ميلاد عام جديد ورحيل آخر !
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
بعد أيام معدودة، سنجد أنفسنا ندخل عاما ميلاديا جديدا، رقم آخر يضاف إلى مسيرة حياتنا على الأرض، وميلاد عام هو بالنسبة للكثيرين من الناس عبارة عن حلم آخر يأتي إلى الحياة بصرخات الوجع والاشتياق، ورغم ذلك سيضاف إلى ما تبقى من أمنيات سابقة لم تتحقق حتى هذه اللحظة.
يسير بنا قطار الحياة متجاوزا كل المشاهد والأحداث التي لا نفيق أو نتعلم من مرورها، بل نحن كجمهور يحضر عرضا مسرحيا يضحك ويتأثر قليلا ثم يكمل حياته، كذلك هو قطار العمر لا يتوقف إلا عندما يحين موعد النزول وهنا نستشهد بمقولة رافقتنا دهرا وجب علينا ذكرها فهي تقول: «كنا نعتقد أن الغد أجمل، حتى كبرنا واكتشفنا أن الجمال الحقيقي كان بالأمس وليس في الغد».
بالأمس كان معنا الونيس والجليس، أما اليوم، فنحن نكمل مشوارنا وقد فقدنا الكثير من رفقاء الرحلة والمزيد من القوة على مواصلة الحياة بكل ما فيها من مظاهر استحدثها البشر بمسميات مختلفة ليطمسوا قليلا من وجه الشقاء الإنساني والتعب الذي ينهك أجساد البشر.
واقعنا الحالي يشدنا نحو عباءة الفرح الذي يستمد قوته من الاعتقاد بأننا سنترك عاما قديما قد مضت أيامه وشهوره، لذا علينا كغيرنا من الحالمين بوهج السرور أن نبتهج بقدوم عام جديد، فعليا قد نجهل ماذا يخبئ في جعبته من أحداث لكنه عام ربما أفضل من الذي سيسقط قريبا في خانة الذكريات، نشعر بأن هناك أملا بحجم السماء والأرض سيخرج إلى الوجود، واعتقاد أن ما قد مضى من أوجاع شعر بها العالم ستسقط هي الأخرى في «مزبلة التاريخ أو مقبرة الزمن»، في هذه الأيام القليلة نشعر بأننا بحاجة إلى معانقة أرواحنا المتعبة ولملمة أوراق الخريف المتطايرة، نحس أن هناك شوقا خفيا جديدا يشق طريقه في صدورنا، قد يكون مبعثه ومنبعه يأتي من ذلك الحلم الذي راودنا طويلا وانتظرناه أكثر مما ينبغي وهو العيش بسلام دون ألم أو فقد أو حزن على ما مضى من الزمن.
ستنجلي ظلمة الليل ويأتي صباح يتنفس كعادته من رئة صحية، يخرج إلينا في صورة بهجة تملأ القلب سرورا وتجعل من شرايين القلوب تتدفق دماء نظيفة، ومشاعر طفولية هي الأخرى ستولد قريبا في إحدى حجرات القلوب المعبأة بنبض كان منخفضا في لحظات البؤس والانتظار، أما مراكب الأيام فستبدأ هي الأخرى تشق عباب الزمن وما تبقى من أعمارنا فيها ونحن لا نزال في قطار الحياة.
اعتدنا منذ أن أبصرنا ضوء الشمس أننا نسير في طريقنا دون أن نعلم شيئا عن الغيب؛ لأنه بيد الله تعالى، لكن ما نعرفه تماما هو أن الأيام ستنقضي سريعا كطيف عبر دون أن نحس به، أو عبارة أخرى هو حلم تجلى ثم تبخر مع صرخة ألم من قلب مفجوع برحيل مفاجئ أو متوقع لقلب عانى كثيرا من الصدمات والمرض.
تقول الروائية والقاصة السعودية ليلى الجهني، في كتابها «في معنى أن أكبر»: «إنني أكبر وأنفق جل وقتي كي أفهم الزمن، فلا أفهمه، لذا أشعر أنه عدوي الخفي الذي يضرب دون أن يكون باستطاعتي درء ضرباته عني. لا أعرف كيف يمضي؟ ولِمَ يمضي؟ وكيف أننا نحيا فيه ونعجز أن ندركه كما ينبغي له؟ أهو شيء يمرُنا ونمرُه، أم حال تعترينا؟ وإذا مضى فإلى أين يمضي؟ أين تذهب كل أعوامنا التي تغادرنا؟ ولِمَ لا يمكن أن نحتفظ بها في مكان ما كثيابنا وأشيائنا العتيقة»؟.
أبعد ذلك نسأل: هل علينا أن نقفز فرحا كلما تقدمنا في العمر سنة كاملة؟!، هذا يذكرني تماما كلما احتفلنا بعيد ميلادنا السنوي، نفرح لأنه يوم مولدنا، لكننا نجهل أننا نفقد عاما كاملا من حياتنا في الحياة !.
إذن هل علينا أن نحتفل كغيرنا من شعوب الأرض بعام جديد رغم أن جراح العام الذي لم تنته ساعاته بعد لا تزال ندية مخضبة بدماء الأبرياء وبكاء الثكالى ويتم الأطفال في مدن الموت والألم؟ ينقسم العالم بين محتفل بقدوم عام جديد، وقسم ينظر إلى الآمال المعلقة أن تتحقق ليشعر بالسلام والأمان غيره من شعوب الأرض المعذبة بنزاعات وحروب ودمار لا تتوقف! لدينا شعور مكتمل النمو بأن الشمس ستشرق يوما، وسيكشف ضوء النهار عن جراح نزفت على أرض التقمت أجساد الأبرياء، سنفرح يوما عندما نشعر أن الحرية هي جزء من فرح لا يعكره محتل أو غاصب أو حاقد، ستشرق قريبا شمس هدنة تضع الحرب أوزارها، ويعيد الأبرياء ترقيع قلوبهم التي مزقتها الحروب.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: عام جدید
إقرأ أيضاً:
الخارجية الإيرانية: العقوبات الأمريكية الجديدة علينا ذات دلالة سيئة
أدلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، اليوم الأربعاء، بتصريح قبيل المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية المقررة نهاية هذا الأسبوع، وفق ما ذكرت وسائل إعلام متفرقة.
وقال بقائي إن العقوبات الأمريكية الجديدة على قطاع الطاقة الإيراني تشير إلى "انعدام حسن النية والجدية" من جانب واشنطن بشأن الحوار مع طهران.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، إنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإنهما اتفقا بشأن قضايا تشمل التجارة وإيران.
وذكر ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي: "كانت المكالمة جيدة للغاية - نحن على نفس الجانب في كل قضية".
بدأت الولايات المتحدة وإيران محادثات هذا الشهر بشأن البرنامج النووي لطهران، أولاً في عُمان ثم في روما، ومن المقرر أن تستأنف هذه المناقشات هذا الأسبوع.
وقال ترامب للصحفيين يوم الاثنين إن إدارته عقدت اجتماعات جيدة مع الإيرانيين.
واتهمت إيران في اليوم نفسه إسرائيل بمحاولة "تقويض" المناقشات.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي أن ترامب نجح في إقناع إسرائيل بالعدول عن مهاجمة المواقع النووية الإيرانية في الأمد القريب، قائلا إنه يريد إعطاء الدبلوماسية فرصة.
وحذر نتنياهو من أنه حتى لو واصلت واشنطن المحادثات مع إيران فإن إسرائيل لن تسمح لها أبدا بتطوير سلاح نووي.
وتتهم القوى الغربية وإسرائيل، التي يعتبرها الخبراء الدولة الوحيدة المسلحة نوويا في الشرق الأوسط، طهران منذ فترة طويلة بالسعي للحصول على أسلحة نووية.
ونفت إيران هذه التهمة دائما، وأصرت على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية فقط.
في عام 2018، انسحب دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي التاريخي الذي تم توقيعه قبل ثلاث سنوات والذي خفف العقوبات على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وبعد مرور عام، بدأت إيران في تجاوز شروط الاتفاق تدريجيًا ولا سيما من خلال تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية.