مع اقتراب عيدي الميلاد ورأس السنة، عادت الحركة إلى الأسواق ولبست المناطق حلة العيد على الرغم من الظروف القاسية التي مرّ بها لبنان في الأشهر القليلة الماضية، ومع سريان اتفاق وقف إطلاق النار وعلى الرغم من الخروقات اليومية التي تقوم بها إسرائيل، بدأ اللبنانيون يشعرون بفرحة الأعياد على بُعد مسافة أيام من الاحتفال بولادة الطفل يسوع.


 
وكما كل عام تستعد القطاعات السياحية لاسيما المطاعم والفنادق وأماكن السهر لهذا الموسم المُنتظر، وكانت تعوّل على قدوم المغتربين اللبنانيين ولكن بفعل غلاء تذاكر السفر وعدم استئناف كافة شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى بيروت، فان عددا قليلا من اللبنانيين الذين يقيمون في الخليج وافريقيا يستعد للعودة إلى لبنان لقضاء موسم الأعياد مع الأهل.
 
ومن بين القطاعات السياحية التي تعوّل على موسم الأعياد القطاع المطعمي والذي يُعتبر أكبر قطاع مستثمر في لبنان والذي تلقى خلال عام 2024 ضربة كبيرة بسبب الحرب، فما هي التحضيرات والاستعدادت التي يقوم بها بمناسبة اقتراب موسم الأعياد؟
 
يقول نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم المقاهي الملاهي والباتيسري خالد نزهة عبر "لبنان 24" ان "عيد الميلاد هو عيد عائلي بامتياز ولديه نكهة خاصة عند معظم اللبنانيين ولكن التوقعات تُشير إلى ان هذا العام سيكون متواضعا من حيث الحركة الاقتصادية والسياحية لأن اتفاق وقف إطلاق النار تمّ قبل فترة قصيرة وخروقات العدو الإسرائيلي مستمرة حتى الآن، كما ان اللبنانيين خرجوا حديثا من تداعيات الحرب القاسية لاسيما في المناطق التي تعرّضت لدمار هائل واعتداءات عنيفة مثل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية".
 
وأضاف: "نتمنى ان تشكّل هذه الأعياد بارقة أمل للبنانيين بعد كل ما مروا به في الآونة الأخيرة، وكنا نتمنى مجيئ العدد الكبير من المغتربين للاحتفال بالأعياد في بلدهم ولكن اللبناني خاصة المُقيم في الدول العربية يحجز تذاكر السفر قبل شهرين من أعياد نهاية السنة ونحن اليوم على أبواب العيد وهناك الكثير من اللبنانيين اختاروا ان يمضوا الأعياد في الدول التي يقيمون فيها أو السفر إلى وجهات أخرى".
 
ولفت نزهة إلى ان "ثمة شركات طيران لم تعد برمجة رحلاتها بعد إلى لبنان وهذا الأمر أثّر أيضا سلبا على الحركة السياحية، موضحا ان أسعار تذاكر السفر مُرتفعة جدا في هذا الوقت نظرا للطلب الكبير والعرض القليل بسبب عدم عودة كافة شركات الطيران إلى مطار بيروت".
 
وأكد نزهة ان "المطاعم تستعد للأعياد والتحضيرات على قدم وساق وستكون هذه الفترة مميزة وأصحاب المؤسسات ينتظرون هذه الفرصة وسيقدمون أفضل ما عندهم وهم يأملون بإعادة الفرح والبهجة إلى قلوب اللبنانيين بعد الحرب القاسية".
 
وشدد نزهة على ان "نقابة المطاعم تواكب الوضع مع كافة أصحاب المؤسسات لتقديم نموذج رائع ولبث الفرحة في قلوب اللبنانيين على امل ان تكون الأيام المُقبلة أكثر إشراقا للبنان".
 
ونوّه بالدور الكبير الذي لعبه أصحاب المطاعم وأماكن السهر خلال الحرب، مؤكدا انهم أبطال حقيقيون لعبوا دورا كبيرا في تضميد جراح النازحين حيث قدم العديد من المطاعم مبادرات ومساعدات للنازحين كما تحولت بعض أماكن السهر لمراكز إيواء، وثمة الكثير ممن يعملون في القطاع خسروا منازلهم أو افرادا من عائلاتهم واستمروا في عملهم على الرغم من الظروف القاسية".
 
ولفت إلى ان "النقابة تتطلع إلى لبنان جديد يعتمد على السياحة المُستدامة وليس "عالقطعة"، وعُقد اجتماع كبير بعد توقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وتمّ البحث بمتطلبات المرحلة الراهنة والإجراءات المطلوبة سياحيا لإعادة لبنان على الخارطة السياحية ووضع خطة للتعافي والنهوض بالقطاع"، مؤكدا ان "تداعيات الحرب كانت كبيرة جدا وقاسية على هذا القطاع وألحقت أضرارا كبيرة بالمؤسسات على مساحة الوطن وهّجرت قسما كبيرا من العاملين فيه".
 
وأشار نزهة إلى انه خلال الاجتماع الأخير للمؤسسات السياحية تمت مناقشة أهمية ان يكون هناك مطار ثان في لبنان لدعم "سياحة المجموعات" او رحلات التشارتر إضافة إلى الاعتماد والاستفادة من الموانئ الموجودة في لبنان".
 
وأضاف: "من خلال سياحة المجموعات يأتي آلاف السياح على متن رحلات بحرية من خلال البواخر الضخمة حيث يخرج الركاب للسياحة في البلد الذي يتوقفون فيه ويحركون العجلة السياحية ومن الضروري العمل على تحقيق هذا الأمر، فنحن نفتقر إلى السياحة البحرية على الرغم من وجود شؤاطئ رائعة في لبنان".
 
وشدد  نزهة على ان "قيام المؤسسات ينعكس إيجابا على الاقتصاد ولا يمكن التحدث عن انتعاش وازدهار حقيقيين الا بعد تحقيق الإصلاح والانتظام السياسي من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة لأن السياحة تطلب استقرارا أمنيا وسياسيا واقتصاديا والبدء بإصلاحات وتحسين البنى التحتية لاسيما الطرقات ووسائل النقل".
 
ويؤكد نزهة ان "لدى لبنان العديد من المقومات من بينها السياحة الدينية والبيئية والتعليمية والاستشفائية وسياحة المؤتمرات والأعراس والمهرجانات وعروض الأزياء والسياحة التجميلية"، مشيرا إلى انه "لطالما كان لبنان قبل الحرب قُبلة العرب، ويجب ان يعود محطة لكل أنواع هذه السياحات إضافة إلى العمل على استقطاب اللبنانيين المنتشرين في الخارج لبث الحياة مجددا إلى المؤسسات السياحية والمطعمية وإلى البلد ككل".
 
أما عن التحضيرات لحفلات رأس السنة، فلفت نزهة إلى ان "الفنانين اللبنانيين الكبار سيُحيون بمعظمهم حفلات رأس السنة خارج لبنان لأنهم وقعوا على هذه الحفلات قبل شهرين او ثلاثة اشهر من نهاية السنة والاعتداءات الإسرائيلية توقفت قبل أسابيع قليلة وبالتالي جميع الفنانين كانوا قد ارتبطوا بحفلات في الخارج"، مؤكدا ان "المطاعم وأماكن السهر تتحضر لتقديم الأفضل لزبائنها ليلة رأس السنة والأسعار ستكون متنوعة وتناسب كافة الميزانيات".
 
إذا على الرغم من كل الظروف القاسية التي عاشها اللبنانيون خلال عام 2024 فهم يستعدون لاستقبال الميلاد والسنة جديدة ولو من خلال احتفالات متواضعة داخل منازلهم لأنهم يحبون الحياة. عسى ان يحمل العام الجديد السلام والاستقرار والازدهار والطمأنينة للبنان واللبنانيين.


المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: على الرغم من رأس السنة فی لبنان من خلال إلى ان

إقرأ أيضاً:

جناح الأزهر بمعرض الكتاب يعرض الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة

يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ56 لزوَّاره كتاب "الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة.. دراسة تأصيلية"، إعداد: وحدة التأليف بمركز الإمام الأشعري بالأزهر الشريف.

يعتبر هذا الكتاب بمثابة التقعيد لما يليه من إنتاج علمي، فقد ركز على الجانب المنهجي من خلال الضوابط المتعلقة بالمعرفة والنظر؛ لتكون مقدمة لأي بحث كلامي، تم تناول الضوابط من خلال ذكر موجزها وشرحها والنماذج التطبيقية عليها، وذلك من خلال 8 ضوابط.

الضابط الأول: "المعرفة ممكنة عقلا واقعة فعلا"، فقد قرر أهل السنة أن حقائق الأشياء ثابتة ردا على المشككين من السوفسطائية، ومنكري الحقائق، والقائلين بنسبيَّتها بوجه عام، مع الوضع في الاعتبار أن الاختلاف في الرأي والتعدد في الاتجاهات يدخل تحت مظلة الثوابت، وفارق كبير بين القول بإمكان المعرفة عقلا، وما لا يقع في دائرة النظر العقلي كحقيقة ذات الله تعالى وصفاته عز وجل.

الضابط الثاني: "أسباب حصول المعرفة ثلاثة: العقل الصحيح، والحواس السليمة، والخبر الصادق"، فالعلم إما أن يكون حاصلا من خلال الإنسان نفسه، أو لا، فإن كان من نفسه فالحواس والعقل، وإن كان من غيرها فالخبر، فالحواس من طرق وآلات المعرفة التي تمد العقل بالمعلومات، وبها يتعرف على مظاهر الإبداع في الكون ووجوه الحكمة فيه، وكان القيد بكونها سليمة للرد على المشككين في أداء الحواس، والعقلُ أحد أسباب حصول المعرفة، وسيلةٌ صادقة إذا تمت على شروطها، والمعرفة العقلية الصحيحة هي أساس صحة الحس والخبر، ولدور العقل المهم جعل أهل السنة والجماعة المعرفة العقلية واجبة، وليس معنى ذلك أن فيه الغنية عن النقل، فلا غنى للعقل عن توجيه الشرع وإرشاده. ومن أسباب حصول المعرفة: الخبرُ الصادق؛ لأن النص هو أصل الدين، وهو الكفيل بتحصين العقائد عن شرود العقول ومراوغات الخصوم، من أجل ذلك كان قطعيُّ النقل مقدَّمًا في الاعتبار عند أهل السنة على ظنِّيِّ العقل.

الضابط الثالث: "شروط إفادة الأدلة لليقين"                                   
إذ الدليل إما أن يكون نقليًّا أو عقليا، فالنقلي يفيد اليقين إذا ثبت قطعا لفظه ومعناه وأنهما مرادان للشارع الحكيم، والعقليُّ يفيد اليقين إذا ترتَّبت أحكامه على قضايا يكون التصديق بها ضروريًّا أو مكتسبات تنتهي إلى تلك الضروريات.

الضابط الرابع: "لا تعارض بين العقل والنقل"،                             فبعد أن اتضحت شروط إفادة الدلائل لليقين، كان هذا الضابط الذي يبين أنه لا تعارض بين صريح النقل وصحيح العقل؛ لأن النقل والعقل كلاهما يصدران من مشكاة واحدة وهي نور الحق سبحانه، وقد جعلهما الله طرقًا من طرق الهداية لعباده.

الضابط الخامس: "الأدلة النقلية عقلية أيضًا في وقت واحد"، يهتم هذا الضابط ببيان أن النصوص الشرعية تحمل بداخلها دلائل عقلية، بحيث لو صيغت هذه الأدلة بطريقة عقلية مجردة لم تخرج عن المعنى المراد من النص؛ لذا فهي دلائل شرعية عقلية في نفس الوقت.

الضابط السادس: "وجوب معرفة الله تعالى"   فمعرفة الله تعالى من خلال النظر واجبة على كل مكلف بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أجمعت الأمة على ذلك.

الضابط السابع: "العالم آية على وجود خالقه"، وقد تناول الأشاعرة هذا الضابط بعبارات متعددة، مصدرين به مباحثهم في هذا العلم الشريف، مستخدمين مصطلحات الحدوث، والإمكان، ودلالة الأثر على المؤثر، وبناء عليه تنوعت الطرق في الاستدلال على وجود الله سبحانه تعالى، فبعد بيان تحقق العلم بوجود الأشياء انتقل الأشاعرة إلى إثبات حدوثها وحدوث العالم بإطلاق؛ لما يعتريه من تغير، أو ترجيح للوجود على العدم وهو ما يعرف بدليل الإمكان الذي استخدمه بعض أعلام المدرسة، ولا بد للعالم من محدث من خارجه وهو واجب الوجود سبحانه وتعالى.

الضابط الثامن: (صحة إيمان المقلد) فالمقلد الذي يأخذ بقول الغير من غير أن يعرف دليله، فلا يخرج من دائرة الإيمان، وهذا ما دل عليه أعلام المدرسة الأشعرية الذين يبتعدون عن التكفير ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، ولا ريب أن الخلاف في إيمان المقلد الجازم، وليس الظان أو الشاك فعدم صحة إيمانهما متفق عليها، والخلاف أيضًا بالنظر لأحكام الآخرة وفيما عند الله تعالى، أما بالنظر إلى أحكام الدنيا فيكفي الإقرار فقط ويجري عليه أحكام الإسلام في الدنيا.

وبهذه الضوابط المنهجية التي ضبطت منهج أهل السنة والجماعة العقدي يتضح لنا ما تميز به هذا المنهج الأغر من سمات توضع في ميزان فضله من وسطية واعتدال واتباع وعموم وشمول.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان؛ مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

مقالات مشابهة

  • بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
  • تنمية الموارد السياحية للتراث بالأقصر..الوزراء يوافق على منحتين من كوريا الجنوبية
  • سياسة الزواريب وتناتش الحصص..عون يحذر اللبنانيين من المناكفات والمصالح الضيقة
  • الوداد البيضاوي يتعاقد مع الفرنسي ميكائيل مالسا خلال فترة الانتقالات الشتوية في صفقة انتقال حر
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يعرض الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة
  • موقف محمد صلاح.. ليفربول في نزهة هولندية بدوري أبطال أوروبا
  • مصدر رئيسي للعملة الصعبة.. برلمانية تطالب بوضع استراتيجية لتسويق المقاصد السياحية عالميًا
  • حقوق الإنسان: يجب السماح للمدنيين اللبنانيين بالعودة إلى قراهم
  • رئيس المتحف المصري الكبير: هدف حفل الافتتاح تسليط الضوء على مكانة مصر السياحية
  • خلال جولة تفقدية.. وزير التموين يوجه باتخاذ الإجراءات القانونية ضد أحد المخابز السياحية