هل ساعدت أوكرانيا المعارضة السورية في إسقاط نظام الأسد؟
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
قالت صحيفة ليبراسيون إن مقالا نشرته صحيفة واشنطن بوست أكد جزئيا "اتهامات موسكو" بأن أوكرانيا بعثت مشغلي مسيرات من ذوي الخبرة وحوالي 150 مسيرة من طراز "إف بي في" إلى مقاتلي هيئة تحرير الشام في الأسابيع الأخيرة.
وذكرت الصحيفة الفرنسية -في تقرير من قسم التحقق من الأخبار بقلم ألكسندر هورن- أن هذا "اتهام" تكرر من موسكو لأسابيع وحتى أشهر، ومقتضاه أن كييف ستوفر طائرات مسيرة "للمتمردين الإسلاميين" في هيئة تحرير الشام لإسقاط النظام السوري وإضعاف حليفها الروسي في الوقت نفسه، ولكن خلية ملحقة بالخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي ومسؤولة عن مكافحة المعلومات المضللة نفت هذا التعاون بين أوكرانيا والمعارضين السوريين مؤخرا.
وأكدت الخلية في العديد من المقالات المنشورة يومي السابع والثامن من ديسمبر/كانون الأول أن "الاتهامات -التي تفيد بأن أوكرانيا لعبت دورا حاسما في دعم الإرهاب في سوريا- جزء من حملات التضليل التي تنفذها روسيا" للإضرار بسمعة أوكرانيا على الساحة الدولية.
بيد أن صحيفة واشنطن بوست -كما يقول الكاتب- نقضت هذا النفي بعد أيام قليلة، واستشهد كاتب العمود الدولي ديفيد إغناتيوس "بمصادر مطلعة على الأنشطة العسكرية الأوكرانية في الخارج".
إعلانوقال إنها تفيد بأن "المخابرات الأوكرانية أرسلت حوالي 20 من مشغلي الطائرات المسيرة ذوي الخبرة وحوالي 150 مسيرة من "إف بي في" إلى المتمردين في إدلب، إلا أن مصادر استخباراتية أشارت إلى أن "مساعدات كييف لم تلعب سوى دور متواضع في الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد".
ويعود الحديث عن تعاون كييف مع هيئة تحرير الشام إلى عدة أشهر -حسب ليبراسيون- إذ نقل مقال في صحيفة كييف بوست في يونيو/حزيران عن مصدر في المخابرات العسكرية الأوكرانية أن عملاء أوكرانيين يضربون أهدافا روسية في سوريا منذ بداية العام، بالتعاون مع "المعارضة السورية"، ولكن أوكرانيا لا تعترف رسميا بتورطها الخارجي ضد روسيا.
لافرينتييف: الأوكرانيون يزودون إدلب بطائرات مسيرة ويدربون الإرهابيين على استخدامها وتصنيعها بأنفسهم
وبالفعل تم ذكر وجود مقاتلات مسيرة أوكرانية في سوريا إلى جانب القوات المناهضة للنظام، في وقت سابق من هذا العام، التقطته وسائل الإعلام الحكومية الروسية من صحيفة آيدينليك التركية التي نسبت إلى موقع كردي أن وفدا أوكرانيا التقى أعضاء هيئة تحرير الشام في يونيو/حزيران وأعطاهم 75 طائرة مسيرة من طراز "إف بي في"، ولكن الهيئة نفت أي تورط لها مع المخابرات الأوكرانية.
وفي وقت لاحق، أفادت وكالات روسية مختلفة بأن الممثل الخاص الروسي في سوريا ألكسندر لافرينتييف أكد أن "الأوكرانيين يزودون إدلب بطائرات مسيرة ويدربون الإرهابيين على استخدامها وتصنيعها بأنفسهم".
وخلصت ليبراسيون إلى أن الخدمة الدبلوماسية الأوروبية مستمرة في اعتبار المقالات والوثائق -التي تهدف إلى تعزيز رواية تشير إلى أن الدعم العسكري لأوكرانيا لعب دورا مهما في الإطاحة بالنظام السوري- أخبارا كاذبة، دون أن ترفض رسميا مساعدة كييف المحتملة للمتمردين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات هیئة تحریر الشام فی سوریا
إقرأ أيضاً:
محطة "القدم" للقطارات بدمشق.. إرث عثماني دمره نظام الأسد
لم يكتفِ نظام البعث المخلوع بتدمير سوريا ومقدراتها، بل عمد إلى تخريب إرثها التاريخي أيضا، بما في ذلك محطة "القدم" للقطارات العائدة للعهد العثماني في العاصمة دمشق.
وتعد محطة القدم إحدى أهم محطات سكة حديد الحجاز التي بناهه العثمانيون، وحولها نظام بشار الأسد البائد لقاعدة لقصف المناطق السكنية المجاورة، خلال سنوات الثورة السورية.
وكانت المحطة نقطة انطلاق للحجاج المتوجهين إلى الديار المقدسة، وضمت لاحقا متحفا يعرض القطارات القديمة التي خدمت على خط الحجاز لسنوات طويلة.
إلا أن قوات النظام لم تراعِ قيمة هذا المَعلم التاريخي، فعمدت إلى تدميره وسرقة مقتنياته الثمينة، بما في ذلك العربات القديمة.
وتُظهر مشاهد التقطها فريق الأناضول حجم الدمار الذي لحق بمحطة القدم، لتشكل شاهدا على همجية نظام الأسد وتدميره الممنهج للتراث السوري.
المشاهد الجوية، التي التقطتها عدسة الأناضول تظهر عربات مهجورة متهالكة على السكك الحديدية، والمباني التاريخية المتعرضة للإهمال والتخريب، وقاطرات تُركت لمصيرها دون صيانة.
- محطة القدم التاريخية
وُضع حجر الأساس لسكة حديد الحجاز في 1 سبتمبر/ أيلول 1900 بأمر من السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وامتدت السكة من دمشق إلى المدينة المنورة، حيث تم افتتاحها رسميا في الأول من سبتمبر 1908.
سكة حديد الحجاز التي أُنشئت لنقل الحجاج إلى الأراضي المقدسة، لعبت دورا هاما من الناحية العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
أما محطة القدم، الواقعة في قلب دمشق، فكانت واحدة من أهم المحطات ضمن سكة حديد الحجاز، وشكلت نقطة تجمّع للحجاج في ذلك الوقت. كما أدت دورا محوريا في المشروع، بفضل ورش الصيانة والإصلاح التي احتضنتها.
هذه الورش التي بنيت خلال الحقبة العثمانية، كانت تشهد أعمال صيانة وإصلاح القطارات، إضافة إلى تصنيع قطع الغيار اللازمة للقطارات.
وظلت منشآت وورش الصيانة هذه تعمل منذ تأسيسها حتى عام 2012، حيث تمركزت قوات النظام المخلوع في المنطقة لتنهب محطة القطار ومحتوياتها بعد طردها مئات العاملين منها.
محطة القدم كانت تحوي أيضا قسما مخصصا لعرض قاطرات القطارات القديمة، التي خدمت لسنوات في سكة حديد الحجاز، قبل أن تقوم قوات النظام المخلوع بنهب قطع ثمينة وألواح نحاسية من القاطرات والعربات التاريخية هناك.
واستخدمت قوات نظام بشار الأسد المحطة كقاعدة لقصف المناطق السكنية في المنطقة، كما نهبت محتويات متحف القدم، الذي تم تأسيسه عام 2008، وسرقت القطع الأثرية القيمة داخله.
ومن بين أهم القطع التي تعرضت للتدمير المتعمد، كان العربة الخشبية الخاصة بالسلطان عبد الحميد الثاني، والتي أُحرقت بالكامل من قبل قوات النظام، ما جعلها غير قابلة للاستخدام.
- شهادات أحد عمال محطة القدم
المواطن السوري يحيى الحلواني، الذي عمل في محطة القدم لمدة 57 عاما، بعدما دخلها كتلميذ متمرس، اصطحب فريق الأناضول في جولة داخل المنشأة، وقدم معلومات تفصيلية عن المحطة.
وفي حديثه للأناضول، قال الحلواني إنه كان يعمل فنيا في هذه المحطة قبل توقفها عن العمل.
وحول تاريخ المحطة ونشاطها، قال الفني السوري إن أول رحلة قطار انطلقت من محطة القدم إلى المدينة المنورة كانت عام 1908.
وأوضح أنه قبل تشغيل القطارات، كانت الرحلة تستغرق 3 أشهر على ظهور الإبل، لكن مع القطار، انخفضت المدة إلى 3 أيام.
وأشار إلى أنه وبحسب المصادر التاريخية والمرويات المأثورة كان هناك إقبال كبير على رحلات القطار المنطلقة من محطة القدم بعد عام 1908.
ولم تكن القطارات مخصصة لنقل الحجاج فحسب، بل كانت تُستخدم أيضا لنقل الحبوب والمنتجات التجارية الأخرى.
وعقب اندلاع الحرب الداخلية في سوريا عام 2011، قال الحلواني إن مقاتلات النظام المخلوع استهدفت مركز صيانة القطارات والعربات في المحطة، مشيرا إلى آثار الضربة التي لا تزال واضحة حتى الآن.
وبحسب الفني السوري، فإن قوات النظام وعقب سيطرتها على المنطقة، بدأت بقصف الأحياء السكنية المجاورة مثل حيي العسالي وجورة، بالدبابات التي تمركزت في المحطة التاريخية.
- متحف القدم لمقتنيات الخط الحديدي الحجازي
بدورها، أكدت منال خليفة رئيسة متحف القدم لمقتنيات الخط الحديدي الحجازي، أن الأخير بني عام 2008، إلا أنه تعرض لأضرار جسيمة جراء ممارسات النظام.
وأضاف أن المعرض كان يعرض القطع المتعلقة بسكة حديد الحجاز، والتي تم جمعها بعناية من جميع محطاتها ونقلها إلى هذا المكان بعد تنظيفها وترميمها.
وأوضحت خليفة أن المتحف لم يتبق منه سوى عدد قليل من المقتنيات، مشيرة إلى أن قوات النظام قامت بقصفه قبل دخولها إلى المحطة.
وأشار إلى وجود أضرار كبيرة لحقت بالمتحف والمنشآت داخل المحطة، وإلى نهب العديد من القطع من قبل قوات النظام المخلوع.
خليفة أوضحت أنه بعد سقوط نظام البعث، بدأت أعمال الترميم في المتحف الذي قالت إنه "عندما يسمع الناس اسم محطة القدم، يعودون بذاكرتهم إلى 100 أو 125 عاما مضت".
واختتمت بالقول: هذه المحطة من أقدم محطات سكة حديد الحجاز، ونحن فخورون بها. سنُعيد ترميم كل ما تهدم، وسنجعلها محطة مفتوحة للسياح".
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب قرارات أخرى منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية القائمة بالعهد السابق، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود، وإلغاء العمل بالدستور.