عند النظر إلى إمكانية تقييم الأوضاع السياسية فى سوريا حاليا، ودلالات الدعوات المتكررة من مختلف الأطياف لتشكيل حكومة شاملة لا تستثنى أى مكون من مكونات الشعب السورى الشقيق، نجد محاولة المجتمع الدولى لأن يكون له يد كبيرة فى الحكومة السورية القادمة وفى سوريا بشكل عام، ومن له اليد الطولى سيكون له النفوذ الأكبر، وربما سيكون هناك صراعات دولية، وأن يكون كل المكونات السورية مشكلة فى الحكومة القادمة.
وهذا الكلام فى حاجة إلى كثير من الأمور خاصة أن الوضع الحالى فى سوريا هش، ولا يوجد بعد سقوط نظام بشار الأسد نظام قائم حتى الآن، فنظام الحكم فى سوريا الآن عبارة عن تسيير أعمال، لذلك فإن كل هذه المطالبات تعتبر فوق القدرة الحالية لإدارة النظام الموجود الآن، فمسألة تمثيل الجميع ليست منطقية، فلا يوجد حكومة فى العالم بها تمثيل للجميع، فإما أن يكون هناك انتخابات ديمقراطية بها عدة أحزاب ويفوز أحد هذه الأحزاب فى الانتخابات، أو يكون هناك نظام ملكي أو برلماني أو ما إلى ذلك من نظم الإدارة، فيكون هناك فوز فى النهاية سواء فى الانتخابات أو فى البرلمان، مع احتمال وجود قبل الانتخابات أو البرلمان جمعية تأسيسية لإدارة النظام مثل ما حدث فى بعض البلدان التى مرت بنفس الظروف، يمكن لسوريا أن تستفيد منها.
ولكن ما شاهدناه حتى الآن هو حوار بين أحمد الشرع أو محمد الجولانى وبعض من السوريين، ولكننا لم نر حواراً بين السوريين جميعا فيما بينهم، لوجود سوريين معارضين فى خارجها وأيضا فى داخلها.
ومسألة تحديد ما هو قادم فى سوريا ليس الآن لأنه سيكون خطأ كبيرا، وموضوع تسيير الأعمال لا يجب أن يوضع ويؤسس لمرحلة قادمة، وننتظر ما يطلق عليه حكومة مؤقتة لتأسيس لما هو قادم فى دمشق، ومع أن وجود الأمم المتحدة ليس سيئاً على اعتبار أنه سيكون لها ترتيبات دولية، لأن على سوريا فى الأساس الكثير من العقوبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وهناك الكثير من التحديات كوجود الكيان الصهيونى فى الجنوب، وأيضا الوضع الهش يساعد على دخول أى جماعات إرهابية سواء كانت يمينية أو يسارية، وهناك التواجد التركى فى حد ذاته والذى يرى بعض السوريين أنه مبالغ فيه جدا ويجب إعادة ترتيبه مرة أخرى.
كما أن هناك المشروع العربى الذى يريد أن تكون سوريا أكثر عروبة بدلا من ميلها إلى تركيا وبدلا من استبدال إيران بتركيا، وعلى ذلك فإن وجود كل هذه الضغوط الآن ليس فى صالح دمشق مع ظهور أحمد الشرع أو محمد الجولانى فى الصورة الآن فإن أداءه السياسى فاجأ الجميع، واحتياجه إلى الانتظار وقراءة المشهد أكثر من ذلك.
وفى ظل الظروف الراهنة الآن لا نعرف إمكانية تنفيذ عملية سياسية جامعة تشمل وتشرك جميع السوريين فى المشاورات أو فى الرأى فى إطار قرار مجلس الأمن الدولى 2254 المتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع فى سوريا فى 2015، فهناك تغيير كبير حدث فى سوريا الآن بعد سقوط نظام بشار الأسد وتحولات لم يتوقعها البعض، منها أن بشار الأسد لم يسلم السلطة لنائبه كما كان يجب وفق التشريعات السورية، فهى الآن فى مشكلة قانونية، فالحكومة المؤقتة لم يتم وضعها كما يجب وفق القوانين والدستور السورى، ولا بد من وجود حكومة انتقالية تعمل على أن تكون كون هناك بداية لـ«سوريا الجديدة»، ولا بد للحكومة المؤقتة أن تعمل على الحفاظ على المؤسسات الحكومية السورية والتأثير على الأمور الداخلية وبناء أسس لبيئة تؤسس أحزاب وتيارات سياسية فى الداخل السورى، وهو أمر حتى الآن ليس واضحا، فخطوات أحمد الشرع أو محمد الجولانى الذى يدير الأمور الآن فى الداخل السورى، لا نرى فيها إشراكاً من كان فى الخارج فى الحكومة الحالية، فهناك انفراد لأحمد الشرع أو محمد الجولانى وجبهة تحرير الشام فى اتخاذ ووضع شخصيات معينة فى الحكومة، ما أدى إلى وجود انتقاد للسوريين والشارع السورى تجاه ذلك.
وتأتى تحذيرات المبعوث الأممى لسوريا، جير بيدرسون، فى إطار أن الحرب والأزمة فى سوريا لم تنته حتى الآن، والدعوة لضرورة إشراك الجميع فى حل هذه الأزمة، فالشعب السورى بالتأكيد قد استفاد من هذه التجربة ويريد أن يبنى سوريا الجديدة بكل المقاييس.
وكان من المتوقع من انهيار النظام السورى أنه سيؤدى إلى حرب أهلية شرسة، وما حدث هو العكس، فهناك فرصة ذهبية وعوامل موضوعية لبناء سوريا الجديدة، ينقصها العمل الذاتى.
ويعتبر أكبر خطر الآن على سوريا هو التدخل الأجنبى، لأن الأجنبى عندما يتدخل، أياً كان هذا الأجنبى، لا يتدخل لصالح الشعب السورى الشقيق، لا يتدخل لصالحه هو كدولة مستفيد من السوريين أو مستفيد من الخيرات السورية، وإذا تم ترك السوريين بمفردهم سيستطيعون بناء سوريا الجديدة، واستخدام قدراتهم على تحييد التدخلات الأجنبية، والصمود والابتعاد عن الضغوط الأجنبية التى تدفعهم لاتخاذ قرارات معينة، قد لا تكون بالضرورة فى صالح سوريا والشعب السورى، استنادا إلى رغبتهم فى إقامة مؤتمر وطنى شامل وكامل يضم كل مكونات الشعب السورى، والتى عانت كثيراً منذ نصف قرن تقريباً.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشعب السورى التدخلات الأجنبية تصحيح مسار محمد على محمد الشعب السوري الشقيق المجتمع الدولي سوریا الجدیدة فى الحکومة یکون هناک حتى الآن فى سوریا
إقرأ أيضاً:
أولويات سوريا اقتصاديا في المرحلة الانتقالية
يمثل التعافي الاقتصادي لسوريا تحديا استثنائيا في تاريخ إعادة إعمار الدول في العصر الحديث. فالأزمة السورية لم تكن مجرد صراع سياسي أو عسكري، بل أدت إلى تفكك شامل للنسيج الاقتصادي والاجتماعي للبلاد. قبل الأزمة، كانت سوريا تتمتع باقتصاد متنوع نسبيا، يجمع بين الزراعة والصناعة والتجارة، مع موقع استراتيجي يؤهلها لدور محوري في المنطقة، لكن سنوات الصراع أدت إلى تدمير ممنهج للبنية التحتية، وتشتت رأس المال البشري، وانهيار العملة الوطنية، وتفكك المؤسسات الاقتصادية.
يواجه الاقتصاد السوري تحديات جسيمة بعد سنوات من الصراع، أهمها انهيار البنية التحتية في المراكز الصناعية والتجارية الرئيسية، تدهور حاد في قيمة العملة وتضخم مفرط، وتعطل الإنتاج الزراعي في المناطق الحيوية، وتشظي المناطق الاقتصادية تحت سيطرات مختلفة، وهجرة الكفاءات وفقدان القوى العاملة الماهرة، وتدهور الخدمات والمرافق العامة، واستنزاف الاحتياطيات الأجنبية ومحدودية الوصول للتمويل الدولي.
وتواجه سوريا تحديا مزدوجا: إعادة بناء ما دُمر، وفي الوقت نفسه تحديث وتطوير الاقتصاد ليتواكب مع متطلبات القرن الحادي والعشرين. هذا التحدي يتطلب رؤية شاملة تجمع بين الواقعية في التعامل مع الظروف الراهنة، والطموح في استشراف المستقبل، كما يتطلب توازنا دقيقا بين الاحتياجات العاجلة للسكان وضرورات التنمية المستدامة طويلة المدى.
وتتمثل أولويات المرحلة الانتقالية في عدة نقاط أهمها:
- إجراءات الاستقرار النقدي الفوري متمثلا في توحيد السياسة النقدية وتثبيت العملة، وإنشاء مجلس نقد موحد للإشراف على السياسة النقدية، ووضع خطة تدريجية لتوحيد العملة في جميع المناطق السورية، وتأسيس احتياطي نقدي طارئ بدعم إقليمي ودولي، وتنظيم عمل الصرافين ومكاتب التحويل، ووضع ضوابط مؤقتة لحركة رؤوس الأموال عبر الحدود، وإعادة هيكلة البنك المركزي وتعزيز استقلاليته.
- تأمين سلاسل إمداد السلع الأساسية متمثلة في إنشاء مخزون استراتيجي من السلع الأساسية (غذاء، دواء، وقود)، وتفعيل نظام بطاقة تموينية ذكية لضمان وصول الدعم لمستحقيه، وإقامة جسور جوية وبرية طارئة لاستيراد الاحتياجات العاجلة، وتنسيق مع دول الجوار لتسهيل حركة البضائع الأساسية، وإنشاء مراكز توزيع محلية في كل المحافظات، وتفعيل دور القطاع الخاص في سلاسل التوريد.
- استعادة الخدمات الأساسية متمثلة في خطة طوارئ لإصلاح محطات الكهرباء الرئيسية، وتأهيل سريع لشبكات المياه ومحطات المعالجة، وإصلاح عاجل لمنظومة توزيع المشتقات النفطية، واستعادة خدمات الاتصالات والإنترنت الأساسية، وتأمين خدمات الطوارئ الطبية في كل المناطق، وإعادة تشغيل مرافق النظافة والخدمات البلدية.
- تفعيل الإدارة المحلية الاقتصادية متمثلة في تشكيل مجالس اقتصادية محلية في كل محافظة، وتفويض صلاحيات اقتصادية عاجلة للإدارات المحلية، وإنشاء غرف عمليات اقتصادية مشتركة بين المحافظات، وتنسيق الجهود بين السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية، وتفعيل دور المجتمع المدني في إدارة الأزمات المحلية، وإنشاء نظام معلومات اقتصادي موحد بين المحافظات.
- إجراءات مالية عاجلة متمثلة في تجميد الديون المتعثرة مؤقتا، وإطلاق برامج تمويل طارئة للمشاريع الصغيرة، وتسهيل عمليات التحويل المالي الداخلية، ووضع آليات سريعة لتسوية المدفوعات الحكومية، وتفعيل نظام مصرفي مبسط للمعاملات اليومية، وإنشاء صندوق طوارئ لدعم الأسر المتضررة.
- ضبط الأسواق ومكافحة الاحتكار من خلال تشكيل لجان رقابة أسعار في الأسواق الرئيسية، ومكافحة الاحتكار والمضاربة في السلع الأساسية، وتنظيم آليات التسعير للسلع الضرورية، وإنشاء منافذ بيع حكومية مؤقتة، ودعم التجار الملتزمين بضوابط التسعير، وتفعيل دور جمعيات حماية المستهلك.
هذه الإجراءات تمثل الحد الأدنى المطلوب لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الأولي، وينبغي تنفيذها بشكل متوازٍ ومتناسق مع مراعاة الظروف المحلية لكل منطقة. كما يجب أن تكون هذه الإجراءات مرنة وقابلة للتكيف مع المتغيرات على الأرض.
إعادة تأهيل البنية التحتية وأهمها:
- ما يخص الطرق والجسور الحيوية، بتقييم شامل للأضرار في شبكة الطرق الرئيسية، وإعطاء الأولوية للطرق التي تربط المدن الكبرى ومراكز الإنتاج، وترميم الجسور الاستراتيجية التي تربط المناطق الحيوية، وإصلاح طرق الإمداد الرئيسية للمواد الأساسية، وتأهيل طرق التجارة الدولية والمعابر الحدودية.
- ما يخص النقل العام، إعادة تشغيل خطوط النقل العام داخل المدن، وتأهيل محطات النقل المركزية، وإصلاح أسطول النقل العام، وتنظيم خطوط النقل بين المحافظات.
- أما عن منظومة الطاقة، فيجب تقييم فني لمحطات الطاقة القائمة، وإصلاح عاجل للمحطات الأقل تضررا، وتركيب محطات توليد متنقلة للمناطق الأكثر احتياجا، وتأهيل محطات التحويل الرئيسية، وتطوير خطة للطاقة البديلة والمتجددة، وإصلاح خطوط نقل الطاقة عالية الجهد، وتأهيل شبكات التوزيع في المدن الرئيسية، وتركيب نظم مراقبة لمنع التعديات، وتحديث محطات التحويل الفرعية.
- وفيما يخص البنية التحتية للمياه، بتأهيل محطات معالجة المياه الرئيسية، وإصلاح السدود وقنوات الري، وحماية مصادر المياه الجوفية، وإنشاء محطات تحلية في المناطق الساحلية، وإصلاح شبكات توزيع المياه الرئيسية، وتجديد محطات الضخ، وتركيب عدادات ذكية، ومكافحة التسرب والفاقد.
- أما عن البنية التحتية للصرف الصحي، بإعادة تأهيل محطات معالجة الصرف الصحي، وتحديث تقنيات المعالجة، وإنشاء محطات معالجة مؤقتة للمناطق المنكوبة، وتطوير نظم إعادة استخدام المياه المعالجة، وإصلاح شبكات الصرف الرئيسية، وتجديد محطات الرفع، ومعالجة نقاط الطفح، وتحديث خطوط الصرف القديمة.
- أما عن البنية التحتية للاتصالات، بإعادة تأهيل مراكز الاتصالات الرئيسية، تجديد شبكات الألياف الضوئية، وإصلاح أبراج الاتصالات المتضررة، وتحديث مراكز البيانات، وتطوير البنية التحتية للإنترنت، وزيادة سعات الربط الدولي، وتأمين خدمات الإنترنت للمؤسسات الحيوية، وتحسين جودة الخدمة في المناطق النائية
- وفيما يخص المرافق العامة الصحية بإعادة تأهيل المستشفيات الرئيسية، وتجهيز المراكز الصحية الأولية، وإنشاء وحدات طبية متنقلة، وحديث مراكز الطوارئ.
- أما عن المرافق التعليمية، بترميم المدارس المتضررة، وتجهيز القاعات الدراسية، وإنشاء مدارس مؤقتة، وتأهيل المرافق الجامعية الأساسية.
- إصلاح الحوكمة الاقتصادية، بإنشاء مؤسسات مالية شفافة، وتطوير أطر مكافحة الفساد، وخلق تشريعات محفزة للاستثمار، وإعادة هيكلة مؤسسات القطاع العام، وتنفيذ إصلاحات مالية وضوابط موازنة.
إحياء القطاعات الإنتاجية
- في القطاع الزراعي، بإعادة تأهيل الأراضي الزراعية، ومسح شامل للأراضي الصالحة للزراعة، مع إزالة الألغام من الأراضي الزراعية، ومعالجة التربة المتضررة، وإعادة تأهيل نظم الري والصرف، وتطوير البنية التحتية الزراعية، ودعم المزارعين بتوفير البذور والأسمدة المدعومة، وتقديم قروض زراعية ميسرة، وتوفير المعدات الزراعية الأساسية، وإنشاء صندوق دعم للمزارعين المتضررين، وتقديم الإرشاد الزراعي المتخصص، وإنشاء مراكز تجميع المحاصيل، وتطوير وحدات التخزين والتبريد، ودعم الصناعات الزراعية التحويلية.
- وفي القطاع الصناعي، بإعادة تأهيل المناطق الصناعية، وإعادة تأهيل البنية التحتية الصناعية، وإنشاء مناطق صناعية مؤقتة، ودعم المنشآت الصناعية بحوافز لإعادة تشغيل المصانع، وتسهيلات جمركية للمواد الأولية، وبرامج تدريب العمالة الصناعية. وينبغي تطوير الصناعات الاستراتيجية خاصة صناعة مواد البناء، والصناعات الغذائية، والصناعات الدوائية، والصناعات النسيجية، وهي تعتبر صناعات استراتيجية للمرحلة.
- وما يخص المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فينبغي الدعم المالي والفني بتنفيذ برامج تمويل ميسرة، ومنح إعادة التأهيل، مع خدمات استشارية مجانية، وتدريب أصحاب المشاريع، ودعم التسويق والترويج.
- تطوير البيئة التنظيمية، بتبسيط إجراءات الترخيص، مع إعفاءات ضريبية مؤقتة، وتسهيل الوصول للتمويل، وبناء حاضنات أعمال متخصصة، مع مراكز خدمات موحدة.
نجاح هذا المشروع التنموي يعتمد على مدى القدرة على تحويل التحديات الراهنة إلى فرص للتطوير والتحديث، والاستفادة من الدروس المستفادة من تجارب إعادة الإعمار في دول أخرى، مع الحفاظ على الخصوصية السورية
- تنمية رأس المال البشري، باستعادة الكفاءات المهاجرة، وطرح برامج العودة المتخصصة، مع حوافز مالية وضريبية للعائدين، وتأمين السكن والخدمات الأساسية، وتوفير فرص عمل مناسبة للتخصصات، وتسهيلات لنقل الأصول والممتلكات، مع دعم إنشاء المشاريع الخاصة.
ويتم ذلك بتنفيذ برامج الربط مع الكفاءات في المهجر بإنشاء منصة للتواصل مع الكفاءات السورية، وتنفيذ برامج التوجيه والإرشاد عن بعد، وضرورة بناء القدرات المؤسسية، بتطوير الكوادر الإدارية، وتدريب القيادات الإدارية، ودعم برامج إدارة التغيير.
هذه الإجراءات تشكل إطارا متكاملا لتنمية رأس المال البشري، مع ضرورة التنفيذ المتوازن والمتناسق مع باقي محاور خطة التعافي الاقتصادي.
وختاما، فإن إعادة بناء الاقتصاد السوري ليس مجرد تحدٍ تقني أو مالي، بل هو مشروع وطني شامل يتطلب تضافر جهود جميع السوريين وشركائهم الدوليين. ويمكن تلخيص أهم الأولويات العاجلة في ثلاث نقاط محورية:
- الاستقرار الاقتصادي الفوري من خلال توحيد السياسة النقدية، وضبط التضخم، وتأمين السلع الأساسية، كأساس لأي تعافٍ اقتصادي مستدام.
- إعادة الإعمار المؤسسي عبر إصلاح المؤسسات الاقتصادية وتحديثها، مع التركيز على الشفافية والحوكمة الرشيدة كضمان لاستدامة التنمية.
- التنمية البشرية من خلال استعادة الكفاءات المهاجرة، وتأهيل جيل جديد من الكوادر الوطنية، وخلق فرص عمل مستدامة.
إن نجاح هذا المشروع التنموي يعتمد على مدى القدرة على تحويل التحديات الراهنة إلى فرص للتطوير والتحديث، والاستفادة من الدروس المستفادة من تجارب إعادة الإعمار في دول أخرى، مع الحفاظ على الخصوصية السورية. ويبقى الرهان الأكبر على قدرة السوريين أنفسهم على تجاوز آثار الأزمة والانطلاق نحو مستقبل أفضل.
كل هذه الإجراءات يجب أن تنفذ ضمن إطار زمني محدد وبالتوازي مع خطط التنمية الأخرى، مع مراعاة الاستدامة والقدرة على الصيانة المستقبلية.