الحياة الريفية في أفغانستان.. صمود وتكافل في وجه الأزمات
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
كابل- تستيقظ السيدة الستينية بيبي فاطمة كل صباح كعادتها اليومية، تبدأ يومها بتوضؤ ثم تتوجه إلى المطبخ الخارجي في منزلها الريفي الطيني. تقوم بخلط الطحين مع الماء وتتركه ليختمر، وخلال ذلك تؤدي صلاة الفجر. وعلى الرغم من وجود بناتها وزوجات أبنائها في هذا المنزل الكبير، فإن بيبي فاطمة تصر على تحضير الخبز وخبزه في التنور بنفسها.
تقيم بيبي فاطمة في إحدى القرى الجبلية التابعة لولاية بدخشان شمال شرق أفغانستان، في منزل كبير مع أسرتها الممتدة التي تضم زوجها، وأبناءها الأربعة، بزوجاتهم، وأحفادها، واثنتين من بناتها غير المتزوجات. يتوسط منزلهم حديقة مليئة بالأشجار المثمرة، وخلفه حقل للخضراوات والقمح. تُعد الأسرة من العائلات الأفغانية المتوسطة الحال والتي تعتمد على مواردها الذاتية.
تتذكر بيبي فاطمة الأيام العصيبة التي عاشتها في شبابها، وتقول: "مررنا بأزمات كثيرة، خاصة في زمن الاجتياح الروسي لأفغانستان عندما أغلقت جميع الطرق إلى كابل، وانقطعت المواد التموينية من الأسواق. منذ ذلك الوقت تعلمنا الاعتماد على أنفسنا لتوفير احتياجاتنا. خلال الحروب المتعاقبة، استمررنا بفضل النظام الذي اتبعناه في إدارة شؤون حياتنا".
على مدار الأربعين عاما الماضية، عانت أفغانستان من سلسلة من الحروب المتتالية، بدءا من الاجتياح الروسي مرورا بالحرب الأهلية وصولا إلى الاحتلال الأميركي. ومع هذه الأزمات، تعلمت العائلات الأفغانية الصمود بالاعتماد على الذات، بعيدا عن دعم الحكومات التي حكمت البلاد.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مجلس الشورى الإيراني يطلب تعديل مشروع قانون مثير للجدل بشأن الحجابlist 2 of 2تقاليد كعكة الزفاف.. من رمز للخصوبة إلى فوضى تلطيخ وجه العروس؟end of list إعلان إدارة المنزل: عمل جماعيتوضح بيبي فاطمة تفاصيل حياتها قائلة: "نزرع القمح، وعندما يحين وقت الحصاد، نقوم بطحنه وحفظه في خزانات خاصة لصنع الخبز طوال العام. لدينا 5 بقرات توفر لنا الحليب ومشتقاته، وما يزيد عن حاجتنا نقوم بتجفيفه على شكل كرات لاستخدامها لاحقًا. بالنسبة للفاكهة والخضراوات، فإننا نزرع ما يكفينا في معظم أيام السنة، ونربي الدجاج الذي يوفر لنا البيض".
وعن وسائل التدفئة والطهي تقول: "نستخدم روث البقر كوقود، إضافة إلى الحطب الذي نحصل عليه من الحقل".
هذا المنزل الريفي لا يختلف عن غيره من المنازل الريفية في القرى الأفغانية، حيث يعمل الجميع فيه كخلية نحل. كل فرد من أفراد الأسرة له دوره المحدد، حتى الأطفال الصغار الذين يتسابقون لجمع الجوز واللوز من تحت الأشجار، والشابات اللواتي يتنافسن في حياكة أجمل الأثواب، والرجال الذين يقومون بحفر قنوات المياه وتنظيفها. وتُشرف بيبي فاطمة على كل هذه المهام بفخر قائلة: "أنا سعيدة بأنني تمكنت من توفير حياة مريحة لعائلتي رغم كل التحديات".
تشرح بيبي فاطمة طرق حفظ المحاصيل قائلة: "كل نوع من المحاصيل له طريقة حفظ خاصة. نقوم بتجفيف الفواكه مثل المشمش، التوت، العناب، والخوخ، وكذلك المكسرات مثل الجوز واللوز. نصنع المربى من بعض أنواع الفاكهة، بينما تُحفظ البطاطس تحت التراب. كما نجفف الطماطم والفلفل والخضراوات الورقية كالنعناع، ونحفظ البقوليات مثل اللوبياء والحمص. في الخريف، نقوم بذبح عجول وتجفيف لحومها بتعليقها في الهواء. عندما يأتي الشتاء، يكون لدينا مخزون كامل من اللحوم، الفواكه، والحبوب، ونادرًا ما نحتاج لشراء أي شيء من السوق".
قيم التكافل الاجتماعيفي قرية شاهجوي التابعة لولاية زابل جنوب أفغانستان، يعيش حاجي عين الدين مع عائلته الكبيرة في منزل كبير. بيته وجهة لكل محتاج، سواء الأطفال الذين يملؤون الماء من بئره أو من يطلب الحليب والخضراوات. يقول حاجي عين الدين: "الحمد لله، بيتي مفتوح للجميع. لقد عشت سنوات طويلة في فقر وأعرف صعوبته. الآن بعد أن منّ الله عليّ بالرزق، لن أبخل على أي محتاج".
ويضيف: "في قرى أفغانستان، لن تجد فندقا واحدا، لكنك ستجد مكانا في أي بيت تطرقه. نحن نستضيف ما لا يقل عن 10 ضيوف يوميًا من العابرين، ونوفر لهم المأوى والطعام. هذا واجبنا كأفغان".
إعلان العرف الأفغاني: البشتونوالييوضح شمس الدين أحمدي، المختص في علم الاجتماع، أن القيم الأفغانية تعتمد على "البشتونوالي": قانون عرفي يشمل قيم الكرم، الجوار، العدالة، والشجاعة. يقول أحمدي: "العزلة الثقافية للأفغان ساعدت في حماية هذه القيم، خاصة في القرى. المجتمع الأفغاني متدين ومحافظ، مما عزز من تمسكه بهذه المبادئ".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية أفغانستان للجزيرة: لن نكون ساحة للتنافس السلبي بين القوى الكبرى
وجاء حديث متقي -في لقاء خاص مع الجزيرة- تعقيبا على التوتر المتصاعد بين الهند وباكستان، معربا عن أمله بألا تندلع أي أزمات جديدة في المنطقة.
وأكد أن موقف كابل هو دعم الأمن والاستقرار، لافتا إلى أن أفغانستان لديها علاقات تجارية مع كل من باكستان والهند.
وفي 30 أبريل/نيسان 2025، قال وزير الإعلام الباكستاني عطا الله تارار إن لدى بلاده معلومات استخباراتية موثوقة تفيد بأن الهند تنوي شن ضربة عسكرية على باكستان خلال الـ24 إلى الـ36 ساعة المقبلة، وذلك في أحدث نذر الحرب بين الجارتين النوويتين، والتي تتكشف بشكل متسارع.
وأوضح الوزير الباكستاني أن الهند ستشن هذه الضربة العسكرية "متذرعة بواقعة بهلغام (في إقليم كشمير المتنازع عليه)"، مؤكدا أن "أي عدوان سيُقابل برد حاسم، وستتحمل الهند المسؤولية الكاملة عن أي عواقب وخيمة في المنطقة".
وشدد متقي على أن الموقع الجغرافي والظروف السياسية لأفغانستان يفرضان اتباع سياسة متوازنة، مشيرا إلى أنها السياسة التي تعتمدها كابل وتسعى من خلالها إلى إقامة علاقات إيجابية مع جميع الدول.
ووجّه القائم بأعمال وزير الخارجية الأفغاني رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن بلاده "لن تكون بعد اليوم ساحة للصراعات أو التنافس السلبي بين القوى الكبرى أو الدول الإقليمية".
إعلانوأضاف "إذا وجد تنافس فنحن نريده أن يكون تنافسا إيجابيا في مجالات الاقتصاد والتجارة ونقل الترانزيت والتكنولوجيا والحوار"، مؤكدا استعداد بلاده للتعاون في جميع هذه المجالات.
وأكد متقي أن سياسة أفغانستان ليست قائمة على أساس الإضرار بأي طرف، بل تقوم على الحياد والتوازن، مشيرا إلى أن العقوبات على بلاده غير مبررة، مطالبا في الوقت ذاته برفعها بشكل كامل.
30/4/2025