خطة نموذج حلب.. ما موقعها من التقارب التركي مع الغرب؟
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
إسطنبول- تقارير للصحافة التركية حول خطة للتشجيع على عودة اللاجئين السوريين متضمنة إشارة إلى احتمال التفاوض على مصير مدينة حلب، ثانية كبرى المدن السورية وعاصمتها الاقتصادية، أثارت تساؤلات حول طبيعة المساعي التي تبذلها أنقرة بهذا الخصوص، وعلاقتها بمسار التقارب المتعثر مع النظام السوري، والعلاقات المتوترة نسبيا مع موسكو.
وتزامنت هذه التقارير -مطلع الأسبوع الجاري- مع سجال دبلوماسي بين أنقرة ودمشق، وذلك على خلفية رفع النظام السوري وتيرة تصريحاته التي تستهدف الوجود العسكري التركي بالمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية شمالي البلاد.
وتحدثت صحيفة صباح التركية عن إصدار الرئيس رجب طيب أردوغان تعليمات تقضي بتشكيل آلية ثلاثية بين كلّ من وزارة الداخلية وحزب العدالة والتنمية وكتلته النيابية بالبرلمان، لوضع خطة تفضي إلى تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، من خلال إحياء الحياة الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا.
وفي السياق، قالت الصحيفة إن تركيا تجري مباحثات مع الجانبين الروسي والسوري لضم مدينة حلب -الخاضعة لسيطرة النظام السوري- إلى جهود الإحياء الاقتصادي والاجتماعي والعمراني، في خطوة تهدف لجذب مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.
نموذج حلبلم يوضح التقرير تفاصيل الخطة المتعلقة بحلب، إلا أن الكاتب والمحلل السياسي التركي علي أسمر ذكر 3 سيناريوهات محتملة يمكن لكل منها أن يلبي مطالب تركيا في حال تحققها.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال الكاتب إن الاحتمال الأول الذي يعد أفضل السيناريوهات بالنسبة لأنقرة، حيث يقوم على إقناع الروس والإيرانيين بمد السيطرة التركية القائمة في الشمال السوري إلى حلب.
وأضاف أسمر أن الاحتمال الثاني وهو ما ستلجأ إليه أنقرة في حال فشل الأول، حيث تتفاوض مع موسكو وطهران لجعل مدينة حلب والشمال السوري منطقة آمنة ذات إدارة مشتركة تركية روسية إيرانية، بحيث لن يكون للنظام السوري أي قرار بهذه المنطقة، ولا يمكنه البطش باللاجئين العائدين، بذريعة أحكام قضائية سابقة أو سوقهم إلى الخدمة العسكرية مثلا.
اما الاحتمال الثالث، فهو الإدارة المشتركة للمدينة مع نظام الرئيس بشار الأسد، وهو ما يعتبره الكاتب التركي أنه غير قابل للتطبيق، منوها إلى أنه لا يوجد لاجئ سوري يرغب للعودة طوعيا ليكون تحت رحمة نظام دمشق، خاصة أن التاريخ والوقائع السابقة تؤكد أن النظام السوري يعطي ضمانات ولا يطبقها، كما لا توجد دولة ولا رجال أعمال يرغبون بالاستثمار وبناء البنية التحتية وصرف ملايين الدولارات في منطقة تابعة للنظام السوري.
سجال رسائل متبادلةوقبيل نشر الصحف التركية تقاريرها عن الخطة الحكومية المذكورة، كان رئيس النظام السوري قد هاجم نظيره التركي، مجددا مطلب نظامه برحيل القوات التركية عن الأراضي السورية قبل الحديث عن أي تطبيع أو قمة مشتركة بينهما، في تصريحات وصفها مراقبون بأنها رفع لسقف التفاوض، وتعثر لمسار التقارب بين أنقرة ودمشق.
وأجاب الأسد عن سؤال عن إمكانية لقائه مع الرئيس التركي ساخرا "لماذا نلتقي أنا وأردوغان؟ كي نشرب المرطبات مثلا؟ نحن نريد أن نصل لهدف واضح، هدفنا هو الانسحاب (التركي) من الأراضي السورية".
وفي أول رد رسمي من أنقرة على تصريحات الأسد، أكد وزير الدفاع يشار غولر -في مقابلة تلفزيونية- أن لدى بلاده ما تعتبره "نقاطا حساسة" مذكرا بأن إحلال السلام في سوريا يتطلب صياغة دستور جديد للبلاد.
وقال غولر "لا يمكن تصور أن نغادر سوريا دون ضمان أمن حدودنا وشعبنا، وأعتقد أن الرئيس السوري سيتصرف بعقلانية أكثر في هذا الموضوع" وأضاف "صياغة دستور جديد لسوريا واعتماده أهم مرحلة لإحلال السلام هناك".
وسرعان ما جاء الرد من النظام السوري على لسان وزير الدفاع في تصريحات متلفزة، مكررا المطلب بشأن سحب القوات التركية من الأراضي السورية قائلا "لا نقبل أن تكون لتركيا قوات على أراضينا ونبني سلاما".
واعتبر الوزير السوري أن تصريحات وزير الدفاع التركي بشأن عدم إمكانية سحب قوات بلاده من الشمال السوري "زادت الأمور تعقيدا".
هل للناتو علاقة؟
محمود عثمان الكاتب والمحلل السياسي التركي لدى وكالة الأناضول الرسمية، ربط بين السجال بين دمشق وأنقرة وبين العلاقات التركية الروسية، والتي توترت قليلا بعد مؤتمر حلف الناتو الأخير بالعاصمة الليتوانية.
وفي حديث للجزيرة نت اعتبر عثمان أن "الانعطافة التركية نحو الغرب، في مؤتمر الناتو الأخير، يبدو أنها أزعجت روسيا، وبالتالي أعتقد أن وتيرة خطاب الأسد الهجومية ضد أنقرة تصاعدت بإيعاز من الروس المنزعجين من التقارب التركي الغربي، خاصة مع تصريحات أردوغان بشأن أوكرانيا".
وكان مؤتمر الناتو الأخير قد شهد إعلان أنقرة منحها الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى الناتو بعد أن كانت معارضة لها، كما عبر أردوغان عن تأييده لانضمام أوكرانيا إلى الحلف الذي يعد الخصم اللدود لموسكو، بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية.
وأضاف عثمان أنه بالإضافة إلى الإيعاز الروسي، فإن دوافع الأسد لرفع السقف تنطلق أيضا من فكرة طرق بابه من قبل دول عدة، مما جعله يشعر بأنه في موقع يسمح له بفرض شروطه.
بالإضافة إلى أنها تهدف لإبراز دور تركيا في سوريا، والتذكير بأن لديها ما تقوله هناك، فإن التسريبات المتعلقة بمدينة حلب موجهة للرأي العام الداخلي بالدرجة الأولى، بحسب المتحدث.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: النظام السوری
إقرأ أيضاً:
نائب رئيس النظام السوري المخلوع يصدر أول بيان عقب سقوط الأسد.. ماذا قال؟
أصدر فيصل المقداد، النائب السابق لبشار الأسد قبل سقوط نظامه، الأحد بيانا بشأن التطورات الأخيرة في سوريا.
وفي بيان نشرته صحيفة "الوطن" السورية، قال فيصل المقداد: "شهدت سوريا خلال الأسبوعين الماضيين أحداثا وتطورات أثارت اهتمام شعوب المنطقة والعالم، وتوقع الكثير أن تترافق هذه التحولات مع الكثير من الدماء والدمار، إلا أننا رأينا أن الشعب السوري، وخاصة فئاته الشابة ممن قادوا هذا الحراك، قد وعوا جيدا أن العنف لا يبني أوطاناً ولا يزرع أملا بمستقبل واعد".
وأضاف المقداد: "من هنا نؤكد على حتمية الحفاظ على وحدة أرض وشعب سوريا واستقلالها وسيادتها، وذلك من خلال تكاتف أبنائها جميعاً مهما تعددت انتماءاتهم وثقافاتهم، وأنه لا يمكن لسوريا أن تبني حاضرها ومستقبلها إلا من خلال الحفاظ على دورها الحضاري والإنساني في المنطقة والعالم".
وتابع: "نتمنى لجميع الجهود المبذولة الآن من قبل الشباب السوري، بما في ذلك مؤتمر الحوار الوطني المقترح، التوصل إلى ما يلبي تطلعات الشعب السوري، وإبراز الوجه الحضاري لبلدهم من خلال التوافق على رسم الخطوط الأساسية بوعي بحيث تصل بنا جميعاً إلى المستقبل المنشود".
وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وبعد ذلك، تم تعيين محمد البشير رئيسا للحكومة الانتقالية في البلاد، فيما يتولى أحمد الشرع، القيادة العامة للإدارة السورية الجديدة.
وشغل المقداد منصب نائب رئيس الجمهورية العربية السورية منذ 23 أيلول/ سبتمبر 2024 حتى سقوط النظام في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024.
كما شغل قبل ذلك منصب وزير الخارجية والمغتربين في حكومتي حسين عرنوس الأولى والثانية من 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 إلى 23 أيلول/ سبتمبر 2024، ومنصب نائب وزير الخارجية والمغتربين من 1 آب/ أغسطس 2006 إلى 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، ومنصب مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة من 18 أيلول/ سبتمبر 2003 إلى 31 تموز/ حزيران 2006.
وظل المقداد، الذي ينحدر من محافظة درعا مهد الثورة، ينفي الاتهامات المتعلقة بقمع النظام المخلوع للمحتجين بعد اندلاع الثورة السورية. وفي مقابلات مع وسائل إعلام غربية وعربية حول الثورة، تحدث داعمًا لبشار الأسد.
كما أيد المقداد المزاعم الحكومية بأن حكومته كانت تُقاتل ضد متمردين مسلحين إرهابيين.
في كانون الثاني/ يناير 2021، أضاف الاتحاد الأوروبي المقداد إلى قائمة العقوبات بسبب دوره خلال الثورة السورية. وتبعته بريطانيا بعد شهرين، قائلة إنه "إنه يتحمل مسؤولية مشتركة عن القمع العنيف الذي يمارسه النظام السوري ضد السكان المدنيين".