#سواليف

قرر شرطي إيطالي يدعى ماورو بروسبيري في عام 2004 اختبار قدرته على التحمل بالمشاركة في #ماراثون_الرمال بجنوب #المغرب. في هذا السباق يتم قطع مسافة 250 كيلوا مترا خلال مدة ستة أيام.

هذا الشرطي كان يزاول منذ أن كان طفلا عدة رياضات منها الركض وإطلاق النار وركوب الخيل والمبارزة، وكان تسنى له حتى الانضمام إلى الفريق الأولمبي الإيطالي.

بروسبيري الذي تعود على تحدي المشاق قرر أن ينازل الصحراء. حينها لم يخطر على باله ما سيعانيه وما سيواجهه من أهوال.

بدأ ماراثون الرمال في 10 أبريل 1994. سارت على ما يرام خلال الأيام الأربعة الأولى من السابق، ركض المشاركون بين نقاط التحكم، حيث تم تزويدهم بالماء، واستراحوا لبعض الوقت قبل أن يستـأنفوا الجري حاملين معهم ما يكفي من غذاء وما سُمح لهم من مقتنيات بسيطة.

مقالات ذات صلة   شومان توقع اتفاقيات مع الفائزين بجائزتها للابتكار وصندوق دعم البحث العلمي 2024/12/20

الطقس ساء في 14 أبريل وهبت #عاصفة_رملية عاتية في #الصحراء، فيما ارتفعت حرارة الجو إلى 46 درجة مئوية. منظمو السابق كانوا شددوا في تعليماتهم على المشاركين أن يبقوا في أماكنهم إذا ما واجهوا عاصفة رملية وأن يحتموا بكيس النوم ويستلقوا على الأرض إلى حين مرور العاصفة.

ماورو وصف الموقف لاحقا بقوله: “حين بدأت العاصفة الرملية، فقدت رؤية الجميع. ومع ذلك واصلت الركض لأنني اعتقدت أنني أستطيع تبين الطريق. كنت في المركز السابع ولم أرغب في خسارة ترتيبي. لكن العاصفة هبت بغضب شديد لدرجة أنني اضطررت إلى التوقف والبحث عن مأوى. وجدت شجيرة واحتميت بها. الرمال كانت مثل الإبر تنغرس في بشرتي. لففت المنشفة حول وجهي وانتظرت. تبدلت الكثبان الرملية من حولي، واضطررت للتحرك عدة مرات كي لا أجد نفسي مدفونا تحت الرمال”.

في الصباح استيقظ على مفاجأة غير سارة. نظر حوله من أعلى الكثبان الرملية ولم ير أي طريق أو أي علامات على وجود بشري، ولم تتبق لديه إلا قطرات من الماء.

انتظر بروسبيري على كثبان الرمال المساعدة وهو يرقب الأفق بدقة. مع غروب الشمس راي فجأة طائرة مروحية تحلق في البعيد. حين اقتربت أطلق شعلة مضيئة إلا أن المروحية مرت فوقه ولم يشاهده من كان فيها.

عن هذا الموقف العصيب كتب العداء الإيطالي يقول: “طار فوق راسي، وكان قريبا جدا لدرجة أنني تمكنت من رؤية خوذته البيضاء في قمرة القيادة. ظننت أني قد نجوت أخيرا، إلا أن المروحية لم تهبط. واصلت التحليق أمامي واختفت. أنا لم أفهم. حينها كنت في حالة من اليأس، وجنون من الخوف”.

حين أدرك ماورو أن إنقاذه لا يزال بعيدا، تذكر ما سمعه من جده الذي شارك في الحرب العالمية الأولى، فتبول في زجاجة ليشرب منها، ولكي تمده بما يحتاج من رطوبة في الصحراء الحارقة.  

في محاضرة عن تلك المغامرة أوضح العداء الإيطالي الخبير أن المتسابقين في الماراثون عادة ما يأكلون القليل ويشربون الكثير، ولذلك يكون البول شفافا ويبدو سبيها بالماء.

بعد أن خزّن بوله نام مرة أخرى، وحين استيقظ رأى نسرين يحومان فوقه، حينها أدرك أن عليه أن يخرج من هذه المتاهة بنفسه.

أثناء سيره بلا هدى في الصحراء، صادف ماورو ضريحا لأحد الأولياء. لم يكن بداخله إلا بقايا عظام. لكنه وجد به الظل والرطوبة. غرس العلم الإيطالي الذي كان معه وأمضى اليوم بطوله في القبر.

كان كل ما كان معه من طعام وماء حينها قد نفد. عثر في البداية على بيض بعض الطيور في الضريح فأكلها، إلا أن الجوع بقي يعذب جسده المنهك بالتعب.

لاحظ العداء التائه خفافيش تتدلى من السقف. عن ذلك اللقاء بالخفافيش قال: “قررت أن آكلها نيئة لأن الطهي على موقدي المحمول لن يؤدي إلا إلى تجفيفها، وكنت أعرف أن الرطوبة هي أكثر ما أحتاجه. لذلك انتزعت أعناقهم ومصصتها. كان الأمر مقرفا، لكني كنت أشعر بالجنون من الجوع.”

امتص دماء حوالي عشرين خفاشا، ودفن رفاتها في الأرض وبعد ذلك استلقى وغرق في سبات عميق. صبيحة اليوم التالي استيقظ ماورو على صوت طائرة يتناهى من بعيد. جمع وهو في حالة جنونية كل ما لديه من أغراض وخاصة المصنوعة من البلاستيك وأوقد فيها النار كي يلفت إليه الأنظار. لسوء الحظ، ما أن اتقدت النار حتى هبت عاصمة رملية أخرى.

مرت اثنتا عشرة ساعة قبل أن تهدأ العاصفة، وازداد يأس ماورو. خبا أمله في أن يتمكن من الخروج حيا من هذه المتاهة الصحراوية. تذكر أن أسرته في إيطاليا لن تحصل على معاش شرطي بالوفاة إذا لم  يتم العثور على جثته، لذلك قرر الانتحار في ملاذ على الأقل بعيدا عن الرمال السافية.

نقش على الحائط رسالة لزوجته، ثم قطع عروقه بسكين صغير واستلقى في انتظار الموت، لكنه لم يأت.  الجفاف استشرى في جسده إلى درجة أن الدم تخثر ولم يسل. حين استيقظ صباح اليوم التالي، استجمع ما تبقى لديه من قوة وقرر المضي قدما. كان يشرب من البول الذي يخزنه وانتقل عبر الصحراء مسترشدا بالغيوم.

 في الأيام الستة اللاحقة، سار بروسبيري في الصحراء المترامية، وكان يمشي في الصباح الباكر وفي المساء ويستريح فيما يجد من ظل حين تشتد حرارة الشمس. كان يقتات على كل ما تصل يده إليه. أكل الفئران والسحالي والثعابين، وكان يمضغ بعض الوريقات. من الجوع والقيظ الشديد كان يهلوس ويتراءى له السراب.

 في اليوم الثامن منذ هبوب العاصفة الرملية الأولى، صادف واحة حقيقية بها بئر ماء صغير. هرع ماورو يعب الماء منه، إلا أن جسده لم يعد يستسيغ الماء.

روى العداء الإيطالي هذه المحنة قائلا: “هرعت إليه وعببت الماء بشراهة، لكن كان من الصعب عليّ ابتلاعه. ما أن دخل الماء جوفي حتى تقيأت على الفور. لم أستطع كبح أي شيء. أدركت أنه يتوجب أن آخذ رشفات صغيرة، واحدة كل عشر دقائق. كنت مستلقيا بجانب بركة مثل النمر عند نبع ماء. أخذت رشفات من الماء. بحلول الصباح، تمكنت من إخماد عطشي”.

ملأ زجاجات الماء وغسل الجروح في ساقيه. عثر أثناء سيره  في اليوم التاسع  على فضلات ماعز حديثة وآثار أقدام بشرية. قادته الآثار إلى رعاة من الطوارق.

أول من شاهد طفلة ترعى تبلغ من العمر ثماني سنوات. ما ان رأته حتى فرت مرتعبة. كان العداء الإيطالي يبدو مثل مومياء تسير بعينين غارقتين ووجه شديد الشحوب. لحسن الحظ أن الراعية الصغيرة أحضرت والدتها وقد ساعدت ماورو في المضي معهم إلى الخيمة حيث سقته حليبا. تقيأه بروسبيري على الفور ورفضه جسمه.

رجال الطوارق استدعوا الشرطة. رجال الأمن شهروا أسلحتهم على العداء ظنا منهم أنه جاسوس!  الأمر المذهل الذي تبين أن العداء انحرف عن الطريق الأصلي  بحوالي 290 كيلو مترا، وأن رحلته التي بدأت في المغرب انتهى بها المطاف  في الجزائر.

الشرطة حين عرفت أن هذا الرجل هو العداء الإيطالي الذي كان يعتقد حينها أنه توفى، نقلته على المستشفى وتبين أن وزنه لا يتعدى 43 كيلو غراما.

أظهرت الفحوصات الطبية أن كبد ماورو الذي عولج في الجزائر لمدة أسبوع، تعرضت لأضرار جسيمة ما أعاق عملية الهضم واستدعى تناوله وجبات من الحساء والسوائل لعدة أشهر، كما عانى من تقلصات شديدة في الساق لمدة عام وتعرضت أيضا كليتاه لأضرار.

بعد العلاج في الجزائر، عاد بروسبيري إلى عائلته في روما، واستقبل هناك بحرارة وتحدثت الصحف الإيطالية عن مغامرته في الصحراء وأجريت العديد من المقابلات معه.

هذه القصة المثيرة التي تبدو كما لو كانت سيناريو سينمائي متخيل، هي درس بالدرجة الأولى على إمكانية الخروج من أصعب المواقف وأشد الظروف حين تتوفر الخبرة أو المعرفة بأساليب العيش في الظروف القاسية وكذلك الإرادة  القوية والاعتماد على الذات في المقام الأول.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف ماراثون الرمال المغرب عاصفة رملية الصحراء فی الصحراء فی الجزائر إلا أن

إقرأ أيضاً:

سياسي إيطالي يثير الجدل بسبب مقترح يدعو لمنح لقب الأم للطفل بعد الولادة

ليست هذه هي المرة الأولى التي يُثار فيها مثل هذا الجدل في إيطاليا، حيث أصدرت المحكمة الدستورية عام 2022 حكما يقضي بعدم قانونية منح لقب الأب تلقائيًا للطفل.

اعلان

أثار سياسي إيطالي يساري الجدل باقتراحه منح الأطفال تلقائيًا لقب والدتهم.

في منشور على موقع X، قال السيناتور داريو فرانشيسكيني العضو في الحزب الديمقراطي وهو وزير سابق التراث والأنشطة الثقافية السابق، إن الإجراء الذي اقترحه سيكون بمثابة "تعويض عن ظلم عمره قرون".

كما دافع فرانشيسكيني عن فكرة التخلي عن تقليد تخصيص ألقاب الآباء للمواليد الجدد، وقال إن هذا العرف كان "مصدرًا ثقافيًا" لعدم المساواة بين الجنسين حسب تعبيره.

وردًا على ذلك، سخر نائب رئيس الوزراء وزعيم حزب ليغا اليميني المتطرف ماتيو سالفيني من اقتراح فرانشيسكيني الذي نشره على منصة "إكس"، واصفًا إياه بأنه "إحدى الأولويات الكبرى لليسار الإيطالي".

وأضاف سالفيني: "دعونا نمحو هؤلاء الآباء من على وجه الأرض، وبهذه الطريقة سنحل جميع المشاكل".

وفي الوقت نفسه، قال فيديريكو موليكوني، الذي يخدم في حزب "إخوة إيطاليا" الذي تتزعمه رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني، إن الاقتراح يمثل تحولاً "من النظام الأبوي إلى النظام الأمومي".

ومع ذلك، لم يستبعد خيار منح الأطفال ألقاب الوالديْن معًا.

ومن الشائع نسبيًا في الدول الأوروبية مثل إسبانيا والبرتغال أن يحمل الأطفال ألقاب والديهم معًا، إلا أن لقب الأب عادةً ما يأتي أولًا.

جدل متكرر

ليست هذه هي المرة الأولى التي تتكرر فيها قضية اللقب في إيطاليا.

إذ حكمت المحكمة الدستورية في هذا البلد عام 2022 بعدم قانونية تخصيص لقب الأب تلقائيًا للطفل. وبدلًا من ذلك، عرضت المحكمة بديلين: إما أن يُمنح الطفل لقب الأبوين معًا بترتيب متفق عليه، أو أن يقرر الوالدان معًا أي اللقبين سيحصل عليه الطفل.

ومع ذلك، عندما تولت جيورجيا ميلوني السلطة في أكتوبر 2022، لم تتخذ حكومتها أي إجراء لصياغة تشريع يتيح تنفيذ الحكم.

Relatedما هو السر الغامض وراء تحوّل الأطفال إلى "مستذئبين" في أنحاء أوروبا؟ إيطاليا تقر قانونًا يجرم تأجير الأرحام في الخارج: عقوبات تصل إلى عامين وغرامات ضخمة

منذ توليها السلطة، دافعت ميلوني بقوة عن الأسر والقيم الكاثوليكية "التقليدية"، حيث أثرت سياساتها بشدة على الأسر التي لا تندرج تحت هذه الفئة.

وفي المقابل، اتُهمت رئيس الوزراء الإيطالية بتقويض حقوق الأبوة والأمومة للمثليين من خلال تجريم تأجير الأرحام الذي يتم في الخارج ومنع إدراج الآباء غير البيولوجيين في شهادات ميلاد الأطفال.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ترامب يفرض رسومًا جمركية على واردات السيارات بنسبة 25% وامتعاض في أوروبا كندا الغليان في الشارع التركي مُستمرّ... وأردوغان يحمّل المعارضة مسؤولية تدهور الاقتصاد أول زيارة للمفوض التجاري الأوروبي إلى الصين: تطلعات اقتصادية ومقاربات استراتيجية أسرةجورجيا ميلونيماتيو سالفينيإيطالياأطفالاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext هجوم روسي بطائرات مسيرة على خاركيف يُخلّف 21 إصابة وأضرارًا واسعة يعرض الآنNext قوات الدعم السريع في أصعب لحظاتها العسكرية.. أسئلة المصير تتزايد يعرض الآنNext مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 2 مليار يورو لأوكرانيا يعرض الآنNext أيّ الدول الأوروبية تضم أكثر السائقين تهورًا؟ يعرض الآنNext وزير الخارجية التركي في واشنطن: تعزيز العلاقات ورفع العقوبات على رأس الأجندة اعلانالاكثر قراءة نتنياهو يهدد بالسيطرة على أراض في غزة وحماس تحذر: استعادة الرهائن بالقوة ستنتهي بعودتهم في توابيت هل يؤيد البريطانيون إنشاء جيش أوروبي يضم المملكة المتحدة؟ رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام: لا أحد يريد التطبيع مع إسرائيل في لبنان والمسألة مرفوضة من الجميع مقتل مراسلة القناة الروسية الأولى بانفجار لغم أرضي بالقرب من الحدود الأوكرانية ما هي الدوامة الغريبة المتوهجة في ليل أوروبا الحالِك؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلروسياالمفوضية الأوروبيةرجب طيب إردوغانفولوديمير زيلينسكيحركة حماسالسياسة الأوروبيةحروبالصيندونالد ترامبأمطارالحرب في أوكرانيا الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • الجزائر تتضامن مع ميانمار إثر الزلزال الذي ضرب البلاد 
  • طائرات F-16 العراقية تدمر مضافة لداعش في صحراء الأنبار
  • واقعة نكاز تعيد مطالب فرض التأشيرة على الجزائريين خلال كأس أفريقيا 2025
  • الجزائر تطرد نائب القنصل المغربي بعد اتهامه بـ"تصرفات مشبوهة"
  • الجزائر تطلب من دبلوماسي مغربي مغادرة أراضيها في غضون 48 ساعة
  • سياسي إيطالي يثير الجدل بسبب مقترح يدعو لمنح لقب الأم للطفل بعد الولادة
  • المخابرات الجزائرية تفبرك تصريحات منسوبة لعمرو موسى ضد المغرب
  • موريتانيا تتجاهل دسائس الجزائر وتؤكد أهمية التنسيق والتشاور مع المغرب
  • الجزائر تدعو إسبانيا إلى التراجع عن موقفها من الصحراء المغربية
  • الجزائر تناور بملف “المينورسو” بعد تراجع الدعم الدولي لأطروحتها الإنفصالية حول الصحراء المغربية