أكد السيد أحمـد أبـو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية علي إن التحولات على الصعيد الاقتصاد العالمي، خاصةً في ضوء عدم اليقين الجيوسياسي والتنافس المتصاعد بين القوى الكبري تدفع العالم إلى أتون الحروب التجارية وتبني السياسيات الحمائية .

مشيرا انه يجب على الدول النامية أن تواجه هذا الواقع الجديد بسياسات تكامل جادة من أجل الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بخروج الملايين في هذه الدول من براثن الفقر المدقع خلال العقود الماضية.

 

وأضاف أبو الغيط خلال كلمته اليوم الخميس في قمة منظمة الدول الثمانية النامية للتعاون الاقتصادية التي انطلقت اعمالها في العاصمة الإدارية الجديده بحضور الرئيــس عبد الفتـاح السيسـي ورؤساء دول وحكومات مجموعة الثماني أن توقيت انعقاد القمة اليوم يتسم بالدقة والحساسية في ظل حالة عامة من الترقب والقلق حيال آفاق المستقبل، نتيجة تسارع الأحداث وتزايد التحديات المختلفة والأزمات التي يشهدها العالم بوتيرة غير مسبوقة وإن كانت هذه التحديات، على شدتها وخطورتها، تظل  امتداداً وانعكاساً للتحدي الأكبر والأخطر المرتبط بتحقيق التنمية الشاملة  والمستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. 


وتابع أبو الغيط كلمته إن الأحداث الجارية من حولنا تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الترابط والتنسيق الوثيق بين الدول ذات الإمكانات المتقاربة والتطلعات المتشابهة، بات فرضاً وواجباً من أجل رسم سياسات عملية تواكب متطلبات العصر الحالي وتساعد على تحقيق النهوض التنموي المطلوب والخروج من نفق الأزمات الراهنة. 


وأشار الأمين العام للجامعة العربية الي أن منظمة الدول الثماني، ومنذ انطلاق أعمالها في عام 1997 وهي تشكل نموذجاً للتعاون بين الدول النامية التي تشترك في التحديات الاقتصادية والاجتماعية حيث حقق هذا النموذج العديد من النجاحات.

وقال أبو الغيط نأمل في أن تتضاعف خلال الفترة القادمة وأن يتم تطوير آليات العمل التنموي المشترك فيما بين أعضاء المنظمة من جهة، ومع الدول العربية وباقي الدول النامية من جهة أخرى

خاصة وأن التعاون مع الدول العربية بما لديها من إمكانات ومقدرات وطاقات وتجارب سوف يحمل قيمة مضافة معتبرة، وسيساهم في مواجهة التحديات العالمية الراهنة وتجاوز دوامة الأزمات المتواصلة التي تواجهها الدول النامية. 

وفي ختام كلمته، أكد ابو الغيط انه على يقين من أن قمة اليوم، التي تحتضنها جمهورية مصر العربية، سوف تمثل نقطة انطلاق جديدة نحو مستقبل مزدهر من خلال الدفع بمزيد من التعاون فيما بين دول مجموعة الثمانية، وبين دول المجموعة والأطراف الأخرى وعلى رأسها دول الجامعة العربية مما يفتح آفاقاً جديدة من الفرص الاقتصادية والتنموية.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أبو الغيط الجامعة العربية جامعة الدول العربية قمة الثمانية العاصمة الإدارية الدول النامیة

إقرأ أيضاً:

2.2 مليار شخص يعانون نقص المياه النظيفة.. الأمم المتحدة تحذر: ذوبان الأنهار الجليدية يهدد الأمن المائي العالمي.. والبنك الدولي: 273 ألف حالة وفاة للأطفال سنويًا بسبب سوء الخدمات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحتفل العالم في 22 مارس من كل عام باليوم العالمي للمياه الذي تنظمه الأمم المتحدة منذ عام 1993، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على أهمية المياه وضرورة الحفاظ عليها، وبرز اقتراح إقامة احتفال سنوي يركز على أهمية المياه خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (UNCED) في ريو دي جانيرو عام 1992.

وفي هذا الاجتماع، أُقر بضرورة تسليط الضوء على أهمية هذا المورد الطبيعي القيم، وفي العام نفسه، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 22 مارس من كل عام يومًا عالميًا للمياه، ولكل عام من الأعوام موضوع خاص، وفي عام 2025، يركز الموضوع الخاص لهذا اليوم على "الحفاظ على الأنهار الجليدية"، وهو موضوع بالغ الأهمية في ظل التحديات البيئية الراهنة، فالأنهار الجليدية تشكل مصدراً حيوياً للمياه العذبة، حيث يعتمد عليها لتلبية احتياجات الشرب والزراعة والصناعة، بالإضافة إلى توفير الطاقة النظيفة ودعم النظم الإيكولوجية الصحية، وتعتبر الأنهار الجليدية أحد أكبر خزانات المياه العذبة على كوكب الأرض، حيث يقدر أن حوالي 70% من المياه العذبة على سطح الأرض موجودة في شكل ثلج وجليد، ووفقاً للأمم المتحدة، يعتمد نحو ملياري شخص في مختلف أنحاء العالم على المياه الناتجة من ذوبان الأنهار الجليدية والثلوج، بما في ذلك استخدامها في الشرب، والري الزراعي، وكذلك في توليد الطاقة، ولكن للأسف، فإن ذوبان الأنهار الجليدية بوتيرة متسارعة يهدد هذه المصادر الحيوية، إذ تتزايد المخاوف من تداعيات هذا الذوبان السريع على تدفقات المياه، حيث يؤدي إلى حالة من عدم اليقين بشأن توافر المياه في المستقبل، وهذه التغيرات تؤثر بشكل مباشر على المجتمعات المحلية التي تعتمد على الأنهار الجليدية لتلبية احتياجاتها اليومية، وتزيد من الضغط على النظم البيئية والموارد الطبيعية، وفي عام 2023، فقدت الأنهار الجليدية أكثر من 600 جيجا طن من المياه، وهي أكبر خسارة مسجلة منذ 50 عاماً، مما يعكس تدهوراً كبيراً في المخزون المائي العالمي.

مواجهة الأزمة 

ومن أجل مواجهة هذه الأزمة المتفاقمة، أوصت الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات عاجلة على المستويين المحلي والعالمي، من خلال تقليل انبعاثات الكربون وتنفيذ استراتيجيات للتكيف مع هذه الظاهرة، يمكننا تقليل تأثير ذوبان الأنهار الجليدية، ويعد احتفال العالم في 22 مارس من كل عام باليوم العالمي للمياه، وهو مناسبة تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية المياه في حياتنا، وأهمية الحفاظ على هذا المورد الحيوي، فالمياه هي أساس الحياة، ولا يمكن للإنسان والحيوانات والنباتات العيش بدونها، ولكن في ظل تزايد التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، أصبحت المياه من أبرز القضايا التي تواجه العالم في الوقت الحاضر، فنحن نعيش في عالم يعاني فيه أكثر من 2.2 مليار شخص من نقص في المياه النظيفة، ويواجه فيه العديد من الدول مشاكل كبيرة في توفير هذا المورد الحيوي لمواطنيها، ويتزايد الضغط على الموارد المائية بسبب النمو السكاني السريع، وتغير المناخ، والتلوث، وزيادة الطلب على المياه لأغراض الزراعة والصناعة، مما يجعل اليوم العالمي للمياه فرصة لتذكير الجميع بأهمية اتخاذ خطوات حاسمة لحل أزمة المياه، وضمان توفر هذا المورد للأجيال القادمة، من أجل ذلك تحرص "البوابة" علي أن تدق ناقوس الخطر بمناسبة يومها العالمي، فالمياه لها دور حيوي في الحفاظ على التوازن البيئي، فهي أساس الحياة في البحار والمحيطات، وتساعد على نمو النباتات والغطاء النباتي الذي يعتمد عليه الكائنات الحية الأخرى، لذلك فإن وجود مياه نظيفة وموارد مائية متجددة يمثل شرطًا أساسيًا لاستمرار الحياة على كوكب الأرض، فهي عنصر أساسي لكل جانب من جوانب الحياة البشرية.

وأصبحت أزمة المياه أحد أبرز التحديات التي تواجهها البشرية في العصر الحديث، ووفقًا للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، يعاني أكثر من 2.2 مليار شخص حول العالم من نقص في المياه النظيفة، ويعيش حوالي 4 مليارات شخص في مناطق تواجه صعوبة في الحصول على المياه خلال فترات معينة من العام، وتواجه العديد من المناطق في العالم نقصًا شديدًا في المياه نتيجة لعدة عوامل، أبرزها تغير المناخ، الذي يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط الأمطار، مما يساهم في زيادة حدة الجفاف، فالنمو السكاني السريع يضاعف الطلب على المياه، مما يضغط على الموارد المائية المتاحة.

وتشير الدراسات إلى أن هناك العديد من الأسباب التي تساهم في ندرة المياه، ومنها النمو السكاني وتغير المناخ والتلوث المائي، وسوء إدارة الموارد المائية، مع زيادة عدد سكان العالم، يرتفع الطلب على المياه بشكل كبير، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد سكان العالم قد يصل إلى حوالي 9.7 مليار نسمة بحلول عام 2050، ما يعني زيادة هائلة في الطلب على المياه، وفي البلدان النامية، يزداد الطلب على المياه بشكل أكبر بسبب النمو السكاني السريع والتحضر.
ويعتبر تغير المناخ أحد الأسباب الرئيسية التي تساهم في ندرة المياه، مع زيادة درجة حرارة الأرض، تصبح فترات الجفاف أكثر شدة، بينما تتعرض بعض المناطق لفيضانات مدمرة، وهذا التغير يؤدي إلى انخفاض توفر المياه في بعض المناطق وارتفاعها في مناطق أخرى. كما أن تقلبات هطول الأمطار تؤثر بشكل كبير على الموارد المائية في الكثير من الدول.
كما يعد التلوث المائي من أكبر التحديات التي تواجه موارد المياه في العالم، فيتسبب التلوث الناتج عن الصرف الصحي، والمخلفات الصناعية، والمواد الكيميائية السامة، في تدمير المياه الجوفية والسطحية، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام، ويؤثر تلوث المياه على الصحة العامة ويزيد من عدد الأمراض المنقولة عن طريق المياه مثل الكوليرا والدوسنتاريا، أما سوء إدارة الموارد المائية فهو عامل رئيسي آخر يساهم في ندرة المياه في بعض الدول، حيث تشير عدد من الدراسات الي تفتقر الحكومات إلى الاستراتيجيات الفعالة لإدارة المياه، مما يؤدي إلى هدر الموارد المائية وتدمير البيئة، إضافة إلى ذلك، فإن عدم توفر البنية التحتية المناسبة لنقل وتنقية المياه يزيد من حدة المشكلة.

تأثير ندرة المياه

ندرة المياه تؤثر بشكل مباشر على جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ففي المناطق التي تعاني من نقص المياه، تجد الأسر نفسها مضطرة إلى دفع مبالغ طائلة للحصول على مياه صالحة للشرب، كما أن قلة المياه تؤثر بشكل سلبي على القطاع الزراعي، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار الغذاء، ويزداد الوضع سوءًا في المناطق الريفية التي تعتمد على المياه الجوفية التي تتناقص بسرعة، من ناحية أخرى، فإن تلوث المياه يتسبب في انتشار الأمراض، ويؤدي إلى زيادة معدلات الوفيات في بعض البلدان النامية، وأن الأطفال هم الفئة الأكثر تأثرًا بهذا الوضع، ووفقًا لتقرير نشره خبراء البنك الدولي على مدونات البنك، أن طفلا دون سن الخامسة يموت تقريبًا كل 100 ثانية بسبب أمراض مرتبطة بالإسهال الناتجة عن سوء خدمات المياه والصرف الصحي، ويعني هذا أن هناك 273 ألف حالة وفاة للأطفال يمكن الوقاية منها سنويًا، وندرة المياه لا تؤثر فقط على الإنسان، بل تمتد تأثيراتها أيضًا إلى البيئة، فإحدى أبرز المشاكل البيئية الناجمة عن نقص المياه هي تدمير الأنظمة البيئية البحرية والنهرية، فالكائنات البحرية والنباتات تعتمد بشكل أساسي على المياه النظيفة للبقاء على قيد الحياة، وعندما تتلوث الأنهار والبحيرات أو تصبح غير متوفرة، تتدهور هذه النظم البيئية مما يؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي.

وتتعدد الحلول التي يمكن أن تساعد في تخفيف حدة أزمة المياه، وأبرز هذه الحلول تشمل، تحسين كفاءة استخدام المياه، فمن خلال تحسين كفاءة استخدام المياه في كافة القطاعات، يمكن تقليل استهلاك المياه، ففي الزراعة، يمكن استخدام تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط الذي يستهلك كمية أقل من المياه، وفي الصناعة، يمكن تحسين أساليب المعالجة وإعادة تدوير المياه لتقليل الفاقد، وكذلك تحلية المياه فتعد تقنيات تحلية المياه واحدة من أبرز الحلول المتاحة لتحسين الوصول إلى المياه في المناطق الساحلية، باستخدام تقنيات مثل التناضح العكسي، يمكن تحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب، وعلى الرغم من أن هذه التقنيات تتطلب استثمارات كبيرة، إلا أنها يمكن أن تسهم بشكل كبير في حل مشكلة نقص المياه في المناطق التي لا يوجد بها مصادر مياه عذبة.

ومن بين الحلول أيضاً إعادة استخدام المياه الرمادية والتي تشمل المياه الناتجة عن الاستحمام والغسيل، هي طريقة مبتكرة لتحسين استخدام المياه، يمكن استخدام هذه المياه لري الحدائق والمسطحات الخضراء، مما يساعد في تقليل الضغط على مصادر المياه النظيفة، وكذلك إدارة مستدامة للموارد المائية فمن الضروري تحسين إدارة الموارد المائية من خلال التخطيط الفعال والمراقبة المستمرة، ويجب أن تكون هناك استراتيجيات لتقليل الفاقد من المياه، وتحقيق توزيع عادل بين مختلف الاستخدامات، مع ضمان توفير المياه لجميع الفئات المجتمعية.

وأحد أبرز الوسائل لمواجهة أزمة المياه هو تعزيز الوعي العام حول أهمية المياه وطرق الحفاظ عليها، ويجب أن يبدأ التعليم من المراحل المبكرة في المدارس، من خلال تعليم الأطفال كيفية ترشيد استخدام المياه، وأهمية الحفاظ على هذا المورد الحيوي، كما يجب أن تكون هناك حملات توعية جماهيرية تهدف إلى تغيير سلوكيات الأفراد وتعزيز ثقافة الحفاظ على المياه في المجتمعات.

إعادة التوزيع 

وفي ظل التحديات الكبرى التي يواجهها العالم بسبب ندرة المياه، لا سيما مع تفاقم الأزمات البيئية والتغيرات المناخية، يقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن المياه العذبة تشكل نحو 2.5% من إجمالى المياه على سطح الأرض، أكثر من 70% منها يوجد على هيئة جليد فى المناطق القطبية، و29% مياه جوفية تحتاج إلى إمكانيات مادية لحفر الآبار، وتشكل مياه البحيرات والأنهار المتاحة جزءًا قليلًا للغاية أقل من 0.0071%، وطبقا لتقديرات الأمم المتحدة يحتاج الإنسان إلى نحو 1000 متر مكعب سنويا، ورغم قلة المياه العذبة بالنسبة للمياه المالحة إلا أنها بالنسبة لعدد سكان الأرض فإنها تكفى 7 أضعاف العدد الحالى (أكثر من 8 مليارات نسمة)، وبالتالى ليس صحيحا أن العالم يعانى أزمة مائية على سطح الأرض.
وأضاف شراقي في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أنه لا توجد أزمة ندرة المياه على وسط الأرض، ولكن المشكلة الرئيسية فى التوزيع غير المتساوى للمياه العذبة، حيث توجد أماكن غارقة فى المياه، وأخرى صحراء جرداء، وتبلغ نسبة المياه المستغلة من الأنهار حوالى 10% فقط، والباقى يصب فى البحار والمحيطات دون استغلال حقيقى، ويرجع ذلك لأن كثيرا من الدول الغنية مائيا فقيرة اقتصاديا ولاتستطيع استغلال كامل المياه سواء فى الزراعة أو إنتاج الكهرباء المائية.

وأكد شراقي، أن كثيرا من الدول صحراوية مثل معظم الدول العربية، تعاني من فجوة مائية، فهى محدودة المصادر المائية وتعانى من الشح المائى، وللمفارقة فإن الدول الغنية مائيا مثل الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان وإثيوبيا هى الأكثر فقرًا ونقصًا للغذاء لعدم القدرة على الاستفادة من مواردها المائية.

وذكر شراقي، أن مشكلة نقص المياه فى كثير من الدول الصحراوية تتفاقم بثبات كمية المياه المتاحة مع زيادة عدد السكان، حيث يبلغ نصيب الفرد فى دول الخليج على سبيل المثال أقل من 100 متر مكعب سنويا، ومعظم باقى الدول العربية تعانى الفقر المائى أقل من 500 متر مكعب للفرد سنويا، ويتناقص نصيب الفرد نتيجة الزيادة السكانية والعديد من العوامل الأخرى.

وأكد شراقي، أن التحديات المائية التى تواجه الدول النامية تتعدد لزيادة الطلب عليها مع ارتفاع مستوى المعيشة، والتوسع العمرانى وزيادة النشاط الزراعى والصناعى، وبعض التقلبات المناخية من ارتفاع فى درجة الحرارة وزيادة البخر، وزيادة التلوث للمياه السطحية والجوفية، وانخفاض منسوب المياه الجوفية والتى معظمها غير متجددة، والإدارة غير الرشيدة لاستخدامات المياه سواء فى طرق الزراعة أو الرى أو استخدام المحاصيل المناسبة، والتوتر بين دول المنابع ودول المصب فى أحواض الأنهار المشتركة كما هو الحال فى حوض النيل بين مصر والسودان من جهة كدول مصب، وإثيوبيا من جهة أخرى كدولة منبع.

وأوضح شراقي أن التكنولوجيا الحديثة تساعد فى زيادة كفاءة استخدام المياه المتاحة من حيث تطوير النظم الزراعية ونظم الرى الحديثة التى تؤدى إلى زيادة الانتاجية، والتوسع الأفقى فى المساحات الزراعية، وخفض الفجوة الغذائية نتيجة استنباط أصناف زراعية جديدة موفرة للمياه وذات إنتاجية مرتفعة وعائد اقتصادى أكبر.  

وأوضح شراقي، أن نقص المياه مع زيادة عدد السكان يؤدى إلى زيادة الفجوة الغذائية فى كثير من الدول النامية خاصة مع زيادة التقلبات المناخية، والحروب والصراعات فى العديد من المناطق مما يؤثر على سلاسل الإمداد الغذائية، وزيادة التضخم الاقتصادى، وندرة المياه تؤدى إلى نقص الغذاء مما يؤثر على الأمن القومى للدول نتيجة أزمة الغذاء وتعرض السلام الاجتماعى للخطر.

وعن كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يتعاون لتطوير حلول مشتركة لمشكلة ندرة المياه وهل هناك مبادرات أو مشاريع دولية تهدف إلى ذلك، قال شراقي، إن التغلب على مشاكل عدم توزيع المياه على سطح الأرض، وعدم قدرة الدول الفقيرة اقتصاديا على استغلال مواردها المائية يجب أن يدفع الدول الغنية للتعاون لإقامة مشروعات مائية لزيادة كفاءة استخدام المياه فى الزراعة وإنتاج الكهرباء لزيادة التصنيع الزراعى وحفظ الأغذية، كما ان الاتفاقيات المائية لدول الأحواض النهرية المشتركة يساعد على حسن إدارة المياه والاستخدام العادل والمنصف.  

وأردف شراقي، أن استخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعى يساعد على زيادة التنبؤ بحالة الأمطار، والاستفادة منها وتطوير نظم الزراعة والرى، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى مرتين وثلاثة بعد المعالجة المطلبة، وترشيد استخدام المياه الجوفية، وتحلية مياه البحر لتوفير المياه مع التوسع السكانى فى المدن الساحلية، وزيادة النشاط الصناعى، والتعاون المائى والزراعى مع الدول الغنية مائيا.    

وقال شراقي، إن الإدارة الجيدة للموارد المائية من أهم الحلول للتغلب على الشح المائى فى بعض الدول لرفع كفاءة الاستخدامات المائية، حيث يمكن وضع القوانين التى تنظم الاستخدامات المائية والحفاظ عليها، واختيار المحاصيل المناسبة، والتشجيع على استخدام نظم الرى والزراعة الحديثة، وتوفير الارشادات الزراعية، والتشجيع على التصنيع الزراعى، وتصدير الانتاج الزراعى بعد تصنيعه لزيادة القيمة المضافة، واختيار المحاصيل ذات الاحتياجات المائية الأقل، والانتاجية العالية والعائد المرتفع، مع تعظيم قيمة المياه الافتراضية، والمحافظة على المياه من التلوث، والتعاون مع دول المنابع. 
 وذكر شراقي، أنه يمكن توعية المجتمعات بأهمية الحفاظ على المياه، وخصوصًا في البلدان التي تعاني من مشاكل في توفر المياه، عن طريق ترشيد استخدام المياه خاصة فى المجال الزراعى، وزيادة التوعية فى المدارس ودور العبادة، ووسائل الاعلام المختلفة، وإعادة دور الإرشاد الزراعى، والاهتمام بالبنية التحتية لمياه الرى ومياه الشرب. وتابع  شراقي، إن هناك حاجة لتطوير نظم ري أكثر كفاءة حول العالم لمواجهة الطلب المتزايد على المياه، عن طريق استخدام نظم الرى الحديثة ضرورى فى المناطق الرملية، وتحسين شبكات الرى، واستخدام التكنولوجيا الحديثة من أقمار صناعية ومسيرات وأجهزة، واستخدام الصوب الزراعية لزيادة الانتاج بأقل كمية مياه.  
 وأكد  شراقي  إن المياه العذبة متوفرة على سطح الأرض بكميات كبيرة نسبة إلى عدد السكان، ويمكن توفرها بشرط أن تتعاون الدول الغنية مع الدول المائية الفقيرة للاستفادة من المياه المتاحة، وحل المشاكل بين دول المنابع ودول المصب فى أحواض الأنهار المشتركة والتى تغطى 50% من سطج اليابس ويعيش عليها أكثر من نصف سكان الأرض، ويجب أن تقوم الأمم المتحدة بدور فعال عن طريق إنشاء منظمة جديدة مثل مجلس الأمن واليونسكو بغرض وضع الخطط المناسبة لإقامة المشروعات المائية الكبرى على الأنهار العالمية للاستفادة من مياه الأنهار التى تصب فى البحار والتى تصل نسبتها إلى أكثر من 90% وحل النزاعات بعد أن تخلى مجلس الأمن عن حل المشاكل المائية التى تهم أكثر من 4 مليارات نسمة.

أزمة مناخية 

وفي السياق ذاته قال محمد خليفة، باحث إقليمي بالمعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI)، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعيشان أزمة مناخية غير مسبوقة، تتأرجح فيها بين موجات جفاف قاسية وفيضانات مدمّرة، وبينما تنضب موارد المياه وتشتد الظواهر المناخية المتطرفة، يجد الملايين أنفسهم في مواجهة مباشرة مع تهديدات متزايدة.

وأضاف خليفة، أن المياه تحولت من نعمة للحياة، إلى مصدر خطر، كما رأينا في انهيار سد درنة في ليبيا وفيضانات السودان ودول الخليج في السنوات القليلة الماضية، في الوقت ذاته الذي تواجه فيه المغرب جفافاً شديدًا ممتداً لسنوات، ومصر ضغوطًا متزايدة على مواردها المائية المحدودة، تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنطقة الأكثر معاناة من شح المياه في العالم، مضيفًا أن الجفاف دمر المحاصيل وتسبب في رفع أسعار الغذاء، بينما تشرد الآلاف بسبب الفيضانات فضلاً عن تدمر البنية التحتية. 

وأكد خليفة، أن الحلول لمشاكل المياه لا تكمن في معالجة الجفاف والفيضانات كأزمتين منفصلتين، بل في ضرورة تبني نهج استباقي يعتمد على الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وأن التعامل مع الجفاف بوصفه تهديدًا بطيء التشكل، ومع الفيضانات كأزمات مفاجئة، مع فصل بينهما أدى إلى العديد من الفشل في السياسات، وهذا النهج القصير النظر لا يوفر الحماية الشاملة للمواطنين أو النظم البيئية أو البُنى التحتية، وهو ما يجعل من الضروري التفكير في التكامل بين الظاهرتين لمواجهة تحديات المياه المستقبلية.

وأشار خليفة، إلى أن فصل إدارة الجفاف عن الفيضانات كان سببًا رئيسيًا في العديد من الإخفاقات على مستوى السياسات المتعلقة بالمياه، مشيرًا الي أن الجفاف والفيضانات ليسا مشكلتين منفصلتين، بل ظاهرتين مترابطتين، تنشأ كل واحدة منهما بسبب خلل واحد في التوازن المائي، وهذه الأزمة تتطلب مقاربة شاملة ومستدامة لمواجهة المشاكل بدلاً من حلول مرحلية لا تضمن استدامة الموارد المائية.

وشدد خليفة، على أهمية الإدارة المتكاملة للموارد المائية، والتي تعني النظر إلى المياه كمنظومة مترابطة تتطلب تخطيطًا شاملاً للبنى التحتية والسياسات، وأن هذه الإدارة توازن بين تخزين المياه وقت الوفرة، وهو ما يساعد على الحد من مخاطر الفيضانات، واستخدامها بكفاءة في أوقات الشح للتعامل مع فترات الجفاف، وأنه يجب تعزيز استراتيجيات مثل حصاد مياه الأمطار في السدود، وتحسين تغذية المياه الجوفية من خلال الأمطار والسيول، وكذلك تحسين نظم الإنذار المبكر.

وفي سياق الحديث عن تأثير التغير المناخي على المياه، نوه خليفة، لأهمية تبني نهج الإدارة المتكاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تعاني من ندرة المياه، وأن التغير المناخي يتسبب في فترات من الجفاف الشديد، وفي نفس الوقت يعزز من احتمال حدوث الفيضانات المفاجئة، ولذلك، فإن المنطقة بحاجة إلى حلول منسقة لا تعالج الجفاف بمفرده أو الفيضانات بمعزل عن الجفاف، بل إلى حلول شاملة تأخذ في الاعتبار واقع البيئة المحلية والتحديات المستقبلية.

وأكد خليفة، أن المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) ومراكز الأبحاث الأخرى تلعب دورًا محوريًا في تقديم حلول علمية تستند إلى بيانات الاستشعار عن بعد، ونماذج التنبؤ، وتحليل السياسات المائية، وهذه الأدوات تساهم في تحسين عملية اتخاذ القرارات السياسية والإدارية بشأن إدارة المياه بشكل رشيد، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة نتيجة لتغير المناخ والنمو السكاني.

وفي ختام حديثه، دعا خليفة المجتمع الدولي، خاصة في يوم المياه العالمي الذي يحتفل به في 22 مارس من كل عام، إلى اتخاذ إجراءات جادة لحل أزمة المياه، وقال إن المنطقة لم تعد تحتمل المزيد من التراخي؛ فهي إما أن تبقى عطشى أو تغرق، وتطلب هذه الأزمة تتطلب تحركًا فوريًا من الدول والمنظمات العالمية والباحثين والمؤسسات الحكومية لضمان توفير حلول مستدامة وآمنة لمستقبل المياه في العالم.

محمد خليفة - باحث إقليمي بالمعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI)

مقالات مشابهة

  • 2.2 مليار شخص يعانون نقص المياه النظيفة.. الأمم المتحدة تحذر: ذوبان الأنهار الجليدية يهدد الأمن المائي العالمي.. والبنك الدولي: 273 ألف حالة وفاة للأطفال سنويًا بسبب سوء الخدمات
  • كسوف الشمس يوم 29 مارس وما الدول العربية التي تراه
  • مسؤولة أممية: السودان من الدول الأولى على مستوى العالم التي تعاني أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد والملايين يواجهون الجوع
  • توقعات المتغيرات الاقتصادية العالمية واثرها على الاقتصاد العراقي (2025-2030)
  • استأذن منّي قبل قتلي!
  • سفير الصومال في القاهرة يؤكد أهمية الدور الذي تلعبه جامعة الدول العربية
  • أبو الغيط يعرب عن دعم ‎الجامعة العربية وتضامنها الكامل مع لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية
  • لقاء يؤكد على جذور الدروز العربية والإسلامية.. وتمسكهم بالهوية
  • الذهب يتجه لتسجيل مكاسب أسبوعية بفضل عدم اليقين العالمي وآمال خفض أسعار الفائدة
  • أبو الغيط في ذكرى مرور 80 عاماّ على تأسيس الجامعة العربية: القضية الفلسطينية تمر بأخطر مراحلها