حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها.. دار الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
أجابت دار الافتاء المصرية عن سؤال ورد اليه عبر موقعها الرسمي مضمونة: "ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.
وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟".
لترد دار الافتاء موضحة: ان تقوم به الشركة من إنشاء وتصميم المنصات وبيعها جائز شرعًا إذا لم تعلم ابتداءً استعمال المشتري للعين المبيعة فيما هو منهيٌّ عنه شرعًا، وبالبيع تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري، فإن استعمله بعد ذلك فيما هو منهي عنه فالإثم عليه وحده دون البائع، وأما إذا علمت الشركة عند البيع أن المشتري سيستعملها استعمالًا منهيًّا عنه فيحرم البيع حينئذٍ؛ لما فيه من الإعانة على المعصية.
وأمَّا تقديم الدعم الفني للمنصة بعد بيعها، فإذا كان المستخدم محددًا وكان استعماله لحسابه المحدد له على المنصة في بيع المحرم فيحرم تقديم الدعم له، وإلا فيجوز تقديم الدعم له ولا حرج فيه.
وأما إذا كان تعين تقديم الدعم للمنصة كلها في آن واحد، بحيث لا يتميز مستخدم عن غيره، وكان عدد المستخدمين الذين يستخدمون حساباتهم فيما نُهي عنه قليلًا فتقديم الدعم في هذه الحالة جائز شرعًا ولا إثم فيه.
بيان المقصد من تشريع المعاملات المالية بين الناس
المعاملات المالية في الشرع الشريف شُرِعت لتحقيق منافع الخلق وتلبية احتياجاتهم، وذلك في إطار من الأوامر والنواهي الشرعية التي تعمل على تحقيق العدالة في تحصيل كلِّ طرفٍ لمنفعته بتعامله مع الطرف الآخر، ومنع ما يؤدي إلى الشقاق والخلاف والنزاع بين الطرفين، فإن قطع المنازعات ضرورةٌ؛ إذ هي مادة الفتن والفساد، وفي سبيل تحقيق ذلك أحل اللهُ البيعَ والشراء في أصلهما؛ فقال تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، حيث بيَّن سبحانه أَنَّ جنس البيع حلال، وهذا الحِلُّ ينسحب على كل أنواع البيوع إلَّا ما نَصَّ الشرع على حرمته واستثناه من حكم الأصل؛ وذلك كالبيوع المشتملة على الرِّبَا أو غيره من المحرمات.
حكم المعاملة المسؤول عنها
من صور المعاملات الحديثة: ما تقوم به الشركة في الواقعة المسؤول عنها، وهو على -وفق تصويرها- أمران:
أحدهما: تصميم المنصة الإلكترونية وبيعها لحساب عميلٍ مُعيَّنٍ.
ثانيهما: تقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة.
فأمَّا التصميم والبيع لحساب عميلٍ مُعيَّنٍ، فالأصل فيه جوازه وصحته متى تحققت أركانُه -من توفر: العاقدين، والمعقود عليه، والصيغة- وشروطُه اللازمة له من حيث أهلية المتعاقدين واختيارهما، وكون المعقود عليه منتفَعًا به مقدورًا على تسلمه مملوكًا معلومًا علمًا ينفي الجهالة عنه، وتوفر الإيجاب والقبول بين الطرفين، وخلا ممَّا يفسده أو يبطله، كالغرر، والجهالة المؤدية إلى التنازع، والغبن الفاحش.
ومن المقرر شرعًا عدم جواز البيع إذا علم البائع ابتداءً استعمالَ المشتري للعين المبيعة فيما هو منهيٌّ عنه شرعًا؛ لأن "ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام"، أما إذا لم يعلم ذلك ابتداءً، وكان المبيع يحتمل استعمالًا مباحًا وآخر ممنوعًا، فيجوز البيع ولا حرج فيه، وإذا تم البيع في هذه الحالة ثم ظهر للبائع بعد البيع استعمال المشتري للمبيع فيما نهى الشرع عنه فلا إثم على البائع ولا حرمة؛ إذ المعصية لا تقوم بعين المبيع، بل باستعمال المشتري له فيما نهى الشرع عنه، فيكون الـمُحرَّمُ الاستعمالَ لا التعاملَ عليه بيعًا وشراءً ونحوهما؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 164].
قال الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (14/ 192، ط. دار إحياء التراث العربي): [ومعناه أن إِثْمَ الْجَانِي عليه لا على غيره، ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، أي: لا تُؤْخَذُ نفسٌ آثِمَةٌ بِإِثْمِ أُخرَى] اهـ.
وعلى ذلك تواردت نصوص الفقهاء:
قال العلامة فخر الدين الزَّيْلَعِي في "تبيين الحقائق" (3/ 297، ط. المطبعة الأميرية): [والخشب الذي يُتخَذُ منه المعازفُ لا يُكرَه بيعُه؛ لأنه لا معصيةَ في عينها، وكذا لا يُكرَه بيعُ الجارية المغنِّيَة، والكبش النَّطُوح، والدِّيك المقاتل، والحمَامة الطيَّارة؛ لأنه ليس عينُها منكرًا، وإنما المنكَر في استعماله المحظور] اهـ.
وقال العلامة أبو العباس الصَّاوِي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (3/ 20، ط. دار المعارف): [يُمنع بيعُ كلِّ شيءٍ عُلم أن المشتري قَصَد به أمرًا لا يجوز] اهـ.
وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 98، ط. دار الفكر): [ومِن المنهي عنه: ما لا يَبطُل؛ لرجوعه إلى معنى يقترن به، كبيع حاضر لباد.. وبيع الرطب والعنب لعاصِرِ الخمر] اهـ.
وقال الإمام موفق الدين ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (4/ 168، ط. مكتبة القاهرة): [إنما يَحرُم البيعُ ويَبطُل إذا علم البائعُ قصدَ المشتري ذلك، إمَّا بقولِهِ، وإمَّا بقرائن مختصة به تدل على ذلك] اهـ.
ومما يدل على حِلِّ بيع ما له استعمالان لو لم يعلم البائع استعمال المشتري للعين المبيعة فيما هو منهيٌّ عنه شرعًا: أنَّ الأشياء والأعيان تندرج في باب الوضع لا التكليف، فترتبط بمراعاة الأسباب والموانع والشروط والعلل، أما الجواز وعدمه فلا يتعلقان بأيهما، وإنما بفعل المكلف بهما.
قال الإمام الغزالي في "المستصفى" (ص: 23، ط. دار الكتب العلمية) عند حديثه عن الأحكام التكليفية: [وهذه الألفاظ لا شك أنها لا تطلق على جوهرٍ بل على عَرض، ولا على كل عرض بل من جملتها على الأفعال فقط، ومن الأفعال على أفعال المكلفين لا على أفعال البهائم] اهـ.
وأمَّا تقديم الدعم الفني للمنصة التِّقنِيَّة بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهو من قبيل الوسائل للمحافظة على جودة المنصات وسلامتها والقيام بما أنشئت من أجله، ومن المقرر أنَّ "لِلْوَسَائِلِ أَحْكَامَ المَقَاصِدِ"، كما في "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام (1/ 53، ط. مكتبة الكليات الأزهرية)، و"الإِذْنَ فِي الشَّيْءِ إِذْنٌ فِي مُكَمِّلَاتِ مَقْصُودِهِ"، كما في "إحكام الأحكام" للإمام ابن دقيق العيد (2/ 289، ط. مطبعة السُّنَّة المحمدية)، ويفرق فيه بين أن يكون تقديم الدعم لمعين -مستخدم على الانفراد-، أو لغير معين -المنصة كلها بكل من يبيع من خلالها- فإذا كان تقديم الدعم لمعين، وكان استعماله لحسابه المحدد له فيما نهى عنه الشرع الشريف فلا يجوز تقديم الدعم له؛ لما فيه من الإعانة على المعصية، وإن لم يستعمله فيما نهى عنه الشرع الشريف فيجوز تقديم الدعم له حينئذ ولا حرج فيه.
وأما إذا كان تقديم الدعم لغير معين؛ بأن كان للمنصة كلها بحيث لا يتميز مستخدم عن غيره، وكان عدد المستخدمين الذين يستخدمون حساباتهم فيما نُهي عنه قليلًا -كما في صورة السؤال-، فتقديم الدعم جائز شرعًا ولا إثم فيه على الشركة مقدمة الدعم؛ لعدم تعين الدعم فيما نُهي عنه.
الخلاصة
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فعمل الشركة من إنشاء وتصميم المنصات وبيعها جائز شرعًا إذا لم تعلم ابتداءً استعمال المشتري للعين المبيعة فيما هو منهيٌّ عنه شرعًا، وبالبيع تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري، فإن استعمله بعد ذلك فيما هو منهي عنه فالإثم عليه وحده دون البائع، وأما إذا علمت الشركة عند البيع أن المشتري سيستعملها استعمالًا منهيًّا عنه فيحرم البيع حينئذٍ؛ لما فيه من الإعانة على المعصية.
وأمَّا تقديم الدعم الفني للمنصة بعد بيعها، فإذا كان المستخدم محددًا وكان استعماله لحسابه المحدد له على المنصة في بيع المحرم فيحرم تقديم الدعم له، وإلا فيجوز تقديم الدعم له ولا حرج فيه.
وأما إذا كان تعين تقديم الدعم للمنصة كلها في آن واحد، بحيث لا يتميز مستخدم عن غيره، وكان عدد المستخدمين الذين يستخدمون حساباتهم فيما نُهي عنه قليلًا فتقديم الدعم في هذه الحالة جائز شرعًا ولا إثم فيه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الافتاء المزيد ولا حرج فیه جائز شرع ا استعمال ا عنه شرع ا إذا کان م البیع إذا علم قلیل ا
إقرأ أيضاً:
شروط ذبح الأضحية 2025 وتوزيعها.. الإفتاء توضح المعايير وكيفية الاختيار عند الشراء
شروط الأضحية 2025.. أسابيع قليلة تفصلنا على حلول عيد الأضحى المبارك، حيث بدأ الكثير من المواطنين الراغبين في ذبح الأضاحي في البحث عن شروط ذبح الأضحية 2025.
شروط ذبح الأضحية 2025وفي هذا الصدد، ترصد «الأسبوع»، لزوارها ومتابعيها كل ما يخص شروط ذبح الأضحية 2025، وذلك من خلال خدمة إخبارية شاملة يقدمها الموقع على مدار اليوم من هنا.
شروط الأضحية 2025 حسب دار الإفتاء- سن الأضحية، فعمر الإبل يجب ألا يقل عن خمس سنوات، وعمر الماعز أو الخروف أو الجدي يجب ألا يقل عن سنة، وعمر البقر يجب ألا يقل عن سنتين.
- تكون من بهيمة الأنعام، «الإبل والماعز والبقر والغنم»، فلا تصح الأُضحية بأي نوع آخر من الحيوانات.
- الجذماء مقطوعة اليد أو الرجل وكذا فاقدة إحداهما خِلقة.
- سلامتها من العيوب الفاحشة، أي العيوب التي تنقص الشحم أو اللحم، ولذلك لا تجزئ:
- مقطوعة اللسان بالكلية والجدعاء مقطوعة الأنف ومقطوعة الأذنين أو إحداهما أو ما ذهب من إحدى أذنيها مقدار كبير.
- الجَذَّاء التي قُطعت رؤوس ضروعها أو يبست.
- مقطوعة الإلية.
- العرجاء البيِّن عرجها.
- العوراء البيِّن عورها.
حددت دار الإفتاء، عند تقسيم أضحية العيد، يجب مراعاة بعض الشروط الأساسية لضمان صحة الأضحية وتوزيعها بشكل صحيح، تشمل هذه الشروط:
-يجب أن يكون الشخص الذي يقوم بتوزيع الأضاحي مسلمًا.
-ينبغي أن يكون بالغًا وعاقلاً، لضمان إدراكه للأحكام الشرعية المتعلقة بالأضحية.
-يجب أن يكون الحيوان صحيحًا وخاليًا من العيوب الظاهرة التي تجعله غير صالح للاستهلاك، مثل العيوب الصحية أو الجسدية الكبيرة.
-يجب أن يكون لدى الشخص نية صحيحة للأضحية، وأن يتم الذبح بنية التقرب إلى الله.
-يجب أن يتم الذبح بالطريقة الشرعية الإسلامية، باستخدام أدوات ذبح مناسبة تضمن الذبح الرحيم والصحيح للحيوان.
-يتراوح سعر الكيلو القائم من العجول البقري الذكور بين 175 إلى 180 جنيهًا.
-يتراوح سعر كيلو البقري للإناث ما بين 160 إلى 170 جنيهًا.
-يتراوح سعر الكيلو القائم من العجول الجاموسي بين 145 إلى 155 جنيهًا.
-يتراوح سعر كيلو اللحم الجاموسي للإناث ما بين 130 إلى 140 جنيهًا.
-يبلغ سعر العجل البقري القائم وزن 500 كجم ما بين 87.500 إلى 90.000 جنيه.
-في حين يتراوح سعر العجل الجاموسي الكامل لنفس الوزن بين 77.500 إلى 82.500 جنيه.
-وقد تصل بعض العجول البقري إلى 170.000 جنيه.
-يتراوح سعر الكيلو القائم من الخراف ما بين 200 إلى 230 جنيهًا.
-يبدأ سعر الخروف من 12.000 جنيه وقد يصل إلى 20.000 جنيه.
-يتراوح سعر الكيلو القائم من الماعز بين 200 إلى 250 جنيهًا
-يبدأ سعر الجدي من 6.000 إلى 10.000 جنيه.
- يتراوح سعر كيلو اللحم البقري القائم (العجول) بين 175 إلى 180 جنيهًا.
- يصل سعر كيلو الماعز والخراف إلى 200 جنيه.
- بينما سجل سعر كيلو اللحم الجاموسي القائم ما بين 155 إلى 165 جنيهًا.
اقرأ أيضاًأوقاف أسوان تستقبل دفعة جديدة من صكوك إطعام لحوم الأضاحى
ضمن مبادرة «بداية».. محافظ قنا يشهد استلام لحوم صكوك الأضاحى تمهيدًا لتوزيعها على المستحقين
جاهزية 25 مجزرا لذبح الأضاحى بالمجان خلال العيد فى سوهاج