لنا مهدي

خالد الأعيسر وزير الإعلام يخرج بتصريحه الأسطوري ليخبرنا أن الدولة صمدت وأجهضت خطة ما أسماهم بميليشيا الدعم السريع للسيطرة على الإعلام وكأن الإعلام السوداني كان منذ البداية قمة في الحياد والمهنية وساحة نزيهة للحقيقة والإبداع فجأة تحول الأعيسر إلى فارس يحميه وتناسى أن الشعب السوداني ببساطة لم يعد يثق فيه اساساً و أن مضمار إعلامه بالكاد يصلح سباقاً للسلاحف وساحة للكذب المنهك كما الشعب فقد اهتمامه بخطابه تمامًا وصار يكتفي بالابتسام الساخط ومط الشفاه بابتسامة ساخرة (من الأضان للأضان) كلما سمع ترهاته لأن الشعب ببساطة يعرف أن معركته ليست في الإعلام الرسمي بل في ساحات الواقع التي لا يعرف خالد كيف يصل إليها الرجل الذي يدير الوزارة بنفس حماس طالب فشل في امتحان التاريخ يتناسى أنه عاش سنوات أيام حكم البشير يشاهد الإعلام الرسمي ينقلب على الحقائق ويطبل لكل من يدفع أكثر وبعد الحرب زاد الطين بلة فالأعيسر يعلن بكل جدية أن الدولة صامدة في معركة الإعلام ولعله يعني صمودها في تقديم خطاب ممل لدرجة أن ((الدعم)) نفسه قد يشفق عليها ويتركها في حالها الوزير الذي يبدو وكأنه هبط على الثورة السودانية بمظلة مستعارة من بائع شعارات في سوق شعبي كان في الماضي القريب يحاول جاهداً أن يقنع الجميع أنه ثائر من الدرجة الأولى فالرجل الذي كان يلوّح بحماس في أروقة ثورة ديسمبر كما لو أنه قائد ميداني من كتاب التاريخ تحول بقدرة قادر إلى وزير متخصص في إلقاء الخطب المليئة بالتهديدات التي لا تخيف حتى قطة ضالة حين كان خالد يتحدث عن ثورة ديسمبر وكأنها مشروع شخصي خطط له في غرفة جلوسه كان يُلقي الخطب الحماسية التي تعطيك انطباعاً أنه مستعد لأن يشعل النار في نفسه من أجل السودان بينما الحقيقة أنه بالكاد كان مستعداً لتحمل برد ديسمبر في العواصم رمادية السموات؛ الرجل الذي ادعى الثورية بكل تفاصيله من لهجته إلى طريقة وقوفه يبدو الآن وكأنه خريج أكاديمية “كيف تكون ثائراً على الورق فقط”.

بعد أن أصبح وزيراً لطاغية جديد واصل خالد الأعيسر رحلة التناقض العظيم فجأة أصبح حديثه عن الحرية والسلام مجرد عبارات مملة تُلقى في المناسبات الرسمية وأضاف إليها العبارة التي اوسعها الإسلاميون في السودان ابتذالاً (معركة الكرامة) ، بينما قلبه معلق بإعادة إنتاج تلك السياسات القديمة التي صنعت كل هذا الخراب خالد الأعيسر الذي كان يهتف يومًا ضد الطغاة أصبح الآن يمارس دوراً جديداً: طاغية صغير يهدد كل من يجرؤ على التفكير خارج خطابه الممل. وزير البرهان لا يكتفي بادعاء الثورية بل يصر على إعادة تعريفها فبالنسبة له الثورة تعني أن تتحدث عن الحرية بينما تمارس كل أشكال القمع وأن تهتف باسم الشعب بينما تُسخر كل شيء لخدمة أجنداتك القديمة إنه الثائر الوحيد الذي يمكنه أن يتحول من داعٍ إلى الحرية إلى وزير تهديدات في غضون أشهر دون أن يرف له جفن. ربما يعتقد خالد الأعيسر أن ذاكرة الشعب السوداني قصيرة وأن الجميع سينسى كيف كان يتلوّن في شوارع ديسمبر كالحرباء، يغازل الثوار صباحاً ثم يعود ليكتب خططاً تناسب أجندته القديمة مساءً لكن شعب السودان ليس ساذجاً ليصدق هذه المسرحيات الرخيصة فالوزير الذي كان يصرخ يوماً “الشعب يريد” أصبح الآن مشغولًا بإسكات الشعب نفسه وكأنه يقول: “الشعب يريد ما أريده أنا”. وفي النهاية خالد الأعيسر ليس سوى فصل هزلي في كتاب متسلقي الثورة السودانية من سواقط الانتهازيين فهو رجل ادعى أنه جزء من الحلم لكنه أثبت أنه مجرد كابوس صغير وعابر ولحسن حظنا وسوء حظه أن الشعب السوداني الذي خرج في ديسمبر لن يُخدع بلعبة الأقنعة هذه فخالد الذي كان يمني نفسه أن يكون رمزاً في مقدمة المظاهرات وجد نفسه اليوم في مقدمة قائمة الخداع ربما سيذكره التاريخ لكن ليس كأحد أبطال الثورة، بل كواحد من تلك الشخصيات الكوميدية التي تحاول الصعود على أكتاف الحلم قبل أن يسقطها الواقع.

lanamahdi1st@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: خالد الأعیسر الذی کان

إقرأ أيضاً:

والي الخرطوم يتحدث عن نسبة تواجد قوات الدعم السريع في العاصمة

تحدث والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، عن نسبة تواجد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" في العاصمة، وذلك بعد استعادة الجيش السوداني مواقع مهمة مؤخرا.

وقال حمزة إن "98 بالمئة من العاصمة باتت خالية من قوات الدعم السريع"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هناك بعض الجيوب المتبقية في قبضة ما وصفها بـ"المليشيات".

ولفت إلى أن استهداف قوات الدعم السريع للمنشآت الخدمية يهدف في الأساس للتضييق على السودانيين، مستدركا: "نعمل على حل الأزمات التي تم التسبب فيها بعد استهداف مرافق الكهرباء والمياه خلال الفترة الماضية".

وتطرق إلى معدلات العودة إلى الخرطوم التي كان يسكنها قبل الحرب حوالي 15 مليون نسمة تقريبا، مشددا على أن المعدلات في ارتفاع، دون ذكر أرقام محددة.

وأوضح أن عمليات العودة الكبيرة تظهر من خلال الكثافة المرورية في ‏الشوارع وتنامي الحركة التجارية، داعيا بقية سكان الخرطوم للعودة إلى ‏منازلهم.



وتحدّث والي الخرطوم عن اتخاذهم جملة من التدابير الأمنية التي حسنت من الوضع ‏الأمني، وعودة للمؤسسات والوزارات تدريجيا إلى مقارها بالعاصمة ‏لممارسة مهامها.

وأكد أن قطاع الكهرباء والمياه الأكثر تضرراً، موضحا أن إعادة تأهيلها ‏تمثل التحدي الأكبر للحكومة السودانية.

وأشار المسؤول السوداني إلى "العمل على استعادة الخدمات الطبية عقب التخريب الممنهج ‏من جانب الدعم السريع للمنشآت الطبية، ونهب أجهزة ومعدات باهظة ‏الثمن ونادرة"، على حد قوله.

وفيما يتعلق بإلغاء حالة الطوارئ ورفع القيود الأمنية، أكد أن ذلك يخضع للتقديرات الخاصة بالأجهزة الأمنية.

يشار إلى أن الحرب اندلعت بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة حميدتي في منتصف نيسان/ أبريل لعام 2023، ما أدى إلى وقوع أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، إلى جانب عمليات النزوح الكبيرة.

وأدت الحرب في السودان إلى نزوح قرابة 13 مليون شخص، بينهم أكثر من ثلاثة ملايين لجأوا إلى دول الجوار، وفق ما أكدته الأمم المتحدة.

مقالات مشابهة

  • رئيس حركة حماس في الضفة الغربية: الشعب الفلسطيني يخوض معركة وجود مصيرية في وجه العدوان والإبادة
  • الحرب في عامها الثالث.. ما الثمن الذي دفعه السودان وما سيناريوهات المستقبل؟
  • عاجل - الجيش السوداني يعلن تطهير مناطق غرب أم درمان من الدعم السريع ومأساة نزوح جديدة تضرب الفاشر
  • خالد حمادي.. رجل الأعمال الذي باع (طريق الشعب) في الإشارات الضوئية !
  • خالد البلشي: الحرية ليست حُلمًا مستحيلًا.. ونقابة الصحفيين تقود معركة التغيير التشريعي
  • قائد الدعم السريع يعلن قيام حكومة موازية في السودان تمثّل الوجه الحقيقي .. سودانايل تنشر نص خطاب حميدتي
  • الجيش السوداني يعلن القضاء على 8 أفراد من قوات الدعم السريع
  • عامان من الحرب ضد المدنيين.. اوقفوها الآن
  • والي الخرطوم يتحدث عن نسبة تواجد قوات الدعم السريع في العاصمة
  • عبد العزيز الحلو يعلن استعداده للجلوس والتصالح مع البرهان بشرط ويعِد بمحاكمة قوات الدعم السريع على جرائمها