خلافًا لما كان متوقّعًا، لم يعلن رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية سحب ترشيحه إلى رئاسة الجمهورية في الكلمة التي ألقاها في العشاء التكريمي لخلية أزمة النازحين في تيار "المردة"، بل على العكس من ذلك، قال إنّه "مستمرّ في ترشيحه"، وإن أبدى في الوقت نفسه "انفتاحه" على التوافق على أي اسم يتلاءم مع المرحلة، مشدّدًا على أنّ المطلوب رئيس يعمل على نقل لبنان إلى مرحلة جديدة"، وفق تعبيره.


 
ومع أنّ فرنجية أكّد في الخطاب نفسه أنّه "لن يختلف" مع من وصفهم بـ"الأصدقاء" في إشارة فُهِمت لثنائي "حزب الله" و"حركة أمل"، بعد اجتماعات مشتركة عقدت في الأيام الأخيرة، قيل إنّه طُلِب بموجبها من فرنجية الخروج من المعركة الرئاسية من أجل تسهيل عملية التوافق، إلا أنّ كلامه لم يخلُ من الرسائل "الضمنية"، خصوصًا لجهة قوله إنّه "لا يمكننا الذهاب إلى جلسة التاسع من كانون الثاني من دون اسم".
 
أكثر من ذلك، ثمّة من فهم من كلام فرنجية، "امتعاضًا" من الأسماء المطروحة للرئاسة، وهو ما دفعه إلى التمسّك بترشيحه، والقول إنّ المطلوب رئيس "بحجم الموقع"، وصفه بأنّه يجب أن يكون بمثابة "رفيق الحريري على رأس الطائفة المارونية"، ما يدفع إلى التساؤل: لماذا لم يسحب فرنجية ترشيحه إلى الرئاسة، وأيّ تبعات لاستمراره في المعركة على حظوظ التوافق قبيل جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل؟!
 
لماذا لم ينسحب فرنجية؟
 
قبل خطاب فرنجية، كانت كل التوقعات والتقديرات تتقاطع على أنّه سيتضمّن إعلانًا واضحًا وصريحًا بالانسحاب من المعركة الرئاسية، بما يسهّل على حلفائه تجاوز صفحة ترشيحه، ويحرّرهم ربما من هذا العبء، تمهيدًا لانتقال البحث إلى خيارات أخرى، ولا سيما أنّ الفريق الآخر كان قد اشترط في المرحلة الماضية "التخلّي" عن دعم ترشيح فرنجية في المقام الأول، من أجل بدء التشاور "الجدّي" حول ما عُرِف بـ"الخيار الثالث".
 
لكنّ فرنجية فاجأ الكثيرين بإعلانه الاستمرار في ترشحه، لا العزوف عنه، على الرغم من أنه بدا مقتنعًا بأنّ حظوظه تراجعت، ولم يعد متصدّرًا للسباق، وهو ما يعزوه العارفون للعديد من الأسباب، من بينها أنّ انسحابه سيشكّل "هدية مجانية" للخصوم، الذين يطالبونه منذ اليوم الأول بالخروج من السباق، بعدما حوّلوا المعركة إلى "شخصية" معه، على الرغم من محاولته طمأنتهم مرارًا وتكرارًا، وهو الذي صنّف نفسه مرشحًا "توافقيًا".
 
إلا أنّ السبب الأهمّ لعدم الانسحاب، بحسب ما يقول العارفون، هو أنّ فرنجية لم يتوافق لا مع أصدقائه ولا مع خصومه، على "بديل قويّ" يبرّر مثل هذا الانسحاب، وهو ما ألمح إليه في كلمته الأخيرة بتقليله من شأن الأسماء المطروحة والمتداولة، علمًا أنّ ما عزّز قناعة فرنجية هذه هو أنّ الفريق الآخر لم يقابل مرونة الفريق الداعم له بإيجابية، بل على العكس ثمّة من لوّح بترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.
 
انفتاح على التوافق
 
صحيح أنّ التركيز في كلام فرنجية كان على تأكيد استمراره في المعركة الرئاسية، وعدم انسحابه منها كما كان متوقّعًا، وهو ما قد "يعقّد" مهمّة القوى الداعمة له، التي سبق أن أعلنت أنها لن تتخلى عنه إذا لم ينسحب طوعًا، إلا أنّ العارفين يشيرون إلى أنّ الأهمّ من هذه الجزئية، تبقى جزئية "الانفتاح على التوافق" التي شدّد عليها رئيس تيار "المردة"، بالتوازي مع استمراره في المعركة، ليفتح بذلك المجال أمام كلّ الخيارات والسيناريوهات.
 
ثمّة من يقرأ هذه الرسالة من زاوية أنّ فرنجية يصرّ على أن يكون انسحابه لصالح مرشح توافقي يلبّي تطلّعات المرحلة، علمًا أنّ هذا الموقف ليس بجديد على رئيس تيار "المردة"، الذي سبق أن أعلن مرارًا أنه مستعدّ للتنحّي متى وُجِد مثل هذا المرشح، وإن كان ذلك فُهِم حنيها على أنه إشارة إلى "غياب" مثل هذا البديل، ولا سيما أنّه "بالغ" في أكثر من خطاب، في انتقاد الكثير من الأسماء التي كانت مطروحة في المراحل السابقة.
 
إلا أنّ العارفين يشدّدون على أنّ عدم انسحاب فرنجية من السباق، لا يعني أنّه يضع العراقيل أمام إمكانية التوافق على غيره، ولا سيما أنّه في حديثه بدا كمن "يحرّر" حلفاءه بشكل أو بآخر من "وعدهم" بدعمه حتى الرمق الأخير، مع تشديده على أنه يمتلك "رفاهية الاختلاف"، وإن ترك لنفسه "هامش" المعارضة في حال لم يكن التوافق النهائي مطابقًا لطموحاته أو تطلعاته، باعتبار أنّه يفضّل المعارضة، على الانسحاب لمن "لا يستحقّ" برأيه.
 
باختصار، لم يسحب فرنجية ترشيحه خلافًا للتوقعات، رغم القناعة بتراجع حظوظه، لأنه يرفض أن يكون خروجه من السباق "مجانيًا"، فهو أبلغ المعنيّين أنّ انسحابه يجب أن يكون "مشروطًا" بالتوافق على من يكون الانسحاب لصالحه "انتصارًا"، ولا يكون بالتالي "هزيمة شخصية" له. وطالما أنّ ظروف مثل هذا التوافق لم تنضج بعد، بل إنّ خصومه لا يتردّدون في رفع السقف، فإنّ انسحابه مؤجَّل، ولو بات برأي كثيرين "معلَّقًا" لا أكثر!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: أن یکون مثل هذا إلا أن وهو ما على أن

إقرأ أيضاً:

احتجاجاً على وقف إطلاق النار..بن غفير يسحب 3 وزراء ويستقيل من حكومة نتانياهو

انسحب حزب عوتسما يهوديت اليميني المتطرف من الائتلاف الحكومي في إسرائيل، تنفيذاً لتهديده بالانسحاب منها إذا مضت في الصفقة مع حماس في قطاع غزة.

وقدم وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير، ووزير التراث عميحاي إلياهو، ووزير تطوير النقب والجليل إسحاق فاسرلاوف، استقالتهم رسمياً من الحكومة، وقالوا في بيان: "من الآن فصاعداً لن يكون حزب عوتسما يهوديت عضواً في الائتلاف الحكومي"، حسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

وفي رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قال رئيس حزب عوتسما يهوديت، بن غفير لن نقبل: "صفقة الاستسلام للإرهاب والتي تتجاوز كل الخطوط الحمراء الإيديولوجية".

وأضاف بن غفير أن وقف إطلاق النار يشكل "انتصاراً كاملاً للإرهاب"، مضيفًا "لا نعتزم العمل على الإطاحة بالحكومة التي تقودونها، ولكن في القضايا الإيديولوجية سنصوت وفقاً لوجهة نظرنا وضميرنا". وتابع "لن نعود إلى طاولة الحكومة دون انتصار كامل ضد حماس، وتحقيق كامل لأهداف الحرب".

وقال بيان الحزب أيضاً إن أعضاء الكنيست زفيكا فوغل، وليمور سون هار ميليش، وإسحاق كرويزر "قدموا رسائل استقالة من مناصبهم في اللجان المختلفة إلى رئيس الائتلاف".

صفقة غير مسؤولة..بن غفير يجدد التهديد بالاستقالة بسبب وقف إطلاق النار في #غزة https://t.co/dhPtVRYOvw

— 24.ae (@20fourMedia) January 19, 2025

 

مقالات مشابهة

  • عبد السند يمامة يسحب قرار فصل البدوي من حزب الوفد
  • رئيس دولة الإمارات يستقبل رئيس حكومة إقليم كردستان العراق
  • رئيس الدولة يبحث ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق العلاقات المشتركة
  • رئيس الدولة يبحث العلاقات مع رئيس حكومة إقليم كردستان العراق
  • رئيس الدولة يستقبل رئيس حكومة إقليم كردستان العراق
  • احتجاجاً على وقف إطلاق النار..بن غفير يسحب 3 وزراء ويستقيل من حكومة نتانياهو
  • جيش الاحتلال يسحب لواء غفعاتي من غزة وقواته من رفح.. دون أوامر بالعودة
  • عادل حمودة: ترامب قد يسحب القوات الأمريكية من سوريا والعراق
  • المعركة لم تنتهِ.. كلامٌ من نتنياهو عن حزب الله
  • عقب التوافق بين الأطراف - قطر تعلن موعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة