بنجلاديش: لا بد من دعم قدرات الشباب ليكونوا مستعدين لمواجهة سوق العمل
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعرب الدكتور محمد يونس، رئيس الحكومة المؤقتة ببنجلاديش، عن سعادته بالمشاركة في قمة منظمة الدول الثماني النامية، قائلًا: "من دواعي سروري أن أشارك في القمة وأن أكون في القاهرة وأن أرى إرثها العظيم وهو شرف لي، كما أريد أن أرحب بالرئيس السيسي رئيس جمهورية مصر على دعوته الكريمة".
وأضاف يونس في كلمته خلال افتتاح القمة الـ 11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، والتي تعقد في العاصمة الإدارية الجديدة، اليوم الخميس، إننا نشهد وقتا صعبا وتحديات غير مسبوقة ولكن هناك الكثير من الفرص فالقمة تركز على الشباب والمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة وكل تطلعاتنا المشتركة.
وتابع، أن كل دولة لديها عدد معين من الشباب، ففي بنجلاديش على سبيل المثال يوجد 170 ألف مواطن هم شباب تحت سن الـ 27، موضحًا أن كل عام نجد أن هناك أكثر من 200 ألف شاب في السوق الذين يحتاجون إلى عمل ولذلك لا بد أن نجعلهم مستعدين لمواجهة سوق العمل ويكون لديهم القابلية لهذا، ولابد أن ندعم قدرات الشباب بين دول المنظمة.
واستقبل الرئيس السيسي، القادة المشاركين" في القمة، والتي تأتي تحت عنوان "الاستثمار في الشباب ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: تشكيل اقتصاد الغد"، وذلك بمشاركة عدد من قادة وزعماء الدول النامية.
وقد أنشئت منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي في عام 1997، وتضم بالإضافة إلى مصر كلا من نيجيريا وتركيا وباكستان وبنجلاديش واندونيسيا وماليزيا وإيران.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: القمة الـ 11 لمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي منظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي
إقرأ أيضاً:
تجسير الفجوة بين التعليم وسوق العمل
أضحى الحديث عن المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل من الضرورات خصوصا مع التطويرات التقنية والرقمية السريعة، وكذلك في ظل التغيّرات المتسارعة في بنية الاقتصاد العالمي والتحوّلات الرقمية التي اقتحمت جميع القطاعات المختلفة، ومعنا في سلطنة عُمان؛ فإننا نعوّل على «رؤية عُمان 2040» باعتبارها إطارًا إستراتيجيًا للتنمية المستدامة، ونلحظ عبر هذه الرؤية الوطنية الجهود المبذولة في سبيل تجسير أي ملامح لفجوة بين التعليم وسوق العمل ومتطلباته عبر سعي جادّ لبناء جيلٍ قادرٍ على المنافسة عالميًا والابتكار المحلي، ولكن مع كل هذه الجهود؛ فنظلّ نطمع في بلوغ مستويات أعلى في ظل وجود تحدّيات تواجه كل دول العالم -وليس حصرا علينا- تتعلق بقدرة المؤسسات التعليمية على رفد سوق العمل بكفاءاتٍ متخصصة تواكب الطفرات التقنية المتقدمة والاقتصادية ذات الطابع الرقمي.
وفقًا لإحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عُمان (2021)، فإنّ ما يقارب 63% من إجمالي سكان سلطنة عُمان من فئة الشباب (دون الثلاثين عامًا). تفرض هذه النسبة الكبيرة ضرورةً حتمية لتوظيف الإمكانات البشرية الشابّة توظيفًا مثمرًا في وقتٍ تزداد فيه المتطلبات المعرفية والمهنية تطورًا وتعقيدًا. تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن معدّل الباحثين عن عمل بين فئة الشباب ما زال بحاجة إلى خطواتٍ إضافية لمعالجته -رغم إقرارنا أن مشكلة الباحثين عن عمل ظاهرة عالمية لا تكاد دولة في العالم تخلو منها مع تفاوت المعدلات-، إذ تتراوح معدلات الباحثين عن عمل وفقَ إحصائية شهر نوفمبر في عام 2024م إلى 3.6%، ومن المؤكد أن نعتبر هذه الفئة الأكثر حاجة للتدريب والتأهيل المهني والتقني. من زاوية المسؤولية الوطنية التي نشترك فيها جميعنا، يستدعي هذا الواقع تساؤلاتٍ تنطلق من القاعدة الأولى، وهو التعليم، ومن هذه الأسئلة: أنعتبر التعليم في عموم المجتمعات عمليةَ نقل معلومات أم مشروعًا لإعداد إنسانٍ قادرٍ على المشاركة الفعّالة في حركية الاقتصاد والمعرفة؟ إذ تفترض فلسفة التعليم الحديثة أن الشباب طاقةٌ خَلّاقة ينبغي استثمارها في مسارات الإبداع والابتكار، لا في مظاهر تعليمية فاقدة للقيمة المعرفية المتجددة، وفي هذا المنحى، تعتمد الرؤية العُمانية 2040 في جوهرها على بناء اقتصادٍ معرفيّ متين يستند إلى تأسيس تقني متقدّم يتمثّل في مهارات الذكاء الاصطناعي والتحوّل الرقمي، وكذلك إلى رفد قطاعات الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية والسياحية، ولهذا فإن مثل هذه القطاعات الواعدة لن يُعتمدَ في تشغيلها على الطرق التقليدية، ولكنها ستتطلب اندماجا مع النظم التشغيلية المتقدمة التي تتطلب بدورها وجود كوادر وطنيّة ذات مهارات تقنية عالية، وقدرات تحليلية وابتكارية، ويتطلب تحقيق كل ذلك وجود تعليم متقدم متقاطع مع متطلبات سوق العمل الحديثة.
تؤكد السردية العلمية أن وجود الفجوات بين التعليم ومسارات سوق العمل قضيةٌ عالميةٌ، ولكننا من منطلق الحس الوطني، يصب تركيزنا على الشأن الداخلي العُماني، وقبل أن نتوجّه إلى تقديم بعض المقترحات المعززة لتجسير أيّ فجوة حاصلة بين هذين القطاعين، سيكون من العدالة أن نستعرض بعض الجهود القائمة؛ إذ نرصدُ حراكًا داعمًا لتفعيل نشاطات «الشراكات الفاعلة» بين مختلف الجهات المعنية مثل التي نرصدها بين مؤسسات تعليم عالٍ ومعاهد تقنية وعبر التعاون المشترك مع مؤسسات حكومية وخاصة، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني، ويمكننا تحديد عددٍ من المبادرات التي تسعى في هذا الاتجاه؛ فثمّة برامج للتدريب الميداني والعملي المشتركة بين بعض الجامعات والشركات الصناعية الكبرى مثل «إعداد» و«حاضنات الأعمال الناشئة»؛ لأجل تمكين الطلبة من الاندماج في بيئة العمل الحقيقيّة قبل التخرّج، وأُطلقت مبادراتٌ وطنية بالتعاون مع مؤسساتٍ دولية؛ لتطوير مناهج مثل «STEM» (العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات) في التعليم المدرسي، والدفع إلى تنمية مهارات البرمجة والابتكار لدى الطلبة في مراحل تعليمية مبكرة. لا تأتي مثل هذه الشراكات والمساهمات المعرفية والمهنية بطبيعتها لتكون اتفاقاتٍ خالية من المضمون والأهداف، ولكنها تأتي بمنزلة المنهجية الإستراتيجية التي تتمثل فيها التغذية الراجعة المستمرة بين سوق العمل والجهات التعليمية؛ فتعمل هذه التغذية الراجعة الجامعات والمعاهد على تعديل مناهجها ومساقاتها الدراسية بما يتناسب مع احتياجات الاقتصاد الفعلية وسوق العمل بعمومه وتطوراته المتسارعة، ومن جهةٍ أخرى، تُتيح لأصحاب العمل توجيه مشروعات البحث والتطوير داخل الجامعات، والاستفادة من العقول الوطنيّة الناشئة في حل المشكلات الصناعية والتقنية، وبالتالي يصبح التعليم عمليّةً ديناميكية متجددة تتوافق مع متطلبات نهضتنا العُمانية المتجددة، وبعيدة عن الطابع النظري الجامد.
لكننا نكرر أننا لا نكتفي بهذا المقدار من المستويات؛ فيتطلب النجاح الحقيقي لهذه الشراكات مجموعة من العوامل، نرى أوّلها، في تقوية السياسات المتعلقة بهذه الشراكات وتنظيمها لتدعم مبدأ التعاون بين القطاعين العام والخاص التي يمكن أن تكون في صالح تحقيق عدد من الحوافز مثل منح حوافز ضريبية وتشجيعية للشركات التي تستثمر في تدريب الشباب وتأهيلهم خصوصا في قطاعات التقنية والتحوّل الرقمي. ثانيها، تقديم تمويلٍ أكبر للبحوث المشتركة وتطوير المناهج الجامعية؛ لتتماشى مع أحدث التوجهات العالمية في مجالات التقنية والتصنيع والخدمات. ثالثها، تعزيز الثقافة المجتمعية الإيجابية نحو العمل التقني والفني؛ فما نزال نرصد بعض مظاهر التوجّه نحو التخصصات النظرية -دون التقليل من أهميتها وشأنها-، وذلك لأسبابٍ لعلها مجتمعية وثقافية تتعلق بتوجهات سوق العمل التقليدية، أو لنظرةٍ مغلوطة تفيد بأنّ التخصصات التقنيّة لا تحظى بالوجاهة الاجتماعية الكافية. نجد العامل الرابع ذا علاقة في نجاح هذه الشراكات؛ فيتجسّد في تطوير أنظمة تقويم فعّالة لقياس التأثير الفعلي للتعاون بين المؤسسات التعليمية وسوق العمل؛ فلا ينبغي الاكتفاء بالدورات والبرامج التدريبية بصفتها الشكلية دون تتبّع تأثيرها في معدلات توظيف الخريجين وجودة الأداء المهني والتحسّن في كفاءة المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، وفي السياق نفسه، يُقترح للجامعات إنشاء مراكز رصد وتطوير مهني لمتابعة خرّيجيها ومتابعة مستمرة طويلة المدى لمخرجات «حاضنات الأعمال» لا تقتصر على الفترات الزمنية الأولى للتأسيس، وتقديم إحصائياتٍ دقيقة معنية بنسب التوظيف والرواتب وطبيعة الوظائف بعد فترة زمنية محددة من التخرج؛ إذ يمكن لمثل هذه الإجراءات أن تسهمَ في مضاعفة الثقة المؤسسية لدى الجهات المشاركة، ويصنع حلقةً مرضية من التطوير المستمر. لا يمكن أن نغفل الإعلام ودوره في توعية الرأي العام والنهوض بالوعي المتعلق بأهمية هذه الشراكات، وهذا ما نلحظ وجوده في إعلامنا المحلي -المرئي والمكتوب والمسموع-؛ فتسليط الضوء على قصص نجاح الشباب العُماني في القطاعات الواعدة، ومدى إسهامهم في تطوير المشروعات الاقتصادية، سيسهم في رفع الشغف المجتمعي ونشاطاته لدعم فكرة المواءمة بين التعليم وسوق العمل والبحث عن حلول لأيِّ تحديات؛ إذ يمكن أن نعتبرها عمليّةً تطال جذور الثقافة والوعي المجتمعي الخاصة بقيمة العمل والمهارات والمعرفة أكثر من كونها إجراءاتٍ إدارية أو قراراتٍ عليا. في بُعدٍ توعوي، لا ينبغي الاقتصار على تدريب الطلبة على المهارات التقنية فحسب، بل ينبغي أن يشمل تنميةَ القيمِ الأخلاقية ومهاراتِ التعلُّم الذاتي؛ إذ يرفدُهم هذا المنظورُ برؤيةٍ شموليةٍ تُنبّهُهم إلى دورهم المسؤول في تعزيز قيم التقدّم المجتمعي والاقتصادي.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني