عيسى: المصالحة بين الأطراف الليبية ينبغي أن تكون ضمن معادلة لا رابح ولا خاسر
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
قال عادل عيسى سفير ليبيا الأسبق لدى أوكرانيا، إن الشروع في المصالحة بين الأطراف الليبية ينبغي أن يكون ضمن معادلة لا رابح ولا خاسر.
أضاف في تدوينة بفيسبوك قائلًا “الرابح الأكبر يكون الوطن، فلا يمكن القبول باختزالها، ورهن إرادة شعبها في إطار عائلي أو حزبي او مناطقي، يحمل بعضه أفكاراً ورؤى وولاءات ثبتت فشلها، ملاحظة، الشعب الليبي متصالح ولا يوجد خلاف”.
المصدر: صحيفة الساعة 24
إقرأ أيضاً:
أنصار الله وحصار البحر الأحمر: معادلة القوة في مواجهة الغطرسة الأمريكية والصهيونية
تقرير: نجاح محمد علي / منذ عقود، سعت واشنطن وحلفاؤها في الغرب إلى الهيمنة على البحار والمضائق الاستراتيجية، متذرعين بشعارات زائفة حول “حرية الملاحة” و”حماية التجارة العالمية”، بينما كان هدفهم الحقيقي فرض السيطرة العسكرية والاقتصادية على الشعوب ونهب ثرواتها. واليوم، تواجه هذه الهيمنة تحديًا غير مسبوق من قِبل قوى إقليمية مستقلة ترفض الخضوع، وفي مقدمتها أنصار الله في اليمن، الذين أعادوا رسم معادلات الصراع في المنطقة.
البحر الأحمر: ساحة مواجهة جديدة ضد الاستكبار
لطالما كان البحر الأحمر ممرًا استراتيجيًا للتجارة العالمية، خاصة بعد شق قناة السويس في القرن التاسع عشر، مما جعله نقطة حيوية تربط الشرق بالغرب. ولكن هذه الأهمية الاستراتيجية لم تكن يومًا بمعزل عن الهيمنة الغربية، التي تحكمت في مسارات التجارة العالمية وفرضت قيودًا تخدم مصالحها الاقتصادية والسياسية.
إلا أن الواقع اليوم مختلف، فمع تصاعد العدوان الصهيوني على غزة واستمرار الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، قرر أنصار الله، بشجاعتهم المعهودة، كسر هذه الهيمنة من خلال استهداف السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني، في خطوة جاءت دعمًا لخيار المقاومة واستجابة لمظلومية الفلسطينيين. وأثبتوا أن الحرب الاقتصادية يمكن أن تكون سلاحًا فعالًا في مواجهة العدوان العسكري.
الإعلام الغربي والتضليل المنهجي
منذ بدء العمليات البطولية في البحر الأحمر، شنت وسائل الإعلام الغربية وتوابعها "العربية" حملة تضليلية مكثفة، مصورة أنصار الله على أنهم “إرهابيون” أو “ميليشيات خارجة عن القانون”، متناسية حقيقة أن الكيان الصهيوني نفسه بني على الإرهاب، وأن الجرائم التي ترتكبها واشنطن وكيان الإحتلال ضد شعوب المنطقة تفوق كل ما يمكن تصوره.
فالولايات المتحدة، التي تدّعي أنها تحارب الإرهاب، هي نفسها التي أنشأت الجماعات الإرهابية ودعمتها في مختلف بقاع العالم، من أفغانستان إلى العراق وسوريا وليبيا واليمن. واليوم، تريد واشنطن فرض إرادتها على البحر الأحمر بالقوة، متجاهلة أن الزمن قد تغير، وأن الشعوب لم تعد تقبل بالاستعباد.
إيران: شريك استراتيجي لا يملي الأوامر
لطالما حاولت الدعاية الغربية تصوير أنصار الله على أنهم “وكلاء” لإيران، وكأنهم مجرد أداة تحركها طهران وفق أجندتها الخاصة. لكن الحقيقة مختلفة تمامًا، فإيران لا تدعم أتباعًا، بل تؤمن بمبدأ الشراكة بين الحلفاء. أنصار الله قوة مستقلة ذات رؤية واضحة، تضع مصالح اليمن وشعوب المنطقة فوق كل اعتبار، وتتعامل مع إيران كما تتعامل مع كل حلفائها في محور المقاومة، وفق مبدأ الندية والاحترام المتبادل.
و على عكس الولايات المتحدة التي تفرض وصايتها على حلفائها وتجبرهم على الخضوع، فإن إيران تتعاون مع شركائها في إطار تبادل المصالح والمبادئ المشتركة. ومن هنا، فإن المزاعم الأمريكية حول “دعم إيران لأنصار الله” ليست سوى محاولة لتبرير عدوانها الفاشل على اليمن.
الهجمات الأمريكية: استعراض يائس لقوة زائلة
مع تصاعد عمليات أنصار الله، لم تجد واشنطن أمامها سوى اللجوء إلى الضربات العسكرية، في محاولة بائسة لإرهاب الشعب اليمني وكسر إرادته. ولكن هذه الهجمات، التي شنتها القوات الأمريكية والبريطانية، لم تحقق أي نتائج تذكر، بل زادت من تصميم أنصار الله على الاستمرار في معركتهم العادلة.
الضربات الجوية لم تضعف قدرات أنصار الله، الذين باتوا يمتلكون ترسانة عسكرية متطورة، تشمل صواريخ باليستية مضادة للسفن وطائرات مسيرة وسفن مسيرة ذات قدرات متقدمة. لقد أثبت أنصار الله أنهم ليسوا مجرد قوة محلية، بل لاعب استراتيجي قادر على التأثير في معادلات الإقليم والعالم.
التأثير على الاقتصاد العالمي: معركة الإرادات
منذ بدء العمليات في البحر الأحمر، ارتفعت تكاليف الشحن البحري بشكل كبير، واضطرت العديد من الشركات العالمية إلى تغيير مساراتها، ما أدى إلى زيادة زمن الرحلات البحرية وكلفتها. هذا التطور كشف هشاشة النظام الاقتصادي الغربي، الذي يعتمد بشكل أساسي على طرق تجارية يسهل تعطيلها عند الحاجة.
ولعل أبرز دليل على ذلك هو تأثر قناة السويس، التي شهدت تراجعًا كبيرًا في حركة السفن بسبب الهجمات على السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني. في المقابل، ازداد نفوذ القوى الآسيوية مثل الصين وروسيا، اللتين وجدتا في هذا الوضع فرصة لتعزيز دورهما في التجارة العالمية.
الصين وروسيا: شركاء في التغيير الجيوسياسي
منذ اندلاع الأزمة، اتخذت الصين وروسيا موقفًا متوازنًا، حيث رفضتا تأييد الهجمات الأمريكية ضد اليمن، وامتنعتا عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الذي سعى إلى منح واشنطن غطاءً دوليًا لعدوانها. بل إن بعض التقارير تحدثت عن تعاون صيني-روسي مع أنصار الله لضمان مرور آمن لسفنهم، في مقابل توفير دعم لوجستي وتقني يعزز من قدراتهم العسكرية.
هذا التطور يؤكد أن التوازنات الدولية لم تعد كما كانت، وأن القوى الصاعدة بدأت تفرض واقعًا جديدًا على الساحة العالمية. ولم تعد واشنطن قادرة على التصرف وفق منطق “القطب الواحد”، فهناك اليوم قوى مقاومة ترفض الخضوع، وتجبر الجميع على إعادة حساباتهم.
ما بعد البحر الأحمر: المعركة مستمرة
بعيدًا عن البحر الأحمر، يدرك الجميع أن المواجهة ليست مجرد معركة بحرية، بل جزء من صراع أوسع بين محور الهيمنة الأمريكي-الصهيوني، ومحور المقاومة الذي يمتد من اليمن إلى فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وإيران.
ورغم التهديدات الأمريكية المتواصلة، فإن أنصار الله أثبتوا أن الإرادة الصلبة أقوى من القنابل والصواريخ، وأن الشعوب قادرة على فرض إرادتها متى ما امتلكت الوعي والإرادة والسلاح.
لقد حاولت واشنطن، ومن خلفها تل أبيب، إخماد جذوة المقاومة في غزة، لكنها تفاجأت بأن المقاومة ليست محصورة في مكان واحد، بل هي منظومة متكاملة تتوزع على أكثر من جبهة.
ومع استمرار العدوان الصهيوني على غزة، واستمرار الدعم الأمريكي للجرائم الصهيونية، فإن أنصار الله ومعهم كل أحرار العالم سيواصلون معركتهم من أجل تحقيق العدالة، ورفع الظلم عن فلسطين وكل الشعوب المظلومة.
عصر جديد يُرسم بدماء المقاومين
ما يجري اليوم في البحر الأحمر ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو جزء من تحول استراتيجي يعيد تشكيل خارطة النفوذ العالمي. أنصار الله، الذين كانوا قبل سنوات مجرد حركة مقاومة محلية، باتوا اليوم قوة إقليمية قادرة على فرض معادلات جديدة، وكسر هيمنة عمرها قرون.
إن ما يحدد مستقبل المنطقة ليس صواريخ واشنطن، بل إرادة الشعوب. وكما فشلت أمريكا في العراق وأفغانستان وسوريا، ستفشل في اليمن، وستبقى المقاومة شوكة في حلق كل من يحاول فرض هيمنته بالقوة.
لقد بدأ عصر جديد، عنوانه: المقاومة هي القوة الحقيقية، والهيمنة الأمريكية إلى زوال.
نقلا عن موقع الوسط اليوم