كاتب أميركي: الجمع بين رأيي بايدن وترامب مهم لنا في سوريا
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
لم تكد طائرة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد تهبط في موسكو حتى اندلع جدل داخل أروقة الحكومة الأميركية وجماعات الضغط (اللوبيات) وأجهزة الإعلام حول ما ينبغي للولايات المتحدة أن تفعله في سوريا.
وكتب ستيفن كوك، الباحث في دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، في عمود الرأي بمجلة فورين بوليسي، أنه لم يتفاجأ بهذا الجدل الذي بدأ بعد نشر الرئيس المنتخب دونالد ترامب مدونة على وسائل التواصل الاجتماعي أكد فيها أن "سوريا ليست معركتنا".
وتزامن ذلك تقريبا مع تصريح للرئيس الحالي المنتهية ولايته جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستعمل مع شركائها والأطراف المعنية في سوريا لمساعدتها على اغتنام الفرصة لإدارة المخاطر التي تواجهها.
الجمع بين الرأيينومن وجهة نظر كاتب المقال، فإن واشنطن بحاجة إلى الجمع بين وجهتي نظر الرئيسين المنتهية ولايته والمنتخب من أجل وضع إستراتيجية معقولة للشرق الأوسط، خاصة أنهما -بتصريحاتهما تلك- قدما خطوطا تقريبية عريضة لكيفية تعامل الولايات المتحدة "بشكل لائق" مع سوريا.
وما إن ظهرت مدونة ترامب وتصريح بايدن حتى بدأ المعلقون في تحليلهما، إذ رأى بعضهم أن انتهاج سياسة على نحو ما اقترحه الرئيسان قد يضيع "فرصة تاريخية" من واشنطن، لأن التلميحات المبكرة للإدارة الجديدة تشي بأنها ستتوخى "الشمولية والاستقرار" في تعاملها مع الشأن السوري، وفق مقال فورين بوليسي.
إعلانوجادل معلقون آخرون -بحسب كوك- بأن سياسة عدم التدخل الأميركية في الحرب السورية هي التي ساعدت في إطالة أمد معاناة السوريين على مدار 13 سنة.
ويفترض الباحث الأميركي في مقاله أن هذا هو السبب الذي جعل صانعي السياسات يرون أنه من الضروري أن تساعد الولايات المتحدة في ضمان انتقال سلس ومستقر في دمشق.
فكرة حمقاءلكنه يعتقد، مع ذلك، أن الاقتراح بأن يكون للولايات المتحدة دور ما في صياغة نظام جديد في سوريا هي "فكرة حمقاء"، لأنها "لا تستند إلى أي رؤية أو فهم معين لتلك الدولة، بل بالأحرى إلى عادات بعض أفراد مجتمع السياسة الخارجية الذين يجدون صعوبة في تصديق أن أميركا لا تملك حلا لكل مشكلة تقريبا".
فإذا كانت رسالة ترامب بأن سوريا "ليست معركتنا"، تعني -وفق تفسير كوك لها- أن على الولايات المتحدة ألا تتورط في تشكيل السياسة السورية، فإن تصريحه يعد أكثر حكمة مما قد يصدع به منتقدوه.
وحول التقارير الصحفية التي تحدثت عن تصريحات القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بشأن الأقليات، وتأكيده أن سوريا لكل السوريين، فقد قال كوك إن الشرع آثر الابتعاد عن تنظيم الدولة وتأسيس هيئة تحرير الشام، التي تجنبت بالفعل بعض أسوأ تجاوزات التنظيم.
خبر سارإن الخبر السار في سوريا -كما يبشر الباحث الأميركي في عموده بفورين بوليسي- هو أن "أسوأ" أتباع بشار الأسد ومموليه قد غادروا إلى روسيا ودول أخرى، ولكن لم يرحل الجميع، وربما لا ينزوي بالضرورة أنصار النظام الأقل شهرة إلى غياهب النسيان في صمت مع تبلور النظام السياسي الجديد.
ومن المهم -برأي كوك- لفت الانتباه إلى أن معظم عمليات الانتقال إلى الديمقراطية تفشل، فإن التنوع العرقي والديني في سوريا يضفي على التحول إلى نظام ديمقراطي قدرا من الصعوبة مما يجعل النتيجة "غير مبشرة كثيرا".
وحسب الكاتب، فإن احتمال أن تنزلق سوريا إلى حالة من عدم الاستقرار مع انتهاز من وصفهم بـ"المتطرفين" حدوث فراغ في السلطة، يجعل مهمة القوات الأميركية في تلك الدولة، والبالغ عددها 900 جندي، "أكثر إلحاحا" مما كانت عليه قبل بضعة أشهر فقط.
إعلانويعتقد كوك أن سحبهم الآن، في لحظة عدم الاستقرار القصوى في سوريا، سيكون نوعا من الحماقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
NYT: كيف عزّز ترامب انعدام الثقة ودفع حلفاء الولايات المتحدة بعيدا؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مقالا، للصحفي داميان كيف، قال فيه إنّ: "من الصعب جدا بناء الثقة، ومن السهل تدميرها. وتعيش أمريكا وشركاؤها اليوم في دوامة من انعدام الثقة".
وبحسب المقال الذي ترجمته "عربي21" فإنّه: "طُوّرت طائرة إف-35، وهي مقاتلة من الجيل الخامس، بالشراكة مع ثماني دول، ما يجعلها نموذجا للتعاون الدولي. عندما قدّم الرئيس ترامب خليفتها، طائرة إف-47، أشاد بنقاط قوتها - وقال إن مزايا النسخة المباعة للحلفاء ستُخفّض عمدا، مبيّنا أن ذلك منطقي "لأنه يوما ما قد لا يكونون حلفاءنا".
وتابع: "بالنسبة للعديد من الدول المتمسّكة بالولايات المتحدة، أكد تصريحه استنتاجا ذا صلة: أنه لم يعد بالإمكان الوثوق بأمريكا. حتى الدول التي لم تتأثر بشكل مباشر بعد، تستطيع أن ترى إلى أين تتجه الأمور، حيث يهدد ترامب اقتصادات حلفائه، وشراكاتهم الدفاعية، وحتى سيادتهم".
وأضاف: "في الوقت الحالي، يتفاوضون لتقليل الألم الناجم عن الضربة تلو الأخرى، بما في ذلك جولة واسعة من الرسوم الجمركية المتوقعة في نيسان/ أبريل. لكنهم في الوقت نفسه يتراجعون. استعدادا لأن يصبح الترهيب سمة دائمة للعلاقات الأمريكية، ويحاولون اتباع نهجهم الخاص".
وتابع: "بعض الأمثلة على ذلك: أبرمت كندا صفقة بقيمة 4.2 مليار دولار مع أستراليا هذا الشهر لتطوير رادار متطور، وأعلنت أنها تُجري محادثات للمشاركة في التعزيزات العسكرية للاتحاد الأوروبي".
"تُعيد البرتغال ودولٌ أخرى في حلف الناتو النظر في خطط شراء طائرات إف-35، خوفا من السيطرة الأمريكية على قطع الغيار والبرمجيات" وفقا لمثال آخر، وأيضا: "تسارعت وتيرة المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة والتكنولوجيا بين الاتحاد الأوروبي والهند فجأة بعد سنوات من التأخير".
وفي مثال آخر: "لا تُعزز البرازيل تجارتها مع الصين فحسب، بل تُجريها بالعملة الصينية، مُهمّشة بذلك الدولار"، وأيضا: "في العديد من الدول، بما في ذلك بولندا وكوريا الجنوبية وأستراليا، أصبحت المناقشات حول إمكانية بناء أو تأمين الوصول إلى الأسلحة النووية لحماية نفسها أمرا شائعا".
ووفقا للمقال: "كان هناك أصلا قدرٌ من التباعد عن الولايات المتحدة، إذ ازدادت دولٌ أخرى ثراء وقدرة، وانخفض اقتناعها بأن الدور الأمريكي المحوري سيدوم. لكن الأشهر القليلة الماضية من عهد ترامب الثاني قد عززت هذه العملية".
وأضاف: "يساعد التاريخ وعلم النفس في تفسير السبب. فإنّ قليل من المؤثرات القوية وطويلة الأمد على النواحي الجيوسياسية لها مفعول كما هو الحال في انعدام الثقة، وفقا لعلماء الاجتماع الذين يدرسون العلاقات الدولية. فقد أفسد انعدام الثقة مرارا وتكرارا المفاوضات في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأبقى توترات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي مشتعلة لعقود".
"يجادل من يُسمّون بالواقعيين -الذين يرون العلاقات الدولية على أنها صراعٌ غير أخلاقي بين دول ذات مصالح ذاتية- بأن الثقة يجب أن تُقيّم دائما بتشكك، لأن الإيمان بالنوايا الحسنة أمرٌ محفوفٌ بالمخاطر" وفقا للمقال نفسه الذي ترجمته "عربي21".
وأردف: "لكن ترامب أثار أكثر من مجرد شكوك حذرة. قوبل انعدام ثقته بحلفائه، والذي يتجلى في اعتقاده بأن مكاسب الآخرين خسائرٌ لأمريكا، بالمثل. ما خلقه هذا الأمر مألوفٌ -دوامة انعدام الثقة. إذا كنت تعتقد أن الشخص الآخر (أو الدولة) غير جدير بالثقة، فأنت أكثر عرضة لخرق القواعد والعقود دون خجل، كما تُظهر الدراسات، ما يعزز عدم ثقة الشريك، مما يؤدي إلى المزيد من العدوان أو تقليل التفاعل".
وفي السياق ذاته، كتب عالم النفس بجامعة أوريغون، بول سلوفيك، في دراسة رائدة عام 1993 حول المخاطرة والثقة والديمقراطية: "الثقة هشة؛ عادة ما تُبنى ببطء، ولكن يمكن تدميرها في لحظة، بحادث أو خطأ واحد"، مؤكدا: "في حالة ترامب، يُشير حلفاؤه إلى هجوم مُستمر".
وتابع: "أذهلت تعريفاته الجمركية على الواردات من المكسيك وكندا، والتي تجاهلت اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية التي وقّعها خلال ولايته الأولى، جيران أمريكا".
وأضافت: "كانت تهديداته بجعل كندا ولاية أمريكية وإرسال الجيش الأمريكي إلى المكسيك لملاحقة عصابات المخدرات تدخلات صارخة في السيادة، لا تختلف عن مطالبه بغرينلاند وقناة بنما. إن إلقاء اللوم على أوكرانيا في الحرب التي أشعلتها روسيا زاد من نفور الحلفاء، مما دفعهم إلى التساؤل: هل الولايات المتحدة تدافع عن الديكتاتوريين أم عن الديمقراطية؟".
وأردفت: "بسرعة نسبية، أدركوا أنه حتى لو كانت مقترحات ترامب الأكثر وقاحة -مثل تحويل غزة إلى ريفييرا شرق أوسطية- مجرد خيالات، فإنّ خطوط التوجهات تشير إلى نفس الاتجاه: نحو نظام عالمي أقل شبها بالألعاب الأولمبية وأكثر شبها بلعبة: القتال النهائي".
وأكدت: "ربما لا توجد دولة أكثر صدمة من كندا. فهي تشترك مع الولايات المتحدة في أكبر حدود غير محمية في العالم، على الرغم من التفاوت الكبير في القوة العسكرية بينهما. لماذا؟ لأن الكنديين كانوا يثقون بأمريكا. أما الآن، فهم لا يثقون بها إلى حد كبيرش"؛ فيما صرّح رئيس وزراء كندا، مارك كارني، الخميس، بأن علاقة بلاده التقليدية مع الولايات المتحدة قد "انتهت".
وقال أستاذ الشؤون العالمية بجامعة تورنتو، برايان راثبون: "لقد انتهك ترامب الافتراض الراسخ في السياسة الخارجية الكندية، بأن الولايات المتحدة دولة جديرة بالثقة بطبيعتها"؛ مضيفا: "هذا يُهدد بشدة المصالح الكندية الأساسية في التجارة والأمن، مما يدفعها إلى البحث عن بدائل".
وأكد: "تُعتبر الوطنية الاقتصادية جديدة بعض الشيء على كندا، لكنها أدت إلى ظهور حركة "اشترِ المنتجات الكندية" التي تحث المستهلكين على تجنب المنتجات والأسهم الأمريكية. كما يُلغي الكنديون العطلات الأمريكية بأعداد كبيرة".
ولفت إلى أنّ: "الأهم من ذلك على المدى البعيد، أن تهديدات ترامب قد شكّلت إجماعا مفاجئا حول سياسة كانت مثيرة للجدل أو تم تجاهلها: وهي أن على كندا بناء خطوط الأنابيب والموانئ وغيرها من البنى التحتية من الشرق إلى الغرب، وليس من الشمال إلى الجنوب، لتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة وتوجيه مواردها إلى آسيا وأوروبا".
وأردف: "أوروبا متقدمة في هذه العملية. بعد الانتخابات الأمريكية، أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقية تجارية مع دول أمريكا الجنوبية لإنشاء واحدة من أكبر المناطق التجارية في العالم، وسعى إلى توثيق العلاقات التجارية مع الهند وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية والمكسيك".
"كما تُعطي اليابان، أكبر حليف لأمريكا في آسيا، الأولوية للأسواق الجديدة في دول الجنوب العالمي، حيث تُقدم الاقتصادات سريعة النمو، مثل فيتنام، عملاء جدد" تابع التقرير نفسه.
وقال أستاذ السياسة الدولية والأمن في جامعة كيو في طوكيو، كين جيمبو: "نشأ تصور في اليابان مفاده أنه يتعين علينا بالتأكيد تغيير محفظة استثماراتنا". مردفا أنه "بالنسبة للإدارة الحالية والإدارة التي تليها، علينا تعديل توقعاتنا من التحالف الأمريكي".
ولفت إلى أنّه: "على الصعيد الدفاعي، يُعد ما يُطلق عليه البعض "نزع الطابع الأمريكي" أكثر صعوبة. وينطبق هذا بشكل خاص على آسيا، حيث لا يوجد ما يُعادل الناتو، وأدّى الاعتماد على الدعم الأمريكي إلى إعاقة جيوش الدول التي وعدت الولايات المتحدة بالدفاع عنها (اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين)".
إلى ذلك، كان وزير الدفاع، بيت هيغسيث في مانيلا، يوم الجمعة، واعدا بإعطاء الأولوية الحقيقية لهذه المنطقة والتحول إليها. لكن العديد من شركاء أمريكا يعملون الآن معا بدون الولايات المتحدة، ويوقّعون اتفاقيات وصول متبادلة لقوات بعضهم البعض، ويبنون تحالفات جديدة لردع الصين قدر الإمكان.
وأبرز التقرير: "أوروبا أيضا على بُعد سنوات من القدرة على الدفاع عن نفسها بشكل كامل دون مساعدة الأسلحة والتكنولوجيا الأمريكية. ومع ذلك، ردا على رسوم إدارة ترامب الجمركية وتهديداتها وازدرائها العام -كما في محادثة سيغنال المسربة التي وصف فيها هيغسيث أوروبا بأنها "مثيرة للشفقة" -أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن خطط لزيادة الإنفاق العسكري. ويشمل ذلك برنامج قروض بقيمة 150 مليار يورو لتمويل الاستثمار الدفاعي".
كذلك، أبرز التقرير: "يتعاون الاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، بشكل متزايد مع دولتين غير عضوين، هما بريطانيا والنرويج، في الدفاع عن أوكرانيا وغيرها من الأولويات الدفاعية الاستراتيجية".
واسترسل: "بالنسبة لبعض الدول، لا يكفي أي من هذا. صرح رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، للبرلمان في أوائل آذار/ مارس أن بولندا ستستكشف إمكانية الحصول على أسلحة نووية، خوفا من عدم إمكانية الوثوق بترامب للدفاع الكامل عن دولة زميلة في حلف شمال الأطلسي". فيما قال توسك: "هذا سباق نحو الأمن".
وفي شباط/ فبراير، صرّح وزير خارجية كوريا الجنوبية، تشو تاي يول، للجمعية الوطنية بأن بناء الأسلحة النووية "ليس مطروحا على الطاولة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه غير مطروح أيضا". ووفقا لبعض التقديرات، تمتلك كل من كوريا الجنوبية واليابان المعرفة التقنية اللازمة لتطوير أسلحة نووية في أقل من شهرين.
وقال الدبلوماسي السنغافوري السابق، بيليهاري كاوسيكان، إنّ: "القليل من عدم الثقة يمكن أن يؤدي إلى حذر صحي"، مشيرا إلى أنّ: "آسيا كانت متشككة في أمريكا منذ حرب فيتنام. وقال إن النتيجة النهائية لعهد ترامب قد تكون: عالما أكثر تنوعا، مع مساحة أكبر للمناورة، والولايات المتحدة أقل هيمنة".
وأكّد: "لكن في الوقت الحالي، ينتشر انعدام الثقة". قال الخبراء إنّ: "الأمر سيستغرق سنوات وسلسلة من جهود بناء الثقة المكلفة لجمع أمريكا مع حلفائها، الجدد والقدامى، على المدى الطويل".
قالت عالمة السياسة في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، والتي ألّفت كتابا عن دور انعدام الثقة خلال الحرب الباردة، ديبورا ويلش لارسون: "من الصعب بناء الثقة، ومن السهل فقدانها"؛ مضيفة: "إن انعدام الثقة في نوايا الولايات المتحدة ودوافعها يتزايد يوما بعد يوم".