بوابة الوفد:
2025-02-23@00:45:39 GMT

تحرك غربى.. وصمت عربى

تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT

المشهد السياسى الدولى فى الوقت الراهن يحمل الكثير من الإشارات التى توضح تحركات الدول الغربية، وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، لإعادة رسم خريطة النفوذ فى الشرق الأوسط، وخاصة سوريا. تأتى هذه التحركات فى وقت يبدو فيه أن الغرب يسعى لتغيير قواعد اللعبة السياسية فى المنطقة، بما يخدم مصالحه الاستراتيجية ويضمن استمرار سيطرته على مواردها وقراراتها السيادية.


قرار بريطانيا إرسال مسئولين كبار الاثنين الماضى، للقاء أحمد الشرع، المعروف بأبومحمد الجولانى، يعكس تغيرًا كبيرًا فى السياسة الغربية تجاه سوريا. الجولانى، الذى كان مطلوبًا بتهم الإرهاب فى دول عدة، بما فى ذلك العراق، أصبح فجأة محور اللقاءات الدولية. هذا التحول يعيد للأذهان سياسات مشابهة تبنتها الدول الغربية فى مراحل تاريخية مختلفة، حيث يتم دعم شخصيات أو تنظيمات لتحقيق مصالحها، بغض النظر عن تداعيات ذلك على استقرار المنطقة.
وزير الخارجية البريطانى، ديفيد لامى، أشار إلى أن هذه الزيارة تهدف لدعم «عملية انتقالية شاملة يقودها السوريون»، إلا أن المتابع للمشهد يدرك أن هذه العملية تُدار فعليًا من الخارج. رغبة الولايات المتحدة فى رفع اسم الجولانى من قوائم الإرهاب تأتى كخطوة متكاملة مع تحركات بريطانيا، ما يعكس انسجامًا فى السياسة الغربية نحو إعادة تشكيل السلطة فى سوريا بما يخدم مصالحها.
لا يمكن فهم هذه التحركات بمعزل عن الأهداف الكبرى للغرب فى المنطقة. منذ عقود، تعمل الدول الغربية على ضمان التفوق الإسرائيلى فى الشرق الأوسط، وتفكيك أى قوة عربية يمكن أن تشكل تهديدًا لهذا التفوق. دعم شخصيات مثيرة للجدل مثل الجولانى يندرج ضمن استراتيجية طويلة الأمد تهدف لإضعاف الدول العربية من الداخل من خلال تفكيك أنظمتها أو خلق حالة من الفوضى المنظمة.
هذه التحركات تؤكد مرة أخرى أن الدول العربية بحاجة إلى إعادة النظر فى سياساتها الإقليمية وتوحيد صفوفها لمواجهة التدخلات الأجنبية. فالغرب، رغم شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، لا يتحرك إلا بما يخدم مصالحه، حتى لو كان ذلك على حساب شعوب المنطقة.
يبقى السؤال: هل تستطيع الدول العربية إدراك خطورة هذه التحركات والعمل بشكل جماعى لحماية مصالحها واستقرارها، أم ستظل تدفع ثمن هذه الصراعات التى تُدار من الخارج؟
......
خطر الإرهاب «يلوح فى الأفق»
فى ظل التحولات الجيوسياسية التى تشهدها المنطقة العربية، يظهر من جديد وجه الإرهاب القديم بحلة جديدة، حين يسعى الغرب، وفق بعض التقارير، إلى تنصيب أبو محمد الجولانى، زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، كرئيس مستقبلى لسوريا. هذا السيناريو، إذا تحقق، يحمل فى طياته مخاطر كبرى، ليس فقط على سوريا، بل على أمن المنطقة العربية بأسرها.
ولهذا يعد الجولانى: الوجه الجديد للإرهاب المدعوم؟ الجولانى، الذى كان زعيمًا لجماعة متطرفة مصنفة كإرهابية عالميًا، يحاول إعادة تقديم نفسه كلاعب سياسى شرعى. ورغم محاولاته الترويج لنفسه كشخصية معتدلة وقادرة على قيادة سوريا، فإن ماضيه وتاريخه الطويل فى دعم الإرهاب لا يمكن التغاضى عنه. دعم الغرب له يعكس نمطًا متكررًا من استغلال القوى الكبرى لأطراف متطرفة لتحقيق أهداف سياسية قصيرة المدى، دون اعتبار لتداعيات ذلك على المدى الطويل.
ولابد أن تكون هناك انعكاسات لعودة الإرهاب على سوريا حيث إن تنصيب الجولانى سيعيد الفوضى إلى الداخل السورى، وسيضعف أى جهود لإعادة بناء الدولة التى دمرتها الحرب.
على المنطقة العربية: قد يشكل هذا التحرك منصة جديدة لانتشار الأفكار المتطرفة، مع تزايد خطر تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى الدول المجاورة.
على العالم: الإرهاب لا يعرف حدودًا. ما يبدأ فى سوريا قد يمتد إلى أوروبا وآسيا، مهددًا الأمن العالمى.
وهنا يبرز السؤال المهم أين التكتل العربى؟ للأسف، غياب موقف عربى موحد تجاه هذا السيناريو يعكس حالة من التفكك التى تعانى منها المنطقة. وأخشى أن يأتى الوقت الذى تسعى فيه بعض الدول العربية إلى المصالحة مع النظام السورى وإعادة دمجه فى المشهد العربى، يظهر هذا التوجه الغربى كتحرك مضاد، قد يعرقل هذه الجهود. الحاجة ملحة لتشكيل تكتل عربى قوى قادر على التصدى لمثل هذه المخططات، ليس فقط لحماية الأمن القومى العربى، بل لحماية مستقبل سوريا كدولة عربية.
وهنا لابد أن تكون هناك رؤية عربية موحدة عن طريق الضغط الدبلوماسى: يجب على الدول العربية استخدام نفوذها فى المنظمات الدولية لإحباط أى محاولة لشرعنة قيادة الجولانى لسوريا.
توحيد الصفوف: تعزيز التعاون الأمنى والاستخباراتى بين الدول العربية لمواجهة أى مخاطر مستقبلية.
إن محاولات الغرب لتنصيب الجولانى تعيد إلى الأذهان دروسًا قاسية من الماضى، حيث أسهمت التدخلات الأجنبية فى تفكيك دول عربية وتعزيز الإرهاب. وإذا أرادت الدول العربية تجنب كارثة جديدة، فإن الوقت قد حان لتوحيد الصفوف واتخاذ موقف واضح وصارم تجاه هذه التهديدات. فالأمن العربى مسئولية جماعية، وأى تهاون الآن قد تكون تكلفته باهظة غدًا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الزاد أمجد مصطفى الولايات المتحدة الأمريكية الشرق الأوسط الدول العربیة هذه التحرکات

إقرأ أيضاً:

الجيش الأمريكي يعلن قتل قيادي بتنظيم «داعش» في سوريا

أعلنت القيادة المركزية التابعة الجيش الأمريكي، اليوم السبت، أنها “قتلت أحد قادة تنظيم القاعدة بغارة جوية شمال غربي سوريا“.

وقالت القيادة المركزية عبر صفحتها على “إكس”، “في 21 فبراير، نفذت قوات القيادة المركزية الأمريكية غارة جوية دقيقة في شمال غرب سوريا، مما أسفر عن مقتل وسيم تحسين بيرقدار، أحد كبار القادة في منظمة حراس الدين، التابعة لتنظيم القاعدة”.

وأضافت أن “هذه الغارة الجوية هي جزء من التزام القيادة المركزية الأمريكية المستمر، جنبا إلى جنب مع الشركاء في المنطقة، بتعطيل وتقليص جهود الإرهابيين للتخطيط وتنظيم وتنفيذ هجمات ضد المدنيين والعسكريين من الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا في جميع أنحاء المنطقة وخارجها”.

وقال الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية: “سنلاحق بلا هوادة التهديدات الإرهابية وندمرها، بغض النظر عن موقعها، من أجل حماية وطننا وحلفائنا وشركائنا”.

مقالات مشابهة

  • اتعمل له غسيل مخ | محلل: على الدول العربية الحذر من ترامب
  • الجيش الأمريكي يعلن قتل قيادي بتنظيم «داعش» في سوريا
  • ماهي أسباب عزل “العراق” عن اجتماع “الناتو العربي” في الرياض؟
  • فتح مرآب لغسل السيارات بجماعة لوداية: خرق للقانون وصمت السلطات
  • ردّ حماس على دعوات الجامعة العربية بالخروج من المشهد
  • منتدى: استثمار التكامل الاقتصادي بين البلدان الإفريقية أداة حاسمة لتحقيق الاستقرار والسلم
  • سوريا ترفع رسوم تأشيرات دخول عدد من الدول... ماذا عن لبنان؟
  • تقرير: واشنطن تنتظر الخطة العربية في غزة
  • مصر وإسبانيا: يجب على سوريا أن لا تمثل ملاذاً أمناَ للإرهابيين وتهديد على الدول المجاورة
  • عون: لبنان لن يكون منصة للهجوم على الدول العربية الشقيقة