويلة الأمد تسهم في تحويل المغرب إلى بلد صاعد في أفق سنة 2035.
ويضيف أن كل درهم يُنفق يمكن أن يخلق نشاطا اقتصاديا يعود بعائدات تعادل 2 إلى 3 أضعافه، لكن الغنبوري حث على ضرورة أن يتزامن ذلك مع وضع آليات لضمان عدم زيادة العجز المالي أو الديون الخارجية.
ويشير الغنبوري إلى أن فاتورة المونديال قد تتجاوز 10 مليارات دولار، مما يفرض على المغرب التفكير في وسائل مبتكرة للتمويل مثل تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص.
ويرى أنه في تجارب سابقة، كانت ثمة مشاكل تتعلق بسوء التخطيط والفساد، وهو ما يجب تفاديه عبر التركيز على الإصلاحات المؤسساتية، وضمان شفافية العقود المرتبطة بالتنظيم، وتحسين الإطار القانوني للاستثمار، كما ينبغي تطوير بنية تحتية رقمية وتنظيم فعاليات اقتصادية موازية لكأس العالم.
من جهته يؤكد الأكاديمي سعود أن المغرب ضخ مخصصات كبيرة في البنية التحتية لجذب المستثمرين، لكن التحدي يكمن في أن تولد هذه البنية عائدات لتفادي أي عواقب سيئة.
إعلانأما الخبير الاقتصادي ياسين أعليا فدعا إلى اللجوء إلى التمويلات الذاتية لتقليص المخاطر، ومناقشة تحمل عبء التنظيم بشكل جدي مع جيران المغرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البنیة التحتیة کأس العالم 2030 الاستثمار فی للجزیرة نت فی المغرب إلى أن
إقرأ أيضاً:
الاستثمار في الشباب ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. الرئيس السيسي يفتتح قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي
افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، التي تعقد بالعاصمة الإدارية الجديدة تحت عنوان "الاستثمار في الشباب ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: نحو تشكيل اقتصاد الغد"، وذلك بحضور قادة الدول الأعضاء بالمنظمة وعدد من قادة الدول النامية والمنظمات الإقليمية والدولية.
وأشار المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس السيسي قد تسلم الرئاسة الدورية للمنظمة، وذلك خلال الجلسة الأولى للقمة، حيث ألقى سيادته الكلمة الافتتاحية، التي ركزت على سبل تعزيز التعاون بين الدول النامية في مواجهة التحديات الدولية، وفيما يلي ما نص كلمة السيد الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم، أصحاب الفخامة والمعالى.. رؤساء الدول والحكومات ورؤساء الوفود المشاركة؛
معالى السيد إيزياكا عبد القادر إمام..
سكرتير عام منظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى؛
السيدات والسادة؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرحب بكم جميعاً فى مصر.. وبالتحديد فى العاصمة الإدارية الجديدة.. بما تحمله من أبعاد ثقافية وحضارية وتنموية.
وبالتأكيد، فإن لكل دولة من دولنا تاريخا وحضارة وثقافة.. وكذا خلفيتها الاقتصادية التى تميزها .. وهو الأمر الذى يعلى من قيمة منظمتنا.. ويعزز من روح التضامن والتكامل.. والعمل المشترك فيما بيننا.
وأغتنم هذه المناسبة، لأعرب عن بالغ تقديرى، للدكتور محمد يونس، رئيس الحكومة المؤقتة لدولة بنجلاديش الشقيقة.. لما بذلته بلاده من جهود متواصلة.. خلال رئاستها للمنظمة .. كما أود أن أشكر سكرتارية المنظمة.. بقيادة السيد "إيزياكا إمام".. على عملها الدءوب وجهودها فى الإعداد لهذه القمة.
الحضور الكريم،
تنعقد اليوم، القمة الحادية عشرة للمنظمة، تحت عنوان "الاستثمار فى الشباب ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: نحو تشكيل اقتصاد الغد".. وهو عنوان له أكثر من دلالة.. لتركيزه على الاستثمار فى الشباب، الذين يمثلون عماد أوطاننا فى الحاضر والمستقبل... فضلا عن أبعاده الاقتصادية، المرتبطة بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. وهى قاطرة حقيقية للتنمية فى الدول النامية.
السيدات والسادة،
نجتمع اليوم.. فى وقت يشهد فيه العالم، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص.. تحديات وأزمات غير مسبوقة.. تحتل فيها الصراعات والحروب صدارة المشهد.. وتسود فيه كذلك الحمائية الاقتصادية والتجارية، وازدواجية المعايير.
ولعل أبرز الشواهد على ذلك.. استمرار الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى.. فـى تحـد لقــرارات الشـرعية الدوليـة.. وما يصاحب ذلك من خطورة وتهديد.. بامتداد الصراع لدول أخرى، مثلما حدث مع لبنان.. وصولا إلى سوريا التى تشهد تطورات، واعتداءات على سيادتها ووحدة أراضيها.. مع ما قد يترتب على احتمالات التصعيد واشتعال المنطقة، من آثار سوف تطول الجميع، سياسيا واقتصاديا.
وفى هذا السياق، وانطلاقا من مسئوليتنا المشتركة، للتضامن مع الشعبين الفلسطينى واللبنانى الشقيقين.. فقد قررنا تخصيص جلسة خاصة، خلال قمتنا اليوم.. عن الأوضاع فى فلسطين ولبنان.
أصحاب الفخامة والمعالى،
تواجه الدول النامية تحديات جسيمة.. تعيق تحقيق تطلعات شعوبها، نحو الرخاء والتنمية.. فمع نقص التمويل، وتفاقم الديون، وتوسع الفجوة الرقمية والمعرفية، وارتفاع معدلات الفقر والجوع والبطالة، خاصة فى أوساط الشباب.. تجد الدول النامية نفسها فى صعوبة بالغة، فى تحقيق التقدم والنمو على نحو مقبول.
إن مواجهة تلك التحديات المركبة.. تتطلب تضافر الجهود لتعزيز التعاون المشترك.. وتنفيذ مشروعات ومبادرات مشتركة، فى مختلف المجالات.. وعلى رأسها: الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والاقتصاد الرقمى، وتطبيقات الذكاء الاصطناعى، والزراعة، والصناعات التحويلية، والطاقة الجديدة والمتجددة، وخاصة الهيدروجين الأخضر.. بالإضافة إلى دعم وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وعلى الرغم من تنوع المستويات الاقتصادية بين دولنا.. إلا أننا نتفق جميعا.. على أهمية تبادل الخبرات والتجارب الناجحة.. لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.. ومصر على أتم الاستعداد.. لمشاركة تجاربها المضيئة مع الدول الأعضاء.. خاصة تجربتها فى تنفيذ مبادرتى "حياة كريمة" و"تكافل وكرامة"، ومشروعات البنية الأساسية والعمران.
وإيمانا منا، بأهمية إعطاء دفعة للتعاون المشترك بين دولنا.. يسعدنى أن أعلن عن إطلاق المبادرات التالية، خلال رئاسة مصر للمنظمة:
أولا- تدشين "شبكة لمديرى المعاهد والأكاديميات الدبلوماسية" .. لتعزيز التعاون فيما بينها.. وبناء قدرات الكوادر الدبلوماسية، لمواكبة قضايا العصر الحديث.
ثانيا- إطلاق مسابقة إلكترونية، لطلاب التعليم ما قبل الجامعى فى الدول الأعضاء.. فى مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيات التطبيقية.
ثالثا- تدشين "شبكة للتعاون بين مراكز الفكر الاقتصادى" فى الدول الأعضاء.. لتبادل الأفكار والرؤى.. حول سبل الارتقاء بالتعاون الاقتصادى والاستثمارى.. ومعدلات التجارة بين دولنا.
رابعا- تدشين اجتماعات دورية لوزراء الصحة بالدول الأعضاء.. واستضافة مصر الاجتماع الأول عام 2025 .. لمناقشة سبل تعظيم الاستفادة من التطبيقات التكنولوجية والعلمية المتطورة، لتطوير هذا القطاع المهم.
كما أود أن أغتنم هذه الفرصة، لأعلن عن اعتزام مصر.. التصديق على اتفاقية التجارة التفضيلية التابعة للمنظمة.. تأكيدا لأهمية تعزيز التجارة البينية بين الدول الأعضاء.
وختاما، أتمنى لكم جميعا التوفيق فى مشاورات ومباحثات مثمرة.. لتحقيق أهدافنا ومصالحنا المشتركة.. ولتلبية آمال وتطلعات شعوبنا فى مستقبل أفضل، بإذن الله تعالى.