التطور السوري هل يعيد بناء التحالفات في المنطقة؟
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
طوال العقد الماضي، لم تهنأ أنظمة الحكم العربية حتى أخرجت الفاعلين الجدد القادمين من خارج نسقها السلطوي من منظومة الحكم العربي، لكن قبل أن تطمئن إلى استتباب أوضاعها نهائيا، جاء الزلزال السوري ليغير القواعد ويقلب الموازين في المنطقة، في طريقه إلى إعادة تشكيل المعادلات السابقة ومخرجاتها.
في تلك الأثناء، ثمة معادلة كان يُراد تثبيتها أبديا في المنطقة، تقوم على ضلعين: الأول، أن حكم الانظمة الحالية مثل القدر لا يمكن الخروج منه أو التغلب عليه.
يجب ألا ننكر أنه في السنوات الأخيرة باتت المحاولات التي تبذلها بعض الأطراف الساعية للتغيير مجرد أحلام هواة وحتى حفلات تعذيب، راحت تنفض الجماهير من حولها، فالجدران باتت عالية بينها وبين الوصول لأحلامها، وكل ما يجري فعله عبث لا طائل منه في ظل موازين قوّة مختلة بشدّة، وواقع إقليمي ودولي يرسم مسارات لا تلتقي مع هذه الأحلام حتى في الخيال.
السؤال المطروح اليوم في المنطقة عن تداعياته المحتملة وانعكاساته على أوزان الفاعلين الإقليميين وتأثيره على الأوضاع الداخلية ومنظومات الحكم العربية
في هذا الواقع، برز حالم استثنائي من غزة، يحيى السنوار، يرفض الاقتناع بالواقع، ويعتقد أن الأحلام ما زالت ممكنة، وأن تحقيقها وتجسيدها واقعا أمرا ليس مستحيلا، لم يكن معنيا بتقدير الحجوم العسكرية ولا المواقف الخارجية، حيّد كل هذه المعطيات، واشتغل في فضاء لا يوجد فيه غير حلمه الكبير ولا يتسع لغير طموحه ولا يحتمل المماطلة والانتظار، ففجر طوفانه الذي غيّر خارطة القوى في المنطقة، وفتح الباب لمسار جديد تصحو فيه الآمال من غفوتها التي كادت أن تتحوّل الى معطى نهائي في الواقع العربي.
في سوريا، وفي شمالها بالتحديد، كان هناك من يراقب ويحصي ويعد ويعيد تقدير الموقف بناء على المتغيرات الجارية؛ فسير المعارك والثقة التي كانت تطوي بها الفصائل المسلحة، أو لنسم الأشياء بمسمياتها: هيئة تحرير الشام، المدينة تلو الأخرى، كان نتيجة دراية كبيرة بقدرات الطرف الآخر وحدود إمكانياته ومدى فعالية الأطراف الداعمة له وقدرتها على التدخل الحاسم لصالحه.
ما حصل في سوريا قد حصل، لكن السؤال المطروح اليوم في المنطقة عن تداعياته المحتملة وانعكاساته على أوزان الفاعلين الإقليميين وتأثيره على الأوضاع الداخلية ومنظومات الحكم العربية. ما حصل يشبه طوفان الأقصى من حيث عدم القدرة على توقعه أو تصور إمكانية حدوثه، وهو حدث صادم ومن خارج السياق الذي تم ترتيب الوضع الإقليمي على أساسه على مدار الأعوام الأخيرة، وهنا لا بد من التفريق بين الحسابات الامنية والجيوسياسية بالنسبة للفاعلين الخارجيين جراء التغيير الحاسم للبيئة الاستراتيجية السورية.
على الصعيد الأمني: ثمة اعتقاد يسود في المنطقة بأن سوريا تسير باتجاه الأفغنة لا محالة، نظرا للحالة السورية في ظل وجود العديد من الفصائل التي سبق أن خاضت مع بعضها حروب طاحنة في الشمال، حتى في ظل وجود مخاطر جمة عليها جميعا، ثم إن هيئة تحرير الشام بسلوكها الاحتكاري الإقصائي تدعم هذا المسار وترجحه بدرجة كبيرة، ومن ثم فإن المخرج الوحيد الممكن للوضع في سوريا هو السير في طريق الجلجلة الأفغاني، من المرجح أن تعاود المنطقة سياسة التحالفات التي سادت في العقد الماضي بناء على المتغير السوري الذي ترى فيه أطراف أنه يشكل فرصة لها، فيما تصنفه أطراف أخرى في باب المخاطر الداهمة التي تواجهها ولا بد من صياغة استراتيجيات مناسبة ضمن كتلة تحالفية تلتقي مصالحها مع بعضها للخروج من هذا الوضعالذي ستكون تداعياته كبيرة على المستوى الإقليمي ولن ينجو أحد من هذه التداعيات، وقد عبرت الدول الإقليمية عن مخاوفها هذه في قمة العقبة بصراحة وشفافية.
على الصعيد الجيوسياسي: خلقت التطورات في سوريا وضعا جديدا، أدى الى تقوية أدوار وأوراق أطراف إقليمية على حساب أطراف أخرى، وهذا التغيير حصل عنوة ودون الاتفاق حول طاولة مفاوضات بخصوصه، وهو ما يخالف سياق التقارب الحاصل في المنطقة والتفاهمات التي أرستها السياسات الإقليمية وفواعلها في السنوات الأخيرة، ما يستدعي إزاء ذلك اصطفافات جديدة وصياغة تحالفات مختلفة يعزّز من خلالها الرابحون أوراقهم، و يستدرك الخاسرون ما فاتهم والتقليل من حجم الخسائر المنتظرة بالنسبة لهم.
انطلاقا من هذه النقطة الأخيرة، ومن واقع الخبرة في سلوك وسياسات الفاعلين الإقليميين في المنطقة، من المرجح أن تعاود المنطقة سياسة التحالفات التي سادت في العقد الماضي بناء على المتغير السوري الذي ترى فيه أطراف أنه يشكل فرصة لها، فيما تصنفه أطراف أخرى في باب المخاطر الداهمة التي تواجهها ولا بد من صياغة استراتيجيات مناسبة ضمن كتلة تحالفية تلتقي مصالحها مع بعضها للخروج من هذا الوضع.
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا التغيير مخاطر تحالفات سوريا تحالف مخاطر تغيير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
"هيئة تحرير الشام" تخطط لحل جناحها المسلح بعد سيطرتها على الحكم في سوريا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال قائد عسكري لجماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية المنتصرة في سوريا، اليوم، إن جماعته ستكون "الأولى" في حل جناحها المسلح والاندماج في القوات المسلحة.
وقال مرهف أبو قصرة، المعروف باسمه الحركي أبو الحسن الحموي : "في أي دولة يجب دمج كل الوحدات العسكرية في هذه المؤسسة"، مضيفا "سنكون إن شاء الله من أوائل من يبادرون (لحل جناحنا المسلح)".
وأضاف أن المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا ستندمج تحت القيادة الجديدة للبلاد، مضيفا أن المجموعة ترفض الفيدرالية وأن "سوريا لن تنقسم".
وأضاف أن "الشعب الكردي هو أحد مكونات الشعب السوري.. وسوريا لن تكون مقسمة ولن تكون هناك كيانات فيدرالية".
يأتي ذلك في الوقت الذي تسيطر فيه إدارة يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة على مناطق في شمال وشمال شرق سوريا، وقد خاضت مؤخرا معارك ضد جماعات مدعومة من تركيا والتي استولت على العديد من البلدات الكردية.