مواقف دول الجوار من حرب السودان (1)
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
بحكم الجغرافيا و التأريخ و السياسة فإن الحرب التي تجري فصولها في بلادنا منذ الخامس عشر من أبريل الماضي 2023 بسبب تمرد مليشيا (د . س) و محاولتها الإستيلاء على السلطة بالقوة هي و شريكتها (قحت) بتحريض و دعم من دولة الإمارات فإن مواقف دول الجوار بلا شك لها تأثير كبير على استمرار الحرب في بلادنا ، و في هذا المقال سأقدم تلخيصاً لموقف كل دولة و تأثيره .
أولاً : مصر
=======
من المعلوم أن مصر تعتبر السودان عمقاً استراتيجياً لها منذ القدم و قد تجلى ذلك بوضوح في حربي يونيو 67 و أكتوبر 1973 ، لذلك فهي ترى أن هنالك ارتباطاً بين أمنها القومي و أمن السودان .
موقف مصر في البداية كان مضطرباً و ربما كان ذلك بسبب ضغوط خارجية مورست عليها من قبل الدول الداعمة للتمرد و المليشيا أو بسبب تقارير إستخبارية و إعلامية رجحت إمكانية نجاح المليشيا و ذراعها السياسي (قحت) في الإستيلاء على السلطة ، و قد ذكرت بعض التقارير بأن زعيم المليشيا و في إطار تحضيراته لإنقلابه مرر بعض الرسائل المباشرة إلى جهات مصرية نافذة و أخرى عن طريق دولة الإمارات !!
و لكن سرعان ما غيرت مصر موقفها و رجحت مصلحة أمنها على أي مصالح أخرى أو وعود و بالتالي بنت إستراتيجيتها على :
ـ إعلان دعمها الكامل لإستقرار السودان و وحدة أراضيه .
ـ إقرارها بأن القوات المسلحة السودانية هي القوى العسكرية الوحيدة المعترف بها و بالتالي لا بد من الوقوف معها و دعمها .
ـ فتح قنوات تواصل مع القوى السياسية الوطنية الداعمة للقوات المسلحة و القوى الأخرى الداعمة للتمرد (قحت/تقدم) لإستجلاء المواقف و ضمان التأثير على اي مشروع سياسي سوداني يعقب إنتهاء الحرب ، و قد استضافت القاهرة عدة ملتقيات و ورش عمل جمعت هذه القوى .
ـ عقد قمة لرؤساء دول جوار السودان إلتأمت بالقاهرة في 13 يوليو 2023 بحضور جميع الرؤساء و كان من أهم مخرجاتها : الحفاظ على أمن و استقرار السودان لأنه يؤثر بصورة مباشرة على أمن و استقرار دول الجوار ، العمل على إقرار وقف دائم لإطلاق النار ، العمل على إنجاز تسوية سياسية تعيد الأمن و السلام و الإستقرار ، و تكوين لجنة وزارية من وزراء الخارجية لمتابعة مخرجات القمة .
قمة رؤساء دول الجوار هذه لم تبارح مخرجاتها القاعة التي عقدت فيها و ذلك لسببين الأول أن معظم دول الجوار كانت منخرطة بصورة مباشرة في الحرب (و هذا ما سأوضحه عندما أتناول كل دولة على حدة) ، السبب الثاني يعود إلى وجود الوساطة الأميريكية السعودية (منبر جدة) التي انطلقت في مايو 2023 و نتج عنها توقيع إتفاق جدة ، فربما لهذين السبب لم تكن مصر متحمسة للمواصلة في مشروع دول جوار السودان الذي دعت له و استضافته .
للتأكيد على موقفها الداعم للسودان فقد حافظت مصر على تواصل مستمر مع قيادة الدولة العليا ممثلة في رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق عبد الفتاح البرهان الذي زارها مرتين منذ إندلاع الحرب ، كذلك قام عدد من المسئولين المصريين بزيارة السودان في مقدمتهم مدير المخابرات العامة و كانت آخرها زيارة قام بها وزير الخارجية المصري الجديد إلى العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان في الثالث من ديسمبر الجاري .
و كانت مصر قد رفضت المشاركة في الآلية الرباعية المشكلة من الولايات المتحدة و بريطانيا و السعودية و الإمارات و التي نشطت خلال فترة حكم عبد الله حمدوك و قامت بأدوار و تدخلات سالبة و داعمة لنشاط مبعوث الأمم المتحدة (فولكر) الذي عمق الأزمة السياسية في البلاد من خلال تبنيه و دعمه ل (قحت) و تسبب في إشعال الحرب ب (إرسال إشارات سالبة لحميدتي) كما قال الفريق البرهان في رسالته للأمين العام للأمم المتحدة التي طالب فيها بإستبداله !! و لعل رفض مصر المشاركة في الرباعية كان بسبب تجاهلها و هي الأكثر خبرة و دراية و تأثراً بما يجري في السودان .
ثانياً : ليبيا
=======
ليبيا طوال حقبة القذافي كانت تمثل أكبر مهدد للأمن القومي السوداني فمنها إنطلقت الحملة العسكرية للجبهة الوطنية التي كانت تتكون من تحالف حزب الأمة و الإتحاديين و الإسلاميين في يوليو 1976 بقيادة العميد محمد نور سعد ، و منها أقلعت الطائرات لتقصف الإذاعة السودانية و منزل الصادق المجاور لها في مارس من العام 1984، و منها إنطلقت عملية الذراع الطويل التي نفذتها حركة العدل و المساواة بقيادة الدكتور خليل إبراهيم في مايو 2008 ، و في ليبيا قاتلت معظم حركات دارفور المسلحة إلى جانب القذافي حتى لحظة سقوطه ثم تحول بعضها للقتال إلى جانب خليفة حفتر و الذي قاتلت إلى جانبه مجموعات من قوات المليشيا المتمردة ، مشاركة الحركات و المليشيا في الحرب الليبية سهل لها الحصول على السلاح و بالتالي إدخاله إلى دارفور !!
و إلى اليوم و من خلال الدعم المتدفق منها و عبرها إلى المليشيا فإن ليبيا ما تزال تمثل أحد مهددات الأمن القومي السوداني!!
و بسبب الإنقسام السياسي و العسكري و الأمني فيها بين حكومة شرعية معترف بها دولياً تتمركز في العاصمة طرابلس و أخرى غير شرعية و غير معترف بها يسيطر عليها و يتحكم فيها اللواء معاش خليفة حفتر تتمركز في بنغازي فإن الموقف الليبي من حرب السودان جاء منبايناً فبينما يقف خليفة حفتر و الحكومة الخاضعة له و بتعليمات من الإمارات مع المليشيا و يمدها بالسلاح و العتاد و الوقود و المرتزقة منذ بداية الحرب و حتى اليوم !!
بينما تقف الحكومة الشرعية موقفاً مغايراً حيث قام البرهان بزيارة إلى العاصمة طرابلس في 26 فبراير الماضي و التقى فيها برئيس مجلس الدولة محمد الممفي و رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة و اللذان أكدا وقوفهما مع السودان و حرصهما على أمنه و استقراره و اتفق الجانبان على أهمية ضبط الحدود بين البلدين و منع التحركات السالبة في جانبيها !!
و على الرغم من أن الحكومة الشرعية في ليبيا تقف مع السودان و تدعم إلا لم تنجح حتى الآن في منع تدفق الدعم (الحفتري) للمليشيا ، و لكن مع تزايد العمليات النوعية التي بدأت تقوم بها القوات المسلحة و القوات المشتركة على الحدود و تمكنت من خلالها الإستيلاء على إمدادات بأسلحة نوعية كانت في طريقها إلى المليشيا فمن المتوقع أن ينحسر الدعم القادم عبر الحدود الليبية .
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
17 ديسمبر 2024 إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: دول الجوار
إقرأ أيضاً:
هنادي بت الفاشر الطبيبة التي قتلت وهي تدافع عن أهالها بمخيم زمزم
تصدر اسم الطبيبة السودانية هنادي النور داؤود على منصات التواصل الاجتماعي في السودان بعد أن نعتها "تنسيقية لجان المقاومة" في الفاشر التي تشهد قصفا مستمرا منذ أيام من قبل قوات الدعم السريع مما خلف مئات القتلى والجرحى.
ونشرت التنسيقية عبر صفحتها على فيسبوك: "وداعا الطبيبة هنادي التي داوت الجرحى وساندت الأبطال، ثم رحلت شهيدة بشرف. لقد ترجلت اليوم جسدا من ضمن شهداء معسكر زمزم، لكنها بقيت فينا روحا وذكرى لا تنطفئ، رحلت وهي تؤدي واجبها الوطني والإنساني، شهيدةً كما تحب الأحرار أن يُكتب لهم الرحيل".
موجة حزن وتعاطف على مواقع التواصلوجاء هذا النبأ ليُشعل حالة من الحزن على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بادر المغردون السودانيون إلى سرد قصص ومواقف من وصفوها بالبطلة الطبيبة هنادي النور داؤود، التي أصبحت رمزا للصمود خلال سنوات الاقتتال المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
الأجساد تفنى لا محال لكن تبقى بعض الشخصيات خالدة للأبد
هي مهيرة بت عبود عصرنا الحالي ستظل للأبد خالده في وجدان الشعب السوداني
وداعاً أيقونة الكفاح الشهيدة هنادي
معسكر زمزم#هنادي_بنت_الفاشر
ربنا يرحمك ويدخلك فسيح جناته ي رب ???????? pic.twitter.com/SX4hIZz20i
— Moh.Zain (@MdzainSaeed) April 13, 2025
إعلانوفي هذا السياق، كتب الناطق الرسمي للحكومة ووزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الإعيسر عبر صفحته على "فيسبوك" ناعيا هنادي:
"باسم الحكومة السودانية، وحرائر وأحرار السودان، وبقلوب يعتصرها الألم والحزن، ننعى بكل إكبار وإجلال، المناضلة البطلة، الشهيدة الدكتورة هنادي النور داؤود جمعة "بت الفاشر"، التي سطرت اسمها بأحرف من نور في سجل الشجاعة والكرامة، وجعلت من نفسها رمزا للانتماء، والإباء، والوفاء لوطنها وشعبها".
وأضاف الإعيسر: "لقد كانت الشهيدة مثالا للمرأة الحرة الرافضة للخنوع أمام وحوش الإجرام والعدوان، فاختارت السير في طريق المقاومة كتفا بكتف مع رفاقها المقاتلين، وتقدمت الصفوف لإنقاذ الجرحى والأسرى في معارك الكرامة".
بطلة تخطت أدوارها الإنسانيةوكتب أحد المغردين تعليقا على مقتل الطبيبة قائلا إن الدكتورة هنادي، "الطبيبة والمقاتلة والإنسانة"، لم تكتف بعلاج الجرحى بل قامت بطبخ الطعام للأطفال، ضمدت الجراح، ثم حملت السلاح لتدافع عن الأرض والعرض. أُصيبت بالأمس في هجوم مليشيا الدعم السريع".
وأضاف آخر: "استشهاد رمز النضال والصمود النسائي في السودان، الطبيبة هنادي، بنت الفاشر، انتقلت إلى الدار الآخرة إثر إصابتها وهي تؤدي واجبها الوطني وتدافع عن الوطن. كانت مثالًا للنبل والشجاعة، ورمزًا لصمود المرأة السودانية في وجه المحن".
بكل الحزن والفخر…
ترجلت اليوم مقاتلة في ثوب طبيبة، وودّعت الدنيا مقبلة غير مدبرة… الشهيدة (الكنداكة) هنادي، بت الفاشر.
سقطت شهيدة في ميدان الشرف، متقدمة الصفوف، لا تحمل سوى شجاعتها وسلاحها وإيمانها بعدالة القضية، تدافع عن مدينة الفاشر بشمال دارفور، بشرف لا يعرف التراجع.… pic.twitter.com/cJzOwqBpGy
— Abdelmagid Kibir (@abdelmagidkibir) April 14, 2025
كما وصف مغردون الطبيبة هنادي بأنها أيقونة للأمل والمقاومة في السودان، إذ كتبوا:
إعلان"الطبيبة #هنادي_بنت_الفاشر ترجلت، لكن بسالتها ستبقى قنديلا ينير صفحات المجد والتاريخ في السودان. استُشهدت بعد ملحمة من الصمود الأسطوري، وهي تقف كالطود الأشم تدافع عن الأطفال والنساء والشيوخ في مخيم زمزم للنازحين".
رحلت الطبيبة هنادي..????
لكنها لم تذهب وحدها..
اصطحبت معها معنى الشجاعة ، ووشمته على جبين التاريخ! لم تكن مجرد طبيبة…كانت وطنًا يُضمد الجراح وقلبًا يطهو الحياة في جحيم الموت، وبندقيةً تنحاز للحق حين خان العالم معسكر زمزم! #انا لله و أنا اليه راجعون! ألف رحمه و نور!! pic.twitter.com/IIcr0ivNvQ
— Ricky (@MubRicky) April 13, 2025
وأشار آخرون إلى أن "التاريخ سيخلدها في سجل الأبطال، وسيسطع اسمها كالشمس في كبد السماء. وسيظل الأحرار يروون سيرتها كما تروى الأساطير، ويتناقلون صمودها شعلة تُلهب قلوب الأجيال القادمة".
وجاء مقتل الطبيبة هنادي في سياق الهجمات العنيفة التي شنتها قوات الدعم السريع يومي الجمعة والسبت الماضيين على مدينة الفاشر شمال دارفور، حيث أسفرت هذه الهجمات عن تدمير منازل ومرافق صحية في المدينة ومخيمات النازحين المحيطة بها.
الدكتورة هنادي النور داؤود جمعة #بت_الفاشر التي سطرت اسمها بأحرف من نور في سجل الشجاعة والكرامة، وجعلت من نفسها رمزاً للانتماء تقبلك الله ان شاء الله يابت السودان pic.twitter.com/aBZrNzNpOO
— الانصرافى (@alainsrafa) April 14, 2025