مئة عام من العزلة رواية مدهشة ومسلسل يختزل أحداث 7 أجيال
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
يحسب للمخرج الأرجنتيني الأصل أليكس غارسيا ماركيز شجاعته في التصدي لتحويل واحدة من أعظم الروايات بالتاريخ إلى مسلسل تلفزيوني، وهي "مئة عام من العزلة" One Hundred Years of Solitude التي تعد الرواية الأكثر شهرة للكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز الحاصل على جائزة نوبل. وقد رفض كاتبها تحويلها إلى فيلم سينمائي قبل رحيله عام 2014، مشيرا إلى أن النص روائي طويل للغاية ويغطي أحداث حياة 7 أجيال، وبالتالي لن يتمكن صانع العمل من عمل حبكة فيلمية تكفي لكل هذه السنوات والأحداث والأجيال.
ولم ينجح المخرج في تحويل "مئة عام من العزلة" إلى مسلسل تلفزيوني متميز فقط، بل نقل أجواء الرواية بشكل مكثف. ورغم إخلاصه للعمل الأدبي، أستطاع أن يضيف حلولا درامية للرواية التي فاز صاحبها بجائزة نوبل عنها عام 1982.
الصورة بألف كلمةأكد ماركيز على مقولة تسود منذ زمن تشير إلى أن الصورة بألف كلمة، حيث حقق ودقق ونفذ الوصف المكاني لقرية ماكوندو التي تدور أغلب الأحداث فيها، فجاءت كما تخيل قارئ وكاتب الرواية، وحوّل الشخصيات المتخيلة إلى بشر من لحم ودم، ونفذ إلى المعنى الأعمق للرواية، وذلك حين قدم نسخته ونسخة الكاتب الكولومبي من قصة نشأة الحضارة على الأرض بعد قتل قابيل أخاه هابيل، ويعرض الجزء الأول من العمل الدرامي على شاشة نتفليكس في 8 حلقات، بينما لم يعلن -بعد- موعد عرض الجزء الثاني.
إعلانوتبدأ قصة "مئة عام من العزلة" منتصف القرن الـ19 حيث يتعرف الجمهور على الزوجين الشابين خوسيه أركاديو بوينديا (ماركو أنطونيو جونزاليس) وأورسولا إيجواران (سوزانا موراليس) اللذين تزوجا دون رضا العائلة التي تخشى زواج الأقارب، وتعتبره من كبريات المآسي. وكانت والدة أورسولا قد قدمت لابنتها تنبؤات بأنها ستلد أطفالا وحوشا بذيول.
ويتورط خوسيه في قتل جاره لأنه سخر من زواجه، وتتم تبرئته من الجريمة، لكنه يضطر للبحث عن مكان جديد للعيش ويجمع مع زوجته أمتعتهما وينطلقان بعيدًا. وقبل أن يبدأ الزوجان رحلتهما، تذكر والدة أورسولا ابنتها "بغض النظر عن المكان الذي تركضين إليه، فلن تتمكني أبدًا من الهروب من القدر الحقيقي".
ويصل الزوجان ومعهما عدد من الأسر التي رافقتهم إلى حافة نهر قريب، ويقرر أركاديو تأسيس قرية "ماكوندو" هناك. ويعرض المسلسل تفاصيل من حياة 7 أجيال من عائلة بوينديا، تطاردهم مآلات الحب والنسيان والمصير المحتوم في مكانهم الجديد الذي صار وطنا لهم.
أحداث "مئة عام من العزلة" بدأت منتصف القرن الـ19 (التواصل الاجتماعي) الواقعية السحرية من الأدب إلى الدرامالم تكن كتابات الواقعية السحرية غريبة تماما حين قدمها ماركيز في روايته، لكن الأديب الكولومبي جعلها فنا قائما بذاته، وأصبحت بعد صدور روايته نوعا أدبيا له خصوصيته، لكن الشرط الرئيس لهذا النوع من الحكي أن سحره وعجائبيته تتأسس على الواقع، وهي محكومة بشروطه.
وقد برز التزام صناع المسلسل بهذا الشرط من خلال بناء البيئة التي تدور فيها الأحداث، وتتشكل من مجتمع بدائي تماما، تربط أفراده علاقات، وتحكمها القوة والرغبة بالنجاة في ظروف بيئية غامضة، لكن مآلات غامضة تطارد أفرادها وتحدد مصائرهم.
واستطاع مبدعو العمل تفكيك النص الروائي وإبراز كل شخصية رئيسية في العمل وربطها بالمعنى الذي تتشكل معه الصورة الكلية، وإذا كان الأب بوينديا قد انساق وراء محاولات مهووسة لاكتشاف العالم وقوانينه بدءا من الفيزياء والكيمياء إلى الفلسفة والبحث عن الخلود، فإن زوجته كانت تمثل طوال العمل ذلك الرحم الذي يرعى الجميع ويحافظ على استمرار أكبر وأهم بيت في ماكوندو سواء برعاية الأبناء أو تربيتهم.
إعلانوفي الجيل التالي، يقترف الابن الأكبر الخطيئة ويهجر "ماكوندو" تاركا ثمرة الخطيئة في بيت العائلة، ويملك الابن الثاني "أوريليانو" حسا تنبؤيا، أو قدرة على التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها، ويتحول مع تطور الأحداث إلى أحد قادة المجموعات المتمردة بالحرب الأهلية التي دارت رحاها في المنطقة. ولكنه، أيضا، ينجب طفل خطيئة، ويفرضه كابن شرعي على العائلة. ويضم الجيل الثاني فتاتين، إحداهما أقرب إلى صورة الساحرة الشريرة الحاقدة على أختها الأجمل منها، والتي تقع في الحب أكثر من مرة كل منها ينتهي بمأساة.
وكانت الأم "أورسولا" قد ذهبت للبحث عن ابنها بعد هروبه، ولكنها عادت بعد أشهر دون أن تجده، لتستقبل طفلة يتم ضمها إلى أطفال المنزل. وتنقل إلى البلدة التي تنتشر فيها عدوى مرض يؤدي لعدم القدرة على النوم، ثم النسيان التام.
ويقدم المخرج قصة "لعنة النسيان" التي أصابت عائلة بوينديا، وماكوندو كلها بشكل مدهش عبر مشاهد متتابعة، تكشف عن المعنى الأعمق للقطيعة المعرفية مع الواقع، وكيف يمكن أن تؤدي إلى الانقراض، لولا الغجري المتجول ملكيادس (جينو مونتيسينتوس) الذي قدم العلاج، والمعرفة لكبير العائلة.
وتحاول الكنيسة فرض سطوتها على البلدة، فيرفض "أركاديو" وتحاول الحكومة المركزية فرض سلطتها من خلال حاكم، فترفضه "ماكوندو" وتفضل العلاقات البدائية التي لا تستند إلى قوانين.
وبين البحث عن المعرفة وحكمة الحياة، يفقد كبير العائلة عقله، فيتم ربطه إلى شجرة بحديقة البيت، ويتحول إلى ما يشبه نصب تذكاري للأحزان وللذكريات. بينما يهاجر الأبناء، ومن ثم يرسلون أطفالهم، ويولد جيل ثالث تواكب نشأته تطورات سياسية ودينية.
ويبدو العمق الأدبي حاضرا بالنص التلفزيوني، حيث حرص العمل على إظهار تكرار التاريخ في دوائر. وتحول الأحداث إلى صور من بعضها رغم مرور الزمن نتيجة تكرار الأبناء أخطاء ارتكبها الآباء، ورغم ما قد يبدو من اختلاف مصير الأب خوسيه أركاديو والابن الأكبر أركاديو، فإن خطيئة كل منهما الكبري تؤدي بأحدهما للجنون وبالثاني لقتل غامض لم يكشف عن أسراره النص الروائي أو المسلسل.
إعلانورغم الدقة الواضحة في نقل بيئة ماكوندو، والتفاصيل المدهشة لواقعية ماركيز السحرية، فإن الخيال الروائي والدرامي يستدعي الكثير من الماضي والحاضر البشري بدءا من قتل قابيل أخاه هابيل، إلى أزمات الباحثين عن المعرفة في مجتمعات لا تعترف بها، وصراعات السلطة والثروة، والحروب التي لا تتوقف لأسباب تتعلق بالمصلحة الذاتية كأولوية بدلا من مصلحة المجتمع.
ويبدو الفارق الأكثر وضوحا بين الرواية والمسلسل ذلك المناخ الكئيب الذي يبدو في معاناة أهل ماكوندو من حياة بدائية صعبة وإضاءة بسيطة، مقابل صفحات روائية تطلق العنان لخيال قارئ يستطيع أن يشكل الديكور والإضاءة كما يريد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. نظرة على عائلته قبل 8 سنوات وكيف تبدو الآن؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الاثنين المقبل، ريثما تكون دائرة عائلته قد شهدت تغييرات كثيرة مقارنة بما كانت عليه لدى وصوله إلى سدة الحكم لأول مرة قبل ثماني سنوات.
ابنه الأصغر، بارون، الذي كان في الصف الخامس حينها، أصبح الآن طالبًا جامعيًا يَفوق طوله والده، وأما حفيدته كاي، التي كانت تبلغ من العمر 9 سنوات في 2017، فقد أصبحت مؤثرة طموحة على وسائل التواصل الاجتماعي ولاعبة غولف بارعة، وحفيده جوزيف، الذي جلس في حضن ترامب ممسكًا بنموذج "ليغو" للبيت الأبيض، يبلغ الآن 11 عامًا.
ووفقا لوكالة الأنباء الأمريكية "أسوشيتد برس" فإن الشخصيات البارزة في محيط ترامب السياسي، مثل ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، يقيمان الآن في فلوريدا بعد أن كانا جزءًا من إدارته الأولى.
دور العائلة في حياة الرئيستوفر العائلة للرؤساء مصدر دعم معنوي وشخصي، بالإضافة إلى رفقة تمنحهم بعض الراحة من ضغوط العالم الخارجي. لكنها قد تكون أيضًا مصدرًا للصداع أحيانًا.
يقول تيفي تروي، المسؤول السابق في إدارة جورج دبليو بوش ومؤلف كتب عن الرئاسة: "العائلة قادرة على تقديم أمور لا يستطيع الآخرون تقديمها، ويمكن الوثوق بهم بطرق مختلفة، الجميع يحتاج إلى شخص يمكنهم التحدث معه في أوقات متأخرة عندما يخفّف من الرسميات".
ترامب، الرئيس المنتخب، لديه خمسة أبناء – ثلاثة منهم متزوجون – من زيجاته الثلاث إلى إيفانا ترامب، مارلا مابلز، وزوجته الحالية ميلانيا ترامب، كما أنه جد لعشرة أحفاد، وهناك حفيد آخر في الطريق.
نظرة على أفراد العائلة، آنذاك والآن
ميلانيا ترامب
آنذاك: أمضت ميلانيا الأشهر الأولى من ولاية ترامب الأولى في شقة العائلة بمانهاتن حتى لا يضطر بارون لتغيير مدرسته منتصف العام. لاحقًا، انتقلت إلى البيت الأبيض وسافرت داخل الولايات المتحدة وخارجها لتعزيز مبادرتها للأطفال "كن الأفضل" مع الحفاظ على خصوصيتها بشدة.
الآن: خلال حملة 2024، تجنبت ميلانيا المشاركة النشطة، وظهرت فقط في لحظات رئيسية مثل إطلاق الحملة والمؤتمر الوطني الجمهوري. كشفت في مقابلة مع "فوكس نيوز" أنها قد اختارت بالفعل الأثاث الذي ستأخذه إلى البيت الأبيض.
ميلانا ترامبدونالد ترامب الابن
آنذاك: الابن الأكبر لترامب، كان ناشطًا في حملات والده في 2016 و2020.
الآن: ازدادت تأثيراته السياسية، حيث ضغط على والده لاختيار صديقه جي دي فانس كنائب للرئيس. كما دفع لتعيين تولسي غابارد وروبرت كينيدي الابن في مناصب حكومية. ترامب الابن يساعد في إدارة أعمال العائلة العقارية ويدير بودكاست، وأصبح يُعرف بدوره في تصفية "العناصر السلبية" من الإدارة.
إيفانكا ترامب
آنذاك: عملت كمستشارة كبيرة في البيت الأبيض وكانت على الحملة الانتخابية في 2016 و2020.
الآن: أعلنت خروجها من العمل السياسي للتركيز على عائلتها، لكنها دعمت والدها في لحظات محورية مثل ليلة الانتخابات وقرع جرس بورصة نيويورك.
إيفانكا ترامب
إريك ترامب
آنذاك: كان يساعد في إدارة أعمال العائلة وشارك في الحملات الانتخابية.
الآن: لا يزال يركز على إدارة الأعمال، لكنه أصبح مستشارًا مقربًا لوالده، وأطلق مع شقيقه منصة عملة مشفرة باسم "World Liberty Financial"..
إيرك ترامب
تيفاني ترامب
آنذاك: كانت حديثة التخرج من جامعة بنسلفانيا وحافظت على خصوصيتها.
الآن: أصبحت أكثر انخراطًا في حملة 2024 وهي تنتظر مولودها الأول من زوجها رجل الأعمال مايكل بولس.
تيفاني ترامب
بارون ترامب
آنذاك: كان في الحادية عشرة من عمره وانتقل إلى واشنطن مع والدته في منتصف العام الدراسي.
الآن: أصبح طالبًا جامعيًا يُنسب إليه الفضل في تقديم توصيات لظهور ترامب في برامج بودكاست جذبت الشباب.
أفراد آخرون:
لارا ترامب: أصبحت رئيسة مشاركة للجنة الوطنية للحزب الجمهوري في حملة 2024.
جاريد كوشنر: خرج من المشهد السياسي، لكن والده تشارلز كوشنر مرشح ليصبح سفيرًا للولايات المتحدة في فرنسا.
الجيل الجديد:
كاي ترامب: حفيدة ترامب، 17 عامًا، أصبحت مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي ولاعبة غولف موهوبة.
أرابيلا كوشنر: حفيدة أخرى لترامب، تبلغ الآن 13 عامًا وتتمتع بمواهب متعددة مثل العزف وركوب الخيل والجوجيتسو.
بارونوبينما يستعد ترامب لعودته إلى البيت الأبيض، تبدو عائلته اليوم أكثر تنوعًا وحضورًا مما كانت عليه قبل ثماني سنوات، مما يضفي على رئاسته الجديدة طابعًا مختلفًا ومثيرًا للاهتمام.