المستقبل إلى الواجهة بعد سقوط الأسد
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
كتبت" الاخبار": يبدو تيّار «المستقبل» الأكثر تأنياً في التّعاطي مع الملف السوري.
ويتبدى هذا التروي واضحاً مع تأخّر الرئيس سعد الحريري أسبوعاً كاملاً قبل أن يعلق على سقوط النّظام (تيّار المستقبل أصدر بياناً بعد ساعاتٍ من رحيل الأسد). وكذلك في ابتعاده في البيان عن مسار «زملائه السابقين» في محاولة لتقريش الإنجاز السوري داخلياً أو استعجال الانغماس في الأرض السوريّة وحجز رحلة سريعة إليها.
وعليه، تبدو الحماسة الزائدة مقيّدة بعقلانية سياسيّة. ليست قواعد تعليق العمل السياسي التي يلتزم بها الحريري وأركان تيّاره وحدها التي تُكبّل حماستهم، وإنّما يُدرك هؤلاء أنّ النّسخة الأخيرة للولادة السوريّة لم تأتِ أو أنها بعد في انتظار ما ستكون عليه صيغة الحكم في آذار المقبل، وما إذا كانت "هيئة تحرير الشام" ستكون على رأس القيادة.
ومع هذا الصّخب الدمشقي، يبقي "المستقبل" دفّته هادئة، فالمحسوم بالنسبة إليه، هو عدم انتقال "عدوى" التطوّرات إلى الدّاخل اللبناني. وهي ربّما ما يدفع مسؤوليه إلى متابعة كلّ تفصيل في بعض مناطق التّماس الحسّاسة، لمعالجته قبل تفاقمه بالتّنسيق مع قيادة الجيش والأجهزة الأمنيّة.
من يعرف الحريري الذي ارتضى بأن يُضحي بمستقبله السياسي من أجل الحفاظ على السّلم الأهلي، كما يقول "المستقبليون"، يُدرك الأسباب التي تجعل الحريري مهجوساً دوماً بمنع الانجرار إلى الفتنة أو المسّ بالاستقرار. هو الذي يُعمّم دائماً على قيادييه ضرورة العودة إلى خطاب الرئيس رفيق الحريري الوطني والابتعاد عن التحريض. وهذا الأمر تظهّر بشكل واضح أثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان، مع التأكيد على اندماج "المستقبليين" عن سابق تصوّر وتصميم، في عمليّات الإيواء وتقديم المساعدات للنازحين في جميع المناطق، وعلى رأسها صيدا وعكّار والبقاع الغربي وإقليم الخروب، حيث تبدّت اللحمة الوطنيّة التي أرادها الحريري.
ورغم التعقّل في الشّارع السني، إلا أنّ عيون "الحريريين" تترقّب كلّ ما يأتي من الدّاخل أو الخارج، لوضعه على "المشرحة السياسيّة"، إذ إنّ التخوّف من مشاريع فتنويّة قائم في أي لحظة، على اعتبار أنّ المرحلة دقيقة جداً، وهي مرحلة الخروج من حربٍ مع العدو الإسرائيلي والدّخول في محطّة تاريخيّة بسقوط نظام الأسد وقيام حكم جديد، وعلى وقعهما سيتم انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة لم يتحدّد ما إذا كانت ستُطبخ على البارد أو على الصفائح الساخنة والمتحرّكة، وتأجيج خارجي.
وعليه، فإنّ المقولة التي يردّدها كثيرون منهم: "إنّها مرحلة المتغيّرات الكثيرة والثوابت القليلة". وفي ظلّ هذه العواصف ينوي هؤلاء تقطيع المرحلة حتّى يتّضح المشهد العام، وإحدى ملامحه انتخاب الرئيس. علماً أنّ تعليق العمل السياسي يفرض عليهم اعتكافاً في المواقف بشأن الانتخابات الرئاسيّة ثم تشكيل الحكومة، خصوصاً أنّ الحريري لا يتكئ على كتلة نيابيّة حقيقيّة (باستثناء علاقته الشخصيّة ببعض النوّاب) تجعله قادراً على قلب الموازين والمُشاركة في تعميم كلمة السر الخارجيّة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
نشاط عسكري روسي متزايد في ليبيا والسودان بعد سقوط الأسد في سوريا
شددت مجلة "فورين بوليسي" على عمل روسيا على تعزيز وجودها في كل من السودان وليبيا، وذلك بعد سقوط حليف موسكو في سوريا بشار الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي.
وقالت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن حكومة السودان وافقت على بناء روسيا لأول قاعدة عسكرية لها في أفريقيا قرب ميناء بورتسودان، حسبما أعلن وزير الخارجية السوداني علي يوسف أحمد الشريف، بعد لقاء في موسكو مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
ومن خلال تأمين قاعدة عسكرية لها على ساحل البحر الأحمر، فإن روسيا ستنضم إلى الولايات المتحدة والصين اللتان أقامتا قواعد عسكرية في جيبوتي، وفقا للتقرير.
وأضافت المجلة أن خروج القوات الروسية من سوريا بعد انهيار نظام الأسد، دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنقل أرصدته العسكرية إلى ليبيا والسودان، وذلك حسب عدة مصادر أمنية متعددة.
وتكشف الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية بأن روسيا تقوم بتوسيع في جنوب-شرق ليبيا والواقعة قرب الحدود مع كل من السودان وتشاد.
وتظهر الصور أن روسيا قامت بإعادة بناء مدرج وبنت منشآت للتخزين وزادت من قدراتها اللوجيستية. وكانت آخر مرة استخدمت فيها القاعدة هي عام 2011 حيث تمركزت فيها قوات الرئيس السابق معمر القذافي.
ويسيطر عليها حاليا خليفة حفتر الذي يقود ما يعرف باسم الجيش الوطني الليبي، حسب التقرير.
ونقل التقرير عن المنبر الاستقصائي للشرق الأوسط "إيكاد" في منشور على منصة "إكس"، قوله "تعتبر هذه التطورات متساوقة مع استراتيجية روسيا لإنشاء عدة قواعد عسكرية في ليبيا".
وتمنح قاعدة معطن السارة "موسكو السيطرة على الطرق وتسهيل حركة المعدات العسكرية والجنود إلى منطقة الساحل وبدون أن تكون عرضة للرصد في الموانئ والمطارات الدولية".
ورصدت المخابرات الأوكرانية حركة الجنود والطائرات العسكرية عشرة مرات منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر، حيث قامت برحلات من قاعدة حميميم في سوريا إلى شرق ليبيا.
وعبر الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع عن إمكانية الحفاظ على علاقات مع روسيا، وفقا للتقرير.
وفي نهاية كانون الأول/ ديسمبر، قال "لا نريد خروج روسيا من سوريا بطريقة تؤثر على علاقتها مع بلدنا".
وزار وفد روسي في بداية الشهر الحالي دمشق للتفاوض حول الكيفية التي تحتفظ فيها روسيا بقواعدها العسكرية. ولكن من المنطقي أن يقوم الرئيس بوتين بالتحوط على رهاناته وتوزيع أرصدته العسكرية.
ففي السودان دعمت روسيا طرفي الحرب هناك، حيث زودت موسكو في البداية قوات الدعم السريع بالأسلحة، ثم تعهدت بتقديم مزيد من الدعم العسكري للجيش السوداني مقابل منحها موافقة لبناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر.
وتحدث السودان عن فكرة القاعدة البحرية في عام 2017 أثناء حكم عمر أحمد حسن البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية عام 2019. وتم التوصل لاتفاق بشأن القاعدة في عام 2020 ولكنه انهار بعد اندلاع القتال بين طرفي الحكم في السودان في نيسان/أبريل 2023.
وفي محاولة للبحث عن حلفاء لمواصلة الحرب، أعلن السودان في الأسبوع الماضي، عن تعزيز العلاقات مع إيران. وفي ليبيا، فقد تقاسم التأثير بها الحكومة التي تدعمها تركيا في غرب البلاد وتلك التي يقودها حفتر في شرق البلاد وبدعم من روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة.
وقدمت روسيا إلى حفتر السلاح والمعدات. وفي الوقت نفسه وقعت شركة النفط الروسية "روسنفط" اتفاقية طويلة الأمد لتطوير حقول النفط الليبية، وفقا للتقرير.
ولعبت قاعدة حميميم الجوية في سوريا دورا مهما في عمليات شركة المرتزقة السابقة "فاغنر" والتي أعيد تسميتها بـ "الفيلق الأفريقي"، عندما نشطت في مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.
وكشف تحقيق لشبكة "سي إن إن" عن تغير في حركة الدعم الروسي لحلفائها في أفريقيا، فبدلا من انطلاق الطائرات من سوريا، تنطلق الآن من ليبيا إلى باماكو، عاصمة مالي.
وإلى جانب قاعدة معطن السارة، نقلت روسيا معداتها إلى القاعدة الليبية، الخادم في شرق بنغازي وكذا الجفرة والتي كانت نقطة تمركز سابقة لمجموعة "فاغنر"، حيث أصبحتا مركز عمليات روسية في أفريقيا.
وبحسب المجلة، فإن البحرية الروسية تبحث عن ميناء تحت سيطرة حفتر. وذكرت وسائل إعلام سورية في أواخر كانون الثاني/يناير أن عقد إيجار روسيا لميناء طرطوس السوري لمدة 49 عاما قد تم إلغاؤه.
وقالت الاستخبارات العسكرية البريطانية، في بيان، نشر على موقع "إكس" الشهر الماضي، إن "قدرة روسيا على تقديم الدعم اللوجستي لكل من جيشها والمتعهدين العسكريين الخاصين في إفريقيا، إلى جانب الحد من الضرر على سمعتها والناجم عن سقوط نظام الأسد، ستكون بالتأكيد من أولويات الحكومة الروسية".
ويشير المحللون إلى أن قاعدة بحرية روسية بديلة قد تتشكل أيضا في ميناء طبرق بشرق ليبيا، وهو ما من شأنه أن يسمح لموسكو بالاحتفاظ بقدراتها في غرب إفريقيا مع توفير مركز استراتيجي ضد حلف الناتو على البحر الأبيض المتوسط.
وفي نهاية المطاف، فإن هذه القواعد الروسية الاستراتيجية في شرق ليبيا ستمنح حفتر المزيد من القوة في المفاوضات التي تشرف عليها الأمم المتحدة بشأن مستقبل ليبيا، مما قد يؤدي تأجيل الانتخابات الوطنية.