سودانايل:
2025-02-22@03:28:20 GMT

ديسمبر المتفردة واحتيال العسكر

تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT

إننا لا نطالب بالديمقراطية من أجل الحصول على حكومة لا تخطئ يديرها عباقرة بأخلاق ملائكة! بل نطالب بها لأنها أكثر الأنظمة السياسية التي تجعل الحكومة تحت الرقابة والمساءلة الشعبية الأمر الذي يعظم فرص التصويب وصولاً إلى عزل الحكومة الفاشلة وإبدالها بأخرى وفق تدابير دستورية وقانونية! وهناك فرصة لعدم تجديد التفويض الانتخابي للحزب أو الأحزاب التي أتت بحكومات فاشلة.



وبالتالي من الغريب جداً بل المضحك أن يأتي أحدهم ويقول لك أيام الديمقراطية كانت هناك “صفوف خبز وبنزين ومافي سكر عشان كدا أحسن لينا العساكر”!

وجود الحرية يتيح لك الاحتجاج والتظاهر وتبديل الحكومة الفاشلة!

لكن في ظل حكومة العسكر توجد صفوف الخبز والبنزين وكل أنواع الأزمات التي هي في الأساس “حصاد الأنظمة العسكرية وتركتها التي ترثها الأنظمة الديمقراطية” ومن يحتج بكلمة أو مظاهرة يطلق عليه الرصاص أو يسجن! أفق التغيير والتصويب والمساءلة مسدود تماماً بالدبابة والبندقية والسجون!

صفوف الخبز والبنزين وانعدام السكر دليل على خيبة العسكر الذين حكمت أنظمتهم السودان وتحكمت في موارد البلاد 54 عاماً من عمر الاستقلال!

لو الحكم العسكري ناجح على الأقل كان النصف قرن مدة كافية جداً لتوفير ضرورات الحياة وكان الشعب السوداني طوى صفحة الخبز والسكر وانتقل إلى مستوى أعلى من الصراع.

بعد ثورة ديسمبر تجاوز الوعي الشعبي فكرة الاستنجاد بالعسكر لحل أزمات الحكم، انقلاب 25 اكتوبر 2021 خرجت التظاهرات الضخمة ضده قبل أن ينفذ أي في 21 اكتوبر، وعندما كانت الحكومة الانتقالية مخنوقة بالأزمات تظاهر المواطنون من أجل تطوير الأداء وإنجاح مسار الانتقال المدني وليس من أجل إسقاط الحكومة رغم مثابرة غواصات الفلول على فرض هذا التوجه على قوى الثورة، لذلك لم يجد العسكر الطامعون في السلطة سوى تصنيع حاضنة “توم هجوية” توجوها بما يسمى اعتصام القصر (اعتصام الموز) ونفذوا انقلابهم الذي ولد ميتاً وقابله الشارع بالمقاومة التي ارتقى خلالها 120 شهيداً ومئات الجرحى!

ديسمبر استعصت على الاستسلام للانقلاب العسكري وقاومته.

أشعل الكيزان حرب الخامس عشر من ابريل 2023 لهدف واحد هو طي صفحة الثورة نهائياً واستئناف “الإنقاذ” مجدداً بواسطة الجيش وكتائب الظل والأجهزة الأمنية بعد ضربة قاضية للد.عم السريع تخرجه من الميدان العسكري نهائياً أو على الأقل تعيده إلى بيت الطاعة كخفير لنظام الكيزان!

رغم أن الحرب لم تحقق المخطط له في سويعات أو أسابيع، إلا أن أبواق العسكر تحاول جاهدة أن تجعل من الحرب رافعة سياسية للحكم العسكري مجدداً عبر ما نشهده من تزييف للحقائق وتضليل واستماتة في تحميل وزر هذه الحرب للقوى المدنية وأحياناً للثورة في حد ذاتها!

ما يحدث في الساحة الإعلامية انحدر من خانة التضليل إلى درك “التعهير” بدون أدنى مبالغة!!

تزوير في حقائق نعايشها لحظة بلحظة ونراها بام أعيننا!

من يخوضون الحرب من الكيزان والعسكر على أجساد الأبرياء يسرقون لسان الشعب السوداني وبمنتهى البجاحة ينطقونه بسرديتهم وبأقوالهم هم!

يزعمون أن الشعب بعد هذه الحرب كفر بالأحزاب السياسية وبات ينضح بالكراهية والغضب تجاه قحت وتقدم ويتوعد قياداتها ومناصريها بالضرب والطرد من الوطن أو الشنق في ميادين عامة! وكأنما هذه الحرب أشعلتها الأحزاب! وفي ذات الوقت يسبح الشعب بحمد العسكر الذين سرقوا الشعب عندما كانوا متفقين وقتلوا الشعب عندما اختلفوا في قسمة المسروقات فتقاتلوا بالأسلحة الثقيلة وسط النساء والأطفال والعجزة! لا تستطيع أن تحصي عدد التاتشرات والعربات العسكرية ولكن يستحيل أن تقع عينك على سيارة اسعاف واحدة تنقذ الجرحى أو سيارات دفاع مدني تنتشل الناس من تحت الأنقاض!

يزعمون أن الشعب في هذه الحرب أعمى فاقد للبصر والبصيرة فلا يرى الكيزان ومليشياتهم وأجهزتهم الأمنية وهم يخوضون الحرب وبأجهزتهم الإعلامية يؤججون نيرانها، فيبحث عن أسباب الحرب وسط القوى المدنية التي لا تحمل عكازاً ولا عصا!

أما الغضب من انتهاكات الد.عم السريع فيجب أن لا يتوجه إلى من صنعوه وسلحوه وجعلوا منه جيشاً موازياً للجيش ورفض برلمانهم المأفون منح وزير الدفاع الحق في تعيين قيادته ويجب أن لا يتوجه إلى الجيش الذي شارك الدعم السريع في انتهاكات أفظع من انتهاكات الحرب الحالية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وحتى في هذه الحرب بل يجب أن يتوجه الغضب الحارق إلى القوى المدنية ليس لأنها لم تدن انتهاكات الدعم السريع بل لأنها أدانت انتهاكات الجيش مثلما أدانت انتهاكات الد.عم السريع، ولكن المطلوب كيزانياً من القوى المدنية ليس فقط أن تكتفي بإدانة الدعم السريع وتتستر على انتهاكات الجيش بل المطلوب منها أن تتماهي مع سردية أن الد.عم السريع شيطان رجيم هبط على سماء السودان صبيحة الخامس عشر من ابريل 2023 فتصدى له جيش من الملائكة!

هذا “التعهير الإعلامي” هو نتاج سلسلة من العمليات المنهجية للتلاعب بالعقول والغرس المستمر للأكاذيب، والتعاقد مع شركات متخصصة في التلاعب بخوارزميات السوشيال ميديا وصناعة الحسابات الوهمية (جيوش المنقبين) ودفع ملايين الدولارات لها لصناعة الزيف وتصوير الرأي العام السوداني كنصير للعسكر وكمؤيد ومحب للحرب وكاره للسلام ورافض للقوى المدنية الداعية للسلام والديمقراطية.

الزمن كفيل بتعرية كل الأكاذيب، ومهما يكن من أمر فان الحق أبلج والباطل لجلج.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

تأجيل توقيع ميثاق الحكومة الموالية لـ«الدعم السريع» إلى الجمعة بحضور شقيق «حميدتي» والحلو… واتفاق على تكوين حكومة «تأسيسية» وإعلانها من داخل السودان

بدأت بالعاصمة الكينية نيروبي، أمس الثلاثاء، أعمال توقيع وثيقة الإعلان السياسي والدستور المؤقت للحكومة الموازية المزمع إقامتها على الأراضي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في السودان، وسط حضور كبير من قوى سياسية وحركات مسلحة، وقوى مدنية بعضها منشقة عن «تحالف القوى المدنية الديمقراطية» (تقدم)، أبرزها حزب الأمة القومي بقيادة فضل الله برمة، بالإضافة لممثلين عن «الدعم السريع».

وأدت المشاركة المفاجئة لرئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال»، عبد العزيز آدم الحلو، لتأجيل مراسم توقيع وثيقة الإعلان السياسي المؤسس للحكومة الموالية لـ«قوات الدعم السريع» إلى يوم الجمعة المقبل، لإتاحة الفرصة لمزيد من المشاورات بشأن الدستور المؤقت بين الأطراف الداعمة لهذه الخطوة.



وستستمر الجلسات التشاورية يومياً إلى حين موعد التوقيع على الوثيقة، في 21 فبراير (شباط) الجاري بنيروبي. وتم إطلاق اسم «حكومة الوحدة والسلام» على الحكومة الجديدة الموازية للحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة لها برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان. وسيتم تشكيلها بعد أيام قليلة من توقيع الوثيقة.

وجلس على المنصة الرئيسية كل من رئيس حزب «الأمة» فضل الله برمة ناصر، والقائد الثاني لـ«قوات الدعم السريع» عبد الرحيم حمدان دقلو، وعبد العزيز آدم الحلو، وعضوي مجلس السيادة السابقين الهادي إدريس والطاهر حجر، وإبراهيم الميرغني ممثل «الحزب الاتحادي الديمقراطي -الأصل»، وعدد آخر من الشخصيات.

وأعلن رئيس اللجنة الفنية إبراهيم الميرغني في كلمة افتتاحية، التوافق على تشكيل حكومة «تأسيسية» مؤقتة يتم إعلانها من داخل الإعلان، وذلك بعد توقيع الوثيقة السياسية والدستور الانتقالي، وقال إن «الحرب العبثية المدمرة، التي شنها أنصار النظام المباد، أفرزت أكبر تحديات السودان، وواقعا مريرا على مواطنيه».

وأضاف أن «الحرب فتحت الباب للحركات الجهادية المتطرفة، لتشارك في قصف ممنهج لدمار السودان، بإجراءاتها الوحشية التي لم يسلم منها الأطفال والنساء والمرضى، ونزوح ولجوء أكثر من 15 مليون مواطن، وحرمت قطاعا واسعا من المواطنين من حقهم في التعليم والخدمات الضرورية».

وأكد الميرغني عزمهم على أن يكون الاتفاق المزمع توقيعه طريقاً إلى سودان موحد، وأن يتم بموجبه تأسيس حكومة متوافق عليها من الشركاء ليتم إعلانها من داخل السودان، دون أن يحدد ميعاداً أو مكاناً لتشكيل هذه الحكومة. ولقيت مشاركة قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان عبد العزيز آدم الحلو في أعمال الاجتماعات وجلوسه إلى جانب القائد الثاني لـ«قوات الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو ترحيبا كبيرا من الحضور وفريق الحكومة المزمعة.

بدوره، قال الحلو إن الهدف من مشاركته هو «بناء جبهة مدنية عريضة تضغط من أجل تحقيق السلام والتحول المدني الديمقراطي»، وأعاد توصيف الصراع في السودان من كونه صراعاً بين الجنرالين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو على السلطة، إلى «امتداد للصراع بين المركز الذي يملك كل شيء والهامش الذي لا يملك شيئا»، وقال: «جئنا لهذه الفعالية للبحث عن حل لمشاكل السودان، ورحلة للبحث عن السلام المستدام في البلاد».

ويقود عبد العزيز آدم الحلو الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تتخذ من كاودا بجبال النوبة بولاية جنوب كردفان منطقة «محررة»، ويحكمها بعيدا عن الحكومة المركزية في الخرطوم منذ 2011، وظل طوال تلك الفترة يخوض قتالا مع الجيش السوداني في جنوب كردفان وجزء من ولاية النيل الأزرق.

وتتكون الحركة الشعبية من مواطنين سودانيين اختاروا الوقوف إلى جانب دولة جنوب السودان أثناء الحرب الأهلية بقيادة زعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق دمبيور، وبعد انفصال جنوب السودان 2011 وفقا لاتفاقية السلام الشامل، التي منحت جبال النوبة والنيل ما عرفت بـ«المشورة الشعبية»، سرعان ما اندلعت الحرب، وانفرد فصيل الحركة الشعبية، الذي يقوده الحلو، بمنطقة كاودا الجبلية الحصينة، وأنشأ إدارة مدنية مستقلة ظلت تحكم المنطقة.

ودعا الحلو السودانيين إلى دعم ما سماه «هذا المشروع الجديد»، ضد سلطة الجيش في بورتسودان، وتابع: «هذه الفعالية مهمة لوضع نهاية للحروب والكراهية في السودان، وتسعى للوصول لعقد اجتماعي جديد يشكل الأساس الدستوري لكيفية حكم السودان، والاعتراف بتنوعه الثقافي والعرقي والديني».

وتعد مخاطبة الحلو لأعمال مؤتمر حكومة السلام، هي الأولى للرجل منذ مدة عدة سنوات، رغم أنه خاض مفاوضات متعددة مع قوى سياسية وعسكرية للوصول لاتفاق سلام، وما يلفت النظر مخاطبته للقائد الثاني لـ«قوات الدعم السريع» عبد الرحيم دقلو، ورئيس حزب الأمة فضل بـ«الرفاق»، وهو ما يوصف به من يحملون السلاح ويقاتلون ضد خصم مشترك، لا سيما أن القتال بين الحركة الشعبية والجيش قد تجدد قبل عدة أيام حول حاضرة ولاية جنوب كردفان مدينة كادوقلي.

من جهته، قال رئيس حزب الأمة (أحد أكبر الأحزاب السودانية)، فضل برمة ناصر في كلمته، إن تأجيل توقيع الإعلان السياسي بين القوى الداعمة لتشكيل حكومة موازية، إلى يوم 21 فبراير (الجمعة المقبل)، جاء استجابة لرغبة «الرفيق عبد العزيز الحلو ورفاقه»، لمنحهم وقتا كافيا لينضموا ويسهموا في إخراج السودان من عالم قديم إلى عالم جديد.

نيروبي: الشرق الأوسط: أحمد يونس ومحمد أمين ياسين  

مقالات مشابهة

  • جائحة مؤامرونا التي تجتاح السودانيين
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين تحمل الحكومة مسئولية أي انتهاكات للاتفاق مع حماس
  • حُكم العسكر
  • عاجل .. تأجيل التوقيع على ميثاق الحكومة الموازية بين الدعم السريع والمتحالفين معها في نيروبي
  • الدعم السريع: الحكومة الجديدة تهدف لتحقيق السلام والوحدة
  • محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع
  • ضغط على القضاء لاطلاق شبكة نصب واحتيال
  • ما وراء انقسامات التنظيمات التي تحالفت مع الدعم السريع؟
  • الحكومة السودانية ينتقد كينيا لتوفير منصة لقوات الدعم السريع لإعلان حكومة منها  
  • تأجيل توقيع ميثاق الحكومة الموالية لـ«الدعم السريع» إلى الجمعة بحضور شقيق «حميدتي» والحلو… واتفاق على تكوين حكومة «تأسيسية» وإعلانها من داخل السودان