باربي.. مقال بقلم الدكتور سعد بن طفلة العجمي
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
في ألمانيا الغربية ببداية الخمسينيات كانت صحيفة «بيلد» الشعبية تنشر صوراً كاريكاتيرية لامرأة اسمها «ليلي» Lilli، اشتهرت الشخصية الكاريكاتيرية وذاع صيتها، فقررت الصحيفة تصنيعها على شكل دمية للرجال بإيحاءات جنسية، واستمر الأمر كذلك حتى اشترت شركة «ميتال» الأميركية التي تملكها سيدة أميركية اسمها روث هانلدر حقوقها عام 1964.
كمبدأ شخصي، لا أعلق على مكتوب لم أقرأه، ولا على مسموع لم أستمع إليه، ولا على مرئي لم أشاهده. كنت أحب الذهاب إلى السينما منذ الصغر، لكني لم أذهب إلى السينما منذ سنين، وخصوصاً بعدما أمكن شراء الأفلام بالتحميل على الإنترنت ومشاهدتها داخل البيت.
ولكن ولأني خارج الكويت بإجازة عائلية، ولأنه لم يعرض بيعه بالتنزيل الإلكتروني بعد، ولأن جدلاً كويتي أثير حول منع فيلم باربي بالكويت، ولأن كل ممنوع مرغوب، ولأن الفيلم معروض بالبلد الذي أنا فيه، قررت الذهاب للسينما لمشاهدة الفيلم الذي حقق حتى ساعة ذهابي لمشاهدته مليار و800 مليون دولار.
الفيلم خيالي يحكي قصة الدمية باربي، وأسماء كل الدمى الإناث بالفيلم هي باربي، وكل الدمى الذكور أسماؤهم كين، وكين يحب باربي حباً عذرياً، فلم تظهر بالفيلم قبلة عاطفية واحدة، وهذا طبيعي، فكل باربي وكين دمى وليسوا بشراً، كما خلا الفيلم من اللغة البذيئة تماماً، بما في ذلك الكلمة البذيئة الأشهر التي تبدأ بحرف F بالإنجليزية. هربت باربي ورافقها كين سراً من دون علمها من عالم الدمى إلى عالم البشر، وتفاجآ بما في عالمنا من مظاهر مادية للحياة، ومن هيمنة ذكورية على قرارات هذا العالم، وعادا إلى عالم الدمى بعد ملاحقتهما من مصنعهما بمساعدة من أم وابنتها المراهقة التي وصلت وأوصلتهما إلى عالمهما - عالم الدمى. وفي عالم الباربي Barabieland، صار الحوار - الصراع حول دور المرأة في عالم الغرب، وفي تاريخ الإنسانية وثانوية هذا الدور من دون إسفاف أو «نسوية جنسية»، أو تمييز بين الجنسين أو إشارة إلى اختلافات الأعضاء الجنسية بينهما، ودخلت «روث فايندر» بالفيلم كملجأ لباربي التي تحاول الهرب من مصنع «ميتال» ومجلس إدارته البليد الذي يرمز إلى عالم القرار الذي يمتلكه الرجال في شركة «ميتال».
ويدور جدل حول حقوق المرأة ودورها ومساواتها بالرجل، وتحاول النسوة الإيقاع بين الرجال بالتلاعب بغرائزهم وحبهم للملكية بما في ذلك شعور بعضهم بامتلاك النساء، ويعزز في دقائقه الأخيرة أهمية التعاون بين المرأة والرجل الذي أكدته روث التي أنتجت الدمى، في رمزية لإرادة خالق البشر لضرورة التكامل بين الجنسين. وتخير روث باربي بين البقاء في عالم الدمى أو الذهاب للعالم الحقيقي، فتختار عالم البشر برمزية تؤكد أن لا مناص لنا من هذا العالم والعيش فيه على رغم مساوئه وعيوبه ومصائبه الكثيرة، وينتهي الفيلم بذهاب باربي إلى مستشفى الولادة برمزية تشير إلى استمرارية الحياة من خلال المرأة التي تلد الإناث والذكور معاً.
خرجت من الفيلم وأنا أقول لنفسي: «لو لم يمنع الفيلم بالكويت لما ذهبت لمشاهدته»، فالفيلم للأطفال ويغرس قيماً ومفاهيم يثور حولها جدل بالمجتمعات البشرية وبالغرب تحديداً حول علاقة الرجل بالمرأة. ومنع الفيلم بالكويت بحجة أنه «يخدش الآداب العامة ويحرض على مخالفة النظام العام والعادات والتقاليد ويدعو إلى أفكار دخيلة على المجتمع» (هكذا). ودار بذهني سؤال للجنة التي منعت الفيلم بالكويت، «من المؤكد أن أعضاء اللجنة من البالغين، ومن المؤكد أن الفيلم لم يخدش آداب أعضاء اللجنة ولم يخالفوا الآداب العامة أو يتأثروا بالأفكار الدخيلة التي يدعو إليها الفيلم، فلم لم يسمحوا بمشاهدة الفيلم لمن بلغوا سناً معينة كسنهم فقط ولا يسمح للأطفال بدخوله؟ لأن عليهم أن يفترضوا قوة الآداب العامة لدى البالغين الآخرين غيرهم في المجتمع الكويتي، فهم ليسوا المحصنين وحدهم من التأثر بالأفكار الدخيلة وعدم خدش آدابهم العامة.
مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالتذمر من منع الفيلم بالكويت الذي سمح بعرضه بالدول الخليجية العربية الجارة المسلمة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وينحون باللوم على خوف وزارة الإعلام من «دواعش مجلس الأمة»، فهؤلاء البرلمانيون الذين يسمون أحياناً بـ»نواب قندهار» يحرمون الأفلام كلها لأنهم يحرمون التمثيل والمسرح والرواية والموسيقى والرقص والغناء والنحت والرسم والفنون قاطبة، ومحتمل ألا يكون أعضاء لجنة الرقابة شاهدوا الفيلم أصلاً، فسارعوا إلى منعه بعدما ثار «القندهاريون» ضده. ومن ثار من هؤلاء ضد عرض الفيلم، إما أنهم شاهدوه، ومن ثم فهم ليسوا بأوصياء على الناس بحرمانهم من مشاهدة ما شاهدوه بأنفسهم، أو أنهم طالبوا بمنعه من مبدأ «ما لا يدرك كله لا يترك جله»، تدرجاً لمنع السينما بالكويت كما منعت في قندهار.
* نقلا عن صحيفة الإندبندنت العربية - لندن
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا إلى عالم فی عالم
إقرأ أيضاً:
بطلها محمد صلاح.. طفلة تقود حلم ليفربول في نهائي كأس الرابطة
#سواليف
اختار #نادي_ليفربول #طفلة عمرها 11 عاماً لتكون تميمة الفريق في #نهائي #كأس #رابطة_الأندية_الإنجليزية المحترفة المقرر له الأحد.
ويواجه ليفربول فريق نيوكاسل يونايتد بملعب “ويمبلي” في نهائي كأس رابطة المحترفين أملا في تحقيق لقبه الأول في الموسم الحالي وتعويض خروجه الأسبوع الماضي من دوري أبطال أوروبا.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في تقرير لها أن الطفلة هانا أوكارولان، 11 سنة، ستتقدم كتيبة ليفربول عند الدخول لملعب أنفيلد وهي في صحبة القائد الهولندي فيرجيل فان دايك.
مقالات ذات صلةوقد تم اختيار هانا، عضوة برنامج “الفريق الأحمر” لليفربول والمخصص للمشجعين الشباب والأطفال، لتكون التميمة الرسمية الوحيدة للريدز.
وعن تلك التجربة الفريدة من نوعها علقت هانا: “أنا متحمسة جدًا لأن أكون تميمة ليفربول، وأن أتمكن من الخروج برفقة فيرجيل فان دايك، فهو مدافع – مثلي تماما”.
وشددت الطفلة الإنجليزية على أنها حين علمت بخبر اختيارها لتصبح تميمة ليفربول في النهائي في فبراير/ شباط الفائت لم تصدق خاصة أن عدد المتقدمين كان كبيراً.
ومن جانبها، تحدثت السيدة شونا، والدة هانا، عن لحظة علم ابنتها بالخبر قائلة: “لا يمكنكم تخيل مدى حماستها، لقد ذرفت بعض الدموع وأطلقت بعض الصراخ.. لقد كانت متحمسة للغاية”.
نجوم صاموا مبكرا: كازيراغي.. وصيف كأس العالم ينتهي في تشيلسي
وأتبعت: “أعتقد أنه سيكون يوماً خاصاً للغاية لهانا ولنا جميعاً”.
ومن جانبه، علق ستيف والد هانا على المشهد قائلاً: “إنه شيء يمكنك أن تحلم به لكن لا يمكن شراؤه”.
وتحلم هانا بمقابلة بطلها المصري محمد صلاح هداف الجيل الحالي في ليفربول وثالث أفضل الهدافين في تاريخ قلعة أنفيلد.
ولدى هانا علاقة قوية بكرة القدم، كون عمها الأكبر بريندان برادلي هو الهداف التاريخي للدوري الإيرلندي برصيد 235 هدفاً سجلها لفرق عدة فرق أبرزها ديري سيتي وفين هاربس وغيرهما، وذلك خلال الفترة من 1966 إلى 1986.
وستسافر مع هانا في رحلتها لويمبلي عمتها سينيد التي لعبت من قبل فريق منتخب إيرلندا الشمالية للسيدات لدعمها في تلك المواجهة.
واختتمت الطفلة البالغة من العمر 11 عاماً حديثها بالقول: “سعيدة للغاية بأن أصدقائي سيتابعونني على التلفاز وسيرون كم أنا سعيدة”.