في الذكرى السادسة للثورة والاستقلال معاً لوقف الحرب

تاج السر عثمان بابو

1

تتزامن الذكرى السادسة  لثورة ديسمبر  مع الذكرى 69 للاستقلال من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955، التي تتطلب تكثيف النضال الجماهيري لوقف الحرب واسترداد مسار الثورة، في ظروف تعاني فيها البلاد من ويلات الحرب التي شردت الملايين وأدت لمقتل وفقدان الآلاف، وتدمير البنية التحتية، والابادة الجماعية ونهب الأراضي ومناجم الذهب وممتلكات المواطنين واحتلال منازلهم، وتوقف عجلة الاقتصاد، وتدهور مريع في الأوضاع الإنسانية والمعيشية، اضافة لخطر تقسيم البلاد وتمزيق وحدتها باطالة أمد الحرب، والاعلان عن تكوين إدارات محلية في مناطق سيطرة الدعم السريع موازية لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان، والإعلان عن تكوين جكومة منفي، في غياب الجماهير ومؤسساتها الدستورية،، اضافة للخطر من  إطالة أمد الحرب  ، مما  يهدد السيادة الوطنية، ويزيد من حمى التدخل الدولي للمحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب، بهدف نهب ثروات البلاد ،هذا إضافة لخطر المجاعة التي  تهدد  حوالي 26 مليون مواطن سوداني، فضلا عن مصادرة الحريات والحقوق الأساسية من طرفي الحرب، وحالات التعذيب للمعتقلين حتى الموت، وقصف الجيش والدعم السريع لمواقع المدنيين، مما يؤدي للزيادة المستمرة في ضحايا وجرحي الحرب، كما يحدث في الفاشر، الخرطوم وامدرمان وبحري، والجزيرة.

الخ..

2

كما اوضحنا سابقا لم تكن ثورة ديسمبر حدثا عفويا، بل كانت تحولا نوعيا لتراكم كمي طويل من المقاومة الباسلة لشعب السودان ضد نظام الانقاذ الفاشي الدموي لحوالي 30 عاما التي عبرت عنها الهبات والاضرابات والمظاهرات، والاعتصامات التي واجهها النظام باطلاق الرصاص الحي مما أدي إلي مئات الشهداء كما حدث وسط الطلاب وأبناء البجا وكجبار والمناصير وهبة سبتمبر 2013 ويناير 2018، وشهداء التعذيب الوحشي في سجون وبيوت أشباح النظام، والالاف المشردين من أعمالهم والمعتقلين، وضحايا التعذيب الوحشي في المعتقلات، والشهداء في حروب الابادة في الجنوب حتى تم انفصاله، اضافة لقمع المرأة التي لعبت دورا كبيرا في مقاومة نظام الانقاذ الذي استهدفها، وفي جرائم الابادة الجماعية في دار فور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وثورة ديسمبر التي استشهد فيها المئات من الشباب والكنداكات، كل ذلك لم يفت في عضد جماهير شعبنا، التي ما زالت تواصل نضالها لوقف الحرب  واستكمال مهام الثورة.

3

كما جاءت ثورة ديسمبر رغم خصوصيتها علي خطي تجربة الثورة المهدية وثورة اكتوبر 1964م وتجربة انتفاضة مارس- ابريل 1985 في السودان التي اوضحت أن الثورة تقوم عندما تتوفر ظروفها الموضوعية والذاتية التي تتلخص في:

– الأزمة العميقة التي تشمل المجتمع باسره، ووصول الجماهير لحالة من السخط بحيث لا تطيق العيش تحت ظل النظام القديم.

– تفاقم الصراع داخل النظام الحاكم الذي يشمل الطبقة أو الفئة الحاكمة والتي تؤدي الي الانقسام والصراع في صفوفها حول طريقة الخروج من الأزمة، وتشل اجهزة القمع عن أداء وظائفها في القهر، وأجهزة التضليل الأيديولوجي للجماهير.

– وأخيرا، وجود القيادة الثورية التي تلهم الجماهير وتقودها حتى النصر.

4

طرحت ثورة ديسمبر شعارات الحركة الوطنية و الجماهيرية التي رفعتها بعد انفجارها بعد نهاية  الحرب العالمية الثانية فى معركة الاستقلال 1956، وثورة اكتوبر 1964 كما في:

– الحرية والديمقراطية والحياة المعيشة الكريمة، وتوفير حق العمل للعاطلين.

– العدالة والسلام ووقف الحرب والسيادة الوطنية.

– استعادة  أموال وممتلكات شعب السودان المنهوبة.

– محاسبة الفاسدين الذين دمروا البلاد ومشاريعها الصناعية والزراعية والخدمية.

– قومية الخدمة المدنية والنظامية، وعودة المفصولين من الخدمة المدنية والنظامية.

– حل المليشيات (الكيزان والجنجويد، وجيوش الحركات)، وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية.

وغير ذلك من الأهداف التي تم التوقيع عليها في ميثاق قوي الحرية والتغيير  الموقع عليه  في يناير 2019 الذي تم الانقلاب عليه بالتوقيع على” الوثيقة الدستورية” المعيبة التي كرست الشراكة مع العسكر وقننت الجنجويد دستوريا، وحتى” الوثيقة الدستورية” كما أوضحنا سابقا تم الانقلاب عليها، كما في التوقيع على اتفاق جوبا الذي تحول لمحاصصات  ومناصب، وأخيرا تم إطلاق رصاصة الرحمة  عليها بتدبير انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي وجد مقاومة جماهيرية كبيرة، وفشل حتى  في تشكيل حكومة، وجاء الاتفاق الإطارى بتدخل إقليمي ودولي، الذي أدي للصراع بين الجيش والدعم السريع حول مدة دمجه في الجيش، واشعل نيران الحرب الجارية حاليا، التي تتطلب مواصلة المقاومة الجماهيرية لوقفها ومنع تمددها واطالة  أمدها، واسترداد الثورة في ذكراها السادسة  وذكرى الاستقلال من داخل البرلمان..

5

في ذكرى الاستقلال من داخل البرلمان وثورة ديسمبر نستلهم تجربتها في عدم تكرار انتكاسة  ثورة اكتوبر 1964، وانتفاضة مارس – أبريل 1985، مهم مواصلة الثورة في أوسع حراك جماهيري حتي تحقيق أهدافها في الآتي:

المحاسبة وعدم الافلات من العقاب في جرائم الحرب، ومجزرة فض الاعتصام وبقية الجرائم ضد الإنسانية.

تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة

– أن تضع الدولة يدها علي كل الشركات العاملة في الذهب والبترول، وتخصيص جزء من عائداته لتنمية مناطق الانتاج والمحافظة علي البيئة، ومراجعة كل الاتفاقات حول تأجير الأراضي الزراعية التي تصل الى 99 عاما، لمصلحة شعب السودان والمناطق المحلية.

– رفض سياسة التحرير الاقتصادي، وتحسين الأوضاع المعيشية وتركيز الأسعار ودعم السلع الأساسية، ومجانية خدمات التعليم والصحة وتوفير خدمات المياه والكهرباء، وإعادة تأهيل المشاريع الزراعية والصناعية والخدمية لدعم الإنتاج وتقوية الصادر والعملة المحلية وتوفير العمل للعاطلين، الخ. وتقليل الصرف علي جهاز الدولة وميزانية الأمن والدفاع التي تصل 76%، وزيادة ميزانية التعليم والصحة والتنمية، ووقف الحرب التي اورث شعبنا الفاقة والمسغبة.

–  تحقيق السلام والحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة بالأتي:-

* الديمقراطية وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات.

* رفع حالة الطوارئ، واطلاق سراح  كل المحكومين.

*الترتيبات الأمنية بحل كل المليشيات “دعم سريع، جيوش الحركات.. الخ”، وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية..

*  تسليم البشير والمطلوبين في جرائم الابادة الجماعية للجنايات الدولية.

* عودة النازحين لمنازلهم وقراهم، وإعاد تأهيل واعمار مناطقهم وتعمير ما دمرته الحرب، وعودة المستوطنين لمناطقهم، والتنمية المتوازنة.

* قيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة أو الثقافة، وحماية ثقافة ولغات المجموعات المحلية.

* قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية، الذي يقرر كيف تحكم البلاد؟، ويضع الإطار لدستور ديمقراطي بمشاركة الجميع، وقانون انتخابات ديمقراطي ولجنة مستقلة تضمن قيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

– الغاء كل الاتفاقيات العسكرية التي تفرط في سيادتنا الوطنية، والخروج من محور حرب اليمن وعودة قواتنا منها، وقيام علاقاتنا الخارجية على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري، التفاوض لعودة كل الاراضي السودانية المحتلة. وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة.

الوسومالاستقلال البترول البشير الجنائية الدولية الجنجويد السودان الفترة الانتقالية الكيزان المليشيات اليمن انتفاضة مارس أبريل 1985 تاج السر عثمان بابو ثورة اكتوبر 1964 ثورة ديسمبر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاستقلال البترول البشير الجنائية الدولية الجنجويد السودان الفترة الانتقالية الكيزان المليشيات اليمن ثورة اكتوبر 1964 ثورة ديسمبر الفترة الانتقالیة ثورة دیسمبر ثورة اکتوبر لوقف الحرب

إقرأ أيضاً:

ثورة وزلزال وقرار تاريخي.. أحداث غيّرت التاريخ في أسبوع مارس الثاني

ففي التاسع من مارس/آذار عام 1919، اندلعت ثورة شعبية في مصر ضد الاحتلال البريطاني، بعد اعتقال ونفي قادة الحركة الوطنية وعلى رأسهم الزعيم سعد زغلول إلى جزيرة مالطا.

وكانت الشرارة الأولى للثورة من طلاب الجامعات، وسرعان ما انتقلت إلى جميع فئات الشعب، حيث أضرب عمال السكك الحديدية والورش والمطابع، وانضم إليهم موظفو الكهرباء والبريد وسائقو سيارات الأجرة، بل وحتى القضاة والمحامون.

كما خرجت النساء بقيادة هدى شعراوي في مظاهرات حاشدة تهتف برفض الاحتلال، ولم تكن هذه الثورة وليدة اللحظة، بل كانت نتاج سنوات من الاضطهاد والظلم الذي عاناه المصريون تحت الاحتلال البريطاني، والذي بدأ بعد فشل الثورة العرابية عام 1882.

وقد سبقت هذه الثورة حادثة دنشواي عام 1906، التي أثارت غضب المصريين بعد أن أعدم البريطانيون فلاحين مصريين بتهمة قتل جندي بريطاني، وهذا جعل دنشواي رمزا للمقاومة ضد الظلم.

وبعد سنوات من الكفاح، نجحت الثورة في تحقيق الاستقلال لمصر عام 1922، وصدر أول دستور مصري عام 1923، وتشكلت أول حكومة برئاسة سعد زغلول.

أشهر دمية

وفي عالم مختلف تماما، ظهرت في التاسع من مارس/آذار عام 1959 أشهر دمية في العالم، "باربي"، خلال معرض الألعاب الأميركية في نيويورك.

إعلان

بدأت قصة باربي بفكرة من روث هاندلر، التي لاحظت أن ابنتها باربرا تفضل اللعب ببطاقات تصور نساء بالغات بدلا من الدمى التقليدية التي تجسد الأطفال.

وبعد محاولات فاشلة لإقناع شركتها، وجدت هاندلر الإلهام في دمية ألمانية تدعى "ليلي"، والتي كانت في الأصل شخصية كاريكاتيرية للبالغين، ومن هنا ولدت باربي، التي حققت نجاحا هائلا وبيعت منها أكثر من مليار دمية حتى اليوم.

لكن النجاح الكبير لباربي لم يخلُ من الانتقادات، حيث وُصفت بأنها تجسد صورة مثالية غير واقعية للجمال، ومع مرور الوقت، حاولت الشركة تعديل صورة باربي بإصدار دمى ذات بشرة سوداء وأجسام ممتلئة، في محاولة لعكس تنوع العالم الحقيقي.

كارثة طبيعية

وفي 11 مارس/آذار عام 2011، ضربت واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية اليابان، حيث وقع زلزال بقوة 9 درجات على مقياس ريختر قبالة سواحل توهوكو، تسبب في تسونامي بارتفاع 40 مترا.

وأدى الزلزال إلى انهيار 3 مفاعلات نووية في محطة فوكوشيما، وتسبب في مقتل أكثر من 19 ألف شخص، وإجلاء نصف مليون آخرين. كما دمر الزلزال آلاف المباني وألحق أضرارا جسيمة بالبنية التحتية والزراعة، ولا تزال آثار الكارثة ماثلة حتى اليوم، حيث لم تعد بعض المناطق القريبة من فوكوشيما صالحة للسكن.

وفي نفس اليوم، اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا تاريخيا بحظر اختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات، بعد سنوات من الضغط من قبل نشطاء حقوق الحيوان.

وكانت الحيوانات تُستخدم في تجارب قاسية تشمل التغذية الإجبارية والحبس والحرق، وهذا أثار جدلا أخلاقيا واسعا.

ورغم وجود بدائل مثل المحاكاة الرقمية، لا تزال التجارب على الحيوانات قانونية في 80% من دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين.

9/3/2025

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يكشف أسباب التصعيد في نيالا بين فصائل قوات الدعم السريع
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • غربال الثورة الناعم
  • واشنطن بوست: شركة تركية متورطة في تزويد الجيش السوداني بطائرات مسيّرة وشحنة أسلحة سرية
  • دور المرأة في ثورة 1919.. كيف كسرت المصريات الحواجز
  • ثورة وزلزال وقرار تاريخي.. أحداث غيّرت التاريخ في أسبوع مارس الثاني
  • الجيش السوداني يكشف عن هروب سيارات قتالية لـ”الدعم السريع” من الفاشر
  • انسحاب كبير لـ “الدعم السريع” من الفاشر.. الجيش يكشف التفاصيل
  • الجيش يكشف عن توترات أمنية ومقتل قادة بارزين من الدعم السريع في نيالا
  • شركة أسلحة تركية ساعدت في تأجيج الحرب الأهلية الوحشية في السودان، قامت بتهريب الأسلحة سرًا إلى الجيش السوداني وفقًا للسجلات