موقع النيلين:
2025-03-26@01:09:43 GMT

مواقف دول الجوار من حرب السودان (1)

تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT

بحكم الجغرافيا و التأريخ و السياسة فإن الحرب التي تجري فصولها في بلادنا منذ الخامس عشر من أبريل الماضي 2023 بسبب تمرد مليشيا (د . س) و محاولتها الإستيلاء على السلطة بالقوة هي و شريكتها (قحت) بتحريض و دعم من دولة الإمارات فإن مواقف دول الجوار بلا شك لها تأثير كبير على استمرار الحرب في بلادنا ، و في هذا المقال سأقدم تلخيصاً لموقف كل دولة و تأثيره .


أولاً : مصر
=======
من المعلوم أن مصر تعتبر السودان عمقاً استراتيجياً لها منذ القدم و قد تجلى ذلك بوضوح في حربي يونيو 67 و أكتوبر 1973 ، لذلك فهي ترى أن هنالك ارتباطاً بين أمنها القومي و أمن السودان .
موقف مصر في البداية كان مضطرباً و ربما كان ذلك بسبب ضغوط خارجية مورست عليها من قبل الدول الداعمة للتمرد و المليشيا أو بسبب تقارير إستخبارية و إعلامية رجحت إمكانية نجاح المليشيا و ذراعها السياسي (قحت) في الإستيلاء على السلطة ، و قد ذكرت بعض التقارير بأن زعيم المليشيا و في إطار تحضيراته لإنقلابه مرر بعض الرسائل المباشرة إلى جهات مصرية نافذة و أخرى عن طريق دولة الإمارات !!
و لكن سرعان ما غيرت مصر موقفها و رجحت مصلحة أمنها على أي مصالح أخرى أو وعود و بالتالي بنت إستراتيجيتها على :
ـ إعلان دعمها الكامل لإستقرار السودان و وحدة أراضيه .
ـ إقرارها بأن القوات المسلحة السودانية هي القوى العسكرية الوحيدة المعترف بها و بالتالي لا بد من الوقوف معها و دعمها .
ـ فتح قنوات تواصل مع القوى السياسية الوطنية الداعمة للقوات المسلحة و القوى الأخرى الداعمة للتمرد (قحت/تقدم) لإستجلاء المواقف و ضمان التأثير على اي مشروع سياسي سوداني يعقب إنتهاء الحرب ، و قد استضافت القاهرة عدة ملتقيات و ورش عمل جمعت هذه القوى .
ـ عقد قمة لرؤساء دول جوار السودان إلتأمت بالقاهرة في 13 يوليو 2023 بحضور جميع الرؤساء و كان من أهم مخرجاتها : الحفاظ على أمن و استقرار السودان لأنه يؤثر بصورة مباشرة على أمن و استقرار دول الجوار ، العمل على إقرار وقف دائم لإطلاق النار ، العمل على إنجاز تسوية سياسية تعيد الأمن و السلام و الإستقرار ، و تكوين لجنة وزارية من وزراء الخارجية لمتابعة مخرجات القمة .
قمة رؤساء دول الجوار هذه لم تبارح مخرجاتها القاعة التي عقدت فيها و ذلك لسببين الأول أن معظم دول الجوار كانت منخرطة بصورة مباشرة في الحرب (و هذا ما سأوضحه عندما أتناول كل دولة على حدة) ، السبب الثاني يعود إلى وجود الوساطة الأميريكية السعودية (منبر جدة) التي انطلقت في مايو 2023 و نتج عنها توقيع إتفاق جدة ، فربما لهذين السبب لم تكن مصر متحمسة للمواصلة في مشروع دول جوار السودان الذي دعت له و استضافته .
للتأكيد على موقفها الداعم للسودان فقد حافظت مصر على تواصل مستمر مع قيادة الدولة العليا ممثلة في رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق عبد الفتاح البرهان الذي زارها مرتين منذ إندلاع الحرب ، كذلك قام عدد من المسئولين المصريين بزيارة السودان في مقدمتهم مدير المخابرات العامة و كانت آخرها زيارة قام بها وزير الخارجية المصري الجديد إلى العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان في الثالث من ديسمبر الجاري .
و كانت مصر قد رفضت المشاركة في الآلية الرباعية المشكلة من الولايات المتحدة و بريطانيا و السعودية و الإمارات و التي نشطت خلال فترة حكم عبد الله حمدوك و قامت بأدوار و تدخلات سالبة و داعمة لنشاط مبعوث الأمم المتحدة (فولكر) الذي عمق الأزمة السياسية في البلاد من خلال تبنيه و دعمه ل (قحت) و تسبب في إشعال الحرب ب (إرسال إشارات سالبة لحميدتي) كما قال الفريق البرهان في رسالته للأمين العام للأمم المتحدة التي طالب فيها بإستبداله !! و لعل رفض مصر المشاركة في الرباعية كان بسبب تجاهلها و هي الأكثر خبرة و دراية و تأثراً بما يجري في السودان .
ثانياً : ليبيا
=======
ليبيا طوال حقبة القذافي كانت تمثل أكبر مهدد للأمن القومي السوداني فمنها إنطلقت الحملة العسكرية للجبهة الوطنية التي كانت تتكون من تحالف حزب الأمة و الإتحاديين و الإسلاميين في يوليو 1976 بقيادة العميد محمد نور سعد ، و منها أقلعت الطائرات لتقصف الإذاعة السودانية و منزل الصادق المجاور لها في مارس من العام 1984، و منها إنطلقت عملية الذراع الطويل التي نفذتها حركة العدل و المساواة بقيادة الدكتور خليل إبراهيم في مايو 2008 ، و في ليبيا قاتلت معظم حركات دارفور المسلحة إلى جانب القذافي حتى لحظة سقوطه ثم تحول بعضها للقتال إلى جانب خليفة حفتر و الذي قاتلت إلى جانبه مجموعات من قوات المليشيا المتمردة ، مشاركة الحركات و المليشيا في الحرب الليبية سهل لها الحصول على السلاح و بالتالي إدخاله إلى دارفور !!
و إلى اليوم و من خلال الدعم المتدفق منها و عبرها إلى المليشيا فإن ليبيا ما تزال تمثل أحد مهددات الأمن القومي السوداني!!
و بسبب الإنقسام السياسي و العسكري و الأمني فيها بين حكومة شرعية معترف بها دولياً تتمركز في العاصمة طرابلس و أخرى غير شرعية و غير معترف بها يسيطر عليها و يتحكم فيها اللواء معاش خليفة حفتر تتمركز في بنغازي فإن الموقف الليبي من حرب السودان جاء منبايناً فبينما يقف خليفة حفتر و الحكومة الخاضعة له و بتعليمات من الإمارات مع المليشيا و يمدها بالسلاح و العتاد و الوقود و المرتزقة منذ بداية الحرب و حتى اليوم !!
بينما تقف الحكومة الشرعية موقفاً مغايراً حيث قام البرهان بزيارة إلى العاصمة طرابلس في 26 فبراير الماضي و التقى فيها برئيس مجلس الدولة محمد الممفي و رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة و اللذان أكدا وقوفهما مع السودان و حرصهما على أمنه و استقراره و اتفق الجانبان على أهمية ضبط الحدود بين البلدين و منع التحركات السالبة في جانبيها !!
و على الرغم من أن الحكومة الشرعية في ليبيا تقف مع السودان و تدعم إلا لم تنجح حتى الآن في منع تدفق الدعم (الحفتري) للمليشيا ، و لكن مع تزايد العمليات النوعية التي بدأت تقوم بها القوات المسلحة و القوات المشتركة على الحدود و تمكنت من خلالها الإستيلاء على إمدادات بأسلحة نوعية كانت في طريقها إلى المليشيا فمن المتوقع أن ينحسر الدعم القادم عبر الحدود الليبية .
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
17 ديسمبر 2024

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: دول الجوار

إقرأ أيضاً:

سيرتها الأولى!!

صباح محمد الحسن طيف أول: مما قرأت مرة أن من أفضل أنواع المعرفة هي معرفة حدودك!! وفي الإسبوع الماضي قالت وزارة المالية إن الوزير جبريل إبراهيم بحث مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي، أنيت ويبر، مبادرة القرن الإفريقي التي أطلقها الاتحاد الأوروبي، لإعمار السودان والتي تركز فيها المبادرة على الربط الشبكي للكهرباء والطرق والسكك الحديدية التي تربط دول المنطقة) ولأن الوزيرة زارت السودان لمناقشة القضية الرئيسة المتمثلة في دفع السلطة الانقلابية وحثها لقبول الحل السياسي لأزمة الحرب في السودان التي خلفت أوضاعا إنسانية كارثية ومن ثم يساهم الإتحاد الأوربي في تقديم الدعم للسودان إلا أن رغبة جبريل ابراهيم تخطت الأزمة ، وكأن الوزير يأمل أن يقدم الإتحاد الأوربي دعما لحكومته ويضخ اموالا لإعادة تعمير خطوط الكهرباء وغيرها، فحكومة بورتسودان في بداية الأمر تسولت بإسم الحرب وزار وزير المالية جبريل ابراهيم اكثر من عشر دول وعاد بخفيّه، كما شارك في عدة مؤتمرات دولية ومحافل لمنظمات خارجية ولكن جميعها اكتفت فقط بحسن استقباله ووداعه، ولم يحقق الوزير منذ بداية الحرب مكسبا إقتصاديا يمكنه أن يغذي خزينته، فكل الدول التي زارها، كانت اكثر صراحة وكشفت عن موقفها غير الداعم لحكومة بورتسودان!! ومثل هذه الزيارات التي قام بها جبريل كان قد قام بها الفريق البرهان ولكن أيضا لم يحقق مكسبا واحدا ، والحكومة الإنقلابية لاتعلم أنها ” ساقطة” في امتحان القبول الدولي و” القبول من الله” لذلك في كل الجولات الخارجية التي تتعلق بعملية المنح والدعم الإقتصادي للسودان تجد أن نتائجها كانت صفرية عكس تلك الزيارات التي كان يقوم بها الدكتور عبد الله حمدوك والتي أحرز فيها درجات متقدمة في مادة العلاقات الدولية بالرغم من أن الرجل لايشغل الآن منصبا في الدولة السودانية ومعلوم أن زيارة رئيس الوزراء السوداني السابق إلى أوروبا في نوفمبر الماضي كانت من أهم الزيارات ذات الأثر الإيجابي وأحدثت تحولاً لافتاً في التعاطي الدولي مع أزمة الحرب في السودان، والتي استهلاها حمدوك بزيارته للندن، ثم انتقل إلى بروكسل، مقر الاتحاد الأوروبي، والتي ألقت الضوء على الأزمة السودانية التي ظلت مهملة دولياً لفترة طويلة وكانت نتائج هذه الزيارة ظهرت بعدها مباشرة عندما تصدرت القضية الأجندة الدولية، وكانت المحور الأبرز في اجتماع مجلس الأمن الذي جاء عقب الزيارة وعقد حمدوك وقتذاك اجتماعاً منفرداً مطولاً مع شخصية بريطانية بارزة تُعد من صناع القرار الرئيسيين في الحكومة البريطانية الحالية، ناقش فيه الأوضاع الراهنة في السودان، وطرح رؤية متكاملة للخطوات التي ينبغي على المجتمع الدولي إتخاذها لوقف الحرب وإعادة الإستقرار وتعمير السودان وتحظى إطروحات حمدوك بالقبول ويرفض مايقدمه جبريل والبرهان لأن كلاههما يريدان الدول أن تقدم دعمها للسودان قبل وقف الحرب ، وهذه “حيلة متواضعة” مازالت الحكومة السودانية تمارسها ولاتعلم أن المجتمع الدولي يقف الآن على يقين القناعة أن الحكومة تمارس هذه الحيلة لأجل الحصول على المال لصالحها وليس لإعمار السودان فلايستقيم الأمر بوضع خطة للإعمار في ظل حرب ( الدمار والخراب) لذلك أن كل خزائن الدول مغلقة الآن أحكمت الدول قفلها لحين إشعار آخر!! والفلول كعادتها تقوم بعملية التدمير للوطن ومشاريعه ومؤسساته ومن ثم ترفع شعار ( سنعيدها سيرتها الأولى) فدمرمت مشروع الجزيرة والسكة حديد وسودانير وغيرها ، وبالرغم من أن كان لها أن تتركها على سيرتها الأولى ولكن تدمرها بآلة الفساد لتحصل بعدها على الدعم بكذبة الإعمار من جديد وتخرج مستفيدة !! ولكن يبدو أن المجتمع الدولي “فهم اللعبة ” جيدا وماعادت ” فهلوة” الحكومة مجدية ، لذلك رهنت المبعوثة التي إلتقت جبريل ابراهيم تقديم الدعم المتوقع من الإتحاد الأوربي بتحقيق الهدف الاول وقف الحرب وتحقيق السلام، ومن ثم إعادة الإعمار بعد الحرب ولهذا فإن رفض المجتمع الدولي لتقديم الدعم لحكومة بورتسودان ربما يكون من أهم الأسباب التي دفعت وزير المالية جبريل ابرهيم لبيع ” الخردة”!! طيف أخير: تحركات دولية حثيثة لوضع آليات جديدة لعملية حل الأزمة في السودان القادمات من الأيام تكشف المزيد. نقلاً عن صحيفة الجريدة السودانية الوسومصباح محمد الحسن

مقالات مشابهة

  • هذه كمبالا التي تشرق منها شمس “التحول المدني الديمقراطي” لتغمر ظلام السودان????
  • قراءة في موقف تقدم من جرائم الحرب .. هل كانت ظهيرا سياسيا للمليشيا.؟
  • جوبا ترد على تصريحات ياسر العطا وتعتبرها بمثابة انتهاك صارخ لمبادئ حسن الجوار
  • جنوب السودان على صفيح ساخن: هل تندلع حرب ثالثة؟
  • سيرتها الأولى!!
  • حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي: ملحمة القصر الجمهوري هي بداية نهاية المليشيا
  • ماهي المكاسب التي تنتظرها واشنطن من مفاوضات إنهاء الحرب في أوكرانيا ؟
  • القحاتة “الخونة اللئام” تأمروا على السودان وشعبه وساندوا المليشيا سياسيا واعلاميا
  • مسؤولة أممية: السودان من الدول الأولى على مستوى العالم التي تعاني أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد والملايين يواجهون الجوع
  • وزير الخارجية: يجب التركيز على الحلول التي تضمن بقاء السودان موحدا ومستقرا