أميركا تتجرع الكأس نفسها.. إنترسبت: إرهاب المسيّرات
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
قال موقع إنترسبت إن المسؤولين الأميركيين، الذين حلقت مسيراتهم لعقدين من الزمن فوق رؤوس ملايين الأشخاص وراقبتهم وطاردتهم وحتى قتلت بعضهم، مصابون بالصدمة من مسيرات غامضة يقال إنها بدأت تحلق فوق الولايات المتحدة نفسها.
وأوضح الموقع -في تقرير بقلم نيك تورس- أن فيل مورفي حاكم ولاية نيوجيرسي أرسل رسالة إلى الرئيس جو بايدن يعبر فيها عن "قلقه المتزايد" من الطائرات المسيرة، وطلب المساعدة الفدرالية في "معرفة كل ما هو وراء هذا النشاط".
وأرسل أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون في منطقة الولايات الثلاث رسالة إلى وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) كريستوفر راي ورئيس إدارة الطيران الفدرالية مايكل ويتاكر يطلبون فيها إحاطة بشأن الطائرات المسيرة المزعومة.
أما جيف فان درو النائب الجمهوري من نيوجيرسي فقد قدر أن هذه الأجسام الطائرة المجهولة ربما تكون قادمة من "سفينة مسيرات إيرانية"، وقال "سواء كان هذا عدوا أجنبيا أو مجرد مجموعة من هواة الطائرات المسيرة، فلا يمكننا السماح لها بالعمل بحرية في مجالنا الجوي دون عواقب. حان الوقت للقضاء على التهديد الذي تشكله وإسقاطها".
وأشار الموقع إلى أن هستيريا الطائرات المسيرة بدأت تنتشر في نيوجيرسي مثل النار في الهشيم مع ظهور مشاهدات من ماساشوستس إلى كاليفورنيا، مما أثار احتجاجا واسع النطاق وإغلاقا مؤقتا لمطار في ولاية نيويورك وفي أوهايو، حيث المجال الجوي لقاعدة رايت باترسون الجوية.
إعلانواستغرب الموقع قلق المشرعين الأميركيين البالغ من العيش تحت المسيرات، رغم أن بلدهم استخدمها للتجسس على الناس في جميع أنحاء العالم دون موافقتهم، ولقتلهم أحيانا، واليوم "أدرك الأميركيون مدى عدم ارتياح من تحوم المسيرات المجهولة فوق رؤوسهم"، كما يقول إريك سبيرلينغ من منظمة "جست فورين بوليسي" التي تنتقد السياسة الخارجية الأميركية.
وذكر الموقع أن الولايات المتحدة ظلت، لأكثر من عقدين، تستخدم مسيرات تحلق بها فوق رؤوس ملايين الأشخاص في أراضٍ أجنبية، تراقبهم بل تقتل بعضهم، وقد قتلت آلاف الأشخاص في أفغانستان عام 2001 واليمن عام 2002 وغيرهما من البلدان، مثل ليبيا وباكستان والصومال.
والعام الماضي، خلص تحقيق أجراه الموقع إلى أن هجوما بطائرة مسيرة أسفر عن مقتل 3 مدنيين في الصومال، وحاولت أسرتهم الاتصال بالحكومة الأميركية والإبلاغ عن الضحايا المدنيين، لكنها لم تتلق أي رد، وقال عبدي ظاهر محمد شقيق أحد الضحايا "إنهم يعرفون أن أشخاصا أبرياء قُتلوا ولكنهم لم يخبرونا قط بالسبب أو يعتذروا. لم تتم محاسبة أحد".
وقبل أن يطرد المجلس العسكري الجيش الأميركي من النيجر هذا العام، كانت النيجر تستضيف قواعد لمسيرات أميركية، بقي الغرض منها غامضا وخفيا عن النيجريين الذين كانوا يعيشون تحت أعينها التي لا يرف لها جفن.
وفي بلدة أغاديز الشمالية، كان النيجيريون متخوفين عندما تحدثوا عن المسيرات للموقع، واشتكت نساء في الحي، تحدثن بشرط عدم الكشف عن هوياتهن خوفا من الانتقام، من الضوضاء والأبخرة المنبعثة من القاعدة، والقلق بشأن الطائرات الصغيرة التي أقلعت في منتصف الليل، "لا أحد يعرف ماذا يفعلون. نرى الأضواء الحمراء والزرقاء الوامضة فوقنا. نحن خائفون".
وفي دراسة أجريت بجامعة ستانفورد في سبتمبر/أيلول 2012 على المدنيين في باكستان، ورد أن "سياسات الضربات الجوية الأميركية بطائرات مسيرة تسبب أضرارا جسيمة وغير مبررة للحياة اليومية للمدنيين العاديين، إلى جانب الموت والإصابة الجسدية".
وفي أعقاب سلسلة من الهجمات شنتها الولايات المتحدة وأسفرت عن مقتل 36 فردا من عائلتين يمنيتين كبيرتين بين عامي 2013 و2018، وجدت دراسة أجرتها مؤسسة الكرامة الحقوقية عام 2015 أن اضطراب ما بعد الصدمة كان "منتشرا للغاية" بين اليمنيين الذين يعيشون في قريتين تعمل فيهما طائرات مسيرة أميركية.
إعلانوحسب دراسة أجريت عام 2017 في دورية "كارينت سايكولوجي" المختصة في علم النفس، فإن السكان الذين يتعرضون لنشاط مستمر للمسيرات تنتابهم ردود أفعال مبالغ فيها كالفرار والاختباء عند رؤية أو سماع ضجيج المسيرات.
يقول جاي ستانلي وهو محلل سياسي إن "هناك سببا يجعلنا نعتبر الخصوصية حقا من حقوق الإنسان لأنه لا أحد يريد أن يشعر وكأنه يعيش تحت عين سورون، وهي عين في السماء تراقب ما يفعله، ولذلك لا ينبغي للولايات المتحدة أن تفرض المراقبة على الناس في الخارج".
ويعتقد ستانلي أن هناك فرصة جيدة لأن تكون العديد من "الطائرات المسيرة" التي شوهدت فوق نيوجيرسي طائرات تقليدية، وربما بعض النماذج التجريبية، ولكن الذعر الذي أحاط بهذه المشاهدات يكشف عن شيء أساسي يتعلق بقلق الأميركيين.
وذكر الموقع أن مستشار الأمن القومي جون كيربي رفض المخاوف بشأن الذعر الناجم عن الطائرات المسيرة يوم الخميس الماضي، وقال "ليس لدينا أي دليل في هذا الوقت على أن مشاهدات الطائرات المسيرة المبلغ عنها تشكل تهديدا للأمن القومي أو السلامة العامة أو أن لها صلة أجنبية".
وأفاد مسؤول في مكتب التحقيقات الفدرالي بأن محققي الحكومة فحصوا مواقع مشاهدات المسيرات المبلغ عنها، ووجدوا أن "كثافة المشاهدات المبلغ عنها تتطابق مع نمط الاقتراب" في أكثر مطارات نيويورك ونيوجيرسي ازدحاما.
وتلقى مكتب التحقيقات الفدرالي 5 آلاف بلاغ عن المسيرات، ولكن أقل من 100 منها أدت إلى أدلة مشروعة، وفقا لبيان صادر عن وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي وإدارة الطيران الفدرالية والبنتاغون يوم الاثنين.
وبعد ملاحظة الأجسام الطائرة المجهولة إلى جانب الشرطة المحلية في نيوجيرسي، أعرب السيناتور كيم عن قلقه في البداية، لكنه تراجع بعد مناقشات مع خبراء مدنيين عن بعض مخاوفه بشأن "الطائرات من دون طيار المحتملة".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات التحقیقات الفدرالی الطائرات المسیرة
إقرأ أيضاً:
بلومبيرغ: أميركا ترامب تتجه للانكفاء بأسرع مما كان يُخشى
بعد مرور 100 يوم فقط على بدء الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، تُظهر تحركات البيت الأبيض أن الولايات المتحدة تسير نحو الانغلاق والانفصال عن النظام الدولي بسرعة تفوق التوقعات، وفق مقال رأي نُشر في وكالة بلومبيرغ للكاتب أندرياس كلوت.
ويقول الكاتب إن كثيرين كانوا يأملون بأن يكون خطاب ترامب تجاه العالم مجرد "مبالغات انتخابية"، أو "استفزازات لغوية"، لكن الواقع الحالي يكشف عن تحول جوهري في السياسة الخارجية الأميركية، من دورها التقليدي كقائد دولي إلى فاعل متقلب، منعزل، وأحيانا عدائي.
تقليص حاد للوجود الدبلوماسيومن أبرز مؤشرات هذا التحول، بحسب بلومبيرغ، خطط الإدارة الأميركية لخفض ميزانية وزارة الخارجية إلى النصف خلال العام المالي القادم.
ووفقا لمذكرة داخلية، فإن ذلك سيؤدي إلى إغلاق أو تقليص حجم 10 سفارات و17 قنصلية، بينها 6 سفارات في أفريقيا، بالتزامن مع تصاعد النفوذ الروسي والصيني في القارة السمراء.
وفي السياق نفسه، جرى تفكيك إذاعة صوت أميركا وراديو أوروبا الحرة وراديو آسيا الحرة، مما أدى إلى غياب الصوت الأميركي من المشهد الإعلامي الدولي، خاصة في مناطق النزاع والاضطرابات.
إعلانكما توقفت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن تقديم المساعدات في أعقاب الزلازل والكوارث، بما في ذلك في ميانمار، بينما تراجعت التمويلات المخصصة للصحة العالمية والمساعدات الإنسانية والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة وحلف الناتو.
انسحاب من الاتفاقيات والمهمات الدوليةوأعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، مما أبعد واشنطن عن جهود التفاوض على اتفاقية دولية جديدة لمواجهة الأوبئة، وهي خطوة أثارت مخاوف كبيرة في أوساط الصحة العالمية.
كما تم إلغاء تمويل الولايات المتحدة لمهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بالكامل، مما يُضعف المشاركة الأميركية في دعم الاستقرار في مناطق الصراع، بحسب كلوت.
أما في ما يتعلق بالتغير المناخي، فقد وصف التقرير موقف إدارة ترامب بأنه تجاهل تام للمسؤولية الدولية، مشيرا إلى أن الملف لم يعد مطروحا على طاولة السياسة الأميركية.
تشكيك في تحالفات ما بعد الحرب العالمية الثانيةيشير المقال إلى أن ترامب حوّل حلف شمال الأطلسي (الناتو) من منظومة أمنية إلى ما يشبه "نظام الحماية المدفوعة"، بعد أن ربط التزامات الدفاع الأميركي بمدى إنفاق الدول الأعضاء على جيوشها، وطرح شروطا متقلبة (2% أو 5% من الناتج المحلي الإجمالي).
الأخطر من ذلك، بحسب بلومبيرغ، أن ترامب يفكر في التخلي عن تعيين أميركي في منصب القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا "إس إيه سي إي يو آر" (SACEUR)، وهو المنصب الذي شغله جنرالات أميركيون منذ عهد دوايت آيزنهاور.
والتخلي عن هذا المنصب لصالح أوروبي أو كندي، سيطرح تساؤلات قانونية بشأن صلاحيات القيادة، وسيُعد بمثابة ابتعاد رمزي كبير عن الناتو، وقد يُفسَّر في موسكو على أنه تراجع في مصداقية الردع الأميركي.
ويرى الكاتب أن كل هذه التحركات تشير إلى أن ترامب لا يدرك أو لا يقدّر المبادئ التي شكلت السياسة الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، والتي قامت على تأسيس المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، بهدف حفظ السلام وتعزيز الازدهار.
إعلانويضيف الكاتب، محذرا من أن ما يُعرف بـ"السلام الأميركي" (Pax Americana)، الذي وفّر للدول فرصة النمو في ظل قيادة قوة عظمى متسامحة، قد أصبح من الماضي: "ترامب لا يرى لا فائدة في النظام الدولي، ولا بنفسه كجزء منه"، فهل نحن على أعتاب فوضى عالمية؟
وفي خاتمة التقرير، يحذّر الكاتب من أن تحول واشنطن إلى فاعل دولي مهمل أو حتى عدائي، يُنذر بمرحلة من الانحدار الجيوسياسي الخطير. وإذا استمرت هذه السياسات، قد نرى الولايات المتحدة تنسحب من أو تهدد السلم الدولي، لا تحافظ عليه.
"وداعا للقرن الأميركي.. ومرحبا بعصر الفوضى"، يكتب كلوت، في تلخيص قاتم لواقع السياسة الأميركية الجديدة تحت قيادة ترامب.