د.حماد عبدالله يكتب: المشروعات " الوطنية " الكبري !!
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
لدي كل أمة مشاريع تسمي بالمشروعات الكبري وهذه المشروعات تأخذ من الاهتمام الحكومي والشعبي، قدر كبير من التضحيات ولعل أكبر مشروع شهده العالم هو مشروع "مارشال " وهو إعادة بناء دول أوربا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية ولعل "المانيا الإتحادية" قد إنهارت كلها لم يعد فيها مبني قائم أو شارع قادر علي أستيعاب حركة مرور تهدمت المانيا كلها بعد حرب ضروس إنتهت بهزيمتها وإنتصار الحلفاء وتقسييم ألمانيا إلي شرقية وغربية، وقامت الدول المتحاربة المنتصرة بأعادة بناء تلك الدول تحت أسم مشروع " مارشال " وها هي ألمانيا !! أعظم حضارات العالم وأكبر إقتصادياتهًا وتغير النظام السياسي في العالم وتوحدت ألمانيا وليس هذا مقصد هذا المقال ولكن المشروعات الوطنية كان لنا نصيب كبير فيها في التاريخ المعاصر، كان لدينا مشروع الإصلاح الزراعي ومشروع شمال وجنوب التحرير، ومشروع الوادي الجديد، والمشروع الهندسي الضخم هو مشروع السد العالي، حاربنا من أجله، وغنينا من أجله وأنشأنا له وزارة تختص بشئونه وبنائه ( وزارة السد العالي ) والتي تولاها المهندس / صدقي سيلمان ( رحمة الله عليه ) !!
وإنتهت هذه الوزارة بإنتهاء بناء السد العالي هكذا كانت مصر في مشروعاتها الوطنية الكبري تحشد المصريين جميعًا وراء فكرة المشروع !!
ورغم أننا أقمنا مشاريع في الثمانينات أكبر بكثير جدًا من مشروع السد العالي ( هندسيًا ) مثل مترو الأنفاق الخط الأول والثاني والثالث تحت الإنشاء كل القاهرة الكبري والجيزة والقليوبية كلها تم مد شبكات مترو الأنفاق تحت
( تربتها ) وأصبحت القاهرة أكبر العواصم في الشرق الأوسط وأعظمها من ناحية النقل تحت الأرض !!
وتغير سلوك البشر المستخدم لهذه الوسيلة للإنتقال تغيرًا واضحأ فتحت الأرض تجد الركاب يتصرفون بالضبط مثل ركاب المترو في باريس أو الولايات المتحدة أو حتي في روسيا !! كل شيء إنضبط وإن كان هناك بعض القصور الأن نتيجة عدم إستمرارنا بالإهتمام بمشاريعنا وبالصيانه بعد الإستخدام !!
إلا أننا لم نغنى للمترو ولم نشهد فخرًا قوميًا بهذا المشروع الضخم !!
أيضًا من المشروعات العظمي التي قمنا بإنشائها خلال السنوات الماضية، كوبري السلام فوق قناة السويس أكبر كوبري فوق ممر بحري هام في العالم أنشأنا أطول طريق ساحلي، دولي، من شرق مصر إلي غربها من العريش إلي السلوم !!مشروعات ضخمة في شرق التفريعة، وشمال غرب خليج السويس، وتوشكي وشرق العوينات مئات المليارات من الجنيهات تم صرفها علي مشروعات تستحق تسميتها بالمشروعات الوطنية الكبري !!
وأخيرًا مشروع إزدواج "مجرى قناة السويس" والذى شارك فى تمويله كل شعب "مصر" ومع ذلك إلا أننا في ظل حكومات لا تسوق لأعمالها ومشروعاتها !! لأنها حكومات ليست لديها رؤية سياسية !! حكومات تكنوقراطية أعضائها أغلبهم ليسوا سياسيين !!
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: السد العالی
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله الغذامي يكتب: الشتيمة بوصفها صانعة للهوية
كان الوثائقي في التلفزيون الألماني (DW) يستضيف عدداً من المهاجرين والمهاجرات في ألمانيا، وكيف يرون أنفسهم في بيئة شبه قابلة لهم ورافضة لهم في آن واحد، فهي تقبلهم ورقياً، وترفضهم ذهنياً، مما يحول الإنسان إلى كائن ورقي، أي أن أمانه الوحيد هي ورقة في جيبه تثبت أن له هويةً رسميةً تجعله إما لاجئاً رسمياً، أو مواطناً بالتجنيس، وبعدها تأتي مشكلة اللغة التي هي شرط لأن يكون واحداً من الناس في ذلك الموقع الجغرافي المحدد، وإن حل مشكلة اللسان، فإنه لن يحل مشكلة سحنة الوجه ولون العينين، وسيظل حبيساً لمعنى معلنٍ على وجهه يقول إنه ليس ألمانياً، حسب شرط اللون، ولن تفيده اللغة هنا، لأن لون وجهه يسبق نطق لسانه، وما بين الوجه واللسان تقف هويته ويقف معنى وجوده، ومن ثم معناه كإنسان لأنه سيكتشف دوماً أن علاقته مع المكان غير مستقرة مما يفضي لغربة الروح، ويجعل مستقبله يخضع لتقلبات السياسة والحزب الذي يسيطر على البرلمان، وهل سيكون حزباً يسارياً لا يحارب المهاجرين، أم يمينياً يتربص بهم، ويحاول حجرهم في زاوية التذكير المتصل بأنهم ليسوا من أهل هذه الأرض.
تحت هذا الحس اللكيع وجد شاب أفغاني الأصل هويته ليس في ألمانيا التي منحته هويتها رسمياً، ولكنه وجدها في سويسرا وعبر نادل في مطعم غضب من هذا الشاب فشتمه بقوله (أيها الألماني اللعين)، هنا تذكر أنه ابن مهاجر أفغاني تحصل أبوه على الجنسية الألمانية وولد الابن ألمانياً، وكانت تمر عليه في وطنه ألمانيا كلمات تنفي كونه مواطناً ألمانياً، لكنه وجد في شتيمة النادل السويسري معنى يمنحه هويةً، وهنا التفت الفتى لذلك النادل ليشكره ويبدي له الامتنان، لأنه وصفه بالألماني، ولا بأس لديه أن يكون لعيناً أو نذلاً، أو أي صفة مشينة بما أنه رأى نفسه ألمانياً في عيون غيره. وهذه حسب روايته أهم قصص حياته التي يود أن يورثها لأبنائه، وهي تلك الشتيمة التي منحته هويته وجعلته يشعر بالغيرة على وطنه، وإن قبل أن يكون لعيناً لغرض نفسي ومعنوي يخصه، لكنه قرر أن يجعل السفر خارج ألمانيا يشبه سفرات العلاج، وكلما احتاج لعلاج عن مشكلة الهوية فليس له ألا أن يسافر ليتلقى شتيمة تجعله ألمانياً. هكذا كان وجه ابن المهاجر الأفغاني الذي هو الكميرة التي صنعت تلك المعاني لتعبر عما في داخل رجل مكلوم بمعناه الوجودي، وعلاقته مع المكان.
* كاتب ومفكر سعودي- أستاذ النقد والنظرية/ جامعة
الملك سعود - الرياض