يلتقى القادة الأوربيون اليوم الخميس لأول مرة منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، حيث تواجه الكتلة الأوروبية قرارات بشأن كيفية التعامل مع القيادة الجديدة في البلاد وسط تحرك غربي لمراقبة النهج الذي ستتبعه تلك القيادة في إدارة البلاد.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين قبل الاجتماع إنه يمكن إعادة النظر في العقوبات الاقتصادية واسعة النطاق على سوريا في حال أحرزت القيادة الجديدة تقدما نحو انتقال شامل وديمقراطي للسلطة.

وأضافت ديرلاين أن "سوريا القديمة اختفت لكن الجديدة لم تولد بعد"، واعتبرت أن الفترة المقبلة ستكون حاسمة لتشكيل سوريا الجديدة، وأن أوروبا ستلعب دورا في ذلك.

كما قالت إن الاتحاد الأوروبي سيكثف اتصالاته المباشرة مع النظام الجديد وكافة الفصائل في سوريا، وإن من مصلحة الجميع حدوث انتقال سلمي يشمل الجميع في سوريا.

ويأمل القادة الأوروبيون أن يتم تصنيف سوريا دولة آمنة مجددا في ظل القيادة الجديدة، مما سيعني أنه يمكن للدول الأوروبية رفض طلبات اللجوء السورية والبدء في عملية الترحيل.

وفي هذا الصدد قالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إنه "من المريح انتهاء نظام الرئيس بشار الأسد، ونحن بحاجة للنظر بحذر إلى من سيتولى الأمر ويملأ الفراغ في سوريا".

إعلان

بدوره، قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إن هناك أملا كبيرا برؤية سوريا جديدة تعتمد دستورا لكل السوريين وتشهد انتخابات حرة ونزيهة، وأشار خلال مؤتمر صحفي في دمشق إلى أن الصراع في سوريا لم ينته بعد وهناك بعض التحديات في مناطق أخرى حسب تعبيره.

من ناحيته، قال المبعوث الهولندي السابق إلى سوريا نيكولاوس فان دام، إن الإدارة الجديدة في دمشق لديها "فرصة ذهبية" لإعادة إعمار البلاد عقب انهيار نظام البعث في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

عملية سياسية بقيادة داخلية

من جهته، قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو إن بلاده "تحتاج للتعامل مع النظام الجديد في سوريا وتقديم كل أشكال الدعم"، مضيفا بأنه "يجب فعل كل ما بوسعنا لدعم استقرار سوريا حتى يتمكن الراغبون في العودة من القيام بذلك".

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك إن الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد هو من الاخبار الجيدة للسوريين ولبلادها التي رفضت الانجرار وراء طلبات التطبيع مع هذا النظام.

وأكدت في كلمة لها خلال جلسة للبرلمان، أن دمشق بحاجة إلى عملية سياسية يقودها السوريون من الداخل لا من الخارج، واعتبرت أن احتلال إسرائيل للجولان يعد انتهاكا للقانون الدولي.

كما شددت الوزيرة الألمانية على ضرورة أن يأخذ الانتقال السلمي للسلطة في الاعتبار حقوق جميع الطوائف العرقية والدينية في سوريا.

وفي هذا الصدد قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أمس الأربعاء إن رفع العقوبات عن سوريا وتقديم مساعدات إعادة الإعمار لها يجب أن يتوقفا على التزامات سياسية وأمنية واضحة من جانب الإدارة الجديدة لدمشق.

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو قال أمس الأربعاء إن رفع العقوبات عن سوريا وتقديم مساعدات إعادة الإعمار لها يجب أن يتوقفا على التزامات سياسية وأمنية واضحة من جانب الإدارة الجديدة لدمشق.

إعلان

وأضاف الوزير في كلمة أمام البرلمان أن فرنسا ستستضيف اجتماعا حول سوريا مع الشركاء العرب والأتراك والغربيين في يناير/ كانون الثاني.

تجربة طالبان

كما دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الأربعاء الإدارة الجديدة في سوريا إلى الوفاء بوعودها بالاعتدال إذا كانت تريد تجنب العزلة المفروضة على حركة طالبان الأفغانية.

وقال بلينكن في مداخلة ألقاها أمام مركز "كاونسل أون فورين ريليشنز" للبحوث في نيويورك "أظهرت حركة طالبان وجها أكثر اعتدالا، أو على الأقل حاولت ذلك، عندما سيطرت على أفغانستان، ثم ظهر وجهها الحقيقي. وكانت النتيجة أنها بقيت معزولة إلى حد كبير" على الصعيد الدولي"

وأضاف موجها كلامه إلى الإدارة الجديدة في سوريا "لذلك، إذا كنتم لا تريدون هذه العزلة، فهناك أمور معينة ينبغي أن تقوموا بها لدفع البلاد إلى الأمام".

وكان القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع دعا اليوم في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" في دمشق، إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وقال إن البلاد أنهكتها الحرب ولا تشكل خطرا على جيرانها أو الغرب.

وقال الشرع إنه يجب رفع هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية، مؤكدا أن هيئة تحرير الشام ليست جماعة إرهابية، وأنها لم تكن تستهدف المدنيين أو المناطق المدنية وكانت ضحية لجرائم  الأسد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القیادة الجدیدة الإدارة الجدیدة الجدیدة فی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

ماذا يريد العرب والغرب من سوريا الجديدة؟

تقاطرت الوفود العربية والغربية إلى سوريا، من كل حدب وصوب في الآونة الأخيرة، وكأن دمشق أصبحت مزارا سياسيا يؤمّه كل ساعٍ ليس للاطمئنان على أمن واستقرار سوريا، بل للاطمئنان على ما يتناسب وسياساتهم وأهدافهم، فماذا يريد هؤلاء من الإدارة الجديدة؟

الكل يبدي اهتمامه وحرصه، وعقب الزيارة تخرج تصاريح عديدة، منها ما يتحدث عن ارتياح مشوب بالحذر، ومنها ما يعبر عن قلقه، والبعض الآخر يعبر عن خشيتهم من ضياع حقوق الأقليات والمكونات المختلفة للشعب السوري، وبعضهم الآخر يشجع الإدارة الجديدة على ما أنجزته حتى الآن، ولكن يريدون ربط الأقوال بالأفعال. وبدا أولئك القلقون كأنهم حافظون لحقوق الأقليات في بلدانهم وكأن شعوبهم تعيش في أجواء من الحرية والأمن والاستقرار في بلدانهم، ولا يعانون من الاستبداد والقمع، وكمّ الأفواه والتمييز العنصري، وكأن فيض العدالة والمساواة وتمكين المرأة وحقوق الإنسان تعمُّ هذه الفئات هناك في تلك البلدان.

ويبالغ البعض برؤيته للأوضاع؛ فيبدأون بإملاء الشروط وكأن البلاد أصبحت تحت وصايتهم فيرون وجوب إقامة دولة مدنية لا إسلامية، وكأن الإسلام والإسلام السياسي أضحى خطرا على المنطقة والبشرية جمعاء، وأصبحت الداعشية التي ابتدعوها وخلقوها وجلبوها إلى منطقتنا وكأنها الممثل الوحيد والشرعي للإسلام، وهي كمن أوجد "بعبعا" وصار يخافه وأخاف الآخرين منه ومن خطر امتداده، ونسوا أن الإسلام هو دين التسامح وإخاء وعدل ومساواة، ونسوا أو تناسوا أنه لم يُسجّل عبر التاريخ على الإسلام وقادته عارا أو إجراما مثلما سُجّل على طغاةٍ وغزاةٍ تنتمي إلى أعراق وأمم وإثنيات أخرى.

لم تكن الأقليات -في دولة الإسلام وعبر التاريخ- إلا عزيزة كريمة محمية؛ لها من الحقوق كما هي الواجبات. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، لم يُسجّل في تاريخ الإسلام أن أبادوا شعبا بأكمله كما حدث للهنود الحمر السكان الأصليين في أمريكا، ولم يقتلوا الأطفال والنساء حرقا أو بدمٍ باردٍ مثلما فعل الإسرائيليون في غزة، ولم يبد المسلمون الآلاف من المدنيين البريئين بالسلاح الكيماوي أو البراميل المتفجرة أو في المعتقلات مثلما قام به جلادوا نظام بشار الأسد البائد وحلفائه. في واقع الأمر، إن من يشكلون حكوماتهم بأحزابٍ يمينيةٍ ذات مسمّياتٍ دينيةٍ متطرفة، والسكوت عن إبادة مسلمي الروهينغا، وكذلك ذاك الذي يرى "إسرائيل" دولة دينية لليهود فقط لا يحق له الحديث عن دولة مدنية لا دينية.

إن قراءة موضوعية لما يحدث، أو لما يصدر عن هذه الوفود لا نراه قلقا على سوريا وشعب سوريا ومستقبلها، بل نراه سعيا لتكريس الانقسام المناطقي والطائفي في المجتمع السوري؛ لأننا لا نعتبر أن هناك أقليات، بل هناك فسيفساء مجتمعي يشكل شعبا واحدا، ولطالما هتف له السوريون "الشعب السوري واحد".

من جانب آخر، إن الالتفاف الشعبي الواسع الذي عبرت عنه مختلف فئات ومكونات الشعب السوري عقب إسقاط نظام الإجرام الأسدي من خلال المظاهرات والاحتفالات يؤكد هذه اللحمة والتضافر والتماسك للدفاع عن الثورة، والابتهاج بنيل الحرية. لقد مضى نحو الشهر وبضعة أيام على ولادة سوريا الجديدة بقيادتها الجديدة، وسقوط نظام الإبادة والقتل ولم نر إلا وعودا، بل شروطا يجب تنفيذها قبل تقديم الدعم لهذه الدولة، وكأننا أمام سياسة "العصا والجزرة" من جديد، ولعبة إملاء الشروط لاستغلال سعي الإدارة الجديدة لرفع العقوبات عن الشعب السوري ورفع صفة الإرهاب عن مكونات ثورته، كما تفتقت وزيرة خارجية ألمانيا بيربوك المستفزة لباسا وتصاريحا برفقة وزير خارجية فرنسا المستفز أيضا في المؤتمر الصحفي الذي أعقب لقاء أحمد الشرع عندما قالت: "لن تقدم أوروبا أموالا للهياكل الإسلامية الجديدة".

لقد ذكَّرت هذه التصريحات بالوصاية التي تحاول الدول الاستعمارية عادة فرضها على الشعوب من خلال فرض شكل الحكم والنظام ونمط الحياة عليها، فهذه الدول وغيرها تضغط بنبرة فوقية دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا، وترهن الاعتراف بالوضع الجديد بمدى استجابة الإدارة الجديدة لشروط هيمنتها وضمان مصالحها.

ومن جهة ثانية، تضغط دولة الكيان المحتل عسكريا من خلال احتلال المزيد من الأراضي السورية واستمرار توسيع ضرباتها العسكرية على ما تبقى من قدرات الجيش السوري تحت ذرائع واهية؛ تدفع الحكام الجدد إلى التسليم بالأمر الواقع، وبدء عجلة التطبيع، وبالتالي إحراج هذه الإدارة أمام شعبها وأمام المكونات السياسية الأخرى، وأمام الشعب الفلسطيني وقواه التي تعول آمالا كثيرة طموحة في مؤازرة ومشاركة سوريا بنظامها الجديد لإنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" لفلسطين ونيل الحرية، وهذا يعني خروج سوريا كدولة مواجهة كما خرجت من قبل مصر والأردن ولبنان من حلقات الصراع "العربي/ الإسرائيلي".

وعلى الضفة الأخرى، إن ما لا يراه الغرب والأنظمة العربية الساعية إلى تطويع الإدارة السورية الجديدة تماهيا مع سياساتها؛ نراه يسير بخطى بطيئة، لكنه يتم بالاتجاه الصحيح ويربط الأقوال بالأفعال. فها هي عوامل الأمن والاستقرار تأخذ حيزا هاما من جهد هذه الإدارة لبسط الأمن والسلامة على كافة الأراضي السورية، وملاحقة فلول النظام الساقط درءا للفتنة. وها هو مؤتمر الحوار الوطني على الأبواب بعد قرار تشكيل لجنة تحضيرية للإعداد الجيد له، وها هي أيضا مراحل تسوية أوضاع من كانوا منضوين تحت عباءة النظام البائد تسير على ما يرام، وها هي القرارات الإدارية والتنظيمية تخط طريقها نحو اقتصاد السوق الحر وباتجاه تأمين الخدمات والحاجات اليومية للمواطن السوري الذي عانى مطولا من فقدها لأكثر من 13 عاما، وكذلك عمليات إصلاح البنى التحتية التي تجري على قدمٍ وساق، أيضا هناك إجراءات فتح المطارات أمام الرحلات الدولية والمعابر مع الدول الشقيقة المجاورة.

وفي منحى هام آخر، تجري عمليات دمج الفصائل المسلحة الثورية تحت مسمى وزارة الدفاع. أما على الصعيد الخارجي فهناك تحرك واسع تقوم به الإدارة الجديدة نحو الدول العربية الشقيقة والصديقة لطمأنة الجميع بأنها ستفي بالتزاماتها الداخلية والخارجية.

بناء على ما سبق، المطلوب إذا أن نعطي فرصة كافية من الوقت لنهوض هذه الدولة من جديد بعد هذا الدمار والانهيار التام لكل المناحي الاقتصادية والخدمية والتعليمية والاجتماعية حتى العسكرية والأمنية منها. والمطلوب من هذه الدول أن لا تغفل إنسانيتها عما يعانيه الشعب السوري من عوز وحاجة، وأن تبادر إلى رفع العقوبات والحصار. إن هذا الانهيار الكبير الذي تسبب به النظام السابق يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والإمكانات، فإذا كانت الولايات المتحدة تحتاج إلى أكثر من سنة لانتخابات الرئاسة فيها وهي دولة عظمى ومستقرة على جميع الصعد، فكم تحتاج هذه الدولة السورية الجديدة الناهضة من بين الركام والدمار من وقت؟

نعم، إن الشعب السوري يحتاج إلى دولة مدنية ديمقراطية؛ يعيش فيها كل أفرادها ومكوناتها المجتمعية ونخبها السياسية بعيدا عن الطائفية والمذهبية، دولة يسودها حكم القانون وينعم شعبها بالعدل والمساواة في الحقوق والواجبات، دولة تضمن حرية التعبير والتفكير، دولة ذات مجتمع يحترم المرأة ويمكنها من لعب دورها في بنائه وقيادته، دولة تضمن العيش الكريم لأبنائها بما يحقق طموحاتهم وآمالهم.

إن كل ما سبق يتطلب جهودا جبارة ووقتا كافٍ وثقة بالإدارة الجديدة، ناهيك عن الإمكانات والخبرات غير المتاحة، ويتطلب بالمقام الأول وعيا مجتمعيا للأخطار والدسائس الخارجية التي تتربص بالثورة الفتية والبلد.

إن أية مخاوف شعبية داخلية هي مشروعة ومحقه؛ لأنها ناتجة عن حقبة مظلمة لنظامٍ مجرمٍ لم يترك للحياة من بصيص أمل.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يستقبل وفدًا من الإدارة السورية الجديدة بمكة المكرمة
  • أول وفد عربي رسمي يزور دمشق ويلتقي القيادة الجديدة
  • هل حظرت الإدارة السورية الجديدة دخول الإيرانيين والإسرائيليين إلى البلاد؟
  • عاجل:- قرار جديد في سوريا بمنع دخول البضائع الروسية والإيرانية والإسرائيلية
  • الإدارة الجديدة في سوريا تمنع الإسرائيليين والإيرانيين من دخول البلاد
  • الخارجية النيابية:العراق وإيران لديهما ثوابت في التعامل مع الحكومة السورية الجديدة
  • قرارات مصيرية وحاسمة ..الإيرانيون ممنوعون من دخول سوريا ومصدر يؤكد
  • ماذا يريد العرب والغرب من سوريا الجديدة؟
  • قطر: الوضع في سوريا يتطلب رفع العقوبات عن البلاد بأسرع وقت
  • سوريا الجديدة بين القرضاوي والمنصور