الأسبوع:
2025-04-18@01:32:30 GMT

سوريا.. مسارات خادعة ومستقبل غامض

تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT

سوريا.. مسارات خادعة ومستقبل غامض

لم تستفق الأغلبية بعد من وقع الصدمة، وإن شئنا التخفيف سنكتبها "المفاجأة"، التي انتهى أحد أحد فصولها في 7 ديسمبر 2024، بسقوط النظام في دمشق، وسيطرة ما يسمى هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقا"، بقيادة الإرهابي أبو محمد الجولاني "أحمد الشرع حديثا"، إلى جانب جميع الفصائل المسلحة الأخرى.

دون الخوض في تفاصيل ما قبل تاريخ 7 ديسمبر 2024، والذي سيحتاج للكثير من الوقت لكشف كواليسه بدقة بعيدا عن "التخمين"، وبعيدا عن دوامة الدوران في "الماضي"، وهو المستنقع الذي وقعت فيه معظم الدول ولم تخرج للآن، فإن الأهم للشارع السوري والمنطقة الآن يتمثل في المستقبل القريب وليس البعيد على الأقل.

كثيرون من المقيمين بالخارج هم في حيرة من أمرهم، بشأن حلم العودة للوطن، وما إن كان المستقبل هناك للجميع أم لتيار أو فصيل دون غيره، وهل حقا ستنتقل سوريا للديمقراطية سريعا، أم أنها ستنزلق أسرع للمسارات التي اعتدناها في العراق وليبيا والسودان واليمن.

بوجهة نظر آنية قد تتغير لاحقا طبقا للمجريات، فإن تعقيد الوضع السوري وكثرة التداخل فيه ربما يذهب بالدولة نحو سيناريوهات مفاجئة أيضا كما حدث في عملية سقوط النظام، وفي ظل سيناريوهات متعددة محتملة، أشير هنا إلى مسارين ربما هما الأهم في الوقت الراهن.

المسار الأول الذي يتفق عليه عليه وربما ترجحه الأغلبية من المراقبين، أن الدولة ذاهبة نحو الحرب الأهلية والتقسيم، للإبقاء عليها دويلات متنازعة تخضع كل منها لنفوذ دولة ما، من الدول المتداخلة هناك، تحقيقا للهدف الأسمى لواشنطن وهو إضعاف محيط إسرائيل بشكل كامل لتبقى هي يدها التي تضبط بها إيقاع الشرق الأوسط بشكل كامل "وفق رؤيتهم ومخطط الشرق الأوسط الجديد"، غير أن هذا المسعى يصطدم بجدار مصر الصلب، رغم كل الحصار الاقتصادي، كما يصطدم برفض معظم شعوب المنطقة له.

المسار الأول تعززه العديد من العوامل، منها ما قمت به قوات الاحتلال من قصف وتدمير للمطارات والقوة الصاروخية والبحرية، وبشكل عام نزع سلاح سوريا، وما تقوم به تركيا من تحشيد لقواتها على الحدود السورية، والدعم الأمريكي لميليشيا سوريا الديمقراطية، والسماح لهيئة مصنفة على قوائم الإرهاب بالتحكم في المشهد، لضمان عدم تفوق فصيل على آخر وعدم وجود أسلحة ومعدات تضمن تفوق فصيل على الأخر وقد تستخدم مستقبلا ضد إسرائيل، في إطار "تكافؤ القوة يضمن استمرار النزاع"، وهو المسار الأسوأ الذي قد يقضي على ما تبقى من أمل في سوريا، ويزهق أرواح الآلاف مجددا.

أما المسار الثاني، والمحتمل فإنه مغاير تماما لكل الاستراتيجيات التي اتبعتها واشنطن سابقا، وأرى أنه الأخطر إن كانت التحركات الدقيقة التي يتم العمل عليها تهدف إليه، ويتمثل في تقديم ما يسمى "جبهة النصرة "كفصيل قادر على إحداث النهضة الاقتصادية، بدعم مالي كبير من دول عربية وغربية، بحيث تتمكن الجبهة "وفق السيناريو المخطط لها" من تحويل سوريا إلى مركز اقتصادي موالي بشكل كامل للغرب وإسرائيل، وهو مسار لن يضمن لسوريا أيضا سيادتها أو وحدتها بأي شكل من الأشكال، لكنه قد يبقى على العاصمة في هذا الإطار على الأقل.

رغم ضعف الاحتمالية ووجود الكثير من العوائق، إلا أن العمل على هذا السيناريو يستهدف أولا بعث رسالة للجماعات العقائدية والفئوية بإمكانية دعمها كما حدث مع ما يسمى "هيئة تحرير الشام".

الرسالة الثانية للشعوب في بعض الدول المتماسكة حتى اللحظة بأن الجيوش الوطنية القوية ليست شرطا لبقاء وتقدم الدول، بل يمكن لجماعات حتى وإن كانت متطرفة أن تبني الاقتصاد، وبذلك تحاول السيطرة على الرأي العام وتوجيهه مرة أخرى للخروج ضد الدولة، بعد أن أصبحت سياسة الغرب القديمة مرفوضة من الأغلبية في الشرق الأوسط.

العوامل المعززة للمسار الثاني كثيرة أيضا، ويأتي في مقدمتها أن الغرب الذي أتى بالتيار الشيعي للمنطقة ومكنه منها منذ العام 2003، يأتي اليوم بتيار مناهض للتيار الشيعي وهو تيار "سني متشدد"، في إطار "إدارة الصراع" على جثة المنطقة وشعوبها.

عوامل أخرى اقتصادية تعيد الخط القديمة للواجهة، إذ بدأت الصراعات على الجيبوليتيك السورية وخطوط الطاقة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما سعت واشنطن ولندن في توسيع نفوذهما في الشرق الأوسط، وسعت واشنطن لوضع قاعدة أمريكية على الأراضي السورية، وهو ما تحقق بعد 2011.

فبعد استقلال سوريا عن الاحتلال الفرنسي عام 1946، تجلى الصراع على الجيبوليتيك السورية وخطوط الطاقة، حيث رفض الرئيس السوري آنذاك، شكري القوتلي، مشروع خط أنابيب التابلاين الذي كان يهدف إلى نقل النفط من السعودية والخليج إلى لبنان عبر سورية.

كما جاء رفض سوريا في عام 2000، خط أنابيب غاز طبيعي بقيمة 10 مليارات دولار بطول 1500 كيلومتر عبر المملكة العربية السعودية والأردن وسورية ومن سورية يتفرع الخط إلى ثلاثة فروع فرع إلى طرابلس لبنان وفرع إلى اللاذقية السورية والفرع الثالث إلى تركيا، كان الهدف من الخط هو ربط قطر مباشرة بأسواق الطاقة الأوروبية، وهو مشروع يحاول الغرب التعجيل به في ظل الأزمة المتفاقمة مع روسيا التي قربت عامها الثالث.

كما يعززه أيضا دور الجانب الأمريكي الذي تأكد تناقضه، رغم إعلانه أن المكافأة الأمريكية البالغة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن الجولاني قائمة حتى الآن، في الوقت الذي ذهب وفد أمريكي رفيع المستوى ليلتقي بالجولاني في دمشق، وسبقه تنسيق المقابلة التلفزيونية معه لشبكة التلفزيون الأمريكي cnn.

في المجمل يمكن القول أن الشارع السوري في مفترق طرق الآن، وعليه أن يحدد مصيره برؤية وبصيرة مغايرة غير مبنية على انفعالات اللحظة، خاصة أنه من دفع الفاتورة الأكبر طوال السنوات الماضية في الداخل والخارج، وعليه الآن أن يحدد مستقبل أبناءه دون خوف أو مراهنة على احتمالات.. .مشاركة جميع التيارات السياسية والمكونات بشكل ديمقراطي دون أي إملاءات هو الذي يمكن أن ينقذ سوريا من المجهول.. .يجب أن تكون سوريا لكل السوريين غير تابعة لهذا أو ذاك.. .رغم صعوبة ذلك في الوقت الراهن.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: سوريا الأزمة السورية الوضع في سوريا محمد حميدة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

555 يوما على الإبادة.. حاضر كارثي ومستقبل مخيف في غزة

مع مرور أمس الاثنين، كان قطاع غزة قد شهد 555 يوما من الإبادة الوحشية التي استخدم فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي ترسانته العسكرية المدمرة على بقعة لا تتجاوز مساحتها 365 كيلومترا مربعا، مستهدفا ما يزيد على مليونين من الفلسطينيين المحاصرين فيها.

هذا الرقم المكون من ثلاث خمسات متتالية أثار تفاعلا واسعا في منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما استثمره الناشطون لتسليط الضوء على المأساة التي حاقت بقطاع غزة وساكنيه منذ نحو 19 شهرا من الحرب الإسرائيلية عليه.

فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ارتفعت حصيلة الشهداء في القطاع إلى 51 ألف شهيد، فضلا عن 116 ألفا و343 مصابا، بحسب آخر إحصائية نشرتها وزارة الصحة في غزة.

بشكل رسمي
555 يوم من الإبادة في قطاع غزة

50,000 شهيد
17,000 طفل شهيد
12,000 شهداء من النساء

لا مستشفيات، لا صحة، لا أدوية، لا تعليم، لا منازل ولا حتى خيام، لا غذاء ولا حتى ماء نظيف. حاضر كارثي ومستقبل مخيف

المذبحة الأضخم في العصر الحديث وكله على الهواء مباشرة pic.twitter.com/Avs5lY5wmn

— MO (@Abu_Salah9) April 14, 2025

ويعيش القطاع المنكوب أكبر كارثة إنسانية في العالم، بلا مستشفيات أو أدوية أو تعليم أو منازل أو خيام، بل من غير غذاء أو ماء نظيف، لكن ما يؤلم الغزيين -وفق وصف ناشطين- أن "حاضرهم كارثي ومستقبلهم مخيف، بينما المذبحة الأضخم في العصر الحديث تُبث على الهواء مباشرة".

إعلان

وقد يبدو الرقم 555 جذابا لهواة الدعاية والإعلان، لكنه عند الغزّيين "أيام ثقيلة كالجبال، كلها إبادة وقتل وتجويع"، كما كتبت آية على حسابها في منصة إكس.

555 هذا الرقم ليس دعاية ماركة لشركة ما؛ إنها أيام ثقال كالجبال مرت على غزة مصحوبة بالإبادة والقتل والتجويع..#اوقفوا_الابادة

— آية حسونة أم حمزة (@AyaHassoun30) April 14, 2025

وفي محاولة لإشعار الناس بثقل هذه الأيام وما تحمله من أعباء وهموم، نبّه بعض الناشطين إلى ما تعدّه من ثواني ودقائق وساعات مثقلة بالقتل والتدمير، مذكّرين بجرح غزة النازف الذي امتد في ما يزيد على 13 ألف ساعة دامية.

اليوم الـ 555 على الإبادة التي بدأت في 7 أكتوبر.
مرّ: 13,320 ساعة، 799,200 دقيقة، و47,952,000 ثانية…
ولا تزال غزة تنزف.

— Islam bader (@islambader_1988) April 14, 2025

ولا يستطيع أحد أن يصف العيش 555 يوما تحت بطش الاحتلال ونيرانه غير سكان غزة الذين عاشوا مآسي الحرب وذاقوا آلامها، بما فيها من القتل والتدمير والتجويع والتعطيش والحرق والتنكيل والتعذيب والنزوح، وصولا إلى القهر والتطهير العرقي والحصار الخانق دون أدنى مقومات الحياة الآدمية.

555 يوم على حرب الإبادة في قطاع غزّة
555 يوم من القتل والتدمير والتجويع والتعطيش والحرق والتنكيل والتعذيب والنزوح، والقهر والتطهير العرقي، والحصار والتضييق، والقصف المُتواصل، والعذابات التي لا تنتهي
555 يوم دون أدنى مُقوماتٍ للحياة الآدميّة، والعيش في ظل حياة بدائيّة قاسية، صعبة…

— Youssef Shabat???????? (@YoussefShabat21) April 14, 2025

 

وبينما تسجل غزة "رقما قياسيا" بوصولها إلى اليوم 555 تحت الحرب، يؤكد معلّقون أن "الخذلان صار أثقل من الدمار، وصوت الضمير العالمي مات تحت ركام الحقيقة، والعالم يشاهد فقط لا أكثر".

الخذلان صار أثقل من الدمار، وصوت الضمير العالمي مات تحت ركام الحقيقة. غزة تنزف، والعالم يشاهد… فقط يشاهد، منذ 555 يوم

— Wissam Shabat ???? ???????? (@wissamshabat) April 14, 2025

إعلان

ولا يُخفي الغزّيون إرهاقهم وعجزهم أمام هذه المقتلة، فـ"بعد 555 يوما من الحرب على غزة، لم نعد نحتمل ما نمر به وما نحيا به، عقولنا لا تستوعب وأجسادنا لا تحتمل، فقط نعيش ونواكب الأحداث في الأيام المتبقية".

وقد سئم الفلسطينيون من "الخطابات الرنانة دون أفعال، والرافضة للتهجير والصامتة عن الإبادة، بينما تُمحى عائلة في كل دقيقة"، إذ يرون أن جميع الكلمات والصرخات التي أطلقوها على مدى 555 يوما، قد ذهبت أدراج الرياج، وضاع الصوت والصدى دون مجيب.

 

لكن هناك من لا يزال ينشد نهاية لهذا المذبحة التي تستهدف شعبا كاملا، "لا يفرق فيها المجرم بين طفل أو امرأة أو عجوز، ولا يعير اهتماما للقوانين الدولية، فيقصف ويحرق المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء، ويحاصر السكان ويغلق المعابر أمام أكثر من مليوني فلسطيني باتوا على شفا حفرة من جوع وعطش".

555 يوما "تركت في كل بيت حكاية فقد، وفي كل شارع بكاء لم يجف، وصورا لمن رحلوا دون وداع. هو رقم يجسد أياما من الانتظار والضياع والخذلان، يعيش الناس فيه على الهامش بلا مأوى أو أمان أو أمل".

وخلال تلك المدة، تنقّلت آلاف العائلات من مكان إلى آخر بحثا عن مأوى آمن؛ لكنها لم تجد، إذ لم يترك القصف زاوية دون أن يطولها، إلى أن بات المشهد سوداويا لأسر تعيش في مراكز مزدحمة، أو تحت خيام لا تقي حرّ الصيف ولا برد الشتاء.

"لقد أنهكت الـ555 يوما الشعب، واستنزفت صبره، وسرقت منه القدرة على البكاء. وفي كل يوم، يصبح البقاء أصعب والنَفَس أثقل، ولا يعلم سكان غزة كم من الأيام ستُضاف، لكن في كل يوم جديد، وجع إضافي"، بحسب ما لخّص مدون الحالة في الشارع الغزّي.

وقد حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، من أن الوضع الإنساني في غزة بلغ أسوأ حالاته منذ اندلاع الحرب قبل 18 شهرا، مشيرا إلى أن مرور نحو شهر ونصف دون السماح بدخول أي إمدادات عبر المعابر، يمثل أطول فترة توقف للإمداد حتى الآن.

إعلان

إذ أغلقت إسرائيل في الثاني من مارس/آذار الماضي جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، ومنعت دخول المساعدات الإنسانية، قبل أن تستأنف الإبادة وحربها على الفلسطينيين في الثامن عشر من الشهر نفسه، بعد هدنة استمرت شهرين، لم تلتزم بعدها الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ باقي بنودها.

مقالات مشابهة

  • برلماني ينتقد صمت تركيا تجاه التطورات التي تخص شمال قبرص
  • صندوق النقد يحذر من تراجع النمو بسبب التوتر التجاري الذي أشعله ترامب
  • بوتين يبحث مع أمير قطر أزمة فلسطين إسرائيل ومستقبل سوريا
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • بهدف زيادة الحركة التجارية بالسواحل السورية.. تخفيض سعر طن الوقود للسفن التي تؤمها
  • أبو الغيط يدعو المنظمات والمؤسسات العربية إلى دعم مشاريع إعادة الإعمار في سوريا وغزة
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 
  • 555 يوما على الإبادة.. حاضر كارثي ومستقبل مخيف في غزة
  • عاجل| الرئيس التركي: أي طرف يحاول زعزعة استقرار سوريا سيجدنا أمامه إلى جانب الحكومة السورية
  • عاجل. أردوغان: أي طرف يحاول زعزعة استقرار سوريا سيجدنا أمامه إلى جانب الحكومة السورية