بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..

في عالم يشهد تطورًا تقنيًا متسارعًا، انعكس هذا التقدم على مختلف المؤسسات الوطنية، ومنها المؤسسة القضائية في العراق. القضاء، باعتباره الركيزة الأساسية للعدالة، يسعى دائمًا لتعزيز الثقة بينه وبين المواطن، سواء من خلال تحديث آلياته أو تعزيز بنيته التحتية.

ما يلفت النظر اليوم هو الجمع الفريد بين التاريخ والتكنولوجيا في أول محكمة عراقية تعتمد البوابات الإلكترونية.

هذه الخطوة ليست مجرد تحديث تقني، بل هي امتداد لرؤية تاريخية عميقة. فمنذ أن أقيمت أول محكمة في التاريخ، وهي محكمة “دب لال ماخ” في مدينة أور السومرية، والعراق يسجل صفحات مضيئة في مجال العدالة. تلك المحكمة التاريخية كانت بمثابة بوابة القانون الأولى للبشرية، واليوم نشهد بوابة إلكترونية حديثة تحمل الروح ذاتها، لكنها تنفتح على المستقبل. هذا الربط بين الماضي والحاضر يمثل رسالة حضارية مفادها أن التكنولوجيا يمكن أن تكون وسيلة لتعزيز قيم العدالة وتسهيل وصولها إلى الجميع.

ملاحظتان بارزتان في تطوير القضاء

من خلال متابعتي المستمرة لعمل مجلس القضاء الأعلى عبر منصته الإلكترونية، لفت نظري اليوم أمران أساسيان:

1. اعتماد البوابة الإلكترونية الحديثة: تُعد هذه البوابة خطوة نوعية في تطوير خدمات القضاء وتسريع الإجراءات. هذه البوابة الإلكترونية ليست مجرد إضافة تقنية، بل تعكس التزام المجلس بترسيخ مبادئ الشفافية وتسهيل وصول المواطنين إلى العدالة. 2. عقد ورش العمل المتخصصة: استمرارية عقد ورش العمل تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى، خاصة تلك التي تُعنى بحماية حقوق الإنسان وضمان حقوق ضحايا الانتهاكات، تُظهر جدية المؤسسة في الوقوف إلى جانب المواطن وحماية حقوقه في ظل التحديات الراهنة.

إن هذه التحولات النوعية لا تعزز فقط ثقة المواطن بالقضاء، بل تُظهر التزامًا حقيقيًا بتطوير البنية العدلية بما يتناسب مع احتياجات العصر. فمن خلال الدمج بين التقنيات الحديثة والإجراءات القضائية، يؤكد المجلس على دوره كحامٍ لحقوق الإنسان وركيزة لدولة المؤسسات.

إن اهتمام المجلس بجعل التكنولوجيا وسيلة لتقريب العدالة من الناس بدلًا من أن تكون عائقًا أمامهم يُعد خطوة حضارية لافتة. حين يرى المواطن أن مؤسسات دولته تتطور وتسعى لتحسين خدماتها، تتجدد ثقته بها ويشعر بالراحة والاطمئنان.

دعمنا جميعًا لهذا التوجه يُسهم في بناء علاقة وثيقة بين المواطن والدولة، تقوم على الاحترام والثقة المتبادلة. هذه المبادرات ليست مجرد تطور تقني، بل هي دليل على أن العمل الجاد القائم على رؤية استراتيجية يمكن أن يصنع فرقًا حقيقيًا، ويعزز قيم العدالة والشفافية.

بوابة التاريخ التي انطلقت من محكمة أور العريقة تجد امتدادها اليوم في بوابة إلكترونية حديثة تخدم المواطن العراقي، لتؤكد أن المستقبل لا يعني التخلي عن الجذور، بل هو وسيلة لتعزيزها وبنائها بشكل أقوى.

اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي

د. سعد معن

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

تعز.. قوات الأمن الخاصة تُحبط عملية إرهابية استهدفت محكمة الحجرية

تمكنت قوات الأمن الخاصة بمحافظة تعز، من إفشال محاولة تفجير محكمة الحجرية في منطقة التربة بعد ضبط شخص متنكر بزي نسائي كان يحمل مواد متفجرة.


وقال الإعلام الأمني، إن عناصر حماية المنشآت تمكنت من التعرف على المشتبه به أثناء محاولته الدخول إلى مبنى المحكمة، حيث تم إلقاء القبض عليه ومصادرة المواد المتفجرة التي كان يحملها.


وأشار البيان إلى أن المتهم تم تسليمه للجهات الأمنية المختصة لاستكمال التحقيق، بعد الإنتهاء من الإجراءات الأولية.


مقالات مشابهة

  • هل تفتح سوريا بوابة التطبيع مع إسرائيل في عهد أحمد الشرع؟
  • الخدمات الإلكترونية… بوابة المشاريع الشبابية للتجارة
  • تعز.. قوات الأمن الخاصة تُحبط عملية إرهابية استهدفت محكمة الحجرية
  • تقنيات حديثة لتطوير العمل القضائي في أبوظبي والشارقة
  • أبوظبي والشارقة تبحثان تطوير العمل القضائي عبر التقنيات الحديثة
  • منصور بن زايد: العدالة أساس الثقة بين المواطن والدولة
  • تعرف على مواعيد العمل بدوائر محكمة شمال القاهرة بالعباسية
  • المشاط: سيارات المراكز التكنولوجية المتنقلة تأتي في إطار جهود الوزارة لتقديم خدمة حكومية أفضل للمواطن
  • الانتهاء من استعدادات إطلاق خدمات وزارة العمل بشكل إلكتروني ومُميكن
  • «حياة كريمة» تُمكِّن نساء أسوان: دورات ريادة الأعمال والحرف اليدوية تُضيء دروب التنمية