إسطنبول- تقارير للصحافة التركية حول خطة للتشجيع على عودة اللاجئين السوريين متضمنة إشارة إلى احتمال التفاوض على مصير مدينة حلب، ثانية كبرى المدن السورية وعاصمتها الاقتصادية، أثارت تساؤلات حول طبيعة المساعي التي تبذلها أنقرة بهذا الخصوص، وعلاقتها بمسار التقارب المتعثر مع النظام السوري، والعلاقات المتوترة نسبيا مع موسكو.

وتزامنت هذه التقارير -مطلع الأسبوع الجاري- مع سجال دبلوماسي بين أنقرة ودمشق، وذلك على خلفية رفع النظام السوري وتيرة تصريحاته التي تستهدف الوجود العسكري التركي بالمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية شمالي البلاد.

وتحدثت صحيفة صباح التركية عن إصدار الرئيس رجب طيب أردوغان تعليمات تقضي بتشكيل آلية ثلاثية بين كلّ من وزارة الداخلية وحزب العدالة والتنمية وكتلته النيابية بالبرلمان، لوضع خطة تفضي إلى تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، من خلال إحياء الحياة الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا.

وفي السياق، قالت الصحيفة إن تركيا تجري مباحثات مع الجانبين الروسي والسوري لضم مدينة حلب -الخاضعة لسيطرة النظام السوري- إلى جهود الإحياء الاقتصادي والاجتماعي والعمراني، في خطوة تهدف لجذب مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.

نموذج حلب

لم يوضح التقرير تفاصيل الخطة المتعلقة بحلب، إلا أن الكاتب والمحلل السياسي التركي علي أسمر ذكر 3 سيناريوهات محتملة يمكن لكل منها أن يلبي مطالب تركيا في حال تحققها.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال الكاتب إن الاحتمال الأول الذي يعد أفضل السيناريوهات بالنسبة لأنقرة، حيث يقوم على إقناع الروس والإيرانيين بمد السيطرة التركية القائمة في الشمال السوري إلى حلب.

وأضاف أسمر أن الاحتمال الثاني وهو ما ستلجأ إليه أنقرة في حال فشل الأول، حيث تتفاوض مع موسكو وطهران لجعل مدينة حلب والشمال السوري منطقة آمنة ذات إدارة مشتركة تركية روسية إيرانية، بحيث لن يكون للنظام السوري أي قرار بهذه المنطقة، ولا يمكنه البطش باللاجئين العائدين، بذريعة أحكام قضائية سابقة أو سوقهم إلى الخدمة العسكرية مثلا.

اما الاحتمال الثالث، فهو الإدارة المشتركة للمدينة مع نظام الرئيس بشار الأسد، وهو ما يعتبره الكاتب التركي أنه غير قابل للتطبيق، منوها إلى أنه لا يوجد لاجئ سوري يرغب للعودة طوعيا ليكون تحت رحمة نظام دمشق، خاصة أن التاريخ والوقائع السابقة تؤكد أن النظام السوري يعطي ضمانات ولا يطبقها، كما لا توجد دولة ولا رجال أعمال يرغبون بالاستثمار وبناء البنية التحتية وصرف ملايين الدولارات في منطقة تابعة للنظام السوري.

سجال رسائل متبادلة

وقبيل نشر الصحف التركية تقاريرها عن الخطة الحكومية المذكورة، كان رئيس النظام السوري قد هاجم نظيره التركي، مجددا مطلب نظامه برحيل القوات التركية عن الأراضي السورية قبل الحديث عن أي تطبيع أو قمة مشتركة بينهما، في تصريحات وصفها مراقبون بأنها رفع لسقف التفاوض، وتعثر لمسار التقارب بين أنقرة ودمشق.

وأجاب الأسد عن سؤال عن إمكانية لقائه مع الرئيس التركي ساخرا "لماذا نلتقي أنا وأردوغان؟ كي نشرب المرطبات مثلا؟ نحن نريد أن نصل لهدف واضح، هدفنا هو الانسحاب (التركي) من الأراضي السورية".

وفي أول رد رسمي من أنقرة على تصريحات الأسد، أكد وزير الدفاع يشار غولر -في مقابلة تلفزيونية- أن لدى بلاده ما تعتبره "نقاطا حساسة" مذكرا بأن إحلال السلام في سوريا يتطلب صياغة دستور جديد للبلاد.

وقال غولر "لا يمكن تصور أن نغادر سوريا دون ضمان أمن حدودنا وشعبنا، وأعتقد أن الرئيس السوري سيتصرف بعقلانية أكثر في هذا الموضوع" وأضاف "صياغة دستور جديد لسوريا واعتماده أهم مرحلة لإحلال السلام هناك".

وسرعان ما جاء الرد من النظام السوري على لسان وزير الدفاع في تصريحات متلفزة، مكررا المطلب بشأن سحب القوات التركية من الأراضي السورية قائلا "لا نقبل أن تكون لتركيا قوات على أراضينا ونبني سلاما".

واعتبر الوزير السوري أن تصريحات وزير الدفاع التركي بشأن عدم إمكانية سحب قوات بلاده من الشمال السوري "زادت الأمور تعقيدا".


هل للناتو علاقة؟

محمود عثمان الكاتب والمحلل السياسي التركي لدى وكالة الأناضول الرسمية، ربط بين السجال بين دمشق وأنقرة وبين العلاقات التركية الروسية، والتي توترت قليلا بعد مؤتمر حلف الناتو الأخير بالعاصمة الليتوانية.

وفي حديث للجزيرة نت اعتبر عثمان أن "الانعطافة التركية نحو الغرب، في مؤتمر الناتو الأخير، يبدو أنها أزعجت روسيا، وبالتالي أعتقد أن وتيرة خطاب الأسد الهجومية ضد أنقرة تصاعدت بإيعاز من الروس المنزعجين من التقارب التركي الغربي، خاصة مع تصريحات أردوغان بشأن أوكرانيا".

وكان مؤتمر الناتو الأخير قد شهد إعلان أنقرة منحها الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى الناتو بعد أن كانت معارضة لها، كما عبر أردوغان عن تأييده لانضمام أوكرانيا إلى الحلف الذي يعد الخصم اللدود لموسكو، بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف عثمان أنه بالإضافة إلى الإيعاز الروسي، فإن دوافع الأسد لرفع السقف تنطلق أيضا من فكرة طرق بابه من قبل دول عدة، مما جعله يشعر بأنه في موقع يسمح له بفرض شروطه.

بالإضافة إلى أنها تهدف لإبراز دور تركيا في سوريا، والتذكير بأن لديها ما تقوله هناك، فإن التسريبات المتعلقة بمدينة حلب موجهة للرأي العام الداخلي بالدرجة الأولى، بحسب المتحدث.


المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النظام السوری

إقرأ أيضاً:

وزير الداخلية السوري يعلن إحباط مشروع انقلاب خطط له ضباط النظام المخلوع

كشف وزير الداخلية السوري أنس خطاب، الأربعاء، عن إحباط "مشروع انقلاب" عملت مجموعة من ضباط نظام المخلوع بشار الأسد على التحضير له، دون التطرق إلى مزيد من التفاصيل.

جاء ذلك في سلسلة من التدوينات نشرها خطاب على حسابه على منصة "إكس" بعد الانتهاء من عقد الجلسات مع الجهات الرئيسية في الوزارة، موضحا ملامح خطته لإعادة هيكلة الوزارة وتوحيد قيادات الشرطة والأمن.

في مجال مكافحة فلول النظام:
أنهينا بفضل الله مشروع انقلاب تم التحضير له على يد مجموعة من ضباط النظام الساقط وأصبح من الماضي وذلك بجهود قواتنا وشعبنا، وقد شرعنا بعد ذلك في تحديث المعلومات بالتنسيق مع الجهات المختصة، والاطلاع على ما تم إنجازه بالتعاون مع وزارة الدفاع. pic.twitter.com/NQ6PgJctCW — أنس حسان خطاب (@Anas_Khatab_sy) April 16, 2025
وقال خطاب "في مجال مكافحة فلول النظام: أنهينا بفضل الله مشروع انقلاب تم التحضير له على يد مجموعة من ضباط النظام الساقط وأصبح من الماضي وذلك بجهود قواتنا وشعبنا".

وأضاف الوزير السوري "وقد شرعنا بعد ذلك في تحديث المعلومات بالتنسيق مع الجهات المختصة، والاطلاع على ما تم إنجازه بالتعاون مع وزارة الدفاع".


ولفت إلى أنه "تم الاتفاق على تطوير الإدارة المعنية بملاحقة الخارجين عن القانون، من خلال تعزيز التنسيق مع الجهات الأمنية الأخرى في الوزارة، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار".

ولم يقدم خطاب أي تفاصيل إضافية حول مشروع الانقلاب المشار إليه أو تاريخ قيام قوات الأمن السورية بإحباطه.

وقبل أيام، شهدت منطقة بصرى الشام جنوبي البلاد توترات أمنية تبعها إعلان ما يعرف بـ"اللواء الثامن" الذي يتبع لأحمد العودة، عن حل نفسه ووضع أسلحته وعناصره تحت تصرف وزارة الدفاع.

وفي سياق آخر، تطرق وزير الداخلية إلى الخطط التي تهدف إلى إعادة هيكلة الوزارة، موضحا أنه "سيتم تمثيل وزارة الداخلية في كل محافظة بمسؤول واحد بدلا من وجود مديرية للأمن وقيادة للشرطة، وستتبع جميع الأفرع والمكاتب في المحافظة لممثل الوزارة فيها، والذي سيكون مسؤولا عن الشرطة والأمن معا".

كما تحدث عن السجون، موضحا أن "هذا الملف يرتبط لدى السوريين بذكريات أليمة، وقد عُقدت عدة جلسات مع المختصين في هذه الإدارة، للوقوف على معوقات العمل والسعي إلى تذليلها".

وأشار إلى أن "الوزارة تعمل على أن تكون السجون منطلقاً لإعادة تأهيل الموقوفين، ليصبحوا أفرادا منسجمين مع المجتمع، منتجين وفاعلين فيه"، موضحا أنه "تم الاتفاق مؤخرا مع إدارة الإنشاءات على إعادة تأهيل السجون الحالية بشكل مؤقت، ريثما يتم تجهيز مراكز توقيف جديدة تُسهم في تحقيق العدالة، وتكفل احترام حقوق الموقوفين".


ونهاية الشهر الماضي، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع عن الحكومة الجديدة التي من المقرر أن تقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية، مؤكدا أن تشكيل الحكومة السورية الجديدة "هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة".

وفي حين احتفظ وزير الخارجية بحكومة تصريف الأعمال أسعد الشيباني والدفاع مرهف أبو قصرة بمنصبيهما في الحكومة الجديدة، فإن وزارة الداخلية انتقلت إلى أنس خطاب الذي شغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات بعد سقوط نظام الأسد.

وشدد الشرع على أن "هذه الحكومة ستسعى لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس المساءلة والشفافية، كما أنها ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة".

مقالات مشابهة

  • سفير أنقرة بالقاهرة: من المتوقع وصول وزير المالية التركي إلى القاهرة يونيو المقبل
  • سفير أنقرة بالقاهرة: من المتوقع وصول وزير المالية التركي إلى مصر يونيو المقبل
  • وزير الداخلية السوري يعلن إحباط مشروع انقلاب خطط له ضباط النظام المخلوع
  • وزير الداخلية السوري يكشف إحباط "مشروع انقلاب"
  • وزير الصحة يبحث مع نظيره التركي مجالات التعاون للنهوض بالقطاع الصحي السوري
  • السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تستحدث خدمة جديدة على موقعها الإلكتروني
  • تحرك تاريخي بين أنقرة ودمشق! وزير التجارة التركي بولات يزور سوريا لوضع أسس شراكة اقتصادية جديدة
  • أين وصلت العلاقات التركية الإسرائيلية بعد الاحتكاك في سوريا؟
  • 18 مليار دولار خسائر البنك المركزي التركي
  • كاتب تركي: هل تستطيع أنقرة قيادة نظام عالمي جديد مبني على قيم الإسلام؟