سوريا.. «الحكومة المؤقتة» تحضر لـ«حوار وطني» خلال أيام
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
دمشق (الاتحاد، وكالات)
أخبار ذات صلةأفادت وسائل إعلام سورية، أن الحكومة المؤقتة تعمل على عقد اجتماع موسع في دمشق لإطلاق حوار وطني شامل خلال الأيام المقبلة.
وأشارت إلى أن الاجتماع ستحضره كل الهيئات وممثلون عن الشعب السوري ومكوناته، كما ستتم دعوة ممثلي التجمعات السياسية والمجتمع المدني والكفاءات العلمية ومستقلين، مبينة أنه سيشارك بالاجتماع ممثلون عن الفصائل العسكرية.
وأفادت بأن الاجتماع سيضع أسس النقاش بشأن المرحلة الانتقالية وآلية إدارة شؤون الدولة في الفترة المقبلة، مؤكدة أن الحكومة السورية أكملت تحضيراتها للاجتماع وسيتم عقده خلال الأيام المقبلة.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، أن الدبلوماسيين الأميركيين ناقشوا مع ممثلي السلطة الجديدة في دمشق مبادئ الانتقال السياسي في سوريا والأحداث الإقليمية ووجوب محاربة تنظيم «داعش».
وأضافت أن «دبلوماسيين أميركيين التقوا، الجمعة، في دمشق بممثلين عن القيادة الجديدة وناقشوا معهم القضايا المتعلقة بمصير الصحفي المفقود أوستن تايس ومواطنين أميركيين اختفوا في عهد بشار الأسد».
وبينت وزارة الخارجية الأميركية، أن الدبلوماسيين الأميركيين أجروا محادثات مباشرة مع المجتمع المدني السوري وناشطين وأفراد من الطوائف المختلفة.
وذكرت مصادر إعلامية أن الوفد الأميركي ناقش مع الإدارة السورية رفع العقوبات عن الشعب السوري ومن بينها «قانون قيصر».
وفي وقت سابق أمس، وصل وفد دبلوماسي أميركي برئاسة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، وفق ما كشف مصدر من السلطة الجديدة.
وضم الوفد إلى جانب ليف المبعوث الرئاسي لشؤون الرهائن روجر كارستينز، والمستشار المعين حديثاً دانيال روبنستين الذي كُلف بقيادة جهود الخارجية الأميركية في سوريا.
في غضون ذلك، قال الاتحاد الأوروبي، إنه سيزيد حضوره الدبلوماسي في العاصمة السورية دمشق، وإنه على اتصال مع الإدارة الجديدة هناك.
جاء ذلك على لسان رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا في مؤتمر صحفي، مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عقب قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وأشار كوستا إلى مناقشة القمة الأوروبية للتطورات في سوريا بعد انهيار نظام الأسد.
وأضاف: «توصلنا إلى توافق حول المبادئ الأساسية والأهداف التي سنتبناها».
وأردف: «نريد ضمان انتقال سلمي وشامل، والحفاظ على وحدة الأرض، وضمان احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية الأقليات الدينية والعرقية»، مشيراً «الاتحاد الأوروبي سيزيد حضوره الدبلوماسي في دمشق».
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي على اتصال مع الجهات الفاعلة على الأرض والإدارة الجديدة ودول المنطقة.
وقالت فون دير لاين، إن «أوروبا مهتمة بمستقبل سوريا وستقوم بدورها لدعم هذا البلد في الفترة الحرجة التي يمر بها».
إلى ذلك، كشفت كبيرة مستشاري الاتصالات في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رولا أمين، أن سوريا في انتظار عودة مليون لاجئ خلال الأشهر الـ6 الأولى من عام 2025.
وقالت رولا أمين، في تصريحات صحفية، إن «هذا أمر نتوقع حدوثه في أفضل السيناريوهات لكيفية تطور الأمور في سوريا، ويتوقف على الانتقال السلمي للسلطة، واستقرار الوضع الأمني، الذي هو متقلب للغاية وهش في الوقت الحالي».
وأشارت إلى أن «الناس يراقبون أيضاً ما إذا كان المجتمع الدولي سيتدخل ويدعم السوريين لإعادة بناء بلدهم، وبناءً على كل هذه العوامل المختلفة والأشياء الممكنة في أفضل السيناريوهات، نتوقع عودة مليون سوري».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: سوريا الأزمة السورية الحكومة السورية دمشق الحكومة المؤقتة حوار وطني الاتحاد الأوروبی فی سوریا فی دمشق
إقرأ أيضاً:
سوريا بين الأمس والغد: حوار بين العقل والتاريخ والوطن
في ليلة ساهرة من ليالي التاريخ، جلس العقل مستندا إلى مصباح الزمن، يتأمل وجه الأرض الذي كان يوما مهد الحضارات، فإذا بها قد أمست خريطة مليئة بالندوب والجراح. تنهد بعمق، ثم التفت إلى التاريخ وقال:
العقل: لقد سقط الطاغية، فهل آن للأرض أن تستريح؟
التاريخ: سقوط الطاغية ليس إلا بداية الرحلة، فكم من مستبد رحل ليُبعث مستبد آخر في ثوب جديد! الحرية لا تأتي بالهتاف، بل تبنى بالحكمة والعدل.
العقل: وكيف نحفظ العدل إن كان الظلم قد صار ميراثا يتناقله الناس؟
التاريخ: لا عدل بلا ميزان، ولا ميزان بلا يد تحمله بثبات. فليُحاكم الظالمون، ولكن بميزان لا ترجحه الكراهية. إن كنتم تريدون بناء وطن، فاجعلوا العدالة شفاء لا انتقاما، كي لا تحفروا في الأرض بذور صراع لا ينتهي.
إذا جار الأمير وحاجباهُ
وقاضي الأرض أسرف في القضاءِ
فويحُ الأرضِ إن لم يرفعوا
يدا عن ظلمهم يوم الجزاءِ!
في هذه اللحظة، انضم الوطن إلى الحوار، جلس على كرسيه العتيق، يتأمل أبناءه الذين طال صراعهم حول هويته، مستمعا لصراخهم بين السياسة، الدين، والقومية.
الوطن (مخاطبا الجميع بحزم): كفى صراخا! لقد هُدم بيتي مرارا، كل منكم يزعم أنه حارس أبوابي، لكنه في النهاية يُحاصرني أكثر. أريد أن أفهم، كيف نعيد البناء؟
السياسي (مشبكا أصابعه وكأنه يزن الكلمات بدقة): الحل سهل، يجب أن نؤسس لعقد اجتماعي حديث، يحترم الحقوق والواجبات، ويضمن لكل فرد مكانه في هذه الأرض.
الديني (رافعا يده كأنما يستشهد بنص مقدس): ولكن دون أن نخلع الإيمان من قلوب الناس، فالعدل لا يتحقق إلا حين يكون للناس ركن روحي يثبّتهم في مواجهة الفوضى.
القومي (ضاربا بقبضته على الطاولة): ومن دون الهوية، سنصبح كالريشة في مهب الريح! كيف نبني وطنا لا يعرف من هو؟
العقل: لكن ماذا عن أجهزة القمع؟ لقد تحولت إلى سوطٍ يجلد الناس، فكيف نضمن أنها لن تعود؟
التاريخ: الحرس إن خُلق ليكون للسلطان لا للوطن، كان كالذئب في ثياب الحارس. لا بد أن تُعاد صياغة هذه المؤسسات، أن تكون يدا تحمي لا سيفا يضرب، عينا تراقب العدل لا تترصد الأحرار. فليُبنَ الأمن على أسس جديدة، ولتكن قلوب الناس سندا له لا ضحايا بين يديه.
العقل: وماذا عن المكونات المختلفة؟ لقد أشعل الطغاة نار الطائفية، فكيف نضمن أن تذوب الجدران بين أبناء الأرض الواحدة؟
التاريخ: الوطن لا يكون وطنا إن لم يحتضن جميع أبنائه. لا فرق بين عربي وكردي، ولا بين مسلم ومسيحي إلا في مقدار إخلاصه لهذا التراب. ليكن عقدكم الاجتماعي شاملا، لا يستثني أحدا، فالتهميش يخلق الغضب، والغضب يهدم الأوطان.
إذا افتخر الأنامُ بفرقةٍ
ففخرُ المرءِ أن يُؤوي الجميعا
الوطن (متنهّدا وهو يحدق في الأفق): أيها السادة، أريدكم أن تفهموا أنني لا أطلب منكم أن تهدموا جدرانكم، بل أن تفتحوا نوافذها. السياسي، لن ينجح عقدك الاجتماعي ما لم تؤمن بأن الحرية مسؤولية وليست فوضى. والديني، لن يُحترم إيمانك ما لم تفصل بين قداسته وبين أداة القمع. أما أنت أيها القومي، فحبك لي لا يعني أن تسجنني داخل جدران الماضي، بل أن تعيد تعريف الانتماء ليكون جسرا بين الأجيال، لا سلاسل تكبلهم.
العقل: لكن ماذا عن القوى الأجنبية؟ إنهم ينتشرون في البلاد كالأشواك في الحقول، لكل واحد مصلحته، فكيف نعيد الوطن إلى أهله؟
التاريخ: لا حرية مع احتلال، ولا سيادة مع وصاية. لكن القوة وحدها لا تكفي، فالتفاوض أحيانا أمضى من السيف. لا تكونوا جسرا لأحد، لا تبيعوا الأرض تحت شعارات واهية، ولا تدخلوا في حرب تستهلككم أكثر مما تحرركم. السياسة فن، فأتقنوا لعبتها.
العقل: وماذا عن الذين هُجِّروا؟ الملايين في المنافي، ينتظرون ساعة العودة، فكيف نعيدهم دون أن نلقي بهم إلى الضياع؟
التاريخ: الوطن ليس حنينا فقط، بل حياة كريمة. لا تُعيدوهم ليجدوا بيوتهم تحت الأنقاض، وفرص العمل سرابا، والأمن حلما بعيدا. لا تكونوا كمن يبني سورا بلا أساس، بل اجعلوا الأرض مهيأة لاستقبال أبنائها، حتى لا يغدو الرجوع ندما.
بلادي وإن جارت عليّ عزيزةٌ
وأهلي وإن ضنوا عليّ كرامُ!
العقل: والاقتصاد؟ كيف نبني وطنا والجوع ينهش أهله، والأمل صار عملة نادرة؟
التاريخ: الخراب ليس في الأبنية وحدها، بل في العقول التي اعتادت التسول بدل الإنتاج. لا تنتظروا المعجزات، بل اصنعوها. ليكن العمل ثقافة، والشفافية قاعدة، ولا تسمحوا للفاسدين أن يكونوا أسياد المرحلة القادمة، فقد كان الفساد شريكا في سقوط من سبقكم.
لا تَسقني ماءَ الحياةِ بذلَّةٍ
بل فاسقني بالعزِّ كأس الحنظلِ!
العقل: ولكن، ماذا عن الفوضى؟ هل نثق بأن الناس لن يُعيدوا إشعال الحرائق بأنفسهم؟
التاريخ: الناس تُقاد بالفكر كما تُقاد بالجوع والخوف. فإن لم يكن لهم وعي، صنعوا لأنفسهم جلادا جديدا. لا تتركوا التعليم آخر همكم، ولا تُهملوا بناء الثقافة السياسية، فالجهل أبو الاستبداد.
الوطن (مبتسما لأول مرة): أحسنتم، الآن يمكننا البدء بالبناء. لكن قبل ذلك، قولوا لي: من منكم مستعد لوضع حجر الأساس؟
ساد الصمت، ثم مد الجميع أيديهم معا، ووضعوا أول حجر..
إذا الشعبُ يوما أراد الحياةَ
فلا بُدَّ أن يستجيبَ القدرْ!