من الفراعنة إلى العصر الحديث.. رحلة التعاون والتحديات بين مصر وسوريا
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعد العلاقات بين مصر وسوريا واحدة من أقدم وأعمق العلاقات في التاريخ، حيث تمتد جذورها إلى العصور القديمة، وكان لها أثر كبير في تشكيل العديد من الأحداث الحضارية والسياسية في المنطقة من الفراعنة وصولًا إلى العصر الحديث، وشهدت هذه العلاقة تطورًا مستمرًا، ما بين تعاون ثقافي وعسكري، فضلًا عن تحديات سياسية أثرت على الاستقرار الإقليمي.
وتتمتع العلاقات بين مصر وسوريا بتاريخ طويل، يتراوح بين التعاون العسكري والثقافي في العصور القديمة والعصر الإسلامي، وصولًا إلى التعاون السياسي والدبلوماسي في العصر الحديث. ورغم التحديات الراهنة التي تواجه البلدين، بما في ذلك الأزمة السورية، تظل هذه العلاقة مهمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
فمنذ العصور الفرعونية، كانت هناك علاقات قوية بين البلدين، تمثلت في التبادل التجاري والثقافي بين الحضارتين، فقد كانت سوريا نقطة اتصال هامة بين مصر وحضارات ما بين النهرين وآسيا الصغرى.. مدينة أوجاريت السورية، على سبيل المثال، كانت مركزًا تجاريًا مهمًا في منطقة الشرق الأدنى القديم، حيث تبادلت مصر وسوريا العديد من السلع، مثل الخشب والمعادن النادرة كما شهدت العلاقة بين مصر وسوريا في تلك الحقبة تطورًا كبيرًا في عهد الفرعون تحتمس الثالث خلال الأسرة الثامنة عشرة، حيث أبرمت مصر تحالفات سياسية وعسكرية مع ممالك سوريا القديمة لتأمين حدودها الشرقية في مواجهة غزوات الكنعانيين والحثيين، كما تبادلت الحضارتان المعارف في مجالات الكتابة والفلك والدين، وقد اكتشف علماء الآثار في أوجاريت لوحات كتابية باللغة المصرية القديمة، مما يدل على عمق التأثير المصري على هذه المدينة السورية.
مع دخول الإسلام إلى مصر وسوريا في القرن السابع الميلادي، تغيرت طبيعة العلاقة بين البلدين، فقد أصبحت سوريا جزءًا من الدولة الإسلامية الأموية ثم العباسية، بينما استمرت مصر تحت سيطرة الخلافة الفاطمية والمملوكية خلال هذه الفترة، وتم تبادل العلماء والمفكرين بين مصر وسوريا في شتى المجالات من الفلك والطب إلى الفلسفة. كانت القاهرة ودمشق من أكبر المراكز العلمية في العالم الإسلامي، حيث تبادل العلماء السوريون والمصريون المعارف وشاركوا في تطور الحضارة الإسلامية.
في الجانب العسكري، كان لكل من مصر وسوريا دور مشترك في محاربة الحملات الصليبية خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر. كانت سوريا بمثابة نقطة انطلاق للعديد من الحملات العسكرية التي شنتها الجيوش الإسلامية، بما في ذلك الحملة العسكرية بقيادة صلاح الدين الأيوبي الذي أسس للتحرير المشترك للقدس.
في العصر الحديث، كانت العلاقات المصرية السورية تتسم بالتعاون المشترك، رغم التحديات التي واجهتها خلال فترة الاستعمار البريطاني والفرنسي للمنطقة العربية، كانت مصر وسوريا تواجهان تحديات مشتركة في مقاومة الاستعمار ومع الصراع المستمر مع إسرائيل، شكلت القضية الفلسطينية جزءًا أساسيًا من العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفي عام 1958، توحدت مصر وسوريا في الجمهورية العربية المتحدة بهدف تحقيق الوحدة العربية، لكنها انفصلت في 1961 نتيجة لاختلافات سياسية بين البلدين وكانت الحرب الباردة أحد العوامل التي أدت إلى تعقيد هذه الوحدة، حيث استغلت القوى العظمى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، الصراع العربي الإسرائيلي لتعزيز نفوذهما في المنطقة، ما ساهم في تفاقم الخلافات بين الأنظمة السياسية في مصر وسوريا.
على الرغم من فشل الوحدة، ظلت العلاقات بين مصر وسوريا قوية في العديد من المحطات التاريخية. في حرب 1973 ضد إسرائيل، كانت سوريا في الجبهة الشمالية بينما كانت مصر في الجبهة الجنوبية، وكان هناك تنسيق عسكري بين القيادتين رغم التباين في الأهداف ورغم أن التعاون العسكري بين البلدين لم يكن بالقدر الذي يتصوره البعض، فإن التنسيق على المستوى الاستراتيجي كان له دور كبير في تحقيق بعض المكاسب على الجبهة العربية
في السنوات الأخيرة، تأثرت العلاقات بين مصر وسوريا بشكل كبير بالأزمات السياسية في سوريا منذ عام 2011، حيث عاشت سوريا حالة من الحرب الأهلية التي أدت إلى تقسيم داخلي مع معاناة كبيرة للشعب السوري ورغم الاختلافات السياسية بين النظامين، إلا أنه كان هناك تحركات دبلوماسية مستمرة لتعزيز التعاون بين البلدين تتجلى هذه التحركات في تبادل الزيارات الدبلوماسية على مستويات مختلفة، فضلًا عن التنسيق المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية، مثل مكافحة الإرهاب.
لم تقتصر العلاقات بين مصر وسوريا على المستوى الرسمي فقط، بل امتدت أيضًا إلى الروابط الشعبية بين الشعبين كانت هناك العديد من العلاقات الاجتماعية الوثيقة، مثل تبادل الزواج بين المصريين والسوريين، مما أدى إلى دمج الثقافات وتعزيز الروابط بين العائلات في كلا البلدين كما أن اللقاءات السنوية للحجاج المصريين والسوريين إلى مكة كانت تمثل فرصة لتقوية الأواصر الأخوية بين الشعبين
على الصعيد الاقتصادي، لا تزال العلاقات التجارية قائمة بين البلدين رغم الظروف السياسية المعقدة.. ورغم العقوبات الاقتصادية التي طالت سوريا في السنوات الأخيرة، ما زالت هناك مجالات للتعاون، خاصة في المنتجات الزراعية والنفطية كما أن مصر تلعب دورًا هامًا في الترويج للمنتجات السورية في أسواقها، فيما تسعى سوريا للاستفادة من خبرات مصر في مجال البنية التحتية والتجارة.
وفى ظل التحديات الحالية، تتوجه عيون مصر إلى سوريا وفق بوصلة لا تخطىء الرؤية حسبما حددها وزير الخارجية بدر عبدالعاطى وتقوم على «عملية سياسية شاملة للأزمة السورية تحفظ وحدة الأراضى السورية وأمنها، وتعكس التنوع المجتمعي في سوريا، وترتكز على عدم إقصاء أي أطياف وطنية، ودون أي تدخلات خارجية وتقطع الطريق أمام أي محاولة لاستغلال الأوضاع الحالية للمساس بمصالح سوريا وسيادتها ووحدتها الإقليمية».
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سوريا الفراعنة مصر وسوريا مصر وسوریا فی العصر الحدیث بین البلدین العدید من سوریا فی
إقرأ أيضاً:
أردوغان والسيسي يبحثان العلاقات الثنائية وملفات إقليمية.. غزة وسوريا على الطاولة
ذكرت الرئاسة التركية، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، بحثا العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين وبعض الملفات الإقليمية والدولية، خلال لقائهما، الخميس، في العاصمة المصرية القاهرة التي يزورها الرئيس أردوغان للمشاركة في قمة مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية.
وقالت رئاسة دائرة الاتصال التابعة للرئاسة التركية، في بيان، إن أردوغان قال خلال اللقاء إن أنقرة ستواصل تعزيز تعاونها مع القاهرة التي تربطها بها علاقات تاريخية وثقافية في مجالات عدة خاصة الصناعات الدفاعية والطاقة والنقل والتنمية.
وأضاف أردوغان أن تعزيز التعاون مع مصر يأتي في إطار الوصول إلى هدف حجم التجارة المتبادلة البالغ 15 مليار دولار.
وأوضح الرئيس التركي، أن الشعب السوري دفع ثمناً باهظاً لمدة 13 عاماً، وأن السوريين سيقررون مستقبلهم، مشيرا إلى أهمية وحدة سوريا السياسية وسلامة أراضيها، مؤكدا في هذا السياق تواصل دعم تركيا لضمان إعادة إعمار سوريا والمصالحة الداخلية.
كما شدد الرئيس أردوغان على وجوب التوصل إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار في قطاع غزة في أقرب وقت.
وأردف، أن زيادة واستمرار التضامن بين تركيا ومصر سيكونان مفيدين لإيصال مساعدات إنسانية دون انقطاع إلى المنطقة.
من جانبه، قال متحدث الرئاسة المصرية محمد الشناوي، إن أردوغان والسيسي "أكدا ضرورة مواصلة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في كافة المجالات، بما يتفق مع مصالح الدولتين وشعبيهما".
وأوضح الشناوي، في بيان، أن اللقاء "استعرض سبل تطوير العلاقات الثنائية وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية".
وذكر أن الرئيسين "تناولا تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، حيث تم التأكيد على ضرورة تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين حيال الأزمات في المنطقة لضمان إحلال السلام والاستقرار".
وبحسب البيان المصري فقد "تناول اللقاء أيضا الأوضاع في سوريا، حيث أكد السيسي على ضرورة الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا وسلامة أراضيها، وتدشين عملية سياسية سورية تضم كافة أطياف المجتمع وقواه لتحقيق مصالحة وطنية وضمان نجاح العملية الانتقالية".
وفي الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
كما تطرق اللقاء إلى "الأوضاع في دول المنطقة، وبشكل خاص في ليبيا والسودان والصومال وسوريا، حيث تم التأكيد على أهمية حماية سيادة تلك الدول وسلامة أراضيها وأمنها، بما يحقق لشعوبها الأمن والسلام".
وأكد أردوغان والسيسي "إدانتهما للانتهاكات الإسرائيلية للأراضي السورية، مشددين على ضرورة الوقف الفوري لتلك الانتهاكات"، وفق المصدر نفسه.