ما الأجندة التي يحملها بزشكيان خلال زيارته إلى القاهرة؟
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
طهران- في زيارة هي الثانية من نوعها لرئيس إيراني إلى مصر منذ انتصار الثورة الإسلامية التي تسببت بقطع العلاقات بين البلدين، شارك الرئيس مسعود بزشكيان في قمة مجموعة الثماني الإسلامية النامية (دي-8) بالقاهرة، في حين تصف الأوساط السياسية في طهران الزيارة بأنها خطوة مهمة في سبيل تعزيز العلاقات الثنائية، والتنسيق بشأن التطورات الإقليمية.
وقبيل مغادرته طهران، مساء أمس الأربعاء، اعتبر بزشكيان أن قمة القاهرة "تمثل فرصة للدبلوماسية النشطة والتقارب أكثر فأكثر في المنطقة"، مؤكدا أنه "كلما استطعنا تحسين العلاقات مع الدول الإسلامية سنتمكن من إحباط مؤامرات الأعداء".
يأتي ذلك، عقب تكثيف الجانبين الاتصالات الدبلوماسية بينهما منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ سبق وسافر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى طهران في يوليو/تموز الماضي لحضور حفل تنصيب بزشكيان، قبل أن يقوم نظيره الإيراني عباس عراقجي بزيارة القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لمناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وزير الخارجية المصري (وسط) شارك في حفل تنصيب بزشكيان (المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية) أهمية الزيارةوعلّق المستشار السياسي للرئاسة الإيرانية مهدي سنائي، على زيارة بزشكيان إلى مصر، وكتب على منصة إكس، أنها "تحظى بأهمية على مستوى المعادلات الإقليمية والعالمية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية المنضوية في مجموعة الثماني النامية، وكذلك التمهيد لإقامة العلاقات بين إيران ومصر".
من ناحيته، يستهدف وزير الاقتصاد والمالية الإيراني، عبد الناصر همتي، زيادة أنشطة بلاده في التكتل، مذكرا بمرور نحو 3 عقود على تأسيس مجموعة دي-8 "من دون الاستفادة من هذه الفرصة كما يجب لأسباب مختلفة"، دون الخوض في التفاصيل.
ومن على متن الطائرة التي أقلته إلى القاهرة، نشر همتي شريطا مصورا شرح فيه الحجم الحالي للتجارة بين أعضاء المجموعة، مؤكدا أنه لم يبلغ المستوى المنشود بعد، مستدركا أن حوالي 7 إلى 8 بالمئة من التجارة بين الدول الأعضاء تتم بالعملة الوطنية، وأنه يتوقع ارتفاعها إلى 10% مستقبلا، وأوضح أن حجم التجارة بين دول المجموعة سيصل إلى 500 مليار دولار بنهاية 2030.
إعلانوفضلا عن طموحات إيران لتطبيع علاقاتها مع مصر وتفعيل الطاقات الاقتصادية للدول الإسلامية النامية، فإن قمة القاهرة عقدت في ظروف إقليمية دقيقة بدأت تنعكس سلبا على مصالح طهران الإقليمية، بدءا من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، والاغتيالات الإسرائيلية التي طالت قيادات عليا للمقاومة في لبنان، مرورا بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وتفاقم الهجمات الإسرائيلية الغربية على اليمن.
عباس عراقجي (يسار) ناقش في زيارة للقاهرة خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي القضايا الإقليمية (الفرنسية) الدور الإقليميفي السياق، نشرت صحيفة "آرمان أمروز" الإيرانية تقريرا سلطت خلاله الضوء على حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع القاهرة، وإمكانية عقد اجتماعات ثنائية ومتعددة الأطراف بين القادة المشاركين في القمة، مؤكدة أنه من شأن مباحثات القاهرة تمكين الجانب المصري من إقامة قناة تواصل بين طهران وأنقرة بعد الإطاحة بنظام الأسد في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي والسفير الإيراني الأسبق في بريطانيا جلال ساداتيان، قوله إن أهمية زيارة بزشكيان إلى القاهرة تكمن في المساعي الرامية إلى إحياء الدور الإقليمي الذي خسرته إيران بعد سقوط الأسد، وليس الحضور في قمة (دي-8).
ولدى إشارة ساداتيان إلى تغييب طهران عن اجتماع العقبة حول سوريا مؤخرا، يستشرف الدبلوماسي الإيراني أن ثمة مساعي إقليمية ودولية تهدف إلى تقويض دور طهران في معادلات الشرق الأوسط بعد الإطاحة بحليفها في دمشق.
وبرأي المتحدث، فإنه برغم المساعي لردم الهوة في العلاقات الإيرانية المصرية، فإن القاهرة سوف تأخذ الملاحظات الإقليمية بدءا من الدول الخليجية حتى تركيا بعين الاعتبار قبل التحرك لترميم علاقاتها مع طهران.
وبما أن تعزيز العلاقات الإيرانية من بوابة المنظمات والتكتلات الإقليمية والدولية بما فيها مجموعة الثماني النامية لن تجدي الاقتصاد الوطني نفعا في ظل العقوبات المفروضة على طهران وبقائها في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي "فاتف"، يحث ساداتيان على تعزيز دبلوماسية إيران حتى تجعل أي اتفاق حول مستقبل سوريا والمنطقة أمرا مستحيلا من دون منح طهران دورا فاعلا فيه.
إعلان الميزان التجاريوعلى وقع الجدل حول أولويات الاقتصاد الإيراني بين من يرى في توطيد العلاقات مع الدول الإقليمية والإسلامية سياسة ناجعة للالتفاف على الضغوط الغربية، وفئة أخرى تعتقد بضرورة التحرك الدبلوماسي لخفض التوتر مع الأوساط الدولية وشطب اسم البلاد من القوائم السوداء، تشير الأرقام الرسمية إلى أن تجارة طهران الخارجية مع مصر تكاد لا تذكر مقارنة مع شركائهما الآخرين.
وأعلن المتحدث باسم لجنة العلاقات الدولية وتنمية التجارة في "الدار الإيرانية للصناعة والتجارة والمناجم" روح الله لطيفي، أن تجارة بلاده الخارجية مع مصر لم تتجاوز 17 مليونا و186 ألف دولار خلال الأشهر الـ8 الأولى من العام الإيراني (من 21 مارس/آذار حتى 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2023)، مسجلة نموا بنسبة 67% في القيمة و65% في الحجم، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الإيراني الماضي.
وفي تقرير أرسله إلى الجزيرة نت بطهران، أوضح لطيفي أن حجم الصادرات الإيرانية إلى مصر خلال الأشهر الـ8 الماضية بلغ 28 ألفا و116 طنا، بقيمة 13 مليونا و798 ألفا و476 دولارا، في حين بلغت الواردات من مصر 7 آلاف و767 طنا بقيمة 3 ملايين و387 ألفا و872 دولارا، مسجلة نموا بنسبة 592% في القيمة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، في حين سجلت الصادرات الإيرانية إلى مصر نموا بنسبة 30% في الحجم و41% في القيمة.
وبعيدا عن المبادلات التجارية المناسبة مع إرادة الجانبين الإيراني والمصري بشأن التقارب، فإن هناك من يشكك في إيران على قدرة مجموعة الثماني الإسلامية النامية على تحقيق ما عجزت عنه خلال العقود الماضية.
وفي السياق، نشر الكاتب السياسي صابر كل عنبري مقالا في قناته على منصة تليغرام، يستذكر إطلاق التكتل قبل نحو 27 عاما بمشاركة أهم الدول الإسلامية من دون السعودية، موضحا أن عنصر "الإسلامية" كان دافعا أساسيا حينها لتشكيل تكتل إسلامي قوي في العالم، وأن الجهات المؤسسة رفعت أهدافا مثل "السلام بدلا من الصراع، والحوار بدلا من التقابل، والتعاون بدلا من الغطرسة".
إعلانويستنتج الكاتب أنه بعد مرور نحو 3 عقود على تأسيس مجموعة الدول الإسلامية النامية لم تتحقق الأهداف آنفة الذكر، بل حدث نقيضها في الأغلب، فعلى سبيل المثال خيّم التوتر على العلاقات بين إيران وتركيا ولم ترتقِ علاقاتهما -سوى في بعض الفترات لضرورة مبدأ الجوار- إلى التعاون الإستراتيجي، كما أنهما لم تتمكنا من حل الأزمة السورية عبر التعاون، كونها مثلت أهم تحدٍّ في علاقات الدولتين خلال السنوات الماضية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإسلامیة النامیة الدول الإسلامیة مجموعة الثمانی إلى مصر
إقرأ أيضاً:
انخفاض تاريخي للتومان الإيراني.. وإطفاء الطرقات بسبب أزمة الطاقة
بغداد اليوم- متابعة
انخفضت قيمة التومان الإيراني، اليوم الأربعاء (18 كانون الأول 2024)، إلى أدنى مستوى في تاريخه، حيث فقد أكثر من 10% من قيمته منذ أن فاز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ما يبرز تحديات جديدة أمام طهران، في الوقت الذي ما زالت تواجه فيه الحروب في الشرق الأوسط، وسط تصاعد أزمة الطاقة بالتزامن مع بدء الصقيع.
وأطفأت السلطات الإيرانية الأنوار التي تضيء الطرق السريعة في طهران، مع تطبيق الجمهورية الإسلامية العديد من الإجراءات بهدف توفير الوقود وسط موجة برد قارس.
وفي الأيام الأخيرة، أصدرت إيران تعليمات بإغلاق المدارس والمكاتب الرسمية في كل أنحاء البلاد، بعد اضطرارها إلى تقنين الكهرباء، رغم امتلاكها أحد أكبر احتياطات الغاز الطبيعي في العالم.
وقال علي رضا رضائي، نائب رئيس شركة الكهرباء في طهران، لوكالة (إرنا) الرسمية للأنباء، إنّ "الأنوار أُطفئت على الطرق السريعة خلال الشهرين الماضيين لتوفير الوقود".
وأضاف أنه "في الوقت الراهن، لا أضواء على الطرق السريعة في المناطق الحضرية"، مضيفاً أن "الأضواء الموجودة في الشوارع ما زالت تعمل".
وتابع أنه رغم المخاوف المرتبطة بالسلامة، سيستمر قطع الكهرباء على الطرق السريعة "ما دام هناك خلل في توازن الطاقة وحتى إدارة استهلاك الوقود على مستوى البلاد، وحذّرت شرطة المرور الإيرانية من أن انقطاع التيار الكهربائي قد "يتسبب في زيادة هائلة في عدد الحوادث".
والثلاثاء، بدأت المراكز التجارية في طهران تغلق أبوابها قبل ساعتين من الموعد الاعتيادي لتوفير الطاقة. وقال محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين، في حوار أمس الثلاثاء مع التلفزيون الحكومي، إن إمدادات النقد الأجنبي سترتفع، وسيستقر سعر الصرف.
وأضاف أنه جرى ضخ 220 مليون دولار في سوق العملة. ويأتي انخفاض العملة في الوقت الذي أصدرت إيران فيه أوامر بإغلاق المدارس والجامعات والمكاتب الحكومية اليوم الأربعاء بسبب تزايد سوء أزمة الطاقة التي تفاقمت بسبب ظروف الطقس السيّئ.
وتملك إيران بعضاً من أكبر موارد الغاز والنفط في العالم، غير أنّ شبكة الكهرباء في البلاد تعاني نقص الاستثمارات في بنيتها التحتية، خصوصاً بسبب العقوبات الغربية.
واضطرّت إيران إلى ترشيد الكهرباء في الأسابيع الأخيرة بسبب نقص الغاز والوقود لتشغيل محطات الطاقة لديها، وقال المتعاملون في طهران إن الريال سجل 777 ألف ريال أمام الدولار، مقارنة بـ703 آلاف ريال يوم فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية.