فتحي محمد عبده

في مثل هذا اليوم من عام 2018، شهدت مدينة عطبرة شرارة ثورة ديسمبر المجيدة، وأشعلت جذوة النضال في قلوب الملايين من السودانيات والسودانيين. عطبرة، مدينة العمال والنضال، كانت كعادتها في طليعة الحراك الثوري، حيث أضرمت نار الغضب في وكر الكيزان ودار حزبهم (المحلول)، معلنة بداية نهاية عهد الظلم والاستبداد.

هذه اللحظة التاريخية، التي انطلقت من شوارع عطبرة، كانت بمثابة سقوط سجن الباستيل في الثورة الفرنسية، حيث أضاءت طريق الحرية لشعب عانى طويلًا من القمع والقهر.

ثورة ديسمبر لم تكن مجرد احتجاجات عابرة وفعل أدى إلى سقوط دكتاتورية وإقامة نظام حكم بديل فقط؛ بل كانت انتفاضة أمة بأكملها، اجتمعت على هدف واحد: استرداد الوطن من قبضة الإسلاميين الطغاة. خرج الرجال والنساء، الكبار والصغار، في المدن والقرى والفرقان، حاملين آمالهم وأحلامهم في وطن تسوده الحرية والسلام والعدالة. كانت هتافاتهم تملأ الشوارع، وأصواتهم تتحدى الرصاص والهراوات، مؤكدين أن إرادة الشعوب لا تُقهر.

ونحن نستذكر تلك اللحظات البطولية، نؤكد أن ثورة ديسمبر لم تنتهِ، بل هي مستمرة في كل فعل مقاوم، وفي كل صوت يطالب بالحرية والسلام والكرامة. إنها رواية كتبها جيل رفض الخنوع لعسكر الدكتاتوريات، وأصرّ على بناء مستقبل يليق بتضحيات شهدائه.

لكننا نعيش الآن فصلًا صعبًا من هذه الرواية، حيث تواجه بلادنا حربًا إجرامية تسعى لطمس أحلام شعبنا. الآلاف فقدوا أرواحهم، والملايين شُرّدوا من ديارهم، والجرائم البشعة تُرتكب بحق الأبرياء. ورغم ذلك، فإن روح الثورة لا تزال حية، تلهمنا بالمضي قدمًا، وتُشعل فينا الأمل بأن الغد سيكون أفضل.

إن هذه الذكرى ليست فقط فرصة للاحتفال، بل هي لحظة لتجديد العهد مع الوطن. فلنعمل جميعًا على إكمال مسيرة الثورة، بالوحدة والإصرار على تحقيق أهدافها. لا تراجع عن الحرية، ولا مساومة على العدالة، ولا بديل عن السلام الحقيقي الذي يُعيد الكرامة والحقوق لشعبنا..

في ذكرى 19 ديسمبر، لنتذكر تضحيات رفاقنا الشهداء والجرحى لنستعيد ذاكرة تلك الملاحم البطولية، ولنردد هتافاتنا التي لن تسكت حتى يتحقق حلم النصر الكامل للثورة ومقاصدها. فلنستلهم من عطبرة، ومن كل مدينة وفريق وقرية ناضلت، قوة الصمود والعزيمة، ولنواصل السير على درب الشهداء، حتى نرى السودان الذي نحلم به.

عاش السودان، ونضال شعبه الأبي.

المجد والخلود والانحناء لشهداء الثورة، والخزي والعار للطغاة، والنصر حليف شعبنا لا محالة.

الوسومفتحي محمد عبده

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

الإمارات: الحوار ضرورة إنسانية ورافد للمواطنة الإيجابية

المنامة (وام) 

أخبار ذات صلة «الحوار الإسلامي - الإسلامي» يؤكد أهمية التفاهم بين المذاهب الإمارات تشارك في معرض البحرين الدولي للحدائق

أكد معالي الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، خلال حضوره مؤتمر الحوار الإسلامي -المنعقد بالعاصمة البحرينية المنامة، أن الحوارَ ضرورة إنسانية، ورافد مهم من روافدِ المواطنة الإيجابية، وأَساس من أسسِ الدولة الوطنية القوية، باحترام التنوع، وإبرازِ القواسم المشتركة لتجاوز الاختلافات، وترسيخ المحبةِ والسلام. وقال إن دولة الإمارات برؤيتها السديدة، ورعاية قيادتها الحكيمة، خلقت نموذجاً يُحتذى به في هذا المجال، وأوجدت زخماً عالمياً، حيثُ وفرت كلَّ الدواعي، وخلقت منظومة متكاملة، وإطاراً يضمن «ثقافةَ الحوار» ونجاحه، من دون إقصاء أو تضييق، من خلال أنشطة متنوعة، من صروح ومشاريع ومبادرات، ووثائق وتشريعات، من أجلِ ضمان ممارسة حضارية أنيقة للحوار بين الجميعِ.
وأشار معاليه إلى أن تحدياتِ الحوارِ أصبحت عاملاً مؤثراً في هذا العصرِ، فالطفَرات التقنية، وما تزخرُ به وسائلُ التواصلِ والمواقعُ الإلكترونية، واستغلالُ ما تُولِّدُهُ من النقاشات السلبية، واستدعاءُ القضايا التاريخيةِ، وتغذية العواطفِ بها وإثارتها، مما يجب في مثل هذه المؤتمرات أن نتصدَّى له بمبادرات وسياسات وتشريعات، وهو الدورُ المنوطُ بالعلماء والمفكرين والمؤثرين في مثلِ هذه المناسبات والملتقيات.
وذكر الدرعي ستة استنتاجاتٍ يرى أنها ستسهم في تحقيق أهداف الحوارات بين المسؤولين والمهتمين بالشأن الإسلامي، أولها الوعي بمفهوم الحوارِ وأهميتِه، والثاني العمل ليكون الحوار ثقافة وممارسة مُجتمعية بين الجميع، والثالث زيادة المعرفة بالآخر، فهي أساس نجاحِ الحوار وأثرُه على المجتمعات، والرابع الحرص على ربط النسيجِ الاجتماعِيِّ من خلال ضبط العوالم الافتراضية، وإشراكِ المرأة والشبابِ والأجيالِ في «فعلِ الحوار»، وتحفيزهم وتشجيع مشاريعِهم في هذا المجال، وفي الاستنتاج الأخير، قال: «يجب علينا جميعاً أن نتكاتف للقضاءِ على الظواهرِ المُنَغِّصة للحوار، وننشر قيم الرحمة والمحبة والسلام».

مقالات مشابهة

  • د. امين حسن عمر لم يكن عضوا بالحزب الشيوعي!.
  • ثورة الجياع .. الدعوة لمليونية وتصعيد غير مسبوق في عدن
  • ديسمبر كانت ثورة للغباء السياسي وسيادة روح القطيع.. لا نريد تكرار التجربة
  • الإمارات: الحوار ضرورة إنسانية ورافد للمواطنة الإيجابية
  • عام التميز والأرقام القياسية لبنك التعمير والإسكان ومضاعفة صافي أرباحه لتصل إلى 11 مليار جنيه ويسجل أداءً مالياً متميزاً بنسبة نمو 83.1% بنهاية العام المالي المنتهي في 31 ديسمبر 2024
  • عمر خلف الله: إبراهيم الميرغني تم فصله من الحزب منذ الرابع من ديسمبر 2022
  • بالفيديو.. بدء الاحتفالات بذكرى «ثورة فبراير» بمدينة مصراتة
  • قرقاش: محادثات الرياض بشأن أوكرانيا تعكس دور السعودية في تعزيز الأمن والسلام الدولي
  • الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف للباحث مهدي محمد المشاط من كلية التجارة بجامعة صنعاء
  • الماجستير للباحث مهدي محمد المشاط من كلية التجارة بجامعة صنعاء