في مسقط رأس آل الأسد.. سكان القرداحة بين الأمل في التغيير والقلق على المصير
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
في مسقط رأس الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، حيث كانت السلطة والنفوذ طيلة عقود ملكًا لعائلة الأسد، بدأ التغيير يظهر في كل زاوية. وعلى جدران الضريح الفخم الذي بُني لاحتواء رفاة الأسد الأب، ظهرت عبارات مناهضة للنظام السابق، كتب فيها المعارضون "يلعن روحك يا حافظ".
بدأ السكان بالتجمع بعد نحو أسبوعين من سقوط النظام بالقرب من المكان الذي كان يضم قبر حافظ الأسد، بعد أن دمره بالكامل مسلحو المعارضة في أعقاب شنَّ هولاء المقاتلين الهجوم الذي أطاح بالنظام، منهين بذلك أكثر من خمسين عامًا من حكم العائلة الحاكمة.
أصبح الضريح، الذي كان يشهد توافد الزوار من مختلف أنحاء سوريا خلال حكم الأسد، مكانًا مهجورًا ومغلقًا أمام سكان القرداحة. وكانت المدينة الواقعة في الجبال المطلة على مدينة اللاذقية الساحلية، قد تحولت إلى منطقة مغلقة في فترة حكم آل الأسد، حيث لم يُسمح لهم بالاقتراب من القصور الفخمة للعائلة الحاكمة.
وعلى الرغم من أن عائلة الأسد كانت تتمتع برفاهية لا نهاية لها، فإن غالبية سكان القرداحة كانوا يعيشون حياة صعبة، إذ كانوا يعتمدون على الأعمال اليدوية والزراعة وأعمال الخدمة المدنية ذات الرواتب المنخفضة.
تم تجنيد العديد من أبناء المدينة في الجيش السوري، ليس بدافع الوطنية، بل لأنهم لم يكن لديهم خيار آخر. وحول هذا الموضوع، قال أحد شيوخ الطائفة العلوية هناك، ديب دايوب: "الوضع كان مختلفًا عما كان يُتصور في باقي أنحاء سوريا."
وبينما رحب كثير من السكان بتغيير الوضع، فإنهم ما زالوا يواجهون تحديات كبيرة. حيث قال بعض الأهالي، مثل السيدة مريم علي، إنه يجب أن يتم القضاء على الطائفية لمنع إراقة الدماء، فيما دعا آخرون مثل المحامي أنيس دايوب، الذي قضى شهورًا في سجون النظام، إلى مصالحة حقيقية بين جميع الطوائف في سوريا.
يثير مصير آلاف من شباب قرداحة الذين خدموا في القوات المسلحة قلقًا كبيرًا، حيث اختفى العديد منهم بعد انهيار الجيش السوري. وظهرت بعض الأسماء لاحقًا في قوائم المعتقلين في مراكز احتجاز تابعة للمعارضة، مما يزيد من حالة التوتر والقلق بين أسرهم ومجتمعهم.
ومع ذلك، بدأت السلطات الجديدة في سوريا بفتح "مراكز المصالحة" في مختلف المناطق، حيث يمكن للجنود السابقين من جميع الطوائف تسجيل أسمائهم وتسليم أسلحتهم للحصول على بطاقة مصالحة تسمح لهم بالتنقل بحرية وأمان في أنحاء البلاد.
المصادر الإضافية • أب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الجولاني يزور مدرسته القديمة في دمشق ويلتقط صورة مع المديرة من ماهر الأسد إلى ماهر الشرع.. تعيين شقيق الجولاني وزيرا للصحة يثير انتقادات شديدة الجولاني يدعو لرفع العقوبات عن سوريا ويؤكد بأنها لن تكون منصة لمحاربة إسرائيل بشار الأسدمحمد البشير الحرب في سورياالجيش السوريهيئة تحرير الشامالمصدر: euronews
كلمات دلالية: ضحايا قصف بشار الأسد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سوريا عيد الميلاد ضحايا قصف بشار الأسد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سوريا عيد الميلاد بشار الأسد محمد البشير الحرب في سوريا الجيش السوري هيئة تحرير الشام ضحايا قصف بشار الأسد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سوريا عيد الميلاد إسرائيل روسيا قطاع غزة ريو دى جانيرو أوكرانيا البرازيل یعرض الآن Next فی سوریا
إقرأ أيضاً:
فيديو.. إفطار جماعي يعيد الأمل لأهالي كفرشوبا جنوب لبنان
جنوب لبنان- لم تُثن الحرب التي امتدت أكثر من عام في قرى جنوب لبنان، بكل ما خلفته من دمار وخراب، أهلها عن استقبال شهر رمضان بروح لا تنكسر. ففي كفرشوبا، البلدة التي غيرت آلة الحرب الإسرائيلية ملامحها، وقف أهلها، نهاية الأسبوع الماضي، وسط الأنقاض وأصروا على إحياء شعائرهم الرمضانية كأنهم يؤكدون للعالم أن الحياة تستمر حتى في حضرة الدمار.
في مشهد يجمع بين الألم والصمود، اجتمع عشرات الشباب من اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان لإطلاق مبادرة "رمضان.. وعد جديد"، حيث دعوا أهالي البلدة إلى إفطار جماعي وسط أطلال ساحتها التي دمرت بالكامل.
لم تكن الطاولات مزينة كما اعتادوا، بل امتدت بين أنقاض المسجد المدمر وركام مبنى البلدية الذي سُوي بالأرض بالصواريخ، ورغم كل ذلك، فإن المكان أُضيء بروح رمضان والذين رفضوا أن تُطفئ الحرب أنوار الشهر الفضيل.
وسط الأعمدة الحديدية المنهارة، والجدران المتشققة، والنوافذ التي فقدت زجاجها، والأسلاك المتدلية بين حجارة الإسمنت المتناثرة، افترش الأهالي طاولات امتدت في خط طويل، استوعبت أكثر من 400 صائم، اجتمعوا للإفطار على موائد صنعتها الإرادة، لا الرفاهية، كأنهم يعيدون للحياة نبضها وسط الخراب، وكأن أصواتهم المتشابكة وهم يتناولون الطعام معا تهمس للعالم "ما زلنا هنا، وما زال رمضان يعبر إلينا رغم الحرب".
لم يكن المشهد غريبا على أهالي كفرشوبا فقد اعتادوا ملامح الخراب، لكن ما ألفوه أكثر كان إصرارهم على الاحتفال برمضان، كما لو أن الحرب لم تمر يوما، كان صوت الأذان يصدح بين الأنقاض، يتردد صداه فوق الركام، ليعلن أن هذا الشهر المبارك يظل حاضرا مهما بلغت قسوة الأيام.
بعد الإفطار، علت أصوات الأناشيد الدينية، واختلطت بضحكات الأطفال التي نجت من أصداء الحرب. في زاوية المسجد المدمر، افترش المصلون الأرض وأقاموا صلاتهم على ما تبقى من محرابه، ليؤكدوا أن رمضان في كفرشوبا ليس مجرد شهر للصيام بل قصة صمود ترويها حجارة المسجد المهدم، وأنه ليس مجرد طقوس دينية بل رسالة مقاومة تمتد إلى كل من يعتقد أن الحرب يمكن أن تسرق الحياة.
يواصل العاملون في اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان جهودهم لدعم أبناء البلدات الحدودية، ويؤكد مصطفى صلاحات، مدير البرامج في الاتحاد، للجزيرة نت "نحضر اليوم في كفرشوبا لإفطار جماعي يجمع أهالي البلدة وسط الركام، تم تجهيز كل ما يلزم من إضاءة وأنشطة مخصصة للأطفال لنخلق أجواء دافئة رغم قسوة الظروف".
إعلانوتسعى هذه المبادرة -وفقا له- إلى تعزيز التواصل مع الأهالي الذين اختاروا البقاء في بلدتهم أو العودة إليها رغم الدمار الذي خلفته الحرب، ويتابع "المبادرة في جوهرها تحمل رسالة قوية عن روح الصمود والتشبث بالأرض، مؤكدة أن الجرح العميق الذي خلفته الحرب لن يطفئ عزيمة أبناء هذه الأرض".
من جانبها، تضيف مايا عبيد، اختصاصية "السوشيال ميديا" في هذا الاتحاد، للجزيرة نت: "نقيم اليوم إفطارا يستهدف نحو 400 شخص وأكثر من 100 طفل وطفلة، وهو جزء من حملتنا الرمضانية، وسنواصل تنظيم مزيد من الإفطارات حتى نهاية الشهر الفضيل لنمنح الناس جرعة أمل، ولتأكيد صمود أهالي الجنوب في وجه الدمار الذي خلفته الحرب".
أما علي نور الدين، المشرف على تنظيم الإفطار، فيصف المشهد للجزيرة نت قائلا "ما نشهده اليوم هو محاولة لإعادة الحياة إلى قرى جنوب لبنان المدمرة، نحن اليوم في منطقة كفرشوبا على الحدود مع فلسطين المحتلة، في الأمس كنا في بلدة الوزانة، وفي كل مرة نواصل مهمتنا في إعادة الحياة إلى الأهالي الذين عانوا طوال سنة ونصف سنة من آثار الحرب".
وبإصرار وعزيمة، يتحدث مختار كفرشوبا أحمد دياب للجزيرة نت قائلا "نحن باقون وسنمضي مهما حصل، نحن هنا بين الردم والأنقاض في بلد منكوب من هذا العدو الغاشم، لكن لم نقهر، وسنبقى هنا في هذه الأرض، ولن نتركها رغم كل الدمار".
وسط مشهد الدمار، تتنوع الشهادات التي يرويها الأهالي، كل واحدة تحمل جزءا من القصة الجماعية لأناس فرضت عليهم الحرب أن يعيشوا تحت ظلال الخراب، لكنهم لا يزالون متمسكين بأرضهم ووجودهم.
يقول حسن، أحد سكان البلدة، للجزيرة نت "لقد فقدنا كثيرا من أحبائنا ومنزلنا الذي كان ملاذا لنا، لكننا لا نزال هنا، نعيش وسط الأنقاض لكننا نرفض الرحيل، لن نترك أرضنا مهما حدث".
من جانبها، تقول فاطمة، إحدى الأمهات في البلدة، "في كل زاوية من كفرشوبا، ثمة قصة ألم وحزن، لكن هناك أيضا قوة لا مثيل لها، رغم كل شيء الأطفال يعودون للعب في الشوارع الضيقة، في محاولة لاسترجاع بعض من طفولتهم التي سرقتها الحرب، نحن نعيد بناء حياتنا بالدموع والصمود".
أما يوسف، وهو شاب في العشرينات من عمره، فيقول للجزيرة نت "عندما تعرضت البلدة للقصف، كنت أعتقد أننا سنفقد كل شيء، لكننا اليوم نعيد بناء كفرشوبا بكل ما أوتينا من قوة، الحياة لم تتوقف ونحن نبني بأيدينا ما دمرته الحرب".
إعلانمن ناحيته، يضيف أبو علي -وهو أحد كبار السن في البلدة- للجزيرة نت "لقد عشت في كفرشوبا طوال حياتي، رأيت كل شيء من لحظات الفرح إلى الأوقات الصعبة. اليوم -رغم الخراب- نحن مستعدون للبدء من جديد، ستعود الحياة إلى قريتنا مهما طال الزمن".
من جهتها، تعبر أم علي، إحدى سكان كفرشوبا، عن حزنها وألمها وهي تتذكر ما خلفته الحرب من دمار وتهجير، قائلة للجزيرة نت "جئنا لنرى كيف دمرت إسرائيل بلدنا، وكيف تهجرنا، الأطفال بكوا من القهر، ومررنا بمعاناة كبيرة، ولكن هكذا أراد الله، والله ينتقم منهم كما فعلوا في ضيعتنا".