من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. دمى الراحلين
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
#دمى_الراحلين
من أرشيف الكاتب #احمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 13 / 1 / 2018
رسامة يابانية اسمها “أيانو تسوكيمي” عادت إلى قريتها “ناجارو” جنوبي اليابان بعد غياب طويل وغربة أجبرتها على الانقطاع عن أخبار مسقط رأسها وجيرانها الطيبين، عادت لتفتش الحواري وتزور الحوانيت وتدق الأبواب فوجدت جل سكان قريتها قد هاجروا أو ماتوا ولم يتبق منهم سوى 37 شخصا فقط.
كانت تريد استرجاع الأيام لتراهم من جديد، لكن الزمان مثل ماء النهر لا يعود إلى الوراء أبدا.. ولأنها ترفض فكرة الغياب تماما وتريدهم كما كانت في طفولتها وشبابها، وبسبب اشتياقها إلى نظرات وقوام نفس المؤنسين الذين اعتادت عليهم.. دأبت “أيانو” على صناعة الدمى.. لقد اعتكفت سنوات طويلة وهي تصنع دمى قطنية تشبه الذين غابوان بنفس الملامح؛ ذات الوجه والطول والعيون والعلامات الفارقة.. في مقاومة ذكية منها لفكرة الموت والغياب.. مقالات ذات صلة إجرام لا ينتهي .. مستوطنون يحرقون مسجدًا في سلفيت / شاهد 2024/12/20
لقد صنعت “أيانو” أكثر من ثلاثمائة وخمسين دمية لثلاثمائة وخمسين شخصا رحل عن قريته أو مات.. كانت تصر على أن تُجلس الدمى في أماكنها المعتادة، فتحت البيوت المغلقة وأجلست كائنات القطن في مقاعدها كما كانت قبل الغياب على الكرسي نفسه أو قرب الشرفة في المطبخ وعلى سرير الشفاء، كما فتحت المقاهي من جديد لأجساد الزبائن القدامى كي يطردوا الغبار ويشغلوا المكان والطاولات فيخافهم الظلام وتشعل المصابيح ضوءها مرحبة بالعائدين من رحلة النسيان الطويلة.
صنعت “أيانو” دمى عائلتها واسترجعت الأم والأب والأشقاء من غيابهم كما أحبت أن تراهم هي، بعافية دون مرض أو علة أو ضعف وقالت ابقوا هنا قريبين أحبكم كما أنتم حتى لو كانت جلودكم من قماش وقلوبكم من قطن، فأنا أحبكم كما أنتم انظروا إلي بعيون الخرز فهي أحَن علي من عيون الوحشة المحدقة بي ليل نهار..على الأقل وإن لم أنجح في دفق الحياة فيكم فأنتم قادرون على إعادة الحياة فيّ، انظروا، ها أنتم ترتدون ملابسكم و تدفئون أماكنكم وتحيون شرايين البيت من جديد، تشاركونني الليل الطويل، لا تدعونني أحلل الأصوات بميزان الرعب، أنتم تتقاسمون معي صوت الرعد وصوت الريح الذي يتسلل إلى غرفتي من الشبّاك الخشبي، كل ما أحتاجه منكم هو وجودكم، ولو كان وجودا شكليا، أشكو لكم عندما تضيق بي الدنيا أو تأتيني الأزمات على شكل طرود جماعية، لا بأس إن كنتم لا تسمعونني يكفي أنني أراكم وأسمعكم، احتكاكي بقطن أطرافكم يسعدني ويسمعني أصواتكم البعيدة هناك في الموت والغربة، هل ثمة فرق بين الموت والغربة ؟؟ كلاهما غياب أيها الخالدون..
يا لها من فكرة عبقرية يا “أيانو”..ليتنا نملك مهارة يديك لنسترجع من نحب، نصنع دمى لمن غادرونا، نعتني الابتسامة ذاتها، ولون البشرة وتجاعيد اليدين، ليتنا نستطيع أن نصنع حضنا أبويا أو رائحة لثوب الأم نلوذ بهما بقية العمر، ليتنا نستطيع أن نصنع ركبة من صوف نغفو عليها عندما يداهمنا إعصار الخوف، ليتنا نعيد تشكيل آبائنا لتكتمل العائلة من جديد، نعيدهم إلى أماكنهم الخالية، نجلس حولهم، نضع وسائدنا بالقرب منهم، نبارك الأحفاد في أحضانهم، نجتمع ثانية دون رتابة أو انشغال بهواتفنا النقّالة، تدور أحاديثنا بحضرتهم نناولهم فناجين القهوة بأيديهم كما كان، وعندما تحين ساعة النوم نشعل “النوّاسة” ونتركهم يأخذون قسطا من الراحة ثم نودّعهم بعبارة “تصبحون على خير”..
دمى القطن أكثر حياة من الصور المعلقة على الجدران.. هنا “في الدمى” ترى ظلا للجسد وتلمس حيّزا في المكان وهذا إنجاز كبير وتقليص لوحشة الموت.. ما الموت إلا اختفاء الظل وشغور المكان.. نحن بحاجة إلى تسخيف الغياب والاحتفاء بالحياة من جديد حتى لو كان الكيان من “دمى” والوجود مستعارا.. لو دققنا بوجودنا سنكتشف أنه مستعار أيضا ونحن مجرد كيانات لحمية وضعت في أماكن يجب ألا تغادرها.
آه يا “أيانو” لو أنني أملك مهارة يديك لصنعت لنفسي من قماش الشوق وقطن الغياب “أمّا ووطنا” فأنا مشتاق لدفء حضنهما بعدما انسلا من فراشي وغابا..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#172يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الحرية لاحمد حسن الزعبي حسن الزعبی من جدید
إقرأ أيضاً:
أحمد حسن الزعبي… خارج القضبان…!
#أحمد_حسن_الزعبي… خارج القضبان…!
د. #مفضي_المومني.
2023/1/17
الكاتب الوطني الحر ضمير الامة شاء من شاء وأبا من أبا…!لن ابارك ولن ازف التهاني…لأن حبسك من الاصل مثلبة علينا… ليس لأنك فوق القانون… ولكن لان تهمتك وطنيتك المفرطة يا ابن كرمه العلي… ولأنك حوراني خرجت من مارس القمح… واهازيج الحصاد… وعشق الارض… ولأنك لم تسرق… ولم تعاقر الخيانة… ولم تنضوي في طابور المنافقين والمسحجين… ومنتظري الشيكات… وبائعي الضمير والاوطان… وارباب الفساد… كانت هذه جريمتك… وكان ما كان..!
امتهان الكتابة الحرة للوطن في زمن النفاق.. والتزلف… وشراء الذمم.. … وكتاب الدعسة الفجائية… امر في غاية الصعوبة… والمشقة… واذا امتطيت جوادها… فقد وضعت نفسك في حوض من الاشواك… وربما تصنف في القائمة السوداء… مشكلتنا ليست مع الحكومة ولا الجهات الامنية مشكلتنا مع ثقافة الخوف والرعب والهوان… واصحاب الالوان… ومن تجربتي المتواضعة في الكتابة… ولي خط متزن بعيد عن الردح والمدح والتزلف والنفاق… إلا انني واجهت حجب مقالاتي في كثير من المواقع الصحفية… والالكترونية… ويفاجئني بعض مسؤولي التحرير باتصال… مقالاتك قويه وجريئة ولكن نعتذر عن النشر خوفاً من… الجرائم الالكترونية… وخوفا من حجب الاعلانات… وخوفا من وضعنا على القائمة السوداء… وبعضهم ناصبني العداء… وبعضهم مرعوب لا ينشر الا مقالات السفاهة والضحالة… والتطبيل والتزمير…. ولم اشكو من كل هذا… لأنني مدرك هول مصيبتنا في الصحافة والاعلام… وتراكض وتزاحم الكثيرين لكسب الود والمال ولو على حساب الرسالة المقدسة للسلطة الرابعة..!.
الصحافة والاعلام والكتابة سلطة رابعة… تآزر السلطات الثلاث… كلما كانت حرة ووطنية وقادرة على النقد الموضوعي والخطاب المتزن… ولست مع صحافة التشهير وجلد الذات والتطبيل والتسحيج الفارغ… ولكم في جارتنا المتحررة خير مثال… ولاحظوا في الدول الديموقراطية… حرية الكلمة والتعبير أساس نجاحها… وأما إدعاء الديموقراطية في دول العالم الثالث والديكتاتوريات… فهو محض ترهات… مكشوفة… إذ لا يجب أن تكون ديموقراطية بأنياب تنهش من يكشف الحقائق… ومن يمارس النقد البناء… ومن يجاهر بحب الاوطان… الكاتب الحر الوطني ضمير الأمة… وبوصلة دوائر الحكم لتصحح وتطور وتجتث الممارسات الخاطئة وكل فساد وخبث يبرزه الكتاب والاعلاميون الأنقياء اصحاب الرسالة الوطنية.
احمد حسن الزعبي… ظاهرة وطنية متقدمة… يكتب بحرية زائدة ربما(بمنظورنا المرعوب) …وينقد بجرأة… ويضع النقاط على الحروف… باسلوب ساخر… وجدي أحيانا… وقد نتفق أو نختلف على بوحه واسلوبه… ولكن لن نختلف على وطنيته…!
وهي رسالة لكل الاعلاميين والكتاب وارباب الصحافة… مهمتكم ليس مناكفة الحكومات ولا الردح ولا اغتيال الشخصيات لتسجيل سبق صحفي… وبذات الوقت مهمتكم ليس السكون والرعب الذاتي والذهاب للاسهل بامتهان الممتهن من نفاق وغث وفارغ… بحجة الإبتعاد عن المسائلة… مهمتكم أن تكرسوا النقد البناء والمسائلة… وأن تمتهنوا سلطتكم الرابعة وأن لا تستبدلوها بمزيد من النفاق والتزلف ومعلقات المدح أو التسحيج الفارغ… فهي لا تبني أوطان… ولا تؤسس لصحافة وطنية مؤثرة… لو كان الجميع مثل او بعضا من مثل احمد حسن… لما وصلنا لما نحن عليه… ولكان الإصلاح الذي نباشره الآن… انتهى منذ عقود…!
تحية لكل حر وطني حيثما كان… وتحية لكل من ينوب عنا برفع الصوت وسلطة الكلمة… لنبني الوطن الذي نحب ولو كره الكارهون….
ستلاحظون إحجام الكثيرين عن النشر… لم ولن اعاتب ولكن حافظوا على مهنتكم المقدسة تحافظوا على وطنكم… حمى الله الاردن.