إرث العطاء حملة تعزز الوعي بأهمية التبرع بالأعضاء في نزوى
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
أطلقت الرابطة العمانية لزراعة الأعضاء فعاليات الحملة التوعوية "إرث العطاء" في ولاية نزوى، التي ستستمر على مدى يومين، وتضم مجموعة من الأنشطة الهادفة إلى تعزيز الوعي بأهمية التبرع بالأعضاء وزراعتها.
تهدف الحملة إلى تسليط الضوء على الفوائد الصحية والاجتماعية التي تعود على المرضى والمجتمع من خلال هذا العمل الإنساني النبيل.
وانطلقت الفعالية من خلال ندوة توعوية أقيمت في قاعة الدراسات والبحوث بمستشفى نزوى، بحضور الدكتور علي بن زايد البوسعيدي، مدير مستشفى نزوى، وعدد من الكوادر الطبية، وقدمت الندوة مجموعة من ورقات العمل التي تناولت مختلف جوانب التبرع بالأعضاء وزراعتها.
الورقة الأولى قدمتها الدكتورة نيفين بنت إبراهيم الكلبانية، استشاري أول أمراض وزراعة الكلى للأطفال، تحت عنوان "كلية للبيع - لا لتجارة الأعضاء"، تناولت فيها مخاطر تجارة الأعضاء غير المشروعة، مشيرة إلى أنها تشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان، كما استعرضت الآثار السلبية والنفسية لتجارة الأعضاء، من خلال قصص واقعية من مجتمعات مختلفة، موضحة الأضرار الاجتماعية والجسدية لهذه الممارسة، كما سلطت الضوء على التحديات الأخلاقية التي تواجه المجتمعات نتيجة استغلال الفقراء في تجارة الأعضاء، مع استعراض القوانين المحلية والدولية التي تُجرّم هذه التجارة وتدعم التبرع الطوعي والآمن.
أما الورقة الثانية فقدمتها الدكتورة زيانة الحضرمية، استشاري زراعة الكلى في المدينة الطبية الجامعية، بعنوان "رحلة زراعة الكلى بين التحديات والمخاوف"، وسلطت الضوء على مراحل زراعة الكلى بدءًا من التشخيص وحتى إجراء العملية وما بعدها، كما تناولت أبرز التحديات والمخاوف التي يواجهها المرضى والكوادر الطبية، وأكدت أهمية الدعم النفسي والتوعوي للمرضى لتسهيل رحلتهم نحو التعافي.
والورقة الثالثة التي قدمها الدكتور خلفان بن سنان الشعيلي من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، تناولت الجانب الشرعي والديني للتبرع وزراعة الأعضاء.
وأوضح الدكتور الشعيلي الأحكام الشرعية التي تُجيز التبرع بالأعضاء، مؤكدًا أن هذا العمل يعد من صور التكافل الإنساني، ويسهم في حفظ النفس، وهو أحد المقاصد العليا للشريعة الإسلامية، كما شدد على أهمية تعزيز الوعي الديني لدى المجتمع لدعم ثقافة التبرع بالأعضاء.
تتضمن الحملة مجموعة من الأنشطة التوعوية التي ستنظم في مواقع متعددة تشمل سوق نزوى، وحارة العقر، وقلعة نزوى. وتهدف هذه الأنشطة إلى تعزيز التفاعل المجتمعي مع قضية التبرع بالأعضاء، بالإضافة إلى هاكاثون "إرث العطاء" الذي يقام في محيط قلعة نزوى، كما تُنظم جلسات تعريفية للجمهور حول أهمية اتخاذ قرار التبرع بالأعضاء كخطوة إنسانية تُسهم في إنقاذ حياة الآخرين تحت شعار "تبرعك بالأعضاء يبدأ بقرار شجاع منك"، مما يبرز الدور الفعّال لكل فرد في تحسين حياة المرضى الذين يعانون من الفشل العضوي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التبرع بالأعضاء التی ت
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 44 من سورة الأنعام: “فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ”.
يبين الله تعالى بعض سننه في تقدير إنعاماته على الناس، وهي أن عطاء الله لبعض خلقه ليس بالضرورة مكافأة على حسن عملهم، بل قد يكون للكافرين امدادا فيوغلوا بالضلالة، وهكذا يصبح عقوبة لأنه أعشى عيونهم عن الهدى، فيحق عليهم العذاب.
لقد أنبأنا بأنه لعدالته، فعطاؤه عام لكل خلقه ابتداء، بغض النظر عن طاعة المخلوق أو عصيانه: “كُلًّا نُمِدّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاء رَبّك وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّك مَحْظُورًا” [الإسراء:20]، ثم يتفضل على من يشاء من الشاكرين منهم بفضله زيادة أو انقاصا، بقصد الإبتلاء والتمحيص، وأما الجاحدون المنكرون لفضله، فعقوبته لهم أنه يحرمهم من فرصة التوبة، التي تؤهلهم لنوال مغفرته وثوابه في الآخرة.
من خلال التفكر في هذه الآية، يمكننا الإلمام بشيء من الحكمة في تصريف الأمور التي تتم في الحياة الدنيا، وكيف أن هنالك ارتباط لها بالحياة الآخرة ومنها:-
1 – إن عطاء الله لعباده أصلا منتج ابتدائي لكرم الخالق، فهو ليس مثوبة ولا عقوبة.
2 – هذا العطاء يكون على وجهين أساسي: وهو شامل للنعم المعطاة للجميع كالحياة والعقل وكمال الوظائف الجسدية، والإنتفاع بالجوارح والحواس ..الخ، والوجه الثاني تخصيصي لبعض دون آخرين وبدرجات متعددة، مثل الإمداد بالمال والبنين والجاه والعلم والمواهب ..الخ.
3 – في العطاء الأساسي الشمولي، لا يشترط التساوي، وهذا التمايز الظاهري من أجل إظهار قيمة النعم الممنوحة لكن ذلك لا ينتقص من العدالة الإلهية المطلقة، فقد يتم التعويض في الفوارق في أمور أخرى، إنما كان التباين للتنبيه، فلا يحس المرء بمدى نفع النعمة إلا حين نقصها.
4 – في العطاء التخصيصي، قد لا يمكن الالمام بكل الحكمة العميقة حتى لأولي الألباب، بل ببعضها والظاهر منها، ويكون على أبواب كثيرة منها:
أ- عطاء دنيوي جزاء الإخلاص في العمل وبذل الجهد، مثل المجد والمردود المادي الذي يناله العالِم والمخترع والحاكم العادل والمصلح الإجتماعي، حتى لو كان غير مؤمن، وهذه مكافأة لمن نفع الناس أو أزال عنهم ضررا، لكن أثرها يبقى في الدنيا ولا ينفعه في الآخرة: “وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ” [الشورى:20]
ب – وهنالك جزاء في الآخرة فوق جزاء الدنيا لمن يفعل كل ذلك وهو مؤمن ويبتغي به وجه الله “وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ” [آل عمران:145].
ج – عطاء الدنيا قد يكون جزاء من جنس العمل، مثل البركة في المال أو زيادة الدخل لمن ينفق على عياله أويتصدق على غيره، وقد يكون في غير جنسه، مما قد يكون المرء بحاجة إليه ولا يحل المال مشكلته، كالشفاء من العلل “داوو مرضاكم بالصدقة” [حديث شريف]، أو بالنجاة من حادث، أو بمخرج من ضيق، أو التوفيق في العمل، أو صلاح الذرية، أو الذكر الحسن.
د – ليس شرطا تلازم العطاء مع الفعل الحسن، فالتوقيت يقدره الحكيم الخبير، ولأنه علام الغيوب فتقديره فيه الخير للعبد أكثر من تقدير العبد ذاته.
5 – كل ما سبق ذكره من عطاء الله خير ومثوبة، أمّا ما جاء ذكره في هذه الآية الكريمة فهو العطاء الخطير، وهو أن يمد الله للعاصين والظالمين والطغاة، حتى يتمادوا في غيهم ويظنوا أن الله غافل عما يفعلون، فيصلوا الى نقطة لا يمكنهم فيها العودة عن ضلالهم، فيكونوا قد استحقوا العقاب.
إن الله لا يكره أحدا من خلقه، بل يكره التوجه الى الضلال بعد تبين الهدى، لذلك يمقت أفعال الضالين وليس أشخاصهم، ولو علم في أحدهم خيرا لهداه ولفرح باهتدائه، لكنه يعلم أن دخاءلهم فاسدة، ولو تاب عليهم لعادوا لما نهوا عنه، هؤلاء يكره اختلاطهم بالصالحين، فلا يهديهم ولا يصلح بالهم، مثلما كره انبعاث المنافقين في غزوة العسرة فثبطهم، فخسروا فرصة التوبة وانكشف زيفهم للمؤمنين.
لذلك فالخاسر الأكبر هو المنافق الذي يعتقد أنه بنجاحه بإخفاءه عداءه لمنهج الله عن الناس قد نجى، فالله قد يكون مد له ليتمادى، ليستحق عقابه الأليم.