ليبيا – أصدر “البنك الدولي” تقريراً حول مؤشرات استقرار النمو المستدام وتعزيز الإنتاجية في الاقتصاد الليبي وآفاق تطوره خلال عام 2024.

التوقعات الاقتصادية واستقرار الإنتاج النفطي
أشار التقرير، الذي تابعت صحيفة “المرصد” ملخصه، إلى توقعات بتحقق استقرار اقتصادي في ليبيا بعد التوصل إلى اتفاق لإنهاء أزمة إدارة المصرف المركزي، ما ساهم في انتعاش كبير في إنتاج النفط.

ومع ذلك، أفاد التقرير بتسجيل انكماش في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7% خلال عام 2024.

وأضاف التقرير أن إنتاج النفط الليبي اليومي انخفض من مليون و170 ألف برميل إلى 540 ألف برميل في سبتمبر الماضي، قبل أن ينتعش لاحقاً إلى مليون و300 ألف برميل يومياً بحلول نهاية أكتوبر، وذلك بعد معالجة أزمة المصرف المركزي. وأشار إلى أن أسعار النفط ظلت مستقرة عند حوالي 80 دولاراً للبرميل، مشابهة لمستويات عام 2023.

تحديات التنوع الاقتصادي والخسائر الناتجة عن عدم الاستقرار
أوضح التقرير أن التوقعات الاقتصادية تعتمد بشكل كبير على تحقيق استقرار سياسي مستدام وتنويع الاقتصاد الليبي بما يتجاوز قطاع النفط والغاز. كما أفاد بأن الاقتصاد الليبي تكبّد خسائر تقدّر بحوالي 600 مليار دولار على مدار العقد الماضي، نتيجة عدم الاستقرار المستمر. وأشار إلى تحديات رئيسية أخرى تشمل الاعتماد المفرط على النفط، ضعف التنوع الاقتصادي، انخفاض الإنتاجية، وتدهور جودة الصحة والتعليم.

التحديات والفرص المستقبلية
ونقل التقرير عن “أحمدو مصطفى ندياي”، مدير منطقة المغرب العربي ومالطا في “البنك الدولي”، قوله: “في الأمد المتوسط، تواجه ليبيا تحدي تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على الهيدروكربونات. الاستقرار وتحسين الحوكمة سيكونان أمراً أساسياً للتعافي الاقتصادي”. كما شدد ندياي على أهمية معالجة المخاطر المرتبطة بالأحداث المناخية المتطرفة لحماية البنية التحتية وضمان الاستقرار المالي، ما يمهد الطريق لمستقبل أكثر ازدهاراً.

التوقعات الاقتصادية المستقبلية
توقّع التقرير أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي في ليبيا ارتفاعاً بنسبة 9.6% في عام 2025، و8.4% في عام 2026، مع نمو الجانب غير النفطي بنسبة 1.8% في عام 2024، مدفوعاً بالاستهلاك. كما أشار إلى إمكانية تحقيق فوائض في الميزان المالي والخارجي بنسبة 1.7% و4.1% من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي، نتيجة انخفاض الإنفاق والواردات.

أولوية القطاعات غير النفطية وتحفيز القطاع الخاص
اختتم التقرير بالتأكيد على أن ليبيا، بصفتها دولة ذات دخل متوسط مرتفع، بحاجة إلى إعطاء الأولوية للقطاعات غير النفطية وتشجيع النمو بقيادة القطاع الخاص. ذلك من شأنه خلق فرص عمل عالية القيمة، تحسين مؤشرات التنمية، وتعزيز انتقال البلاد نحو الطاقة النظيفة بما يواكب التحركات العالمية.

ترجمة المرصد – خاص

 

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

كيمياء المالية العامة العراقية في مواجهة التحديات الخارجية على الاقتصاد الكلي.

بقلم: د. مظهر محمد صالح ..

١- تمهيد:
في ظل اقتصاد عالمي يتسم بترابط متزايد وتقلب مستمر، تقف منظومة المالية العامة في العراق عند مفترق طرق حاسم. ومع تصاعد التعرض للصدمات الخارجية — من تقلبات أسعار النفط إلى تحولات ديناميكيات التجارة العالمية — بات تعزيز المرونة المالية ضرورة ملحّة أكثر من أي وقت مضى. وقد تستكشف هذه الورقة البحثية الأدوات الرئيسة و الاستراتيجيات والقدرات المؤسسية للمالية العامة العراقية في التصدي لهذه التحديات.
ومن خلال تقييم الإمكانات الحالية والمستقبلية، تسعى الورقة إلى تقديم فهم شامل لكيفية تمكّن العراق من مواجهة الاضطرابات الاقتصادية العالمية، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وتحقيق النمو المستدام
٢- استناداً لما تقدم تواجه الموازنة العامة الاتحادية المعدلة والتي تم تشريعها لمدة ثلاث سنوات بموجب القانون رقم 13 لسنة 2023 ملامح أزمة مالية- حمائية عالمية مزدوجة “Features of a Dual Global Financial and Protectionist Crisis”، وهي الموازنة التي اخذت بالاعتبار (بشكل ضمني ) حدين استراتيجيين مزدوجين A double-edged strategy من حدود الامثلية في الانفاق العام السنوي لبلوغ غاياتها في التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي . وهما الحد الاعلى للانفاق البالغ 200 ترليون دينار ( دون موازنة تكميلية) وهو الحد الاول وقبول موازنة الحد الادنى الامثل بنحو 156 ترليون دينار للانفاق العام دون ضياع الاهداف التنموية والاجتماعية .
وقد توسط الحدان سعر برميل نفط افتراضي للتحوط وهو 70 دولار للبرميل الواحد من النفط الخام وطاقة تصدير 3,4 مليون برميل لاغراض احتساب عائدات النفط السنوية في موازنة الأعوام الثلاثة ونحن في الفصل الثاني من السنة المالية 2025 .
ويلحظ ان الصرف في الحد الاعلى في الموازنة السنوية ظل يعني ان معدلات اسعار النفط السنوية تتعدى 80 دولار للبرميل الواحد وان العجز الافتراضي او التحوطي البالغ قرابة 64 ترليون يكاد يكون لا يذكر الا قليلا لاحتياجات وقتية وجعل الاقتراض الى الناتج المحلي الاجمالي بنحو معدلاته الطبيعية او بمثابة اقتراضات جسرية “Bridge Loans” تلامس 3% من الناتج المحلي الاجمالي .
في حين مثّلت معدلات الانفاق العام في موازنة الحد الادنى لعام 2024، تتعاطى مع متوسط سعر برميل للنفط الخام المصدر فعليا هو بنحو 75 دولاراً سنوياً ما يعني حصول اقتراضات جزئية لم تتعد 20% من ذلكً العجز المخطط او التحوطي البالغ 64 ترليون دينار .
فالسياسة المالية بحدها الادنى كانت الى حد مقبول وعقلاني وغطت الرواتب والاجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والاستثمارات العامة الخدمية والالتزامات التشغيلية المهمة كافة ومختلف مناحي الدعم سواء الدعم الزراعي للمحاصيل وانتهاءً بالوقود .اذ مثلت سياسة الحد الادنى في الوقت نفسه (سياسة انضباط مالي تلقائي وهي تجسيد مبسط لتجربة الدخول الاولي في فلسفة التعزيز المالي fiscal consolidation ) من خلال الفحص والتدقيق على النفقات العامة وتنفيذ المشاريع بدقة وانضباط عاليين ،وباولوية كبيرة ناجحة في قطاع بناء المدارس والمستشفيات وخدمات الصرف الصحي والمياه بالاضافة الى قطاع الكهرباء (الهاجس الاول للامة ) بقليل من العجز وقليل من الاقتراض وبالتدريج .
وبالوقت نفسه انه سبق للعراق ان واجه ازمتين خلال العقدين الاخيرين قبل ان يواجه اليوم ملامح لازمة مالية -حمائية عالمية مزدوجة ، كانت احدهما (مالية – امنية )تمثلت بالحرب على الارهاب الداعشي وانتصر فيهما وسارت الحياة المالية بتدبير عالي بالرغم من فقدان اسعار النفط قرابة 60% من معدلاتها التحوطية في الموازنة ذلك بين العام 2014-2017.
وواجه ازمة مماثلة بين الاعوام 2020-2021 ابان الازمة المالية-الصحية المزدوجة امام انغلاق الأقتصاد العالمي وانقطاع سلاسل التجهيز في العالم وهبوط اسعار النفط، و استطاع العراق في كلا الازمتين الخروج من عنق الزجاجة في حينهما .
٣- ختاماً، يتولى الفريق الاقتصادي للحكومة العراقية في الوقت الحاضر رسم وادارة خريطة طريق في مراقبة تاثير الصدمات الاقتصادية الخارجية سواء في تجنب تاثيرات الحرب التجارية الامريكية التي فرضت عبر مختلف التعريفات الكمركية على تجارات بلدان العالم او في مواجهة دورة الاصول النفطية المحتملة- “Managing the Potential Volatility Cycle of Oil Assets” وتوجهها نحو الانكماش والهبوط باسعار النفط دون 70 دولار للبرميل وكيفية تجنب حرب الاسعار النفطية- “Avoiding an oil price war حتى داخل مجموعة اوبك +
اذ تضع الحكومة العراقية اولويات تحصين الرواتب والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والدعم الحكومي الاجتماعي لوحده الذي يشغل 13% من الناتج المحلي الاجمالي في سلم اولوياتها لضمان عيش 8 ملايين من متسلمي الدخل الحكومي النقدي والحقيقي ، وهم يتحمّلون في الوقت نفسه مسؤولية رعاية ما يزيد على أربعين مليون مواطن، ذلك استناداً إلى قاعدة الرعاية الأسرية (مرتب لكل خمسة افراد في الاسرة الواحدة ) التي تشكل جوهر السياسات الاجتماعية في البلاد. كما لا يمكن إغفال أن السياستين النقدية والمالية تعملان ضمن دائرة من التشاور المشترك والتنسيق اليومي، وبما يعزز قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة الصدمات الجيو-اقتصادية الخارجية والتكيّف مع متغيرات السوق العالمية ازاء ملامح الازمة الدولية المالية – الحمائية التجارية المزدوجة الراهنة المتمثلة بالقيود التجارية وحرب التعريفات الكمركية من جهة وملامح هبوط أسعار النفط من جهة اخرى …!! انها كيمياء الاقتصاد في تفاعلاتها الشاقة التي استطاعت البلاد ان تحقق معدلات نمو في الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي بنحو يزيد على 5% ونمو في التضخم السنوي لم يزد على 3%. وهما متلازمتان الاستقرار والنمو الاقتصادي المستدام الذي تتطلع إليه البلاد .

د.مظهر محمد صالح

مقالات مشابهة

  • أبو الغيط يشيد بتقدم الدول العربية في مسيرة التنمية المستدامة
  • رئيس جامعة سوهاج: التحول البيئي أولوية وطنية والذكاء الاصطناعي أداة لتحقيق التنمية المستدامة
  • برلمانية: التحول الصناعي هو الحل لتحقيق التنمية المستدامة
  • كل عُمان يناقش أولويات التنمية المستدامة بمحافظة ظفار
  • كيمياء المالية العامة العراقية في مواجهة التحديات الخارجية على الاقتصاد الكلي.
  • تقرير أميركي يحذر: ليبيا تواجه خطر الانهيار الاقتصادي بسبب تراجع متوقع في أسعار النفط
  • تقرير دولي: الإمارات تنهب ذهب اليمن وتُرسخ نفوذها في الجنوب منذ عقدين
  • محافظ أسوان يستقبل وفد "OECD" لبحث دعم خطط التنمية المستدامة
  • عربية النواب: زيارة الرئيس الإندونيسي لمصر فرصة لتحقيق الاستقرار الإقليمي
  • تقرير دولي يكشف استغلال الإمارات لثروات اليمن