أوضحت دار الإفتاء المصرية أن قيام العامل بما كلف به من مهام بموجب العقد المبرم بينه وبين جهة العمل أمر واجبٌ شرعًا، وأما تعمُّد تأجيل بعض الأعمال  المطلوبة منه في وقت العمل الرسمي إلى وقت الساعات الإضافية من أجل حصوله على مقابلٍ لذلك دون عذر تقرره الجهات المختصَّة فحرام شرعًا؛ لما فيه من التحايل وخيانة الأمانة التي اؤتمن عليها، وأكل الأموال بالباطل.

وأكدت الإفتاء أنه ورد النهي عن أكل المال بالباطل في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 92].

حثُّ الشرع الحنيف على العمل والسعي لكسب الرزق الحلال

 

وحثَّ الشرع الحنيف على العمل والسعي لكسب الرزق الحلال؛ لكي يكون المسلم عضوًا فعَّالًا مُنْتِجًا في مجتمعه، عاملًا على توفير حياة كريمة له ولأهل بيته، قال الله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: 20].

قال الإمام النَّسَفِي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (3/ 560، ط. دار الكلم الطيب): [﴿يَضْرِبُونَ﴾: يسافرون، و﴿يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾: رزقه بالتجارة... فسوَّى بين المجاهد والمكتسب؛ لأنَّ كسب الحلال جهاد] اهـ.

وعن المِقْدَام بن مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".

كما جاء الحث على إتقان العمل في قوله تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، وقال تعالى في وصف عباده المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8]، وهذا أمر بالإحسان في كل عمل، والرعاية والحفظ في كل أمانة، وأثنى سبحانه على ممتثل ذلك بوصفه بالإيمان والإحسان، فالعامل المتقن لعمله يثاب على إخلاصه وتفانيه واجتهاده، فهو سبيلٌ لمحبة الله تعالى له، ولذلك ورد في الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» أخرجه الطَّبَرَانِي في "المعجم الأوسط"، والبَيْهَقِي في "شُعب الإيمان"، واللفظ للطَّبَرَانِي.

حكم تأجيل العمل إلى وقت الساعات الإضافية ليكون عملًا إضافيا
وقالت الإفتاء إن العلاقة بين العامل وصاحب العمل تُكَيَّفُ شرعًا على أنها علاقة إجارة، سواء كان العمل عامًّا أي: حكوميًّا أو خاصًّا؛ حيث يقوم العامل بأداء عمل معين ومهام محددة للطرف الآخر في وقت محدد مقابل أجر محدد معلوم بينهما وهذه هي حقيقة الإجارة، إذ تُعرَّف بأنها: عقدٌ على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبَذْل والإباحة بعِوَضٍ مَعلوم.

والذي يضبط تلك العلاقة بين طرَفَيْهَا هو العقد المبرم بينهما وقانون العمل، فيجب على كلٍّ منهما الالتزام بما تضمنه من بنود، والتقيد بما فيه من شروط؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، أي: ما عَقَدَه المرء على نفسه من بيع وشراء وإجارة... وغير ذلك من الأمور، ما كان ذلك غير خارجٍ عن الشريعة، كما جاء في "تفسير الإمام القُرْطُبِي" (6/ 32، ط. دار الكتب المصرية).

ولما ورد عن عمرو بن عَوف المُزَني رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه التِّرْمِذِي في "سننه".

كما أَنَّ تأجيل الأعمال والإبطاء فيها؛ لأجل التحايل على أجرٍ مضاعف يُعدُّ من أكل المال بالباطل؛ ذلك أَنَّ الموظَّف أو العامل قد أهدر وقت الدوام الرسمي دون أن يُنجز عمله دون عذر، وقد ورد النهي عن أكل المال بالباطل في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 92].

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» متفق عليه.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: العمل تأجيل العمل العمل الإضافي حكم تأجيل العمل الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم

إقرأ أيضاً:

سكاف: ثمة زمن جديد على حزب الله تقبل وقائعه وآن الاوان ليكون لنا دولة عميقة

لا شك أن هناك مجموعة خلاصات انتهت إليها الحرب الاسرائيلية على لبنان وما أعقبها من سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والهجمات الإسرائيلية على الحديدة وصنعاء في اليمن والتهديد الإسرائيلي بضرب المنشآت النووية في إيران قبل 20 كانون الثاني. ونقلت صحيفة العدو هآرتس أن مسؤولاً كبيراً في الجيش الإسرائيلي أشار إلى أن سلاح الجو يستعد لما سماها المهمة الكبرى المقبلة. وكشف المسؤول العسكري عن أن المهمة المقبلة قد تحظى بدعم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الجديدة، خصوصا أنها تستهدف إيران. وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الإثنين، بأنه نفذ وعده الذي قطعه منذ عام بتغيير الشرق الأوسط، مؤكدًا أن الأوضاع في سوريا ولبنان وغزة لم تعد كما كانت، مشيرًا إلى أن إيران أيضًا ليست كما كانت في السابق.

ولا شك أيضاً أن الحرب الاسرائيلية على لبنان وما خلفته من شهداء وجرحى فضلا عن الدمار والخسائر التي منيت بها القطاعات الاقتصادية والانتاجية والزراعية والصناعية يفترض أن تكون تبعاتها وتداعياتها محل نقاش سواء على المستوى الداخلي لحزب الله أو على المستوى الوطني أيضاً، فالأوان قد حان لإجراء مراجعة وطنية من المكونات السياسية كافة من أجل الذهاب فعلاً لا قولاً إلى بناء دولة المؤسسات، ومحاكاة التطورات بواقعية، بعيداً عن منطق المكابرة أو الاستقواء.

وفيما يسود وقف هش لإطلاق النار، وسط الخروقات الجوية التي ينفذها العدو الاسرائيلي فوق العاصمة بيروت فضلا عن غاراته التي تطال بلدات جنوبية حدودية،لفت الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار يهدف فقط إلى وقف العدوان، ولا يعني إنهاء المقاومة، حيث يقتصر على المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني. كما أكد في الشأن السوري أن من حق الشعب السوري أن يختار حكومته ودستوره وخياراته، بعدما كان في إطلالة سابقة قدم رؤية الحزب وخارطة الطريق لمرحلة ما بعد الحرب لا سيما في ما خص تسهيل انتخاب رئيس جمهورية ضمن الأطر الدستورية وتحت سقف اتفاق الطائف.

ويعتبر النائب غسان سكاف في حديث لـ"لبنان24" أن خطاب الشيخ قاسم الأخير كان خطاباً موجهاً إلى بيئته الحاضنة وهو لم يتوقف عن المكابرة واعتبار ان ما حققه حزب الله هو انتصار. مكابرة كان يجب ان تستحي من آلاف الضحايا ومئات آلاف المشردين. انه "خطاب نصر بلهجة هزيمة". اما حديثه عن تطبيق القرار الأممي 1701 في جنوب الليطاني فهو محاولة لإبقاء القديم على قدمه فالقرار الدولي في اليمن لم يمنع ايران من تسليح الحوثيين.

في القراءة السياسية لخطابه الأخير مرر الشيخ قاسم ، بحسب سكاف مواقف جديدة:

١- اعتراف بالنظام السوري الجديد وذلك حفاظاً منه على اسقاط الفتنة السنية-الشيعية في لبنان

٢- إشارته ان حزب الله سيكون مسهلاً ومتعاوناً إلى ابعد الحدود لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية في 9 كانون الثاني 2025.

٣- تأكيد التزام حزب الله على تنفيذ القرار 1701 وانسحابه من جنوب الليطاني

اما في ما خص الاستراتيجية الدفاعية،فيشدد سكاف على أنها مهمة الدولة اللبنانية والجيش ،فنحن لا نريد ان يكون جيش لبنان القوي على شاكلة الحشد الشعبي في العراق

يدرك حزب الله اليوم، وفق سكاف، أن ثمة تحولات ستملي عليه في وقت قريب الدخول في مساومات وتفاهمات مع الآخرين بدءاً باختيار مرشح لرئاسة الجمهورية وهو ليس مرشحه والانخراط في الدولة . فزمن فرض الأجندات الخارجية قد ولّى وثمة زمن جديد على حزب الله تقبل وقائعه ومعادلاته والانتقال من مقولة حماية المقاومة إلى مقولة حماية لبنان.

وبالنسبة إلى سكاف، لقد آن الاوان أن يكون لنا في لبنان "دولة عميقة" أي أن تكون المصالح الاستراتيجية للدولة اللبنانية مؤمنة مهما تبدلت الحكومات ومهما كان اسم الرئيس. لقد وصل لبنان في غضون شهرين إلى واقع جديد كلياً ما يحتم إنهاء مفاعيل اتفاق الدوحة في ما خص الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة من دون ثلث معطل. ونحن نسعى إلى توفير مناخ توافقي يوصل الى توافق واسع على مرشح يحظى بأرضية متقدمة داخلياً وخارجياً ويطبق اتفاق الطائف بكل مندرجاته.

وعليه، يمكن القول بحسب سكاف، أن لبنان يشكل جزءاً أساسياً من التسوية المقبلة على المنطقة ضمن المشروع الأميركي لشرق أوسط جديد، ولذلك على لبنان تحصين الاستقرار الداخلي والعمل على منع محاولات زعزعته وذلك بالتزامه تطبيق قرار مجلس الامن 1701 على نحو يعزز صدقيته في الإيفاء بالتزاماته واستعادة سيادته على أرضه. وعلى الرئيس الجديد والحكومة الجديدة أن يحصلان على ضمانات دولية تدعم الاستقرار الداخلي وطرح "الحياد الايجابي" في بداية العهد الجديد المقبل، وعلى اللاعبين السياسيين في لبنان أن يرتقوا إلى مستوى المرحلة الخطيرة التي يمر بها الوطن.
  المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • حكم قراءة القرآن الكريم وكتابته بغير العربية.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح معنى "المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة" في سورة المائدة
  • حكم كتابة القرآن بحروف لاتينية.. الإفتاء توضح
  • سكاف: ثمة زمن جديد على حزب الله تقبل وقائعه وآن الاوان ليكون لنا دولة عميقة
  • حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها.. دار الإفتاء توضح
  • «الإفتاء» توضح حكم توكيل المشتري بالشراء في البيع بالتقسيط
  • متى تكون الشهادة صحيحة ومتى تكون شهادة زور؟.. الإفتاء توضح
  • حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة
  • الحكمة من حفظ الله تعالى للقرآن الكريم