في ألمانيا الغربية ببداية الخمسينيات كانت صحيفة «بيلد» الشعبية تنشر صوراً كاريكاتيرية لامرأة اسمها «ليلي» Lilli، اشتهرت الشخصية الكاريكاتيرية وذاع صيتها، فقررت الصحيفة تصنيعها على شكل دمية للرجال بإيحاءات جنسية، واستمر الأمر كذلك حتى اشترت شركة «ميتال» الأميركية التي تملكها سيدة أميركية اسمها روث هانلدر حقوقها عام 1964.

السيدة الأميركية زارت هامبورغ واقتنت بعض الدمى لـ»ليلي»، وقررت تسميتها باربي اختصاراً لاسم ابنتها باربرا، ثم صنعت أخاً لباربي سمته «كين» اختصاراً لاسم ابنها كينيث أخ باربرا.
كمبدأ شخصي، لا أعلق على مكتوب لم أقرأه، ولا على مسموع لم أستمع إليه، ولا على مرئي لم أشاهده. كنت أحب الذهاب إلى السينما منذ الصغر، لكني لم أذهب إلى السينما منذ سنين، وخصوصاً بعدما أمكن شراء الأفلام بالتحميل على الإنترنت ومشاهدتها داخل البيت.
ولكن ولأني خارج الكويت بإجازة عائلية، ولأنه لم يعرض بيعه بالتنزيل الإلكتروني بعد، ولأن جدلاً كويتي أثير حول منع فيلم باربي بالكويت، ولأن كل ممنوع مرغوب، ولأن الفيلم معروض بالبلد الذي أنا فيه، قررت الذهاب للسينما لمشاهدة الفيلم الذي حقق حتى ساعة ذهابي لمشاهدته مليار و800 مليون دولار.
الفيلم خيالي يحكي قصة الدمية باربي، وأسماء كل الدمى الإناث بالفيلم هي باربي، وكل الدمى الذكور أسماؤهم كين، وكين يحب باربي حباً عذرياً، فلم تظهر بالفيلم قبلة عاطفية واحدة، وهذا طبيعي، فكل باربي وكين دمى وليسوا بشراً، كما خلا الفيلم من اللغة البذيئة تماماً، بما في ذلك الكلمة البذيئة الأشهر التي تبدأ بحرف F بالإنجليزية. هربت باربي ورافقها كين سراً من دون علمها من عالم الدمى إلى عالم البشر، وتفاجآ بما في عالمنا من مظاهر مادية للحياة، ومن هيمنة ذكورية على قرارات هذا العالم، وعادا إلى عالم الدمى بعد ملاحقتهما من مصنعهما بمساعدة من أم وابنتها المراهقة التي وصلت وأوصلتهما إلى عالمهما - عالم الدمى. وفي عالم الباربي Barabieland، صار الحوار - الصراع حول دور المرأة في عالم الغرب، وفي تاريخ الإنسانية وثانوية هذا الدور من دون إسفاف أو «نسوية جنسية»، أو تمييز بين الجنسين أو إشارة إلى اختلافات الأعضاء الجنسية بينهما، ودخلت «روث فايندر» بالفيلم كملجأ لباربي التي تحاول الهرب من مصنع «ميتال» ومجلس إدارته البليد الذي يرمز إلى عالم القرار الذي يمتلكه الرجال في شركة «ميتال».
ويدور جدل حول حقوق المرأة ودورها ومساواتها بالرجل، وتحاول النسوة الإيقاع بين الرجال بالتلاعب بغرائزهم وحبهم للملكية بما في ذلك شعور بعضهم بامتلاك النساء، ويعزز في دقائقه الأخيرة أهمية التعاون بين المرأة والرجل الذي أكدته روث التي أنتجت الدمى، في رمزية لإرادة خالق البشر لضرورة التكامل بين الجنسين. وتخير روث باربي بين البقاء في عالم الدمى أو الذهاب للعالم الحقيقي، فتختار عالم البشر برمزية تؤكد أن لا مناص لنا من هذا العالم والعيش فيه على رغم مساوئه وعيوبه ومصائبه الكثيرة، وينتهي الفيلم بذهاب باربي إلى مستشفى الولادة برمزية تشير إلى استمرارية الحياة من خلال المرأة التي تلد الإناث والذكور معاً.
خرجت من الفيلم وأنا أقول لنفسي: «لو لم يمنع الفيلم بالكويت لما ذهبت لمشاهدته»، فالفيلم للأطفال ويغرس قيماً ومفاهيم يثور حولها جدل بالمجتمعات البشرية وبالغرب تحديداً حول علاقة الرجل بالمرأة. ومنع الفيلم بالكويت بحجة أنه «يخدش الآداب العامة ويحرض على مخالفة النظام العام والعادات والتقاليد ويدعو إلى أفكار دخيلة على المجتمع» (هكذا). ودار بذهني سؤال للجنة التي منعت الفيلم بالكويت، «من المؤكد أن أعضاء اللجنة من البالغين، ومن المؤكد أن الفيلم لم يخدش آداب أعضاء اللجنة ولم يخالفوا الآداب العامة أو يتأثروا بالأفكار الدخيلة التي يدعو إليها الفيلم، فلم لم يسمحوا بمشاهدة الفيلم لمن بلغوا سناً معينة كسنهم فقط ولا يسمح للأطفال بدخوله؟ لأن عليهم أن يفترضوا قوة الآداب العامة لدى البالغين الآخرين غيرهم في المجتمع الكويتي، فهم ليسوا المحصنين وحدهم من التأثر بالأفكار الدخيلة وعدم خدش آدابهم العامة.
مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالتذمر من منع الفيلم بالكويت الذي سمح بعرضه بالدول الخليجية العربية الجارة المسلمة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، وينحون باللوم على خوف وزارة الإعلام من «دواعش مجلس الأمة»، فهؤلاء البرلمانيون الذين يسمون أحياناً بـ»نواب قندهار» يحرمون الأفلام كلها لأنهم يحرمون التمثيل والمسرح والرواية والموسيقى والرقص والغناء والنحت والرسم والفنون قاطبة، ومحتمل ألا يكون أعضاء لجنة الرقابة شاهدوا الفيلم أصلاً، فسارعوا إلى منعه بعدما ثار «القندهاريون» ضده. ومن ثار من هؤلاء ضد عرض الفيلم، إما أنهم شاهدوه، ومن ثم فهم ليسوا بأوصياء على الناس بحرمانهم من مشاهدة ما شاهدوه بأنفسهم، أو أنهم طالبوا بمنعه من مبدأ «ما لا يدرك كله لا يترك جله»، تدرجاً لمنع السينما بالكويت كما منعت في قندهار.
* نقلا عن صحيفة الإندبندنت العربية - لندن

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا إلى عالم فی عالم

إقرأ أيضاً:

"أبراج لخدمات الطاقة" تدشن عملياتها في حقل الوفرة النفطي بالكويت

 

مسقط- الرؤية

في إطار التزامها بتعزيز العلاقات الاستراتيجية ودفع عجلة الابتكار في قطاع النفط والغاز، احتفلت أبراج لخدمات الطاقة بنجاح بدء عملياتها في حقل الوفرة النفطي بالكويت، والذي يعد خطوة بارزة في مسيرتها نحو التوسع والتطوير.

وحظي الحدث بمشاركة الشركة الكويتية لنفط الخليج وشيفرون السعودية، حيث سلطت أبراج الضوء على ريادتها في مجال الحفر، واستعرضت خططها الاستراتيجية وأحدث تقنياتها وأجهزتها المتخصصة التي صُممت خصيصاً لتوائم متطلبات مشروع حقل الوفرة، كما قدمت الشركة تحديثات حول عملياتها الجارية ومبادرات النمو المستقبلية، مما يعزز مكانتها كشريك موثوق به في المنطقة.

وتأكيدًا على أهمية هذه الشراكات، قال المهندس سيف الحمحمي الرئيس التنفيذي لشركة أبراج لخدمات الطاقة: "فخورون بما حققناه من إنجاز استثنائي في حقل الوفرة، والذي يعكس قوة ومتانة علاقاتنا مع شركائنا الاستراتيجيين والتزامنا بالمعايير العالمية للجودة والكفاءة، هذا النجاح هو دليل على قدرتنا على دعم تطلعات المنطقة في تعزيز أمنها من الطاقة وتطوير صناعة النفط والغاز".

وفي فبراير 2023، وقعت أبراج عقداً مهماً مع العمليات المشتركة في حقل الوفرة بين الشركة الكويتية لنفط الخليج وشيفرون السعودية، مما يمثل خطوة كبيرة في توسعها الإقليمي وبفضل التزامها بالتميز التشغيلي، نجحت في تسليم منصتين للحفر قبل الموعد المخطط لهما، مما يعكس كفاءتها العملياتي وقدرتها على تلبية احتياجات عملائها.

ومنذ تأسيسها في عام 2006، تعتبر شركة أبراج لخدمات الطاقة الرائدة في تقديم خدمات حقول النفط والغاز في سلطنة عمان، ملتزمة بالابتكار والاستدامة وتحقيق التميز في كافة عملياتها. تواصل الشركة تعزيز دورها الفعال في تطوير قطاع الطاقة بالمنطقة، داعمةً الأمن الطاقي والنمو الاقتصادي في عمان والمنطقة العربية.

مقالات مشابهة

  • القبض على أربعيني استدرج طفلة للتحرش بها
  • كيف يسهم اقتناء دمى الأطفال في تحقيق السلام النفسي للكبار؟
  • الصدفة تكشف تعنيف وحشي ضد طفلة في النجف.. تعليق بمروحة وحرق على الفحم
  • علي جمعة: الأمة الإسلامية الوحيدة التي عندها عالم الغيب ومشاهد القيامة والجنة والنار
  • وزير الخارجية في مقال بـ«واشنطن تايمز»: لا نهاية للصراع دون إقامة دولة فلسطينية
  • في مقال له بواشنطن تايمز.. وزير الخارجية المصري ينتقد إسرائيل
  • وزير الخارجية في مقال بـ"واشنطن تايمز": حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل
  • شراكة الغاز بين إيران وروسيا.. تمهيد لتجاوز العقوبات الدولية وعكس أثرها (مقال)
  • ثمن الرزق الباهظ.. حياة طفلة ضاعت في الجبال.
  • "أبراج لخدمات الطاقة" تدشن عملياتها في حقل الوفرة النفطي بالكويت