رغم المحاولات الإسرائيلية المتواصلة في الحصول على "فضل" سقوط رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، إلا أن القناعة السائدة في تل أبيب أنه ليس لديها مبرر لتنسب ذلك لنفسها، وهو الحدث الذي لم يكن للاحتلال أي دور فيه، مما يستدعي من أجهزته الاستخبارية الاستعداد للسيناريو الأكثر ترجيحا لمصير سوريا، والتخوف من "الفوضى" الحاصلة في العراق ولبنان واليمن.

 

وأكد الباحث الاستراتيجي بصحيفة "معاريف" شموئيل روزنر، أن "الإخفاق الاستخباري الإسرائيلي الأخير في عدم توقع سقوط الأسد ليس جديدا، فهناك الكثير من الأحداث التاريخية التي فشلت أجهزة الأمن الإسرائيلية بالتنبؤ بها، فهي لم تتوقع مثلا اندلاع حرب 1973، ولا اتفاق السلام مع مصر في 1978، ولا نهاية الحرب الباردة 1990".

وفشلت أجهزة الأمن الإسرائيلية أيضا بـ"التنبؤ بحرب الخليج الأولى 1991، واتفاقيات أوسلو 1993، والهجوم على البرجين التوأمين في نيويورك في 2001، وفشلت في توقع ثورات الربيع العربي في 2011، وأخيرها فشلت في توقع هجوم حماس في أكتوبر 2023".


وأضاف روزنر،  في مقال ترجمته "عربي21" أن "كثيرين في الاستخبارات الإسرائيلية توقعوا سقوط الأسد، لكنهم لم يستطيعوا تقديم جدول زمني لهذا السقوط، بل اعتقدوا أنه سيحدث في غضون بضعة أشهر مع اندلاع الثورة في 2011، لكن الأمر استغرق في الواقع عقدا ونصف، مما يعني أنه ليس لدى إسرائيل أي سبب لتحمل الفضل في انهيار النظام السوري، وليس لديها سبب لخلق الانطباع بأن ما حدث هو نتيجة مباشرة للضربات التي وجهها لإيران وحزب الله، كما قال بنيامين نتنياهو في مؤتمره الصحفي مؤخرا، وكأن هذه هي الخطة الإسرائيلية".

 وأشار إلى أن "إسرائيل لم تبادر للتحرك لإسقاط الأسد، ولم تؤيد التحرك لإسقاطه، ولم تُبد أي اهتمام خاص بذلك، بل إنها لو أُعطيت قادتها إمكانية الاختيار لفضّلوا تجنب الضغط عليه، وإبقائه في مكانه، وبالتالي فإن كل ما يحصل من احتفالات في تل أبيب يمكن وصفها بأنها "استرجاعية" لما لم يكن لها دور فيه، ولا سيطرة عليه، بل إننا عثرنا على حفلة، وقررنا شرب بعض النبيذ، فقط ليس أكثر".

وأوضح أنه "صحيح أن التحول في سوريا جاء جزئيا بسبب عمليات أخرى حدثت في المنطقة، ولا شك أن الضربات التي وجهها الاحتلال لحزب الله ساهمت فيه، لكن ما ساعد فعلا أن روسيا مشغولة جدًا بأوكرانيا، بجانب انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، مما أجبر إيران على توخي الحذر، وهذا لا علاقة له بإسرائيل، فضلا عن لعبة الحظ التي لعبت دائماً دورا في هجمات مفاجئة من النوع الذي رأيناه في سوريا، وهذه المرة كانت مع الثوار، وانهار جيش النظام بسرعة، فاجأت حتى الإسرائيليين أنفسهم". 

وأشار أن "ما تشهده إسرائيل من احتفالات بسقوط الأسد إنما يتم لأغراض السياسة الداخلية، وإن كان من سبب وجيه لهذه الاحتفالات فهو يتعلق بالإجابة عن سؤال اليوم التالي في سوريا، لأن أول الخيارات الماثلة فيها قيام دولة فاعلة ومنظمة تحت سيطرة العناصر السنية. وهو الخيار المناسب الأقل احتمالا، على الأقل في المدى القصير، وثانيها دولة فاعلة، لكنها معادية للغاية، مما يعني حرباً أخرى".


وأضاف أن "الخيار السوري الثالث، وربما الأكثر ترجيحاً استنادا لتجربة الماضي انتشار حالة الفوضى وحرب العصابات وغياب الحكومة المركزية، ودخول الجماعات المسلحة وفق نماذج ليبيا وأفغانستان والعراق والصومال ولبنان واليمن، وفي مثل هذه الحالة، على إسرائيل أن تقلق من الخيار الرابع المتمثل باحتمالية تعرض الحدود السورية الأردنية للتحدي الأمني، ودخول القوات المسلحة للغرب من الحدود السورية العراقية، وهنا يمكن قراءة قلق إسرائيلي آخر مفاده أن تركيا أصبحت القوة الأقوى في المنطقة، وهذه ليست أخبار جيدة لتل أبيب". 

واستدرك بالقول إنه "صحيح أن تركيا ليست عدواً مريراً وخطيراً ومتطرفاً مثل إيران، لكنها أيضاً ليست دولة لإسرائيل مصلحة في تعزيزها، لأن نفوذها المحتمل داخل سوريا يجعلها أقرب لحدود الاحتلال الإسرائيلي، وتُظهِر تجربة الماضي القريب أن الأتراك لا يجدون صعوبة بدعم الجماعات المسلحة، مثل حماس في غزة، ولذلك لا يبدو أنها تعيد التفكير بعلاقاتها مع الحركة بعد انتهاء حرب غزة، بل على العكس من ذلك، في ضوء التصريحات والأفعال القادمة من أنقرة".

وزعم أن "تركيا، على عكس سوريا، تعتبر نصف إمبراطورية، وإسرائيل تشعر براحة أكبر مع جيران ليسوا إمبراطوريات، وبالتالي فإن الخلاصة الإسرائيلية ليست متشائمة ولا متفائلة، بل حذرة، لأن شيئا غير مخطط له حدث في الشرق الأوسط، مما يجعل من قدرة إسرائيل على صياغة نتائج سقوط الأسد محدودة، لأنها لم تتمكن من هندسة لبنان، أو هندسة الحكم الذاتي الفلسطيني، أو هندسة غزة، وبالتالي فلن تكون قادرة على هندسة سوريا بعد الأسد، ولذلك لا يمكنها الاستمرار في الاحتفال".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإسرائيلية تل أبيب سوريا الاحتلال تل أبيب سوريا إسرائيل الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سقوط الأسد

إقرأ أيضاً:

من الحركات الشيعية إلى السنية.. المحور التركي وحكام سوريا الجدد يقلقلون إسرائيل

ذكر مقال في صحيفة "إسرائيل اليوم"، للكاتبة شيرييت أفيتان كوهين، أن "هناك قلقا في إسرائيل 
من محاولة تركيا لترسيخ وجودها في سوريا ومن أن المحور الإيراني المتضرر سيُستبدل بعوامل راديكالية لا تقل تهديدا على أبوابنا".

ونقلت الكاتبة في مقالها عن مصادر، أن "رئيس الوزراء يعكف على هذا الموضوع منذ سقوط نظام الأسد – ووفقًا لقرار أردوغان بوضع قوة كبيرة في سوريا في الأيام الأخيرة، والبيانات الجديدة التي تظهر الآن تكشف الكثير عن السبب وراء التأهب الإسرائيلي، في عام 2023 فقط، كان عدد عمليات تهريب الأسلحة الأكبر إلى إسرائيل من تركيا".

ويعالج نتنياهو، القضية بعد النتائج الاستثنائية في هيئة المعابر التي أظهرت أنه بالتوازي مع المحور الإيراني للتهريب عبر الأردن إلى الضفة الغربية، هناك أيضا محور واسع جدا عبر تركيا، ومنذ 7 أكتوبر، حيث وقفت تركيا إلى جانب حماس بشكل أكبر، بل إن قادتها يحصلون في البلاد على ملاذ آمن لاستمرار نشاطاتهم، وفق الكاتبة.



كما تعمل في تركيا، جمعيات "الصدقات" التابعة لحماس بلا عائق، التي تجمع الأموال لتمويل أنشطة الإرهاب التابعة للمنظمة منذ سنوات طويلة.

وأوضحت كوهين، أن التهديد التركي-العالمي يواجه إسرائيل في هذه النقطة التي سقط فيها نظام الأسد، وفي سوريا نشأ فراغ قد يجذب تهديدات قديمة-جديدة إلى الجولان.

وقالت، إن وزير النقل كاتس تعامل مع التطورات في سوريا في جلسة لجنة الشؤون الخارجية والأمن التي عقدت يوم الاثنين الماضي، حيث قال في الجزء المغلق إن "السبب الرئيسي لسقوط نظام الأسد هو شعور المتمردين بأن المحور الإيراني قد ضعُف بشكل كبير، وهو شعور دفعهم للتحرك".

وأضاف كاتس: "يجب أن نكون مستعدين لجميع السيناريوهات وأن نمنع نشوء تهديد ملموس على سكان الجولان، لكي لا نعود إلى الواقع الذي كان قبل 7 أكتوبر من خطر غزو الأراضي الإسرائيلية".

وصف وزير الأمن لأعضاء اللجنة العملية التي أدت إلى تنفيذ العملية لتدمير قدرات الجيش السوري بشكل كبير.

وتابعت، أنه "بينما يركز الجيش الإسرائيلي تكتيكيًا على القضاء على القدرات التي كانت لدى جيش الأسد، هناك من يقلق مرة أخرى أن إسرائيل تفوت الاستراتيجية: منع نظام قاتل ذو إيديولوجية نازية من أن ينمو مجددًا على أبوابنا – الأسد-الجولاني-أردوغان – هم نفس الشيء".

وأعرب بعض المسؤولين في المنطقة عن شكوكهم بشأن "الخطاب الأخير المنمق لزعيم المتمردين الجولاني وطلبوا من إسرائيل أن تكون في حالة تأهب بشأن ما سيحدث، ومن بين أولئك الذين يحذرون إسرائيل هم الأكراد والدروز في سوريا، الذين يخشون من الوقوع في يد الأتراك وأتباع الجولاني.
الإمبريالية الأردوغانية"، وفق تعبير كوهين.

وتوجه عضو لجنة الشؤون الخارجية والأمن، النائب عميت هليفي،  مرتين بهذا الموضوع إلى نتنياهو وطلب فحص إمكانية التحرك بشكل نشط لتقسيم سوريا إلى "كانتونات"، وهو موضوع تمت دراسته في قمة جهاز الأمن.

وكتب هليفي إلى نتنياهو: "نحن الآن أمام تهديد واضح بأن تتحول سوريا إلى مركز إقليمي للإسلام الراديكالي ولطموحات الإمبريالية الأردوغانية". وأضاف: "لذا من الضروري أن تقوم حكومة إسرائيل في هذه الأيام بالترويج لعقد مؤتمر دولي من أجل إعادة ترتيب الحدود الدولية داخل سوريا ومع جيرانها، لضمان أمن الدولة ولمنع إنشاء نظام نازي جديد على غرار الإسلام المتطرف".

وقالت كوهين، إنه في ظل التغيرات الدراماتيكية في المنطقة التي قد تؤثر على الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، هناك نافذة زمنية قصيرة لتشكيل الواقع قبل أن يُؤسس نظام أكثر تهديدا على الحدود ويضع نموذجًا خطيرًا قد يتكرر في أماكن أخرى في الشرق الأوسط.



وتم كتابة العديد من الكلمات عن الطموحات الجيو-سياسية والتوسع الإقليمي لنفوذ أردوغان في السنوات الأخيرة، ولكن يمكن ذكر بعض النقاط حول التواجد العسكري لتركيا، التي تشارك عسكريًا في ليبيا وسوريا والعراق، مع السعي لتوسيع وجودها ونفوذها، بحسب الكاتبة.

وأكدت أنه تركيا تسعى للاستحواذ على حقوق الغاز والنفط في شرق البحر الأبيض المتوسط رغم معارضة دول مثل اليونان وقبرص. كما تحاول تركيا مؤخرًا أن تضع نفسها كوسيط في الصراعات الإقليمية مثل الصراع بين أوكرانيا وروسيا وكذلك بين إسرائيل وحماس في قضية الأسرى.

وأوردت حديث رئيس الديمقراطيين يائير جولان الذي قال، "إسرائيل يجب أن تكون مشغولة بأمر أساسي واحد: الهجوم التركي ضد الأكراد في سوريا. إذا تمكن الأتراك من قهر الأكراد، فإن هذا يعني أننا بدلاً من إيران والإسلام الشيعي الراديكالي، سنحصل على تركيا والإسلام السني الراديكالي. يجب على إسرائيل أن تتخذ المبادرة وتستغل القنوات العلنية والسرية لدعم الأكراد. المنطقة الكردية القوية هي أمن لإسرائيل".

مقالات مشابهة

  • إحباط هجوم على قنصلية إسرائيل في نيويورك
  • إحباط محاولة هجوم على القنصلية الإسرائيلية في نيويورك
  • غويتريش يرى بصيص أمل في سوريا ويرفض غارات إسرائيل
  • بوتين: إسرائيل هي المستفيد الأول من أحداث سوريا.. وسألتقي مع بشار الأسد
  • واشنطن تدافع عن هجمات إسرائيل واحتلالها أراض في سوريا
  • مليون إسرائيلي يهرعون إلى الملاجئ وتضرر مبنى لسقوط صاروخ شرق تل أبيب.. فيديو
  • عمرو خليل: مصر حاسمة في إحباط محاولات إسرائيل لتهجير سكان قطاع غزة
  • موندويس: إسرائيل الكبرى ليست خيالا بل مشروع يشق طريقه
  • من الحركات الشيعية إلى السنية.. المحور التركي وحكام سوريا الجدد يقلقلون إسرائيل