خطيب البعوث الإسلامية: الأمة تمر بأحداث صعبة ستخرج منها أشد قوة
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
قال الدكتور حسن يحيى أمين اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، إن الحق سبحانه وتعالى حذرنا من اليأس، لأنه أشد ما يصاب به الأفراد والجماعات والأمم، لأن اليأس يحبط العزيمة، وتفتر معه الهمم، وكثير من الأمم عُجل بزوالها لما تملكها اليأس، لذلك شهدت الصراعات قديمًا وحديثًا، محاولات لبس اليأس، حتى يكون لكل حصن الغلبة على الأخر، بهذا السلاح الذي يعد أخطر من الدبابات والصواريخ، وعلينا أن نعيد حسابتنا، وأن نرتب أولوياتنا، وأن نتدارك أخطاءنا، وألا نستجدي النفع من أمم لا ترقب فينا إلًّا ولا ذمة، ولن يتحقق ذلك إلا بالرجوع إلى ربنا معنى وحسًّا، روحًا وجسدًا، نفسًا ومالًا، فقد وعدنا فقال «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ»، وتعلمنا من التاريخ أنَّه من رحم الألم يولد الأمل، ومن المحنة تولد المنحة، ومن رائحة الموت تولد الحياة، فلا تيأسوا من روح الله.
وأكد أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر في خطبة الجمعة بمسجد مدينة البعوث الإسلامية، أن ما تمر به الأمة اليوم ما هو إلا تمحيص وتهديب ستخرج منه الأمة بإذن الله أشد قوة، وأمضى عزمًا، وأكثر منعة، وأوفر حظًّا بين الأمم، والتاريخ خير شاهد على ذلك، وتلك الأيام نداولها بين الناس ، وخبر القرآن يقول: { فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ َ)، ولكن علي الأمة أن لا تستسلم لنكباتها، وألَّا تسلم أذنها لأعدائها، يضخمون لها الفظائع، ويهولون لها الأحداث، ويقطعون منها الأمل، فهذا يأس يخدم أعداء الأمة، ولن يكون علاجًا لاستكمال نقص، ولا داعيًا لمضاعفة جهد، وإنما هو دعوة للإذعان والتسليم، دعوة لتثبيط الهمم، وإرجاف في المدينة يراد به محو وجودها، ونهب مقدراتها، واستلاب هويتها؛ لذلك لابد أن نصيح في أعدائنا: نحن قوم لا نيأس من روح الله.
وأضاف أن استسلام الأمة لأقوال المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين في المدينة، الذين يحاولون زعزعة استقرارها، ويهوِّلون من قوة العدو، ويحقِّرون من قوة المؤمنين، هو بداية لانهيارها، وقد عرَّفنا القرآن الكريم مسلكهم وطبيعتهم ووضع أيدينا على أوصافهم فأصبحت لا تخطئهم أعين المؤمنين، قال تعالى «وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً»، وفي مواجهة هذا الخطاب الانهزامي اليائس من المنافقين نجد خطاب المؤمنين الصادقين «وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً».
اليأس يسهل على أعدائها النيل منهاأوضح الدكتور حسن يحيى خلال خطبة الجمعة بمسجد مدن البعوث الإسلامية، إن قول الحق الذي جاء على لسان سيدنا يعقوب لأبنائه «ولا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ»، تحذير من اليأس، لأنه يصل بالأمة إلى كونها أمة جاحدة لذاتها، منكرة لكل مقوماتها، وفي هذه الحالة يسهل على أعدائها أن ينالوا منها، لأنَّه بمجرد أن تفقد الأمة الثقة بنفسها، وتيأس من استقامة أحوالها، وقدرتها على معالجة أمراضها تدخل مباشرة في سكرات الموت، وهو غاية ما يتنماه أعداؤها، وذروة ما تصبو إليه نفوسهم، وقد عالج القرآن الكريم هذه الحالة الشعوريَّة اليائسة بمحفزات الإيمان الداعة للهمم، والمقوية للعزيمة، فقال تعالى «وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ».
عوامل اليأس تتسرب للأمةوبين أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر، إننا إذا تتبعنا عوامل اليأس وجدناها تتسرب للأمة من كثرة عدد أعدائها، وتجمعهم عليها، وقد جعل القرآن الكريم هذه الحالة من أمارات قوة الأمة، وعدالة قضيتها، وجعل تجمع الأعداء وسيلة دعم معنويَّة ترفض اليأس والخنوع، فقال تعالى «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ»، فكل تجمع ضدنا إنما هو وسيلة لزيادة إيماننا، ومن الخطأ أن نتعامل معه على أنه دعوة لليأس، بل هو دعوة للإيمان بالله والعود الرشيد لكتابه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الجمعة خطبة الجمعة البعوث الإسلامية البحوث الإسلامية
إقرأ أيضاً:
لم يعد للأُمَّـة الإسلامية حجّـة بعد موقف اليمن
منير الشامي
الموقف اليمني في إسناد غزة أكمل الحجّـة على الأنظمة العربية وشعوبها أمام الله، وما عاد لهم عذراً لتبرير تخاذلهم، وخطابات السيد عبدالملك -يحفظه الله ويرعاه- حجّـة عليهم في الدنيا والآخرة.
فإن احتجوا بالبعد فاليمن هو أبعدهم عن فلسطين ومع ذلك دخلوا في مواجهة مباشرة مع العدوّ الصهيوني والأمريكي والبريطاني والغربي فسقطت هذه الحجّـة.
وإن احتجوا بالإمْكَانيات فاليمن أفقر دولة عربية ومع ذلك لم يحل فقر اليمن وإمْكَاناته عن القيام بواجبه في نصرة إخوانه بكل ما أمكنه وبكل ما لديه.
وإن احتجوا بعدم وجود شيء في أيديهم لنصرة إخوانهم بفلسطين ومساندتهم فهذا غير صحيح؛ لأَنَّ بأيديهم فعل الكثير لنصرتهم وإسنادهم.
فالأنظمة المحاددة لفلسطين وشعوبهم قادرون على مشاركة إخوانهم المستضعفين في الحرب ضد العدوّ الصهيوني ضمن مواجهة مباشرة ولا حجّـة لهم أمام الله عن ذلك إن لم يفعلوا ويتحَرّكوا حتى بصورة فردية كما فعل الشهيد البطل محمد صلاح.
الدول العربية البعيدة عن فلسطين وشعوبها بإمْكَانها فعل الكثير مثل الجهاد بالمال من خلال الإنفاق في سبيل الله ودعم إخوانهم به لتمكينهم من شراء الأسلحة والمؤن الحربية.
الجهاد الاقتصادي من خلال التحَرّك في مقاطعة بضائع الأعداء وبضائع الدول والشركات الداعمة لهم وتوعية المجتمع بأهميّة المقاطعة وبآثارها على الأعداء والاقتدَاء بإحراج العالم من غير المسلمين الذين قاطعوا منتجات “إسرائيل” وكلّ منتجات الدول والشركات الداعمة لها.
الجهاد الإعلامي من خلال فضح الأعداء ونشر جرائمهم بكل اللغات التي يعرفونها عبر كُـلّ المنابر الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي وتوضيح حصاره لغزة وكشف أهدافه من تجميع الشعب الفلسطيني.
الجهاد التوعوي من خلال التحَرّك بكل الوسائل لرفع مستوى الوعي بأهميّة مقاومة المشروع الصهيوني والمشاركة فيه بمختلف الأساليب وبكل ما أمكن ويستطاع فعله، ودفع الأفراد في أوساط المجتمعات العربية والإسلامية إلى ذلك وتوضيح مسؤولية الجميع وواجبهم الديني والأخلاقي والإنساني في نصرة المستضعفين في غزة وفلسطين، والتحَرّك الجاد لمحاربة التطبيع بمختلف أنواعه وكشف أهدافه وتبيين الطرق المتاحة لكل مجتمع في نصرة إخوانهم.
البراءة من أعداء الله الصهاينة والأمريكان وأنظمة الغرب وأنظمة التطبيع، والبراءة من مجازر الإبادة التي ترتكب في حق أبناء غزة ومن كُـلّ داعميهم ومن كُـلّ الصامتين عنها من المسلمين أنظمة وشعوباً ومنظمات.
توطين العداوة لأعداء الله في القلب وتعظيمها والغضب لله على مجازر الإبادة وسفك دماء الفلسطينيين أطفالاً ونساء ورجالاً، التي يتعرضون لها على مدار الساعة.
مقارعة المتخاذلين والمثبطين والمرجفين في المجتمع وخارجه بكل الوسائل، والرد على شائعاتهم وكشف دجلهم وأهدافهم وأمراض قلوبهم.
التحَرّك في مظاهرات شعبيّة علنية للتضامن مع إخواننا في غزة وفلسطين، وللمطالبة بوقف العدوان الصهيوني والضغط على الحكومات باتِّخاذ مواقف جدية ومؤثرة نصرة للفلسطينيين واللبنانيين.
التحَرّك بنية خالصة للجهاد في سبيل الله ضد الصهاينة وقوى الاستكبار في مختلف الطرق المتاحة السابق ذكرها؛ استجابة لله ولرسوله وسعيًا لنيل رضاه، والاستعداد النفسي والذهني للتضحية بكل شيء أمام هذه الغاية عملاً بقوله تعالى: (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ).
هذه نبذة بسيطة عن بعض مسؤوليات المجتمعات العربية والمسلمة أفراداً وجماعات وأنظمة، وهي تجسد جزءاً من موقف الشعب اليمني الثابت قيادة وجماهير، وعلى العرب والمسلمين أن يحذوا حذوهم ويقتدوا بهم ليبرئوا أنفسهم أمام الله وأمام ضمائرهم وينجون من عذابه وسخطه في الدنيا والآخرة.
وعلى كُـلّ مسلم أن يتذكر أن الله سيسأله عن ذلك وسيحاسبه عن تفريطه وتقصيره يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.