صحيفة التغيير السودانية:
2025-04-17@01:01:34 GMT

الصحافة..مهنة في محنة

تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT

الصحافة..مهنة في محنة

حيدر المكاشفي

تلزمني الأمانة الصحفية أن أشير في البدء الى أن العنوان أعلاه (مهنة في محنة)، هو عنوان كتاب أصدره الدكتور محمود قلندروهو حاليا استاذ جامعي لمادة الاعلام، وكان قبلها قيادي بالجيش السوداني بلغ فيه حتى رتبة اللواء، وشغل في وقت سابق رئاسة تحرير صحيفة القوات المسلحة، وقد وثق الدكتور محمود قلندر الذي غادر الجيش وتخصص في الاعلام ونال فيه درجة الدكتوارة وتفرغ للتدريس الجامعي، وثق في كتابه المار ذكره محنة الصحافة السودانية وما عانته وكابدته منذ الاستعمار، والى فترة نظام الانقاذ البائد.

.ولست هنا في معرض استعراض ما جاء في الكتاب الذي خلص فيه المؤلف إلى عدة أبعاد مادية لمحنة الصحافة السودانية، واعتمادا على القوانين واللوائح والقرارات الإدارية التي صدرت من السلطات السياسية الحاكمة منذ الإدارة البريطانية وعبر أنظمة ديمقراطية ثلاثة وعسكريتين، وحتى عهد الإنقاذ، تلخصت أشكال الضبط في الترخيص والغرامة والرقابة والإغلاق ومنع التوزيع والمنع من الكتابة وطرد المحررين والحبس والتأميم والاغتيال، اذ أنني معني هنا بالمحنة الحالية والكبد والكبت الذي تعانيه الصحافة السودانية في زمان الحرب العبثية هذا، بما يشكل امتدادا للمحن التي ماتزال تعانيها الصحافة..

وتلزمني الامانة ايضا (رضي من رضي وأبى من أبى ولكنها الحقيقة المؤلمة) ان اشير الى ان الصحافيين السودانيون ليسوا كلهم سواء في الاحترافية والتمسك بأسس المهنة واخلاقياتها، منهم من هم كذلك يؤدون دورهم بكل تجرد ومهنية، وهؤلاء دائما ما يعانون من الخطوط الحمراء التي تضعها السلطات الحاكمة، وغالبا ما تتم جرجرتهم بسبب هذه الخطوط المنتقصة والمنتهكة لحرية الصحافة والأداء المهني الصحيح والاحترافي الى النيابات والحراسات، كما يتم التضييق عليهم لدرجة الايقاف عن العمل والمحاربة في الرزق، ونوع اخر ارتمى في احضان السلطة وتمرغ في نعيمها واصبح بوقا لها يناصرها بالحق وبالباطل، وهؤلاء منهم من هو محسوب على المهنة بحكم تاريخه وممارسته للمهنة ولكنه أعلى مصالحه الخاصة على حساب مهنيته، ومنهم كذلك اصحاب الانتماءات السياسية الصارخة والاجندة الحزبية، وهنالك الادعياء الذين لا علاقة لهم بالمهنة الذين جئ بهم من خلفيات مختلفة أمنية وسياسية وعسكرية لدعم السلطة ووزعت عليهم شهادات القيد الصحفي وبطاقات الانتماء للمهنة..هذه باختصار بعض محن الصحافة من داخل بيتها للأسف الشديد..

أما محنتها من خارجها وتحديدا في ظل هذه الحرب المدمرة قد تضاعفت مرتين، بسبب وجود طرفين يتقاسمان السيطرة على البلاد، فكل طرف يسعى للسيطرة على الصحافة واخضاعها لمشيئته وما يشاءه كل طرف في الجزء الذي يليه، والصحافة في الحالتين هي الضائعة لتضيع معها الحقيقة المجردة التي لا يسمح بها أي طرف (الجيش من جهة والدعم السريع من جهة اخرى)..لتفقد الصحافة بذلك حرفيتها ومهنيتها وتصادم أخلاقياتها وركائزها وثوابتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد تسببت الحرب كذلك في قتل عدد من الصحافيين والصحافيات الذين فقدوا ارواحهم بنيرانها، ورصدت نقابة الصحفيين حتى الان ان 15 صحفياً وصحفية على الأقل لقوا حتفهم بنيران الحرب، اما بالقتل المباشر المتعمد مع سبق الاصرار والترصد، أو نتيجة العمليات العسكرية التي تدور في المناطق المدنية، مقابل أكثر من 500 انتهاك ضد الصحفيين والصحفيات، هذا غير عمليات الاعتقال والتعذيب والتهديد بالقتل والعنف الجنسي والمنع من التغطية المتوازنة..ومازال حبل القتل والانتهاكات على الجرار طالما ان الحرب ما زالت مستمرة..

الوسومحيدر المكاشفي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: من جهة

إقرأ أيضاً:

كتابات ما بعد الحرب: هل تصلح الخرطوم أن تكون عاصمة للدولة السودانية الجديدة؟

هذه رؤية حاولنا أن تكون متكاملة وعميقة قدر الإمكان لمستقبل الخرطوم الحالية، أو لفكرة عاصمة بديلة لها في سودان ما بعد الحرب. وقد اجتهدنا في تعديلها وتحسينها من حيث الأسلوب والتسلسل المنطقي، آملين أن تكون أكثر جذبًا للمهتمين وللقارئ العادي على حد سواء.
الخرطوم، هذه المدينة التي ظلّت لعقود قلب السودان النابض، تحمل اليوم آثار الحروب والتهميش والانهيار، وكأنها صارت مرآةً لكل جراح البلاد. ومع بزوغ أمل في سودان جديد ينهض من رماد الحرب، تتجدد الأسئلة: هل تستطيع الخرطوم أن تواصل دورها كعاصمة؟ أم أن إعادة البناء تتطلب البدء من نقطة الصفر، بتصميم مدينة جديدة تعبّر عن طموحات السودانيين وتطلعاتهم إلى دولة حديثة، تنعم بالحرية والسلام والكرامة؟
هل الخرطوم مؤهلة لقيادة المرحلة القادمة؟
رغم ما تحمله من رمزية وتاريخ، تبدو الخرطوم اليوم مدينة مرهقة، تفتقد إلى بنية تحتية صالحة، ويصعب فصلها عن مشهد الدمار والدم الذي خيم عليها خلال الحرب. فهل يكفي التاريخ وحده ليضمن لها البقاء كعاصمة؟ أم أن المستقبل يحتاج إلى تصور جديد لعاصمة تُجسد انطلاقة الدولة السودانية الحديثة؟
تصور لمدينة الخرطوم الجديدة: عاصمة المستقبل
الموقع والتخطيط العمراني:
o اختيار موقع قريب من الخرطوم الحالية لتسهيل الانتقال، مع مراعاة الأمان البيئي (كالابتعاد عن مخاطر الفيضانات والزحف الصحراوي).
o تصميم حضري حديث يُراعي الهوية السودانية المتنوعة ويضمن حياة منظمة ومستدامة.
o التعليم والبحث العلمي:
o بناء جامعات بمعايير عالمية ومراكز بحثية حديثة تكون منارة للإبداع.
o إنشاء مدارس حديثة تركز على التعليم المهني والتقني لتلبية احتياجات سوق العمل.
2.
3. الصحة والرعاية:

o إنشاء مستشفيات متطورة ومراكز صحية شاملة.
o دعم البحث الطبي المحلي لتطوير قطاع الرعاية الصحية.
4.
5. الرياضة والترفيه:

o بناء مدينة رياضية متكاملة ومرافق ترفيهية ومساحات خضراء لتحسين جودة الحياة.
6.
7. الاقتصاد والتجارة:

o إنشاء مولات حديثة وأسواق تدعم الاقتصاد المحلي وتوفر فرص عمل.
o تسويق المنتجات المحلية والتراث الثقافي السوداني في فضاءات تجارية منظمة.
8.
9. البنية التحتية:

o مطار دولي بمواصفات عالمية يربط السودان بالعالم.
o شبكة مواصلات ذكية تشمل قطارات كهربائية وطرق حديثة.
o نظام نقل عام متكامل يسهّل التنقل داخل العاصمة ويخفف الازدحام.
10. الثقافة والإعلام:
o مسارح، دور سينما، مراكز ثقافية، وإذاعات وتلفزيونات وطنية تعبّر عن روح السودان الجديد.
التمويل: من أين نبدأ؟
نجاح هذا المشروع الطموح يعتمد على تنوع مصادر التمويل وشفافية الإدارة. وتقترح الرؤية أربع قنوات رئيسية:
الدعم الحكومي:
o تخصيص جزء من ميزانية الدولة لإعادة الإعمار.
o استثمار الموارد الطبيعية مثل الذهب، البترول، والصمغ العربي.
2. الشراكات الدولية:
o جذب الاستثمارات الأجنبية والتعاون مع الدول والمنظمات الداعمة.
o توفير بيئة استثمارية مشجعة للشركات العالمية.
3. الدعم الشعبي والقطاع الخاص:
o إطلاق صناديق وطنية بمساهمات شعبية ومؤسساتية
o تشجيع الشركات السودانية على الاستثمار في بناء العاصمة.
4. آليات التمويل المبتكر:
5. إصدار سندات تنمية طويلة الأجل.
o تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP).
خاتمة:
الحديث عن عاصمة جديدة ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة استراتيجية تُواكب التحولات الكبرى التي يشهدها السودان. فالمدينة التي ستقود الدولة السودانية المقبلة يجب أن تكون عنوانًا لعصر جديد، تُبنى فيه المؤسسات على أسس العدالة والشفافية والمعرفة والتخطيط السليم.
الخرطوم قد تظل حاضرة في الذاكرة والرمزية الوطنية، لكن عاصمة السودان المستقبلية يجب أن تُولد من رحم الحلم والتخطيط، لا من رماد الحرب.

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com  

مقالات مشابهة

  • الصحافة الأمريكية تطرح تساؤلات حول استهداف السعودية والإمارات جراء استمرار الحرب الأمريكية على اليمن
  • مرور عامان: تقرير خاص عن الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية
  • هكذا تؤدي الحرب السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة 
  • موقع أفريقي: هكذا تؤدي الحرب السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة
  • بين السجن والترحيل| القصة الكاملة للواقعة التي أثارتها الصحافة الهولندية حول سائحة اعتدت على شاب
  • بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاندلاع الحرب .. بيان مشترك لمنتدى الإعلام السوداني بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاندلاع الحرب في السودان
  • كتابات ما بعد الحرب: هل تصلح الخرطوم أن تكون عاصمة للدولة السودانية الجديدة؟
  • الفنانة غادة طلعت: الصحافة والفن مهنتان تعتمدان على الموهبة في المقام الأول
  • رسالة المبادرة السودانية ضد الحرب لمؤتمر بريطانيا
  • مزرعة الحيوان (النسخة السودانية)