بسم الله الرحمن الرحيم

#انهيار #التحالف_الحاكم في #ألمانيا وحجب الثقة المفقودة عن المستشار الألماني

دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري

ألمانيا، القلب السياسي والاقتصادي في الاتحاد الأوروبي، تواجه حاليا أزمة سياسية غير مسبوقة على خلفية انهيار التحالف الحاكم المكوّن من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر.

هذا التحالف، الذي سيطر على الحياة السياسية الألمانية في السنوات الماضية، لم يعد قادرا على تقديم حلول فعّالة للأزمات المتراكمة، مما أدّى إلى تراجع شعبيته بشكل ملحوظ. في وقت كان يعوّل فيه الألمان على استقرار حكومي، أصبحت الأزمة السياسية تعكس التوترات بين الأحزاب التقليدية وتحديات الثقة الشعبية.

مقالات ذات صلة عشائر العبيديين يتقبلون العزاء بالمرحوم هايل العبيديين في عمان يوم السبت 2024/12/19

حجب الثقة عن «أولاف شولتس» وتصاعد الأزمة

في خطوة متوقّعة، أقدم البرلمان الألماني الإتحادي يوم السادس عشر من ديسمبر/كانون الأول 2024 على حجب الثقة عن المستشار «أولاف شولتس»، الأمر الذي يعدّ دلالة قوية على فقدان الثقة في سياساته على الصعيدين المحلي والدولي.

هذه الأزمة قد تؤثّر بشكل حاد على استقرار الحكومة الائتلافية، ويأتي هذا القرار بعد سلسلة من الأزمات الداخلية التي عصفت بالحكومة، بداية من تدهور الأداء الاقتصادي إلى ردود الفعل السلبية تجاه السياسة الخارجية.

حجب الثقة المفقودة ليس فقط في شخص المستشار، بل في قدرة التحالف الحاكم على تقديم حلول لمشاكل المواطن الألماني، في وقت يشهد فيه البلد العديد من التحولات الجذرية.

أسباب فقدان الثقة في الأحزاب التقليدية

الأحزاب التقليدية في ألمانيا، التي كانت تعدّ ركيزة الديمقراطية الألمانية، أصبحت في وضع صعب بسبب تباين سياساتها وعدم قدرتها على تلبية تطلُّعات المواطنين، فقد اعتاد الألمان على الاستقرار السياسي لعقود، لكن الانعطافات الكبرى التي حدثت في السنوات الأخيرة، سواء داخل الأحزاب نفسها أو في التوجهات الشعبية، أدت إلى تراجع هذه الثقة.

الحزب الديمقراطي الاشتراكي: تاريخيا، كان الحزب يمثّل الرافد الأساسي للطبقة العاملة، لكن مع تبني سياسة الإصلاحات الاقتصادية تحت قيادة المستشار الأسبق «غيهارد شرودر» وأفكاره النيوليبرالية، فقد الحزب صلته بالجماهير العمالية وتحوّل إلى حزب يتماشى أكثر مع توجهات الطبقات البرجوازية والاقتصاد السوقي.

هذه السياسات أحدثت تباينا داخليا في الحزب، مما جعله يخسر قاعدة واسعة من مؤيديه.

حزب الخضر: الحزب الذي كان في البداية مناصرا للسياسات البيئية والتنمية المستدامة، شهد تحولا جذريا في مواقفه ليصبح داعما قويا للسياسات الحربية. هذا التغيّر في توجهات الحزب كان له تأثير سلبي على مؤيديه التقليديين الذين كانوا يدافعون عن السلام والبيئة.

تحول الحزب إلى مساند للحروب، خاصة في الأزمة الأوكرانية، ومنذ أن بدأت حرب غزّة أصبح الداعم الأساسي مع أمريكا للإسرائيل في إبادته لقطاع غزّة، ما دفع العديد من الناخبين للبحث عن بدائل.

الحزب الديمقراطي الحرّ: رغم تواجده الفعّال في التحالف الحاكم، فإن الحزب شهد تراجعا في شعبيته بعد إقالة «كريستيان ليندنر» من منصبه كوزير للمالية، وهو ما يعكس الانقسامات العميقة داخل الحكومة.

هذه الأزمة دفعت الحزب إلى إعادة تقييم استراتيجيته السياسية وحجم تأثيره داخل التحالف الحاكم.

انعكاسات انهيار التحالف الحاكم

بعد انهيار التحالف، شهدت ألمانيا حالة من الضبابية السياسية، حيث أصبح من الصعب تشكيل حكومة مستقرّة في المستقبل القريب، على الرغم من الجهود المستمرّة من قبل المستشار «أولاف شولتس» لاستعادة توازن التحالف، إلّا أّن أزمة الثقة كانت قد بلغت ذروتها مع قرار البرلمان بحجب الثقة عنه في السادس عشر من ديسمبر.

هذا القرار جعل من المستحيل على الحكومة الحالية المضي قدما في تنفيذ أجندتها السياسية.

صعود حزب البديل من أجل ألمانيا

في خضم هذه الأزمة، كان من المتوقع أن يجد حزب البديل من أجل ألمانيا فرصة ذهبية لتعزيز موقعه في الساحة السياسية. الحزب اليميني المتطرّف استطاع جذب قطاعات واسعة من الناخبين الذين فقدوا الثقة في الأحزاب التقليدية، مما ساعده على تقوية موقفه كأحد القوى المعارضة الفاعلة في البرلمان. ورغم ذلك، يظل الحزب محاصرا بسبب رفض الأحزاب الأخرى التعاون معه، ما يقيد قدرته على تشكيل أي حكومة ائتلافية.

دور حزب «زهرا فاجينكنيشت» في المشهد السياسي الألماني الجديد

في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الانقسامات السياسية، يبرز حزب «زهرا فاجينكنيشت» كأحد البدائل الجديدة في الساحة السياسية.

تأسّس الحزب بعد أن انفصلت «فاجينكنيشت» عن حزب «اليسار» بسبب الخلافات الداخلية حول السياسة التي يجب أن يتبعها الحزب. الحزب الجديد لا يزال في مرحلة التكوين، ويعبّر عن وجهات نظر متباينة مع الأحزاب التقليدية، ويعمل على استقطاب الفئات المتضّررة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ولكن نجاحه المستقبلي يتوقّف على قدرته في بناء رؤية سياسية شاملة قادرة على جذب شريحة واسعة من الناخبين.

انعكاسات الحرب في أوكرانيا على السياسة الألمانية

لعبت الحرب في أوكرانيا دورا كبيرا في إعادة تشكيل السياسة الألمانية، بينما دعمت الحكومة الألمانية أوكرانيا، خاصّة في ما يتعلّق بالمساعدات العسكرية، فإن هذه السياسات لاقت انتقادات شديدة من قطاعات واسعة من الشعب الألماني الذين رأوا أن هذه المساعدات تأتي على حساب الاقتصاد المحلي.

هذا التوجه دفع الكثير من الألمان للتساؤل عن أولويات حكومتهم، مما يعزّز مكانة القوى السياسية التي تتبنى مواقف أكثر تحفظا تجاه التدخلات العسكرية في الخارج.

الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الساحة السياسية

الأزمة الاقتصادية في ألمانيا، بسبب التضخّم وارتفاع أسعار الطاقة، أسهمت في تزايد حالة الاستياء بين المواطنين، وأظهرت أن الحكومة الحالية غير قادرة على تقديم حلول جذرية للمشاكل الاقتصادية التي يعاني منها المواطن العادي، إضافة إلى ذلك، تزايدت معدلات البطالة والضغوط الاقتصادية على الطبقات الأقل دخلا، مما فتح المجال للأحزاب المعارضة لانتقاد الحكومة على فشلها في حل الأزمات الاقتصادية.

دور اليسار في السياسة الألمانية

الحزب اليساري يعاني من أزمة داخلية عميقة، فهو في تراجع مستمر بسبب انقسامات داخلية وصراعات حول قيادة الحزب، مما جعله يفقد مكانته كحزب ممثل للقضايا الاجتماعية والعُمّالية، فقد تراجعت تأثيراته في البرلمان وأصبح دوره أقل أهمية في المشهد السياسي، وهو ما يجعل الحزب في حاجة إلى إعادة هيكلة وتحديد أولوياته المستقبلية.

الآفاق المستقبلية

من المتوقّع أن تستمر الأحزاب التقليدية في السعي نحو تشكيل حكومات ائتلافية، لكنّ هذه الحكومات ستكون أكثر هشاشة في ظل انعدام الثقة بين الأحزاب، لذلك ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، تبقى الحكومة الألمانية أمام تحديات كبيرة تتطلب حلولا سياسية مبتكرة.

الوضع السياسي في ألمانيا يواجه عقبات جسيمة نتيجة لفقدان الثقة في الأحزاب التقليدية، وتزايد قوة الأحزاب الجديدة، وفي الوقت نفسه، يحتاج «شولتس» إلى إيجاد حلول سريعة للحد من تدهور الحكومة، فعلى ما يبدو فإنّ ألمانيا على عتبة مرحلة جديدة من التغيرات السياسية العميقة التي ستحدد شكل الحكومة القادمة وكيفية التعامل مع الأزمات المتراكمة.

في ضوء ذلك، يشير الوضع الراهن في ألمانيا إلى ضرورة إيجاد حلول سياسية جذرية ومستدامة في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وإذا لم تنجح القوى السياسية في بناء ثقة مع الشعب، فإن البلاد قد تشهد تغييرات سياسية غير متوقّعة في المستقبل القريب.

ولكن، رغم الاختلافات السياسية والاقتصادية العميقة بين الأحزاب، فإن جميع الأحزاب الألمانية، على مدى تاريخها، لم تتفق على نقطة واحدة كما اتفقت على دعم إسرائيل غير المشروط في حربها الدموية الشرسة على غزة.

يعتبر هذا الدعم غير المشروط في سياق الحرب الحالية مثيرا للجدل، خاصّة في ظل الانتقادات الواسعة حول الفظائع التي يحدثها الجيش الإسرائيلي في غزّة والتأثيرات الإنسانية المدمّرة على المدنيين.

وبالنسبة للكثيرين، يظهر الموقف الألماني غير متوازن ومتجاهلا للمعاناة الفلسطينية، مما يثير تساؤلات حول أولويات السياسة الألمانية في هذا السياق.

ahmad.omari11@yahoo.de

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: التحالف الحاكم ألمانيا الأحزاب التقلیدیة السیاسة الألمانیة الأزمة الاقتصادیة الحزب الدیمقراطی انهیار التحالف التحالف الحاکم فی ألمانیا الثقة فی واسعة من

إقرأ أيضاً:

حكومة المونديال على المحك.. كيف تستعد الأحزاب المغربية للفوز بثقة الناخبين قبل 2026؟

بين أحزاب تقليدية تحاول تجديد خطابها، وتيارات ناشئة تسعى لكسر الاحتكار السياسي، وشارع يبدي نوعا من الفُتور تجاه العملية السياسية، شدّت الأحزاب أنفاسها، مجدّدا، لكسب ثقة الناخبين، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المغربية لعام 2026، والتي تكتسي أهمية استثنائية لكونها ستشكل ما بات يوصف بـ"حكومة المونديال" إذ ستتولى إدارة الشأن العام خلال استضافة المغرب لكأس العالم 2030.

في هذا التقرير، انطلقت "عربي21" من رسم خريطة الأحزاب المغربية، قبيل الاستحقاقات الانتخابية المُقبلة، مع قراءة مؤشرات المشهد في ظل معطيات محلية ودولية استثنائية. فيما برزت جُملة من الأسئلة بخصوص: قدرة الأحزاب على تقديم نفس جديد يلبّي تطلعات الشارع المغربي خاصة في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية باتت توصف بـ"الطّاحنة"؟


وجرّاء تحليل استعدادات الأحزاب الكُبرى وبرامجها، ورصد تحركاتها الميدانية، وقياس درجة تفاعل المغاربة مع خطابها، نحاول الإجابة عن سؤال آخر: هل تمتلك النخب السياسية المغربية ما يكفي من الرؤية والجدّية لتشكيل حكومة قادرة على قيادة البلاد خلال هذه المرحلة الحاسمة التي تجمع بين الاستحقاق الانتخابي والحدث الرياضي العالمي؟.

تحدّيات المرحلة.. أي تعامل؟   
تحديات جسيمة تواجه المجتمع المغربي، في السنة الأخيرة من عمل الحكومة الحالية، التي يرأسها رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش؛ والتي تُعتبر تقليديا "سنة بيضاء" من حيث التشريع والمبادرات الحكومية. ما يستدعي وفقا لمهتمين بالشأن العام المغربي: "تسريع وتيرة العمل وتحقيق انسجام أكبر بين مكونات الائتلاف الحكومي، إذ سينعكس إيجابا على مصالح باقي الأحزاب  المُشاركة".



وقال الباحث في العلوم السياسية، محمد أمكور: "أعتقد أن حزب التجمع الوطني الأحرار، حاليا، هو الحزب الأكثر تنظيما وانضباطا واستعدادا للاستحقاقات القادمة لعدة أسباب؛ أولها: حضور مكثف في المشهد السياسي طيلة هذه الولاية، عبر أنشطة بجميع الأقاليم والجهات".

وأضاف أمكور، في حديثه لـ"عربي21" أنّ الأحرار: "استفاد من التواجد في الحكومة، بعدد من الحقائب الوزارية التي تغطّي مجمل القطاعات الحيوية كالفلاحة والتعليم على سبيل المثال لا الحصر؛ مع توفّره على فريق برلماني من الناحية العددية يمثل مختلف الجهات".

"حزبا العدالة والتنمية، يتوفر هلى خزان انتخابي قار يتمثّل في مناضليه ومنتسبي حركة التوحيد والإصلاح مضاف إليهم المتعاطفون، ومن جماعة العدل والإحسان" تابع أمكور، مردفا: "صحيح أنه فقد جزء هامّا من الكتلة النّاخبة والتي كانت تشمل الطبقات الوسطى؛ لكن أمام الإصلاحات التي مسّت جيوب هذه الطبقة (التقاعد/ المقاصة…) تخلت عن فكرة التصويت للحزب" بحسب تعبير الباحث في العلوم السياسية.

وتابع: "بالنسبة لحزب الاتحاد الاشتراكي فقد دخل في سبات طويل منذ حوالي عقدين من الزمن، وبالضبط منذ حكومة جطّو، تراجع انتخابيا بشكل قفز من المرتبه الأولى للمرتبة الخامسة في حكومة عباس2007-2010 (حكومة ما قبل الربيع العربي) والسبب يعود بشكل مباشر لانسحاب المناضلين وتجميد عضويتهم في الحزب، إثر خلافات بدأت منذ تولي اليازعي القيادة وصولا لولايات  إدريس لشكر المتتالية".

وفيما ختم أمكور بالقول إنّ: "مسألة الحضور الرقمي تقتصر أحيانا على عدّة أحزاب: الأحرار، الاستقلال، الأصالة والمعاصرة، والعدالة والتنمية". رصدت "عربي21" تراجع تفاعل الشباب المغربي، مع القضايا السياسية، على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، إلاّ من شباب منتمين لأحزاب معينة، مثل العدالة والتنمية، أو حملات رقمية منسّقة من حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، مع حضور خافت لحزب الاستقلال، وحضور نوعا ما بارز لأحزاب اليسار.


لعبة العودة.. 
وفي قراءة للمشهد الحزبي المغربي، البداية مع حزب العدالة والتنمية التي جدّد الثقة في عبد الإله بنكيران، بانتخابه أمينا عاما، خلال المؤتمر الوطني التاسع الذي اختتم أعماله نهاية الأسبوع الماضي، في مدينة بوزنيقة. وذلك عقب تولّيه المنصب ذاته بمؤتمر استثنائي، أتى بعد ما وُصف بـ"الهزيمة الانتخابية الكبيرة" التي تعرّض لها الحزب في 8 أيلول/ شتنبر 2021، والتي أنهت سيطرته على رئاسة الحكومة بعد ولايتين متتاليتين.

وبالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة المغربية، حاليا، فإنّ عدّة التكهنات تتصاعد حوله، بخصوص عودة الملياردير السياسي، يوسف بنجلون، بعد رحلته السياسية بين عدة أحزاب، إذ كشفت مصادر لـ"عربي21" أنّ: "لقاء جمعه مع قيادات الحزب بالرباط يشير لرغبة الأخير في استقطابه وترشيحه للانتخابات المقبلة، ما قد يُشعل جدلا داخليا".

أمّا بخصوص حزب الاستقلال فإنّه يخوض معركته الانتخابية بجُملة سيناريوهات توصف بكونها "متضاربة"، إذ تشير معطيات وصلت لـ"عربي21" إلى توجّه الحزب لترشيح عبد الجبار الراشدي، وهو كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، بدلا من النائب الحالي محمد لحمامي، فيما تستبعد مصادر أخرى من داخل الحزب نفسه لهذا الخيار وترجّح اسما آخر. 

في السياق نفسه، يعيش حزب الأصالة والمعاصرة، المعروف باسم "البام" على إيقاع توتّر مُحتدم، بين أبرز وجوهه (عادل الدفوع ومنير ليموري)، وذلك على خلفية تمثيل الحزب في البرلمان، مع إمكانية لجوء الحزب لاستقطاب وجوه جديدة من خارج صفوفه الحالية، بحسب ما يرد من معلومات مُتفرٍّقة.



كذلك، أثار تصريح منسقة حزب الأصالة والمعاصرة،  فاطمة الزهراء المنصوري، جدلاً واسعا، بعد تأكيدها استعداد حزبها للفوز بالانتخابات المقبلة وقيادة "حكومة المونديال" ما بعد 2026؛ في إشارة لطموحها لأن تكون أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في المغرب. فيما عبّر قادة حزب التجمع الوطني للأحرار عن تصميمهم على الاحتفاظ بموقعهم على رأس الحكومة لولاية ثانية، وأكد حزب العدالة والتنمية عودته للصورة من جديد بشكل أقوى، ما أضفى طابعا تنافسيا محتدما، قبيل أشهر من الاستحقاقات الانتخابية.

أمام هذه التحولات التي تعكس ديناميكية المشهد السياسي المغربي في خضمّ التحضيرات للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، كان الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، قد قال إنّ: "قادة الأغلبية الحكومية يستفزون المغاربة وهم يعلنون بشكل صريح الدخول في سباق نحو الانتخابات المقبلة".

وتابع أوزين، خلال حديثه ببرنامج حواري بثّ على "القناة الأولى" (رسمية) أنّ: "هؤلاء تركوا انشغالات المواطنين مع جملة من الملفات في مقدمتها الأسعار المرتفعة، وانصبّ تفكيرهم على حكومة المونديال ومن سيقودها، قبل نحو عام ونصف على الانتخابات".

الأمين العام لحزب السنبلة، اعتبر أيضا أنّ: "الأحزاب المشكّلة للأغلبية، ليس من حقها أن تعبر عن طموحها لقيادة الحكومة المقبلة إلى حين انقضاء الولاية"؛ في إشارة لكون قادة من أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والعدالة والتنمية، والاستقلال والأصالة والمعاصرة، قد عبروا بعدّة مناسبات عن طموحهم لتصدر الانتخابات المرتقبة، صيف عام 2026.

بين تضارب المصالح وعزوف الناخبين
‎"أصبح من الواضح أن بعض الأحزاب، وعلى رأسها التجمع الوطني للأحرار، توجّه جهدا كبيرا نحو الحملات الرقمية الممولة" هكذا انطلق الصحفي والباحث في العلوم السياسية، سمير الباز، في حديثه لـ"عربي21".

وأوضح الباز، أنّ: "الحزب نفسه، يستفيد من من إمكانيات مالية ضخمة، إذ بات رمزا للاحتكار الاقتصادي وتضارب المصالح، ويستفيد من خدمات شركات يُرجّح أن بعضها أجنبية"، مردفا: "أيضا، يسلك حزب الأصالة والمعاصرة المسار ذاته، ولو بشكل أقل وضوحا، لأنه أطلق حملة "جيل 2030" دون وضوح بارز لمعالمها".

وتابع: "ورغم المظهر الاحترافي لهذه الحملات، إلا أن مضمونها غالبا ما يظل بعيدا عن انشغالات الشباب وهموم المواطن الذي اكتوى بأزمات متتالية، بسبب هذه الحكومة، كما يعتمد على شعارات جاهزة لا تُلامس الواقع الحقيقي" أوضح سمير لـ"عربي21"، مسترسلا: "ما نعيشه اليوم هو هيمنة للصورة على حساب البرامج، وللإشهار السياسي على حساب النقاش الجاد".

وأكّد: "نحتاج لخطاب مسؤول يُعيد الثقة بدل تكريس النفور"، مضيفا: "لا يبدو أن المشهد الحزبي في المغرب يتّجه نحو تحالفات جديدة قبل انتخابات 2026، فالتوازنات الحالية توحي بأن الكتل السياسية الكبرى ستُحافظ على مواقعها كما هي، دون مفاجآت تُذكر".


وختم الباز حديثه لـ"عربي21" بالقول: "من غير المُرتقب أن تظهر قوى سياسية ناشئة قادرة على قلب المعادلة، خصوصا في ظل استمرار هيمنة المال واستغلال النفوذ، خاصة في العالم القروي، حيث تُكرَّس الولاءات على حساب النقاش الديمقراطي الحقيقي".

واستطرد: "يُرجّح أن تشهد الانتخابات القادمة عزوفا أكبر من طرف فئات واسعة من الناخبين، خصوصًا الشباب، نتيجة شعورعام بعدم جدوى العملية الانتخابية. وعليه، فإن انتخابات 2026 تبدو إلى حد كبير امتدادا لما جرى في 2021، دون إشارات حقيقية إلى تغيير في العمق أو تجديد في العرض السياسي".

إلى ذلك، بينما تحاول الأحزاب المغربية إثبات وجودها، خلصت "عربي21" إلى أنّ: المشهد السياسي في البلاد على أعتاب مفترق طرق حاسم. فمن جهة، تحاول النخب الحاكمة تجديد خطابها عبر الحملات الإعلامية المكثفة، واستقطاب الوجوه القديمة، ومن جهة أخرى، يزداد اتساع الفجوة بين هذه الخطابات وبين هموم المواطن اليومية.

مقالات مشابهة

  • الحاج حسن: على بعض الأحزاب والقوى السياسية أن تعود إلى وطنيتها
  • حكومة المونديال على المحك.. كيف تستعد الأحزاب المغربية للفوز بثقة الناخبين قبل 2026؟
  • «الحرية المصري»: لم يتم الاستقرار على عدد المرشحين لارتباطه بالقانون |فيديو
  • المستشار الألماني في باريس لتوديع لماكرون
  • الرئاسي: اللافي اقترح على “تيته” إحياء مسار برلين للخروج من الأزمة السياسية
  • سابقة.. مجلس المستشارين يعقد ندوة وطنية حول الصحراء تجمع زعماء الأحزاب السياسية
  • الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا: مستمرون في إجراءاتنا القضائية لضمان حصول الفلسطينيين على حقوقهم
  • تركيا.. مؤشر الثقة الاقتصادية يسجل أسرع انخفاض في 20 شهراً
  • ثقة المستهلكين في ألمانيا تواصل تعافيها ببطء رغم الضغوط الاقتصادية
  • اعتقال 14 من أعضاء الأحزاب الشيوعية المحظورة في إسطنبول