عربي21:
2025-02-22@10:43:53 GMT

الأكراد بين فخ التاريخ وبؤس الجغرافيا

تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT

جغرافيا سياسية بائسة حولت الأكراد عبر التاريخ إلى أدوات بين القوى الإقليمية والدولية وكبش فداء في الوقت نفسه، وما شهده الأكراد في سوريا منذ عام 2011 آخر الشواهد التاريخية على بؤس الجغرافيا وخيانة التاريخ.

خلفيات تاريخية

بدأت المسألة الكردية منذ القرن السادس عشر نتيجة الصراع بين الإمبراطوريتين الصفوية والعثمانية في معركة جالديران عام 1514، كان من نتائجها الاتفاق على عدم إقامة كيان كردي مستقل، ثم الاتفاق عام 1555 على تقسيم منطقة كردستان بين الإمبراطوريتين.



استمر الوضع على ما هو عليه حتى مطلع القرن العشرين مع انهيار الإمبراطورية العثمانية، فاستغل الأكراد اتفاقية سايكس بيكو الموقعة عام 1916، الخاصة بتقسيم التركة العثمانية، للحصول على كيان مستقل.

نجح الأكراد في وضع قضيتهم على بساط المجتمع الدولي والحصول على دعم دولي عبرت عنه اتفاقية سيفر عام 1920 التي ألزمت الدولة العثمانية بالتخلي عن الأراضي التي يقطنها غير الناطقين بالتركية، وحل المشكلة الكردية على مراحل تنتهي بالاستقلال.

مع قلة الخيارات الكردية، تجد "الإدارة الذاتية الكردية" و"قوات سوريا الديمقراطية" أنفسهم بين أفخاخ التاريخ وبؤس الجغرافيا، لكن هذه المرة يبدو من الخطاب الكردي أن ثمة وعي بحقائق التاريخ وواقع الجغرافيا.لكن المعاهدة بقيت حبرا على ورق مع وصول مصطفى كمال أتاتورك إلى رئاسة تركيا وتأسيسه لما عرف بتركيا الحديثة ذات الحدود القومية الواضحة، وبسبب موقع تركيا الجيوسياسي، واستعاد الدولة لتواجدها، تغاضى المجتمع الدولي عن العهود التي منحها للأكراد.

تكرر الأمر نفسه في العراق، فقد استغلت لندن ظلمهم من أجل تحريضهم ضد الدولة العراقية مطلع عشرينيات القرن الماضي، لكن التحرك الكردي أخذ بعدا آخر في ستينيات القرن الماضي، فنظموا أول تمرد عسكري عام 1961 ضد حكومة بغداد بدعم من تركيا وإيران وإسرائيل بسبب عداوتهم لبغداد، لكن هذه الدول الثلاثة تخلت أخيرا عن الأكراد وتركتهم لمصيرهم مع الدولة العراقية بعيد توقيع اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران عام 1975.

مع الغزو الأميركي للعراق عام 1991، بدأ ما يمكن تسميته الربيع الكردي، فقد حصلوا على دعم سياسي وعسكري أميركي مكنهم من إقامة حكما ذاتيا (إقليم كردستان العراق).

في عام 2017، وبسبب الخلاف مع بغداد على عوائد النفط، نظم إقليم كردستان استفتاءً للانفصال، حصل على تأييد أكثر من 90 % من أصوات الأكراد، لكن خذلان الولايات المتحدة والمجتمع الدولي والقوى الإقليمية وتعنت بغداد، أحبط المشروع الانفصالي.

ظروف الحرب السورية

استغل الأكراد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم منذ عام 2012 لتشكيل قوة عسكرية سرعان ما حصلت على دعم عسكري أميركي مع نشوء "تنظيم الدولة" وتوسعه في سوريا.

نشأ لدى أكراد سوريا فورة قومية ناجمة عن قوة عسكرية ودعم من الولايات المتحدة، فوسعوا سيطرتهم في سوريا، ثم بدأوا بترتيب بيتهم السياسي على أمل استغلال اللحظة التاريخية التي تمنحهم إما حقوقا كاملة ضمن دولة سورية موحدة، أو كيانا ذاتيا على غرار إقليم كردستان العراق.

لكن الخذلان الإقليمي والدولي كان حاضرا دائما، وكان الأكراد عام ألفين وستة عشر على موعد مع بدء تركيا أولى عملياتها العسكرية في سوريا (درع الفرات)، ثم أعقبت عام 2018 بعملية عسكرية أخرى (غصن الزيتون) ثم بعملية ثالثة عام 2019 (نبع السلام)، لم تلق اعتراضا أميركيا.

أدت هذه العمليات العسكرية الثلاثة إلى قضم أراضي كانت تحت هيمنة "قوات سوريا الديمقراطية"، وجعلتهم بين فكي كماشة: قوات المعارضة السورية والجيش التركي في الشمال والشمال الغربي، وبين قوات النظام السوري في الشرق والجنوب الغربي.

واقع جديد

مع سقوط نظام الأسد وسيطرة المعارضة المسلحة على الحكم في سوريا، نشأ واقع جديد، ونشأت معه مقاربات إقليمية ودولية جديدة حيال سوريا، عنوانها الرئيس وحدة الأراضي السورية.

تغير أدركه الاكراد سريعا، فرفعوا علم سوريا على مقراتهم بدلا من علم الإدارة الذاتية، في إشارة إلى تأييد وحدة الأراضي السورية، لكن الأكراد الواعين أيضا للحظة التاريخية الفارقة ولقوتهم وتماسكهم في آن معا، أعلنوا أنهم لن يكونوا جزءا من مشروع الدولة الجديدة إلا بعد مفاوضات مع المعارضة على تفاصيل الدستور الجديد وتشكيل الإدارة الجديدة وضمان حقوق جميع المكونات السورية.

إذا كانت الحقوق الكردية قد تحولت خلال السنوات الماضية إلى مسألة وطنية يُجمع عليها كل السوريين، فإن عملية الوصول إلى هذه الأهداف قد تؤدي إلى تفجر الوضع: الأكراد يطالبون أولا بمفاوضات حول حقوقهم وطبيعة النظام السياسي المقبل، في حين تُولي فصائل المعارضة وتركيا الأولوية إلى ترتيب الأوضاع العسكرية والأمنية في ساحة سورية ليست مستقر ومُهددة.خطاب متناقض في الظاهر، في أحد وجوهه ليونة تعكس تراجع الوفرة القومية التي نشأت خلال السنوات الماضية في الوعي لصالح مشروع وطني جامع لكل السوريين، وفي وجهه الآخر تشدد يعكس وعي فائض بالقوة العسكرية.

وإذا كانت الحقوق الكردية قد تحولت خلال السنوات الماضية إلى مسألة وطنية يُجمع عليها كل السوريين، فإن عملية الوصول إلى هذه الأهداف قد تؤدي إلى تفجر الوضع: الأكراد يطالبون أولا بمفاوضات حول حقوقهم وطبيعة النظام السياسي المقبل، في حين تُولي فصائل المعارضة وتركيا الأولوية إلى ترتيب الأوضاع العسكرية والأمنية في ساحة سورية ليست مستقر ومُهددة.

هنا، يجد الأكراد أنفسهم في عنق الزجاجة، فلا واقع ميداني متناقض يمكن اللعب عليه الآن بعد سقوط النظام السوري وخروج روسيا وإيران من المعادلة، وتوجه أميركي جديد داعم لوحدة سوريا، ولا مرونة لدى حكام سوريا الجدد المدعومون من تركيا، العدو اللدود للإدارة الذاتية الكردية.

وليس معروفا حتى الآن في ظل تطورات الأوضاع في سوريا من جهة، والخذلان الأميركي للأكراد من جهة أخرى، ما إذا كانت المسألة ستحل بقوة السلاح أم بتنازل كردي عسكري.

ومع قلة الخيارات الكردية، تجد "الإدارة الذاتية الكردية" و"قوات سوريا الديمقراطية" أنفسهم بين أفخاخ التاريخ وبؤس الجغرافيا، لكن هذه المرة يبدو من الخطاب الكردي أن ثمة وعي بحقائق التاريخ وواقع الجغرافيا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الاكراد سوريا اكراد سياسة رأي مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

45 دقيقة فقط.. تعرف على صاحب أقصر رئاسة في التاريخ

#سواليف

غالبا ما تمتد فترة الحكم لأي رئيس حول العالم الديمقراطي سنوات، إلا أن #رئيس_المكسيك #بيدرو_لاسكوراين، كسر تلك القاعدة وحطم أول رقم قياسي في هذا المجال.

فبعد 45 دقيقة في منصبه فقط، استقال مانحاً رئاسة البلاد للجنرال فيكتوريانو هويرتا.

وفي التفاصيل، ما بين عامي 1910 و1920، عاشت المكسيك على وقع ما يعرف بالثورة المكسيكية التي مثلت تحولا تاريخيا هاما ساهم برسم ملامح البلاد المعاصرة بعد نحو 35 سنة من حكم الدكتاتور بورفيريو دياز (Porfirio Díaz).

مقالات ذات صلة شركة نداء للجميع الأردنية TeleTel تعلن عن تنظيم “Innovest Arab Forum” في الأردن 2025/02/19

وخلال هذه الفترة العصيبة التي أسفرت عن مقتل نحو مليوني شخص، شهدت البلاد العديد من الانقلابات.

فيما مثل انقلاب شباط/فبراير 1913 الذي التحق به الجنرال فيكتوريانو هويرتا (Victoriano Huerta) واحدا من أغرب الانقلابات حينها حيث أسفر الأخير عن تولي رجل يدعى بيدرو لاسكوراين (Pedro Lascuráin) الرئاسة لمدة 45 دقيقة فقط ضمن ما وصف بأقصر فترة رئاسية على مر التاريخ.

عزل الرئيس السابق

فصباح يوم 9 شباط/فبراير 1913، شهدت المكسيك بداية ما يلقبه المكسيكيون بالعشرة أيام التراجيدية. حيث اتجه خلالها، الجنرال هويرتا إلى تغيير تحالفه لينقلب بذلك على الرئيس فرانسيسكو ماديرو (Francisco I. Madero) الذي كان قد تولى الرئاسة منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1911.

إلى ذلك، تمكن هذا الجنرال الذي تلقى دعما أميركيا وألمانيا، خلال بضعة أيام من اعتقال ماديرو وعدد من أفراد حكومته.

ثم وعد نحو 24 ساعة من اعتقاله فقط، وافق الرئيس وأفراد حكومته على تقديم استقالتهم.

في الأثناء، مثل بيدرو لاسكوراين، الذي شغل حينها، منصب وزير الخارجية، أحد أهم الأشخاص الذين أقنعوا ماديرو بالاستقالة، عبر إقناعه بوجود مخطط لقتله وضمان انتقال الرئاسة لشخص آخر، حسب ما نص عليه دستور 1857، بعد وفاته في حال تعنته ورفضه الاستقالة.

45 دقيقة

وحسب هذا الدستور، مثل نائب الرئيس والنائب العام ووزير الخارجية ووزير الداخلية الشخصيات المؤهلة لخلافة الرئيس حسب الترتيب.

وأملا في بلوغ السلطة، أجبر الجنرال فيكتوريانو هويرتا كلا من نائب الرئيس خوسيه ماريا بينو سواريز (José María Pino Suárez) والنائب العام أدولفو فاليس باكا (Adolfo Valles Baca) على الاستقالة.

بينما حاول إضفاء بعض الشرعية على إزاحة ماديرو، عبر تعيين وزير الخارجية (بيدرو لاسكوراين) رئيسا للبلاد.

لكن لبلوغ سدة الحكم بأسرع وقت، أجبر الجنرال الرئيس الجديد على تعيينه وزيرا للداخلية ليصبح بذلك الشخصية التالية في طابور الرئاسة في حال استقالته.

بعدها، لم تدم فترة حكم لاسكوراين سوى 45 دقيقة فقط حيث استقال ليمنح الرئاسة لهويرتا.

لذا صنفت الفترة الرئاسية لبيدرو لاسكوراين كأقصر فترة رئاسية بالتاريخ.

يشار إلى أنه بحلول يوم 22 شباط/فبراير 1913، أعدم الرئيس السابق رفقة نائبه خوسيه ماريا بينو سواريز رميا بالرصاص، بأوامر من هويرتا، بعد محاولتهما الهرب من المعتقل.

وبفضل الخدمة التي قدمها له أثناء توليه الرئاسة لمدة 45 دقيقة فقط، عرض هويرتا منصبا على لاسكوراين بحكومته.

لكنه رفض هذا العرض واعتزل الحياة السياسية مفضلا العودة إلى عمله السابق في مجال المحاماة.

مقالات مشابهة

  • أمجاد الأمن والتنمية.. ”الداخلية“ تطلق مبادرة ”مكان التاريخ“
  • يوم التأسيس السعودي.. جذور التاريخ ومسيرة المجد
  • أشهر 7 حروب تجارية أميركية عبر التاريخ من الدجاج إلى الموز
  • أندرييفا تكتب التاريخ في «دبي للتنس»
  • الأخطاء الثلاثة بغزة وأوكرانيا: خذلان الإخوة وحسابات الجغرافيا وخطايا السياسة بين الأمم
  • رسالة دكتوراه تناقش الزمن بين التاريخ والمتخيّل في الملهاة الفلسطينيّة
  • د. منجي على بدر يكتب: مصر وإسبانيا أرض التاريخ والحضارة والتعاون البناء
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقصف يستهدف معابر غير رسمية بين سوريا ولبنان
  • مبابي أول لاعب في التاريخ يصل إلى 500 مساهمة تهديفية في هذا السن  
  • 45 دقيقة فقط.. تعرف على صاحب أقصر رئاسة في التاريخ