FT: لن يتعافى المجتمع السوري دون تحقيق العدالة لضحايا الأسد
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
تناول افتتاحية صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، سقوط نظام الأسد والدعوات لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب من أركان النظام.
وقالت الصحيفة، إن الأولوية الكبرى بعد سقوط نظام بشار الأسد هو تجميع الأدلة والحفاظ عليها والتي توثق جرائم النظام السابق.
وأشارت إلى بيان منسوب إلى الأسد، أكد فيه ان هربه من سوريا لم يكن مخططا له ولكن جلاء عاجل له إلى موسكو.
وأضافت الصحيفة أن "طريقة خروج الديكتاتور السوري ليست مهمة بقدر أهمية الطريقة التي حكم فيها وما تريده مئات الألاف من العائلات التي قتل نظامه أفرادها وغيبهم قسريا وسجنهم واغتصبهم وعذبهم هو رؤية الأسد وحاشيته يواجهون العدالة على الجرائم الفظيعة التي ارتكبوها على مدى العقود الماضية".
وأشارت الصحيفة إلى من بين أفلام الفيديو والروايات المؤثرة وتقطع القلب صور المعتقلين الهزالى الذين تم تحريرهم من سجن صديانا سيء السمعة والسجون الأخرى. وقد تجولت الأسر في زنازين السجن وتصفحت الملفات والصور بحثا عن أي أثر لأحبائها.
وقالت الصحيفة إن السوريين يستحقون العدالة، ولكن التعقيد الرئيسي الذي يواجه الجهود الرامية إلى محاسبة الأسد وعائلته وأعوانه هو أن العديد منهم فروا بالفعل.
ويقال إن بعض كبار الجنرالات والمسؤولين فروا إلى دول عربية مجاورة، أو اختبأوا في مدنهم.
وأوضحت أن الأولوية المباشرة هي تأمين الأدلة التي يمكن استخدامها في بناء حالات ضدهم واالجرائم التي ارتكبوها خلال حكم عائلة الأسد وعلى مدى أكثر من 50 عاما.
وقد جمعت لجنة العدالة والمساءلة الدولية، وهي هيئة غير حكومية، بالفعل 1.1 مليون وثيقة داخلية وشهادة من آلاف الضحايا، لاستخدامها في المحاكمات المستقبلية.
كما قامت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، وهي هيئة شبه قضائية أنشأتها الأمم المتحدة في عام 2016، بجمع الأدلة أيضا، لكن القيادة المؤقتة في سوريا، التي تعهدت بتقديم مرتكبي الفظائع إلى العدالة، تحتاج بشكل عاجل إلى إنشاء هيئة مستقلة لحماية لألية التوثيقية التي خلفتها البيروقراطية القاتلة للأسد.
وبينت الصحيفة أن المسألة التالية هي أين يمكن سماع هذه الأدلة. فسوريا ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، ومن المرجح أن تستخدم روسيا والصين حق النقض ضد أي قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنح المحكمة السلطة القضائية.
ولفتت إلى أن البديل هو الاتفاق مع الأمم المتحدة لإنشاء محكمة خاصة، كتلك التي أنشئت لمحاكمة مرتكبي الجرائم في سيراليون وكوسوفو وتعمل بموجب القانون الدولي.
وربما تم إجراء المحاكمات في ضوء القانون المحلي، لكن يجب على قادة سوريا الجدد إظهار احترامم لحكم القانون والنظام وتشكيل حكومة شاملة ممثلة لأطياف المجتمع السوري، وحتى لو حدث هذا فإن النظام القضائي السوري قد يكون غير قادر أو ليست لديه القدرة على استماع الحالات.
وتحدثت الصحيفة عن واحد من السيناريوهات لسوريا، وهي إنشاء محكمة دولية مدعومة بعملية العدالة الانتقالية، على شكل ما حدث في جنوب أفريقيا وتشيلي ورواندا والتي تجمع بين القضايا القضائية والتدابير غير القضائية مثل لجان الحقيقة التي تهدف إلى تخيف المعاناة داخل المجتمع وتسرع من شفائه. ولكن حتى كانت هناك إمكانية للتوصل إلى هذه العملية، فهل هناك إمكانية لمحاكمة الأسد نفسه؟
وتابعت الصحيفة البريطانية، "في الوقت الحالي، ليس من المرجح تعاون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، في تسليم زعيم آخر إلى العدالة الدولية".
وأوضحت أن الأسد قد ينتهي به المطاف في مكان آخر، وقد ينهار نظام بوتين أيضا.
وترى الصحيفة أن الأمر يرجع في النهاية للسوريين وطريقة اختيار النموذج المناسب لهم وتحقيق العدالة من سنوات الديكتاتورية والقمع، فالحكومة السورية لديها تحديات أكثر إلحاحا، بما فيها إطعام شعب فقير وبناء حكومة مستقرة، وهذا ليس مضمونا بعد.
ومع ذلك، ربما كانت هناك وعود واقعية بتحقيق العدالة من الأسد وأعوانه. وسيكون هذا حيويا للبدء في بناء سيادة القانون. وتشير الخبرة في أماكن أخرى إلى أنه كلما تأخرت المساءلة القانونية عن الفظائع، كلما استغرق المجتمع وقتا أطول للتصالح مع ما حدث.
وختمت "لابد وأن يكون تقديم زعماء النظام السابق وشركائه للمحاكمة جزءا رئيسيا من صحوة سوريا من كابوسها الوطني الطويل".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الأسد جرائم النظام سوريا روسيا سوريا الأسد روسيا محاكمة جرائم النظام صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
مجرمون بلا قيود.. تحديات الأمن في سوريا بعد الأسد
في خضمّ الفوضى التي اجتاحت سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، برزت مشكلة خطيرة تُلقي بظلالها على الأمن والاستقرار، مع وجود مجرمين خطيرين بين المعتقلين المفرج عنهم من مختلف السجون في البلاد، مما يفرض تحديات جسيمة في ظل غياب الدولة وأجهزتها الأمنية.
وسارعت فصائل المعارضة إلى إطلاق سراح المعتقلين من مختلف السجون منذ بدء العمليات العسكرية التي أطلقتها في 27 نوفمبر (كانون الأول) من إدلب وصولاً إلى دمشق في 8 ديسمبر (كانون الثاني)، بما في ذلك الإفراج عن معتقلين من سجن صيدنايا سيئ السمعة.
وقال الناشط محمد الزعبي، من محافظة درعا، جنوبي سوريا، لـ"24"، إن "التمييز بين المعتقلين السياسيين والجنائيين كان أمراً صعباً عند فتح السجون وإطلاق سراح النزلاء".
وكشف ناشطون سوريون عن وجود محكومين على خلفية جرائم جنائية خطيرة بين المفرج عنهم، وهو ما يثير القلق، خاصة في ظل غياب أي أجهزة أمنية كالشرطة مع حل جميع الإدارات المحسوبة على النظام السابق. وتتراوح الجرائم التي ارتكبها هؤلاء بين القتل، والسرقة، مما يضيف بُعداً جديداً للمخاطر التي تواجه المجتمع السوري المنهك.
ويقول الناشط الزعبي: "الوضع الأمني كارثي، لدينا أناس يحملون السلاح وينتقلون من منطقة إلى أخرى بلا رادع. كثير من هؤلاء كانوا في السجون بسبب جرائم خطيرة، والآن هم أحرار بلا قيود."
ومع انهيار البنية التحتية الأمنية التي كانت قائمة في عهد الأسد، تجد المجتمعات المحلية نفسها في مواجهة مباشرة مع هؤلاء الأفراد، دون أي آليات لحفظ النظام أو إنفاذ القانون.
ويشير السكان المحليون إلى مخاوف من تصاعد أعمال العنف المرتبطة بالجريمة، والاعتداءات المسلحة، والنزاعات بين الفصائل، ما يجعل الحياة اليومية أكثر خطورة.
وفي ظل غياب الدولة المركزية، ظهرت مبادرات محلية لمحاولة فرض النظام، إذ تعمل بعض الفصائل المسلحة على تشكيل لجان أمنية مؤقتة، لكن هذه الجهود تُقابل بتحديات كبيرة.
يوضح الناشط الزعبي أن "هذه اللجان تفتقر إلى التدريب والتمويل، كما أنها تفتقر إلى الحيادية لأن أغلبها مرتبط بفصائل مسلحة ذات أجندات مختلفة."
إضافة إلى ذلك، فإن انعدام التنسيق بين المناطق والفصائل يزيد من صعوبة تطبيق أي حلول فعالة.
يرى المحلل السياسي عامر ملحم، أن الحلول المؤقتة ليست كافية لمواجهة هذه الأزمة.
بسبب الوضع الأمني والإرهاب..أمريكا تدعو رعاياها إلى مغادرة سوريا - موقع 24طالبت الخارجية الأمريكية مواطنيها، اليوم الإثنين، بمغادرة سوريا، لأن الوضع الأمني في البلاد لا يزال متقلباً وغير قابل للتنبؤ.وأضاف ملحم :" هناك حاجة ماسة إلى إنشاء أجهزة أمنية مستقلة وغير مرتبطة بالفصائل، تعمل على إعادة بناء الثقة في القانون والنظام. كما أن المجتمع الدولي قد يضطلع بدور محوري في دعم مبادرات محلية تهدف إلى إعادة تأهيل المجرمين وتوفير فرص دمجهم في المجتمع".
ومع ذلك، يظل هذا السيناريو بعيد المنال في ظل انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي، "بدون دعم خارجي وهيكلية وطنية واضحة، سنبقى في دوامة الفوضى"، وفق الزعبي حديثه.
وأعلنت وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السورية فتح باب الانتساب لإدارة الأمن العام عبر الالتحاق بكلية الشرطة.