لاعبات كرة القدم في العراق.. كسر للقيود وسعي لتحقيق الأحلام
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
"كرة القدم غيرتني تماما"، هكذا عبّرت اللاعبة العراقية فاطمة إسماعيل أوهيب (23 عاما) من محافظة ديالى، عن حبها العميق للعبة التي أصبحت جزءا من حياتها اليومية.
بدأ شغف فاطمة بكرة القدم منذ طفولتها، حيث كانت تلعب مع شقيقها التوأم وأصدقائه في باحة المنزل وأحيانا في الشارع المجاور. ومع تقدمها في العمر، واجهت قيودا اجتماعية فرضتها طبيعة المنطقة، مما حال دون استمرارها في اللعب في الشوارع.
رغم ذلك، لم تتخلَّ فاطمة عن شغفها، حيث لجأت إلى طرق بديلة لممارسة اللعبة داخل المنزل. تقول: "كنت أضع أدوات كعقبات للتدرب على المراوغة، وأتحدى نفسي في التحكم بالكرة لأطول وقت ممكن".
لاحقا، انتقلت فاطمة إلى مدينة بعقوبة، وهناك اكتشفت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وجود أندية نسوية لكرة القدم. بدأت بمتابعة هذه الأندية، مما زاد رغبتها في أن تصبح لاعبة محترفة. تواصلت مع المدربة أماني مثنى، التي ساعدتها في تحقيق حلمها والانضمام إلى أحد الأندية، في خطوة شكلت تحولا كبيرا في حياتها.
تقول فاطمة: "بسبب العيش في منطقة نائية، كان من الصعب أن أحقق حلمي بسبب العادات والأفكار هناك. لكن انتقالي إلى بعقوبة أعطاني أملا جديدا".
بدعم كبير من أسرتها، خاصة شقيقها ووالدتها، بدأت فاطمة مشوارها في كرة القدم، حيث شاركت مع عدة أندية وحققت نجاحات عديدة. من بين هذه الإنجازات فوزها ببطولة الجامعات في الحبانية، وحصولها على جائزة أفضل لاعبة. كما حظيت بفرصة المشاركة في معسكر تدريبي بفرنسا لمدة 10 أيام، مما طور مهاراتها بشكل كبير وفتح أمامها أبوابا للتعرف على بيئة تدريبية احترافية.
حاليا، تنتظر فاطمة توقيع عقد مع نادٍ جديد في الدوري العراقي، حيث تعاني الأندية النسوية من قلة الاستقرار. تقول: "الأندية تتعاقد مع اللاعبات فقط لفترة الدوري، مما يؤدي إلى تشتت اللاعبات بين الأندية".
إعلانمن جهتها، أشارت المدربة العراقية فاتن مال الله إلى الفجوة الكبيرة بين رواتب اللاعبات ورواتب اللاعبين الذكور. تقول: "بعض اللاعبات يتقاضين مبلغا لا يتجاوز مليوني دينار عراقي لفترة الدوري، دون راتب شهري مستمر، باستثناء أندية ثابتة مثل الزوراء والجوية، التي تمنح لاعباتها راتبا شهريا يبلغ حوالي 500 ألف دينار عراقي (383 دولار أميركي)".
وأضافت فاطمة أن الرواتب تعتمد على مهارات اللاعبات، وتتراوح بين 300 ألف ومليوني دينار (229- 1527 دولار أميركي)، مقسمة على فترة الدوري التي تمتد 8 أيام وتُعقد كل شهرين أو أكثر.
كما أوضحت المدربة فاتن أن الأندية غالبا ما تواجه تحديات في الالتزام بالعقود، خصوصا مع اللاعبات القادمات من شمال العراق أو إيران، مما يؤثر على استقرار الفرق.
ومع ذلك، بدأت كرة القدم النسائية تشهد تطورا ملحوظا في العراق، مع افتتاح أكاديميات مثل أكاديمية "بنات العراق"، التي ساهمت في ظهور مواهب جديدة.
أما اللاعبة زهراء باسم، لاعبة نادي نينوى، فتحدثت عن تجربتها مع الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي. تقول: "رغم إنجازاتي، واجهت تعليقات سلبية تشكك في قدرة النساء على لعب كرة القدم. لكن دعم عائلتي، خصوصا والدتي وشقيقتي، كان دافعي للاستمرار".
تواجه اللاعبات أيضا مشكلات لوجستية، حيث تفتقر الأندية إلى ملاعب مخصصة للنساء ووسائل نقل، مما يجبر اللاعبات على تغطية تكاليف النقل بأنفسهن. ورغم ذلك، بدأت الأندية العربية مؤخرا بالتوجه نحو استقطاب اللاعبات العراقيات للاحتراف في دوريات مثل الدوري التونسي والدوري السعودي.
تأمل فاتن توسيع الكوادر التدريبية النسائية لتوفير بيئة آمنة ومشجعة، مما سيسهم في زيادة عدد اللاعبات وتطوير كرة القدم النسائية في العراق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات کرة القدم فی العراق
إقرأ أيضاً:
لماذا يتذكر البعض أحلامهم بوضوح بينما ينساها آخرون؟
يمن مونيتور/قسم الأخبار
يستيقظ البعض وهم يتذكرون أحلامهم بوضوح لدرجة أنهم قادرون على سرد أحداثها بالتفصيل، بينما يجد آخرون صعوبة في تذكر أي تفصيل منها.
وجدت بعض الدراسات أن النساء، أو الشباب، أو الأشخاص الذين يميلون إلى أحلام اليقظة، يميلون إلى تذكر أحلام الليل بشكل أفضل. لكن دراسات أخرى لم تؤكد هذه النتائج.
كما أن فرضيات أخرى، مثل تأثير السمات الشخصية أو القدرات المعرفية، لم تجد دعما كافيا من البيانات. وخلال جائحة “كوفيد-19″، جذبت ظاهرة الاختلافات الفردية في تذكر الأحلام اهتماما عاما وعلميا متجددا عندما تم الإبلاغ عن زيادة مفاجئة في تذكر الأحلام حول العالم.
وتسلط دراسة جديدة أجراها باحثون في مدرسة IMT للدراسات المتقدمة في لوكا، إيطاليا، الضوء على العوامل التي تؤثر على هذه الظاهرة التي تعرف بـ “استرجاع الأحلام”، أي القدرة على تذكر الأحلام عند الاستيقاظ، وتكشف عن السمات الفردية وأنماط النوم التي تشكل هذه الظاهرة.
وأُجريت الدراسة بالتعاون مع جامعة كاميرينو بين عامي 2020 و2024، وشملت أكثر من 200 مشارك تتراوح أعمارهم بين 18 و70 عاما، حيث قاموا بتسجيل أحلامهم يوميا لمدة 15 يوما، بينما تم تتبع بيانات نومهم وقدراتهم المعرفية باستخدام أجهزة قابلة للارتداء واختبارات نفسية.
وتم تزويد كل مشارك بمسجل صوتي للإبلاغ يوميا، مباشرة بعد الاستيقاظ، عن التجارب التي عاشوها خلال النوم.
وكان على المشاركين الإبلاغ عما إذا كانوا يتذكرون أنهم حلموا أم لا، أو إذا كانت لديهم انطباعات عن الحلم دون تذكر تفاصيله، ووصف محتوى الحلم إذا تمكنوا من تذكره.
وخلال فترة الدراسة، ارتدى المشاركون أيضا جهاز “أكتيغراف” (actigraph)، وهو ساعة مراقبة للنوم تقيس مدة النوم، كفاءته، والاضطرابات التي قد تحدث.
وفي بداية ونهاية فترة تسجيل الأحلام، خضع المشاركون لاختبارات نفسية واستبيانات تقيس عوامل مختلفة، من مستويات القلق إلى الاهتمام بالأحلام، ومدى الميل إلى الشرود الذهني (الميل إلى تحويل الانتباه بشكل متكرر من المهمة الحالية إلى أفكار غير مرتبطة أو تأملات داخلية)، بالإضافة إلى اختبارات الذاكرة والانتباه الانتقائي.
وأظهر “استرجاع الأحلام” الذي يعرّف بأنه احتمالية الاستيقاظ صباحا بانطباعات وذكريات من تجربة الحلم، تباينا كبيرا بين الأفراد وتأثرا بعوامل متعددة.
وكشفت الدراسة أن أولئك الذين لديهم موقف إيجابي تجاه الأحلام ويميلون إلى الشرود الذهني كانوا أكثر عرضة لتذكر أحلامهم بشكل ملحوظ. كما بدا أن أنماط النوم تلعب دورا حاسما: الأفراد الذين عانوا من فترات أطول من النوم الخفيف كانوا أكثر عرضة للاستيقاظ مع ذكريات عن أحلامهم.
وأظهر المشاركون الأصغر سنا معدلات أعلى في تذكر الأحلام، بينما عانى كبار السن غالبا من “الأحلام البيضاء” (إحساس بالحلم دون تذكر أي تفاصيل). وهذا يشير إلى تغيرات مرتبطة بالعمر في عمليات الذاكرة أثناء النوم.
وبالإضافة إلى ذلك، ظهرت اختلافات موسمية، حيث أبلغ المشاركون عن انخفاض في تذكر الأحلام خلال فصل الشتاء مقارنة بالربيع، ما يشير إلى تأثير محتمل للعوامل البيئية أو الإيقاع اليومي.
ويوضح جيليو بيرناردي، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ علم النفس العام في مدرسة IMT: “تشير نتائجنا إلى أن تذكر الأحلام ليس مجرد صدفة، بل انعكاس لكيفية تفاعل المواقف الشخصية، السمات المعرفية، وديناميكيات النوم. وهذه الرؤى لا تعمق فهمنا لآليات الأحلام فحسب، بل لها أيضا آثار على استكشاف دور الأحلام في الصحة العقلية ودراسة الوعي البشري”.
وتضيف فالنتينا إلسي، الباحثة في مدرسة IMT والمؤلفة الرئيسية للدراسة: “ستكون البيانات التي تم جمعها في هذا المشروع مرجعا للمقارنات المستقبلية مع المجموعات السريرية. وهذا سيمكننا من المضي قدما في البحث حول التغيرات المرضية في الأحلام وقيمتها التشخيصية والتنبؤية المحتملة.”
نشرت الدراسة في مجلة Communications Psychology.
المصدر: ميديكال إكسبريس