رفض الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بشكل مفاجئ خطة سابقة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لمنع إغلاق الحكومة، وطلب إعادة التفاوض بشأنها، في حين حذر البيت الأبيض من أن الإغلاق الحكومي سيؤدي إلى اضطراب في سائر أنحاء البلاد.

وكان الكونغرس قد توصل إلى اتفاق بشأن الميزانية يتيح تمويل الحكومة الفدرالية حتى منتصف مارس/آذار المقبل، وبالتالي تجنّب حدوث "إغلاق" حكومي قبيل عطلة نهاية العام.

ويحدث الإغلاق الحكومي إذا تعطلت خطة الموافقة على الموازنة وفشل مجلسا الشيوخ والنواب في إقرار كافة بنودها، وهو ما يحدث نتيجة فجوة في التمويل الحكومي، ويعني أي إغلاق للحكومة الأميركية شللا في الإدارات الفدرالية غير الضرورية، حيث تتوقف جميع الخدمات التي تقدمها تلك الإدارات ما عدا الخدمات الحيوية.

وقال ترامب في بيان مشترك مع نائبه جاي دي فانس "يتعيّن على الجمهوريين أن يكونوا أذكياء وصارمين. إذا هدّد الديمقراطيون بإغلاق الحكومة ما لم نمنحهم كل ما يريدون، فاعلموا أنهم مخادعون".

وأشار ترامب إلى أن التنازلات المقدمة للديمقراطيين في مشروع القانون تنطوي على "خيانة لبلدنا"، وقدم في المقابل اقتراحا غير واقعي تقريبا يجمع بين استمرار بعض الأموال الحكومية إلى جانب بند أكثر إثارة للجدل لرفع حد ديون البلاد، وهو أمر يرفضه حزبه بشكل روتيني.

إعلان

وطلب من رئيس مجلس النواب مايك جونسون والجمهوريين إعادة التفاوض بشكل أساسي قبل أيام من الموعد النهائي لنفاد التمويل الاتحادي، الأمر الذي شجبه الديمقراطيون.

وأدى دخول ترامب المفاجئ في النقاش والمطالب الجديدة إلى تصاعد حدة التوتر في الكونغرس في الوقت الذي يحاول فيه المشرعون إنهاء أعمالهم والتوجه إلى منازلهم لقضاء العطلات، مما يجعل جونسون يسارع من أجل وضع خطة جديدة قبل الموعد النهائي غدا الجمعة لتجنب الإغلاق.

ومن جهته، سارع البيت الأبيض إلى التنديد بموقف ترامب، متّهما المعارضة الجمهورية بممارسة "ألاعيب سياسية"، ومحذّرا من حصول "اضطراب في سائر أنحاء البلاد" إذا حدث الشلل الحكومي.

وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارين جان بيار في بيان "يجب على الجمهوريين التوقف عن ممارسة ألاعيب سياسية بهذا الاتّفاق الذي تمّ التوصل إليه بين الحزبين، وإلا فإنهم سيؤذون الأميركيين المجتهدين في العمل وسيتسبّبون بعدم استقرار في سائر أنحاء البلاد".

وقبل موقف ترامب كان متوقعا أن يُقرّ نص اتفاق التمويل الحكومي في مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون قبل إحالته على مجلس الشيوخ لإقراره ومن ثم إلى الرئيس جو بايدن لتوقيعه ونشره قانونا ساريا.

ويوفّر الاتفاق أكثر من 100 مليار دولار من المساعدات للوقاية من الكوارث الطبيعية ومعالجة آثارها، اقترحها الرئيس جو بايدن، و10 مليارات دولار من المساعدات للمزارعين الأميركيين.

والوقت ينفد لأنّ أمام الكونغرس مهلة تنتهي منتصف ليلة الجمعة لاعتماد إجراء تمويل مؤقت للخدمات العامة الفدرالية، وإلا فإن الولايات المتحدة ستواجه "إغلاقا" جديدا.

ويحيل "الإغلاق" مئات الآلاف من موظفي الدولة على البطالة الفنية، ويؤدي إلى تجميد العديد من المساعدات الاجتماعية وإغلاق بعض دور الحضانة، وهذا الوضع غير مرغوب فيه للغاية في الولايات المتحدة، خصوصا مع اقتراب موسم العطل.

إعلان

وتمويل الإدارات الفدرالية موضوع نزاع متكرر في الولايات المتحدة، وتدور بشأنه خلافات حتى داخل المعسكر الجمهوري بين المحافظين المعتدلين وأنصار ترامب الداعين إلى تقليص كبير في الإنفاق الفدرالي.

وسيستعيد الجمهوريون الغالبية في مجلس الشيوخ في أوائل يناير/كانون الثاني المقبل، في حين يعود ترامب إلى البيت الأبيض في الـ20 من الشهر ذاته، وسيعمل الجمهوريين حينها على ميزانية جديدة تؤمن تمويل برنامج ترامب، خصوصا فيما يتصل بترحيل المهاجرين وزيادة استخراج النفط وخفض الضرائب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

نبوءة تتحقق.. كيف عاد ترامب للبيت الأبيض أقوى مما كان؟

في اليوم السابق لمغادرته البيت الأبيض في عام 2021، تعهد دونالد ترامب بأن يظل قوة يُحسب لها حسابها في المشهد السياسي الأميركي وقال في مقطع فيديو لتوديع أنصاره "الحركة التي بدأناها ليست إلا بداية". وما بدا حينها وعودا وهمية يبدو الآن نبوءة تتحقق.

ترك ترامب المنصب وهو مهزوم ومعزول وممنوع من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومرفوض من زملائه الجمهوريين الذين كانوا يعملون في إدارته. وكان الكونغرس، الذي هزه هجوم من أنصار ترامب على مقره في السادس من يناير كانون/ الثاني 2021، يستعد لمساءلة ثانية لعزله.

يعود ترامب (78 عاما) إلى الرئاسة يوم الاثنين المقبل أقوى من ذي قبل، ويواجه عددا أقل من العراقيل في طريق مساعيه إلى تنفيذ سياسات تطيح بالأعراف والمعايير وتقلب واشنطن رأسا على عقب وتزعزع استقرار العالم.

والآن يعود إمبراطور العقارات السابق، الذي كان أول منصب يتولاه بالانتخاب هو رئاسة الولايات المتحدة، للبيت الأبيض باعتباره الشخصية السياسية المحورية في أوائل القرن الحادي والعشرين.

وقال جوليان زاليزر أستاذ التاريخ بجامعة برينستون "لا يبدو وكأنه كان منبوذا في يوم ما. باتت سياسات الجمهوريين التي يتبناها سائدة أكثر من أي وقت مضى".

إعلان

وعلى عكس ولايته الأولى التي بدأت في عام 2017، يعود ترامب بنصر انتخابي واضح بعد فوزه بأصوات المجمع الانتخابي وفي التصويت الشعبي.

واستبدل ترامب المعاونين الذين سعوا في ولايته السابقة إلى كبح جموحه، بمساعدين يدينون له بالولاء ويتوقون لإخضاع واشنطن لإرادته، ودفع المتشككين في سياساته من الحزب الجمهوري إلى الانسحاب، وتمسك بحلفاء حريصين على دفع مقترحاته عبر الكونغرس. وقضت محكمة عليا مؤيدة له، ثلثها مُعين من قبل ترامب، بالفعل بأنه سيكون لديه سلطة تقديرية واسعة للقيام بما يريد.

عمالقة التكنولوجيا وترامب

ويتنافس عمالقة وادي السيليكون، الذين حافظوا على مسافة منه فيما مضى، على خطب وده الآن. وتطوع أغنى شخص في العالم، وهو إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، لمساعدة ترامب في إصلاح الحكومة.

وسيحضر مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة ميتا وجيف بيزوس مؤسس أمازون حضورا بارزا في حفل التنصيب.

ويمكن أن يعول ترامب، نجم تلفزيون الواقع السابق، أيضا على شبكة من مقدمي البرامج التي تبث على الإنترنت (بودكاست) والمؤثرين المؤيدين له في إبراز رسالته، في الوقت الذي تعاني فيه وسائل الإعلام التقليدية من تراجع عدد المشاهدين.

وحظيت مقابلته مع أشهر مقدمي برامج البودكاست الأميركيين جو روغان على يوتيوب في أكتوبر/تشرين الأول بحوالي 54 مليون مشاهدة، وهو ما يقترب من 67 مليونا شاهدوا مناظرته التلفزيونية مع منافسته الديمقراطية في انتخابات الرئاسة كامالا هاريس.

ويرث ترامب اقتصادا قويا وحدودا جنوبية هادئة مع انخفاض حالات اعتقال المهاجرين في ديسمبر/كانون الأول مقارنة بما كانت عليه عندما ترك منصبه.

ومع ذلك، قال إنه يخطط لفرض تعريفات جمركية باهظة على الشركاء التجاريين وترحيل ملايين المهاجرين الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، وهي سياسات قد تؤدي إلى زيادة التضخم وتضغط على أسعار الأسهم التي يتابعها ترامب عن كثب.

إعلان

وقد تفرض سوق السندات قيودا محتملة على طموحاته حال شعور المستثمرين بالفزع، إذا زاد حجم الديون الأميركية، البالغة 36 تريليون دولار، بشكل كبير أو تعثر الكونغرس في رفع سقف الاقتراض. وقد تتفاعل الأسواق أيضا بشكل سلبي إذا لم ينفذ وعده بخفض الضرائب وتقليص الإنفاق الحكومي.

رجل من فلوريدا

عندما أطلق ترامب حملته الثالثة على التوالي للترشح لانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة عن الحزب الجمهوري من مزرعته في ولاية فلوريدا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، كانت فرصته في الفوز ضعيفة بعد خسارة العديد من مرشحيه المفضلين في انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس الأميركي ووسط عدة قضايا جنائية ومدنية تلاحقه.

واجتذب منافسوه في الترشح للانتخابات الرئاسية عن الحزب الجمهوري -ومن بينهم حاكم فلوريدا رون دي سانتيس– تأييد أعضاء الحزب الساعين إلى تجاوز عصر ترامب.

وتعليقا على إطلاق حملته الانتخابية نشرت صحيفة "نيويورك بوست" تغطية ساخرة بعنوان "رجل من فلوريدا يصدر إعلانا"، في إشارة إلى سخرية واسعة طالت ترامب بعد أنباء عن تغييره مقر إقامته إلى ولاية فلوريدا وشبّهته بشخصية في مسلسل تلفزيوني يدعى "رجل من فلوريدا".

لكن الناخبين الجمهوريين التفّوا حول ترامب بعد اتهامه في قضية جنائية في مارس/آذار 2023 بالتستر على دفع أموال لشراء صمت نجمة أفلام إباحية، ثم تدفقت التبرعات إلى حملته وحصل بسهولة على ترشيح الحزب الجمهوري.

ولعبت الأحداث اللاحقة لصالحه وسط سخط من الناخبين الأميركيين عموما تجاه استجابة الرئيس المنتمي إلى الحزب الديمقراطي جو بايدن لارتفاع الأسعار والهجرة غير النظامية. وانسحب بايدن من انتخابات الرئاسة في يوليو/تموز بعد أداء كارثي في مناظرة أمام ترامب، مما منح كامالا هاريس القليل من الوقت لتقديم برنامجها الانتخابي للأميركيين.

إعلان حملة مضادة

وتمكن ترامب من توظيف الملاحقات القانونية لصالحه واصفا إياها بحملة اضطهاد سياسي، ليشن حملة مضادة دفعت المدعين الاتحاديين في نهاية المطاف إلى إسقاط قضيتين من بينهما قضية تدخل في الانتخابات.

وفي واقعة كانت فيديوهاتها وصورها من بين الأبرز خلال العام الماضي أصيب ترامب في محاولة اغتيال في يوليو/تموز قبل أن يرفع قبضته ويردد بصوت عال "قاتلوا.. قاتلوا.. قاتلوا".

وساهم في فوزه بمنصب الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تفوقه في دوائر انتخابية وبين فئات تميل عادة للديمقراطيين، ومن بينها الشباب والأميركيون من أصل لاتيني. وتجاهل الناخبون إدانته في قضايا جنائية كما تجاهلوا تحذير الديمقراطيين من أن ترامب الذي رفض الاعتراف بهزيمته في انتخابات 2020 يشكل تهديدا للديمقراطية.

وهدد ترامب بترحيل المهاجرين غير النظاميين ولوح بالاستعانة بوزارة العدل في مواجهة خصومه السياسيين، كما أشار إلى إمكانية رفض صرف أموال يخصصها الكونغرس لأوجه إنفاق معينة، الأمر الذي قد يؤدي إلى نزاع دستوري.

وتبنى الرئيس المنتخب أجندة توسع إقليمي، تشمل شراء جزيرة غرينلاند من الدانمارك والسيطرة على قناة بنما، مما يشير إلى احتمال أن تشوب ولايته الثانية في البيت الأبيض اضطرابات مثل فترته الأولى.

أعاد ترامب تشكيل المشهد السياسي في واشنطن بالفعل حتى قبل أن يتولى مهامه رسميا في 20 يناير/كانون الثاني، إذ أصبح الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء يتبنون نهجه العدواني إزاء الصين، وموقفه المتشكك في اتفاقيات التجارة الحرة.

وأصبح خفض مخصصات برامج الرعاية الصحية والمعاشات غير مطروح بعد أن كان في السابق من البنود الأساسية في مقترحات الجمهوريين للميزانية. وأبقى بايدن العديد من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب كما هي، وعمل على تقليل اعتماد الولايات المتحدة على أشباه الموصلات المصنوعة في الخارج.

إعلان

وبعد أن كان دخيلا على الوسط السياسي في الولايات المتحدة، أصبح ترامب يرسم مسار السياسة الأميركية.

وقال ماثيو كونتينتي الباحث في معهد أميريكان إنتربرايز، وهو مركز بحثي محافظ "من الواضح أننا في عصر ترامب منذ 2015.. الأمر لم ينته بعد".

مقالات مشابهة

  • ترامب يرجح فكرة منح تيك توك مهلة 90 يوما لتجنب الحظر الأمريكي
  • العالم ينتظر عودة ترامب لرئاسة الولايات المتحدة والبيت الأبيض يعلن تغيير مكان حفل التنصيب
  • ترامب يقول إنه “على الأرجح” سيمنح تيك توك تمديدًا لتجنب الحظر
  • إيكونوميست: ما الذي يخطط له ترامب بعد اتفاق غزة؟
  • فايننشال تايمز: مرشح ترامب لوزارة الخزانة يحذر من "كارثة اقتصادية" ما لم تُخفّض الضرائب
  • أميركا.. إجراءات استثنائية لتجنب التخلف عن سداد الديون
  • نبوءة تتحقق.. كيف عاد ترامب للبيت الأبيض أقوى مما كان؟
  • مصيره بيد إدارة ترامب.. البيت الأبيض يعلّق على حظر تيك توك
  • كاتب أمريكي يحذر من تكرار سيناريو العراق في سوريا.. دعا للتريث بالانتخابات
  • الأبيض ووزير خارجية إسبانيا في جولة تفقدية في مستشفى بعبدا الحكومي