خطط أوروبيّة لترحيل السوريين ..العودة وشيكة؟
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
أعادت المتغيّرات في سوريا، ملف النزوح السوري إلى قائمة الانشغالات اللبنانيّة، خصوصًا أنّ الأعداد المليونيّة للسوريين في الجغرافيا اللبنانيّة شكّل حملًا ثقيلًا بأعبائه الاقتصاديّة والأمنيّة والإجتماعيّة، وأضحى خطرًا وجوديًّا بتأكيد معظم القيادات اللبنانيّة، الأمنيّة منها والسياسيّة.
بعد إطاحة المعارضة بنظام الأسد تلاشى السبب الرئيسي لنزوح السوريين إلى لبنان وعددٍ من بلدان العالم، وهذا ما يفسّر لجوء معظم الدول الأوروبيّة إلى تعليق النظر في طلبات اللجوء المقدّمة من سوريين، وذلك بعد ساعات قليلة على خلع الأسد، وأعلنت دول عديدة عن استعدادها لترحيل اللاجئين إلى بلدهم، فيما طالبت ألمانيا باتخاذ نهج أوروبي مشترك بشأن العودة المحتملة للاجئين السوريين.
عودة بأعداد محدودة
غداة سقوط الأسد، شهد معبر المصنع الحدودي حركة نشطة لآلاف العائدين، وقد اتخذت المديريّة العامّة للأمن العام اللبناني تدابير لتسهيل عودة هؤلاء، كما رُصدت حركة مغادرة عبر ممرّات غير شرعيّة من قبل سوريين دخلوا خلسة وأقاموا في لبنان بصورة غير شرعيّة، ولكن قوافل العودة بدت متواضعة أمام العدد الكبير من النازحين والمقدّر بحوالي 2.5 مليون سوري، كما لجأ إلى لبنان آلاف السوريين المؤيدين للنظام خوفًا من تعرّض حياتهم للخطر في سوريا بعد هروب الأسد.
الباحث في السّياسات العامّة واللجوء والهجرة زياد الصّائغ في حديث إلى "لبنان 24" يقول عن العودة الطّوعيّة للنازحين السوريين بعد سقوط نظام الأسد "النّازحون من سوريا إلى لبنان والأردن وتركيا استهلّوا حركة العودة، ولو خجولة، إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم، حيث انتفى التّهديد الأمني والأعمال العسكريّة قيد التّهدئة. زخم هذه العودة سيزيد حتمًا في المرحلة المقبلة بعد تكشّفٍ واضح للمرحلة الانتقاليّة. لكنّ العامل الاقتصادي-الاجتماعي يبقى ضاغطًا، وهنا يأتي دور هيئات وبرامج ووكالات الأمم المتّحدة، كما هيئات المجتمع المدني لوضع خارطة طريق تحفيزيّة، تطمئن هؤلاء بإمكانيّة استحصالهم على ما يساعدهم على الصّمود الحياتي، وهذا في متابعتي قيد الترجمة العملانيّة. الأهمّ سقوط خطر التغيير الديمغرافي المذهبي، الذي كان نظام الأسد يقوده مع إيران، وهذا عنصرٌ بنيويّ في العودة".
المجتمع الدولي على استعداد لتمويل العودة
لطالما دفع المجتمع الدولي باتّجاه إبقاء النازحين في لبنان، رابطًا عودتهم بحلًّ سياسيّ شامل في سوريا، متجاهلًا حقيقة أنّ غالبيّة النازحين هنا هم اقتصاديون وليسوا سياسيين، بدليل زياراتهم المتكررة إلى سوريا طيلة السنوات السابقة. رغم ذلك ذهب البرلمان الأوروبي للتصويت على قرار يدعم بقاء النازحين السوريين في لبنان، متحدّيًّا إرادة الحكومة والشعب اللبناني. اليوم تبدّل الحال في سوريا والحلّ السياسي الذي نادى به المجتمع الدولي سيفرض نفسه، وحيال مقاربة المجتمع الدّولي لهذا التحوّل الاستراتيجيّ ربطًا بأزمة النّزوح يعتبر الصّائغ أنّها قيد المراجعة الجذريّة "وهذا واقع لمسته في زيارتي الأخيرة إلى الاتّحاد الأوروبيّ، لكن في تماشٍ مع الأمم المتّحدة وجامعة الدول العربيّة، حيث تؤكّد المؤشّرات بدء استعداداتهم لتمويل عودة النّازحين، لكن هذا يتطلّب حوكمة رشيدة وفهما لطبيعة التّعاطي مع الحكومة الانتقاليّة. يبقى أنّ لبنان يبدو غائبًا عن إعداد رؤية لمواكبة هذا التحوّل، ونحتاج رئيسًا للجمهوريّة مع حكومة مكتملة المواصفات ينهيان هذا الغياب في السّياسات العامّة".
وعن تجميد بحث بعض دول الاتحاد الأوروبي في طلبات اللّجوء يشير الصّائغ إلى "أنّ هذا يثبت دعم العودة حتّى من دول الاتحاد الأوروبيّ، ما يدفع باتجاه إسقاط محاذير اللاعودة التي اختلط فيها البعد الأمني بالأبعاد الفكريّة والقانونيّة والاقتصاديّة -الاجتماعيّة. لكنّ هذا الدّفع يقتضي مأسسةً وتنظيمًا، والتّفكير بعد المرحلة الانتقاليّة بانطلاق مسار الإعمار، لكن في تقديري ما زلنا أمام عقدة روسيّة-غربيّة بعد انكفاء التدخّل الإيراني. والعالم العربي بقيادة المملكة العربيّة السّعوديّة سيؤدّي دورًا مؤثّرًا وفاعلًا في هذا الإطار."
شجّع الواقع الجديد في سوريا دولًا عدّة على درس تقديم حوافز ماليّة للنازحين لقاء عودتهم، وجاهرت دول أخرى بدعمها عمليّة الانتقال السلمي وإعادة الإعمار، ولكنّ العودة الشاملة للسوريين إلى بلدهم ستكون مرتبطة ببعدين، الأول قدرة المعارضة على إقامة مصالحة مجتمعيّة شاملة وإنتاج حكم يحقّق الاستقرار السياسي ويحافظ على وحدة سوريا، والبعد الثاني مرتبط بتأمين تمويل دولي لإعادة الإعمار، وسط تقديرات عن تكلفة لا تقل عن تريليون دولار، ولكنّها تبقى أقلّ من كلفة استضافة النازحين في عدد من الدول.
المصدر: خاص لبنان24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی سوریا
إقرأ أيضاً:
نشاط عسكري روسي متزايد في ليبيا والسودان بعد سقوط الأسد في سوريا
شددت مجلة "فورين بوليسي" على عمل روسيا على تعزيز وجودها في كل من السودان وليبيا، وذلك بعد سقوط حليف موسكو في سوريا بشار الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي.
وقالت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن حكومة السودان وافقت على بناء روسيا لأول قاعدة عسكرية لها في أفريقيا قرب ميناء بورتسودان، حسبما أعلن وزير الخارجية السوداني علي يوسف أحمد الشريف، بعد لقاء في موسكو مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.
ومن خلال تأمين قاعدة عسكرية لها على ساحل البحر الأحمر، فإن روسيا ستنضم إلى الولايات المتحدة والصين اللتان أقامتا قواعد عسكرية في جيبوتي، وفقا للتقرير.
وأضافت المجلة أن خروج القوات الروسية من سوريا بعد انهيار نظام الأسد، دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنقل أرصدته العسكرية إلى ليبيا والسودان، وذلك حسب عدة مصادر أمنية متعددة.
وتكشف الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية بأن روسيا تقوم بتوسيع في جنوب-شرق ليبيا والواقعة قرب الحدود مع كل من السودان وتشاد.
وتظهر الصور أن روسيا قامت بإعادة بناء مدرج وبنت منشآت للتخزين وزادت من قدراتها اللوجيستية. وكانت آخر مرة استخدمت فيها القاعدة هي عام 2011 حيث تمركزت فيها قوات الرئيس السابق معمر القذافي.
ويسيطر عليها حاليا خليفة حفتر الذي يقود ما يعرف باسم الجيش الوطني الليبي، حسب التقرير.
ونقل التقرير عن المنبر الاستقصائي للشرق الأوسط "إيكاد" في منشور على منصة "إكس"، قوله "تعتبر هذه التطورات متساوقة مع استراتيجية روسيا لإنشاء عدة قواعد عسكرية في ليبيا".
وتمنح قاعدة معطن السارة "موسكو السيطرة على الطرق وتسهيل حركة المعدات العسكرية والجنود إلى منطقة الساحل وبدون أن تكون عرضة للرصد في الموانئ والمطارات الدولية".
ورصدت المخابرات الأوكرانية حركة الجنود والطائرات العسكرية عشرة مرات منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر، حيث قامت برحلات من قاعدة حميميم في سوريا إلى شرق ليبيا.
وعبر الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع عن إمكانية الحفاظ على علاقات مع روسيا، وفقا للتقرير.
وفي نهاية كانون الأول/ ديسمبر، قال "لا نريد خروج روسيا من سوريا بطريقة تؤثر على علاقتها مع بلدنا".
وزار وفد روسي في بداية الشهر الحالي دمشق للتفاوض حول الكيفية التي تحتفظ فيها روسيا بقواعدها العسكرية. ولكن من المنطقي أن يقوم الرئيس بوتين بالتحوط على رهاناته وتوزيع أرصدته العسكرية.
ففي السودان دعمت روسيا طرفي الحرب هناك، حيث زودت موسكو في البداية قوات الدعم السريع بالأسلحة، ثم تعهدت بتقديم مزيد من الدعم العسكري للجيش السوداني مقابل منحها موافقة لبناء قاعدة بحرية على البحر الأحمر.
وتحدث السودان عن فكرة القاعدة البحرية في عام 2017 أثناء حكم عمر أحمد حسن البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية عام 2019. وتم التوصل لاتفاق بشأن القاعدة في عام 2020 ولكنه انهار بعد اندلاع القتال بين طرفي الحكم في السودان في نيسان/أبريل 2023.
وفي محاولة للبحث عن حلفاء لمواصلة الحرب، أعلن السودان في الأسبوع الماضي، عن تعزيز العلاقات مع إيران. وفي ليبيا، فقد تقاسم التأثير بها الحكومة التي تدعمها تركيا في غرب البلاد وتلك التي يقودها حفتر في شرق البلاد وبدعم من روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة.
وقدمت روسيا إلى حفتر السلاح والمعدات. وفي الوقت نفسه وقعت شركة النفط الروسية "روسنفط" اتفاقية طويلة الأمد لتطوير حقول النفط الليبية، وفقا للتقرير.
ولعبت قاعدة حميميم الجوية في سوريا دورا مهما في عمليات شركة المرتزقة السابقة "فاغنر" والتي أعيد تسميتها بـ "الفيلق الأفريقي"، عندما نشطت في مالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.
وكشف تحقيق لشبكة "سي إن إن" عن تغير في حركة الدعم الروسي لحلفائها في أفريقيا، فبدلا من انطلاق الطائرات من سوريا، تنطلق الآن من ليبيا إلى باماكو، عاصمة مالي.
وإلى جانب قاعدة معطن السارة، نقلت روسيا معداتها إلى القاعدة الليبية، الخادم في شرق بنغازي وكذا الجفرة والتي كانت نقطة تمركز سابقة لمجموعة "فاغنر"، حيث أصبحتا مركز عمليات روسية في أفريقيا.
وبحسب المجلة، فإن البحرية الروسية تبحث عن ميناء تحت سيطرة حفتر. وذكرت وسائل إعلام سورية في أواخر كانون الثاني/يناير أن عقد إيجار روسيا لميناء طرطوس السوري لمدة 49 عاما قد تم إلغاؤه.
وقالت الاستخبارات العسكرية البريطانية، في بيان، نشر على موقع "إكس" الشهر الماضي، إن "قدرة روسيا على تقديم الدعم اللوجستي لكل من جيشها والمتعهدين العسكريين الخاصين في إفريقيا، إلى جانب الحد من الضرر على سمعتها والناجم عن سقوط نظام الأسد، ستكون بالتأكيد من أولويات الحكومة الروسية".
ويشير المحللون إلى أن قاعدة بحرية روسية بديلة قد تتشكل أيضا في ميناء طبرق بشرق ليبيا، وهو ما من شأنه أن يسمح لموسكو بالاحتفاظ بقدراتها في غرب إفريقيا مع توفير مركز استراتيجي ضد حلف الناتو على البحر الأبيض المتوسط.
وفي نهاية المطاف، فإن هذه القواعد الروسية الاستراتيجية في شرق ليبيا ستمنح حفتر المزيد من القوة في المفاوضات التي تشرف عليها الأمم المتحدة بشأن مستقبل ليبيا، مما قد يؤدي تأجيل الانتخابات الوطنية.