الاقتصاد نيوز - متابعة

 زادت العودة القريبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتصاعد التوتر مع إسرائيل، الضغوط على العملة الإيرانية الريال لتفقد جزءًا آخر من قيمتها وتسجل مستوى متدنيا قياسيا جديدا.

وأضاف الاتحاد الأوروبي مزيدًا من الضغوط على الريال الإيراني، بعد إعلان عزمه تفعيل آلية “الزناد”، إثر إدانة طهران في مجلس محافظي الوكالة الذرية، الشهر الماضي، بسبب “عدم تعاونها بما يكفي” في برنامجها النووي.

وبعد أن اعتادت الصحافة الإيرانية نشر تقارير يومية عن تراجع قيمة العملة مقابل الدولار، أعلن الفريق الاقتصادي للحكومة الإيرانية خطته للحد من تدهور الريال وكبح جماح أسعار العملة الصعبة في الأسواق.

العرض والطلب

في خطوة تهدف إلى سد الفجوة بين سعري الصرف الحكومي والسوق الموازية، ألغى المصرف المركزي الإيراني التسعيرة الحكومية للعملة الصعبة المخصصة لاستيراد بعض السلع الأساسية، بدءا من السبت الماضي، ليتحدد سعر العملة الخضراء وفقا لآلية العرض والطلب بين المصدرين والموردين في سوق التوافقية المخصصة لتداول العملات الصعبة.

وإثر هذه الخطوة استقر السعر التوافقي للدولار في اليوم التالي عند نحو 600 ألف ريال إيراني، لكنه واصل صعوده الاثنين والثلاثاء في سوق “نيما” للمبادلات التجارية بالعملة الصعبة عند 613 ألف ريال و617 ألف ريال تواليا.

وفي السوق الموازية الحرة، قفز سعر الدولار الواحد إلى 768 ألف ريال يوم الاثنين الماضي، ثم لامس عتبة 778 ألف ريال أمس الثلاثاء، وذلك بعد تداوله عند نحو 733 ألف ريال، عشية إطلاق الآلية الجديدة.

الأهداف والمبررات

جاءت خطوة المصرف المركزي الإيراني بعد عزوف عدد من المصانع عن مواصلة نشاطها لتراكم الخسائر الناتجة عن التسعيرة الإجبارية، إذ كانت تُرغم على عرض عوائد صادراتها في السوق الحكومية، وبيع عملتها الصعبة بأسعار أقل من سعرها الحقيقي، وفي المقابل تشتري المواد الخام وفقا لأسعار السوق الموازية.

ورأى وزير الاقتصاد الإيراني، عبد الناصر همتي أن تطبيق هذه الآلية خطوة أولية نحو التخلص من التسعيرة الإجبارية، لا سيما في سوق العملات الصعبة، مضيفا أن التسعيرة الإجبارية ستؤدي إلى الفساد المالي وتوزيعات ريعية وتفاقم الصعوبات في سوق العملة الصعبة.

وفي تغريدة على منصة إكس، كتب همتي أنه لا يمكن الدفاع عن الأسعار غير الحقيقية من دون احتواء التضخم، وبالرغم من الجدوى على المدى القريب لكنها لن تستمر طويلا، محذرًا من أن مواصلة العمل بالتسعيرة الإجبارية من شأنها القضاء على الاحتياطات الوطنية من العملة الصعبة والإخلال بالأمن الاقتصادي للدولة.

درع حصينة لحماية الاقتصاد

وترى شريحة من المختصين الإيرانيين أن المصرف المركزي يهدف بإجراءاته إلى تشجيع المصانع على الإنتاج والتصدير.

ورحب الكاتب الاقتصادي حامد سيد قرباني، بالآلية الجديدة، واعتبرها تصب في مصلحة التنمية الاقتصادية من خلال دعم الصادرات، كما أنها تتماشى والتضييق الذي ينبغي ممارسته على الواردات بغية التوصل إلى الاكتفاء الذاتي الشامل والحضور في الأسواق الأجنبية.

وفي مقال تحت عنوان “العملة التوافقية؛ خطوة أولى نحو التنمية الوطنية” نشره في موقع (اقتصاد أونلاين)، رأى سيد قرباني أن الآلية الجديدة ستقلص حجم الطلب غير الضروري على الواردات، وتسهم في شطب الطلب الكاذب على العملة الصعبة وصولًا إلى خفض أسعارها في الأسواق، ونقل الأرباح من سلة الموردين إلى المصدرين ودعم الإنتاج الوطني.

ونظرا إلى الخشية الوطنية من تقلص الصادرات النفطية مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض من خلال فرضه مزيدًا من العقوبات، ما قد يؤدي إلى ارتفاع سعر العملة في الأسواق، يشبه الكاتب الآلية الجديدة بدرع حصينة ستحمي الاقتصاد الوطني من الصدمات الخارجية لسعر الصرف.

التطورات السياسية

في المقابل، يذكّر خبير الاقتصاد الإيراني، آلبرت بغزيان، بهاجس الحكومات الإيرانية المتعاقبة حول توحيد سعر الصرف وسد الفجوة بين الأسعار الرسمية والسوق الحرة، مؤكدًا أن آلية الأسعار التوافقية ستنجح في حال كانت مرضية للموردين والمصدرين، وتغنيهم عن مراجعة السوق السوداء من أجل العرض والطلب، مستدركا أنه لا يتوقع نجاح الآلية الجديدة.

وفي مقابلة مع صحيفة (ستاره صبح)، اعتبر بغزيان رفع العقوبات الأجنبية شرطًا لتخلص الاقتصاد الإيراني من أزمات ارتفاع أسعار العملة الصعبة وتراجع قيمة العملة الوطنية، موضحًا أن سعر الصرف في إيران يتأثر بالتطورات السياسية أكثر من المؤشرات الاقتصادية والعرض والطلب في الأسواق.

وقال: “نظرا إلى واقع العقوبات والتوتر في سوريا وعودة ترامب إلى سدة الحكم بالولايات المتحدة سيبقى القلق مسيطرا على سوق العملة الصعبة في إيران، لأن توفير العملة الصعبة بالمقدار الكافي يعتبر شرطا للحديث عن توحيد سعر الصرف بما يشجع على تعزيز العملة الوطنية وتراجع قيمة العملات الأجنبية.

وذكر الأكاديمي الإيراني، أن بلاده تعاني مشكلة في توفير العملة الصعبة جراء العقوبات، حتى أن عوائد بيع النفط تعود على هيئة بضائع إلی داخل البلد، مؤكدا أن فرض العقوبات على الاقتصاد يساوي قطع أطراف الإنسان وشل حياته، إذ دأبت القوى الكبرى على فرض الحظر بدلا من الحروب والهجمات العسكرية.

سقوط الأسد

من ناحية أخری، تلمس شريحة ثالثة في طهران علاقة مباشرة بين سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتسريع وتيرة تراجع العملة الإيرانية وتسجيلها مستوى متدنيا قياسيا جديدا مقابل الدولار لما للتطور السياسي الإقليمي من تداعيات كبيرة على الاقتصاد الإيراني.

وبالرغم من أن قيمة التبادل التجاري بين إيران وسوريا لم تتجاوز 170 مليون دولار خلال العام الماضي، يرسم سقوط الأسد أفقا ضبابيا أمام مستحقات طهران علی دمشق والتي تقدر بعشرات مليارات الدولارات.

في السياق، نشر موقع (بازار نيوز) التحليلي مقالا تحت عنوان “الأزمة السورية وأثرها على الاقتصاد الإيراني”، يرى فيه كاتبه أن المشهد الجديد في بلاد الشام سوف يعرّض جزءا من الاستثمارات الإيرانية في البنى التحية السورية وقطاعاتها العسكرية والأمنية للدمار.

ويرى المقال، أن انعدام الأمن في سوريا قد يؤثر على استثمارات طهران لدى الدول المجاورة، فضلا عن تقويض الممر الإيراني الرابط بين الشرق والغرب وتراجع مكانته أمام الممر المقرر أن يربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط (IMEC).

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الاقتصاد الإیرانی الآلیة الجدیدة العملة الصعبة فی الأسواق سعر الصرف ألف ریال فی سوق

إقرأ أيضاً:

قبل دخوله حيز التنفيذ| 3 مراحل لوقف إطلاق النار في غزة.. ومساعدات مصرية لإنقاذ سكان القطاع

بعد أكثر من خمسة عشر شهرا من العدوان والمأساة، فإن معاناة سكان قطاع غزة على وشك الانتهاء، بعدما تم الإعلان رسميا عن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد 19 يناير.. فما هي أبرز بنود هذا الاتفاق؟

3 مراحل لوقف إطلاق النار

يتكون اتفاق وقف إطلاق النار من 3 مراحل مترابطة، كل مرحلة منها تمتد لستة أسابيع، تتضمن التوقف المؤقت عن العمليات العسكرية من قبل الطرفين، كما تتضمن انسحاب قوات الاحتلال شرقا وبعيدا عن المناطق المكتظة بالسكان لتتمركز على الحدود في جميع مناطق قطاع غزة.

 كما يتضمن الاتفاق كذلك وقفا مؤقتا للطيران الحربي الإسرائيلي والاستطلاعي بغزة لمدة 10 ساعات يوميا.    

المرحلة الأولى.. تفكيك المواقع العسكرية وعودة النازحين

وبالنظر إلى الاتفاق، فإن المرحلة الأولى منه تشمل تفكيك المواقع والمنشآت العسكرية الإسرائيلية في منطقة شارع الرشيد وانسحاب جيش الاحتلال كليا من ذات الشارع شرقا إلى شارع صلاح الدين، وبالتوازي مع ذلك، يتم البدء في عودة النازحين داخليا إلى مناطق سكنهم كما يتاح لسكان غزة التحرك بحرية في جميع أنحاء مناطق القطاع، كذلك دخول المساعدات الإنسانية عبر شارع الرشيد.

كما تشمل المرحلة الأولى من الاتفاق انسحاب قوات الاحتلال من وسط قطاع غزة خاصة من محور نتساريم ومحور دوار الكويت شرق طريق صلاح الدين لمنطقة بمحاذاة الحدود، كذلك إعادة تأهيل المستشفيات الموجودة بالقطاع بعد أن دمرها الاحتلال.

المرحلة الأولى.. إفراج متبادل عن محتجزين وأسرى

وفي المرحلة الأولى أيضا سوف تُفرج حماس عن 33 محتجزا لديها، فيما ستفرج إسرائيل عن أكثر من 1890 أسير فلسطيني لديها.

المرحلة الثانية..  إطلاق سراح جميع المحتجزين ووقف دائم لإطلاق النار

وبالانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق فمن المقرر أن تبدأ في اليوم السادسَ عشر من المرحلة الأولى، ومن المقرر أن تشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين بمن فيهم جنود الاحتلال، ووقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا كاملا لجنود جيش الاحتلال.    

المرحلة الثالث.. عودة الجثامين وبدء إعادة إعمار غزة

أما المرحلة الثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار فإنها تشمل إعادة جميع الجثامين المتبقية، وبدء إعادة إعمار قطاع غزة بإشراف مصر وقطر والأمم المتحدة.

إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا لغزة

كما يشمل الاتفاق السماح بدخول 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة كل يوم من أيام وقف إطلاق النار، 50 منها تحمل الوقود، مع تخصيص 300 شاحنة لشمال القطاع.

مساعدات مصرية لدعم سكان غزة

وبالتوازي مع تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، فإن مصر تستعد لإدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية إلى غزة لدعم سكان القطاع، كما يجري التنسيق أيضا بشأن فتح معبر رفح من جانبه الفلسطيني أمام المساعدات الدولية لتحسين الأوضاع في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • فساد بملايين الدولارات: كيف يدفع المحرمي الاقتصاد اليمني إلى الهاوية؟
  • قبل دخوله حيز التنفيذ| 3 مراحل لوقف إطلاق النار في غزة.. ومساعدات مصرية لإنقاذ سكان القطاع
  • كيف نصبر على الابتلاء والأقدار الصعبة؟
  • إيران وروسيا توقعان على اتفاقية شراكة استراتيجية أثناء زيارة الرئيس الإيراني لموسكو
  • آبل تتعاون مع سوني لإنقاذ فيجن برو.. ما القصة؟
  • الأنبار.. الأهالي يناشدون لإنقاذ طالباتهم من الطرق المتهالكة والموحلة
  • الإمارات تواصل جهود إغاثة الأشقاء الفلسطينيين في غزة
  • لتوفير العملة الصعبة| جهود الدولة لتوطين الصناعات.. إيه الحكاية؟
  • إنتاج بعض قطع الغيار لتوفير العملة الصعبة.. خبير : تحقق مكاسب للاقتصاد المصري
  • البنك المركزي في عدن ينفي صحة رسالة مزعومة حول انهيار العملة