حزب الله يبقي موقفه ضبابياً من الاستحقاق الرئاسي
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": أيّ مرشح للرئاسة الأولى سيعطيه "حزب الله" أصواته المضمونة (14 صوتاً) في جلسة الانتخاب المقررة في التاسع من الشهر المقبل؟
إثارة هذا السؤال لم تعد في الآونة الأخيرة ضرباً من السذاجة انطلاقاً من اعتبارات عدة أبرزها:
- أن المرشح الحصري المعروف للحزب منذ أن خلت سدة الرئاسة الأولى هو زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.
- أن الحزب نفسه يعيش منذ أن وضعت المواجهات العسكرية في الجنوب أوزارها تحت وطأة إعادة النظر في كل ما حصل بعد نتائج كارثية – زلزالية نزلت به وببيئته الحاضنة، وبات لزاماً عليه أن يتواضع وأن تكون له سياسة جديدة في مقاربته للواقع اللبناني تعتمد على أن الظروف والمعطيات التي سمحت له قبل نحو ثمانية أعوام بإيصال مرشحه إلى سدة الرئاسة الأولى قد ولّت.
وبناءً على ذلك ومع يقين الحزب بأنه لم يعد بمقدوره فرض مشيئته في موضوع الرئاسة الأولى، فإنه حسب مصادر على صلة به يجد نفسه ملزماً بدخول المشهد الرئاسي من باب مختلف يكون فيه ملزماً بالاعتراف بأنه لم يعد يملك القدرة على فرض فيتو يؤجّل الانتخاب ويماطل إن لم يكن متأكداً من أن مرشحه هو المضمون.
من هنا اتبع الحزب وفق تلك المصادر نهجاً مرناً، فأخرج الموضوع من أولويات خطابه السياسي، مقدّماً عليه ملفات وقضايا أكثر إلحاحاً وضرورة عنده مثل إعادة إعمار ما هدمته الحرب، والحديث عن أنه ما زال قادراً على الاحتفاظ "ببندقية المقاومة" شمالي نهر الليطاني.
ومع ذلك لم يكن ممكناً عند الحزب أن يسقط هذا الاستحقاق من لائحة اهتماماته، فعكف على إدارة الموضوع بطريقة مختلفة على نحو أشعر المعنيين بالأمر بأنه أخرج نفسه من مربّع التعطيل، وأنه صار استطراداً مع انتخاب رئيس جديد يقيناً منه بأن هذا الأمر من شأنه أن يقدّم برهاناً على سعيه لمدّ جسور التصالح والثقة مع الوسط السياسي اللبناني.
وبالتوازي مع ذلك فتح الحزب أبواب التواصل مع كل المرشحين للرئاسة الأولى (باستثناء سمير جعجع) إما مباشرة أو بإبلاغهم أنه ليس ضدّ وصولهم إلى قصر بعبدا في يوم من الأيام.
وكل هذا مشروط بانسحاب فرنجية الطوعي من السباق الرئاسي، أما إذا ظلّ على ترشّحه فإن الحزب ماضٍ في الوقوف إلى جانبه ولو ظلّ وحيداً.
أما الأمر الثاني الذي يعلن الحزب التزامه به دوماً فهو أنه لن يذهب إلى جلسة الانتخاب من دون أن يكون اتفق مع الرئيس نبيه بري على مرشح بعينه بحيث تصبّ الأصوات الشيعية النيابية لمصلحة مرشح واحد، تتوفر فيه صفات المرشح التوافقي.
وثمة نواب من الكتلتين الشيعيتين يؤكدون أن اسم مثل هذا المرشح لم يتبلور بعد عندهما، فهما لم يحسما بعد مسالة الاقتراع للمرشح المرتفع الأسهم وهو العماد جوزف عون، على رغم معرفتهما بأن ثمة ضغوطاً كبرى داخلية وخارجية تسعى جاهدة لتكريس انطباع فحواه أن لا فرصة لسواه لبلوغ هذا المنصب.
ولم يعد خافياً أن الرئيس بري ما زال يبعث بإشارات ورسائل إلى من يعنيهم الأمر بأنه لم يعد بالتصويت لهذا المرشح وأن له ملاحظات على أدائه فضلاً عن الكثير من التحفظات انطلاقاً من أنه "لا يتمتع بالمرونة الكافية"، بينما ثمة من وضع نفسه في خانة إيصال الرسائل بين الحزب والعماد عون يؤكد أن الحزب أبلغه بأن لا فيتو عنده على ترشيح قائد الجيش إلا أن أمر إعطاء الأصوات له حسابات أخرى أكثر تعقيداً.
ولأن الحزب يعرف أن ثمة عروضاً بالجملة ستأتيه مع ارتفاع عدد المرشحين فإنه لا يبدو مستعجلاً على إعطاء كلمته لأي مرشح وأنه يفضّل البقاء على ضبابية موقفه.
ومع كل ذلك فإن الحزب يدرك أن ثمة تحولات ستملي عليه في ساعة قريبة الدخول في مساومات وتفاهمات مع الآخرين لاختيار مرشح بعينه، وهو بالتأكيد ليس مرشحه هو، فزمن مثل ذلك قد ولّى وثمة زمن جديد على الحزب تقبّل وقائعه ومعادلاته.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: لم یعد
إقرأ أيضاً:
سويسرا تحظر حزب الله والسبحة ستكر
كثيرة هي الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي تصنف "حزب الله" بجناحيه العسكري والسياسي ككيان إرهابي، لكن المفاجئ أمس كان إقرار البرلمان السويسري حظر "حزب الله" بأغلبية 126 صوتاً مقابل 20 صوتاً معارضاً وامتناع 41 عن التصويت.
وقال أنصار الحظر، الذي أقره مجلس النواب بعد موافقة مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، إن "حزب الله يشكل تهديدا للأمن الدولي وإن سويسرا بحاجة إلى حظره من أجل اتخاذ موقف ضد "الإرهاب".
وبينما قالت لجنة السياسة الأمنية التي اقترحت الحظر، إن دور الوساطة الذي تلعبه سويسرا سيظل قائماً بفضل بند محدد يتعلق بمحادثات السلام والمساعدات الإنسانية،عارضت الحكومة السويسرية الحظر، وقال وزير العدل بيت يانس خلال المناقشات بالبرلمان: "إذا تحركت سويسرا الآن لحظر مثل هذه المنظمات بقوانين خاصة، يتعين علينا أن نسأل أنفسنا أين وكيف يتم وضع الضوابط".
يأتي قرار البرلمان السويسري بعدما رفض المجلس الفيدرالي السويسري في العام 2022 اتخاذ أي تدابير بحق حزب الله ولم يستجب لطلب نيابي لحظر الحزب وإدراجه على لوائح المنظمات الإرهابية. فالتقرير الذي خلص إليه تحقيق السلطات السويسرية في ذلك العام والذي بدأ في العام 2020 اعتبر أن حزب الله قليل النشاط في سويسرا، ولا يتحرك ضمن الجالية اللبنانية لجمع الأموال، وفي ظل الأوضاع الأمنية الحالية، يبقى تقييم الخطر الإرهابي الذي يمكن أن يشكله الحزب على سويسرا متدنياً. وأشار التقرير في توصياته إلى أن حظر الحزب قد يعطي انطباعاً سيئاً عن سويسرا، وينال من صدقيتها كدولة محايدة، كما أن فرض الحظر يشجع الأنشطة السرية ما يجعل عمل الجهات الأمنية أكثر صعوبة.
في العام 2013 ، أدرج الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لحزب الله ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وبعد العام 2016 لم تكتف دول أوروبية عدة من بينها بريطانيا وألمانيا بإعلان الجناح العسكري لحزب الله إرهابياً بل اعتبرت الحزب بجناحيه إرهابياً، وصنفت سلوفينيا في كانون الأول حزب الله بجناحيه كمنظمة إرهابية مبررة ذلك بتداخل أنشطته مع الجريمة المنظمة والإرهاب على المستوى العالمي، في حين أن فرنسا الرئيس إيمانويل ماكرون وما قبل ماكرون اتخدت موقفا مغايراً لدول عدة في الإتحاد الاوروبي وفصلت بين الجناح العسكري الذي صنفته إرهابيا، والجناح السياسي الذي بقيت على تواصل مع وزرائه ونوابه، علماً أن الأمن الفرنسي لم يكن يميز بين الجناحين.
القراءة الفرنسية التي كانت سائدة قبل الحرب الإسرائيلية على لبنان وسقوط نظام بشار الاسد لن تبقى، بحسب الخبير في الشؤون الأوروبية تمام نور الدين الى أجل غير مسمى. وإذا كانت سويسرا التي استضافت مؤتمري جنيف ولوزان للحوار الوطني، وكانت تتجه إلى عقد مؤتمر في جنيف في شهر تشرين الثاني العام 2022، قد أعلن برلمانها حظر حزب الله، فإن نور الدين، يؤكد، أن السبحة سوف تكر أوروبياً.
السياسية الجديدة لعدد من الدول الأوروبية، مردها بحسب نور الدين، أن حزب الله بعد التطورات في المنطقة وانهزام محور المقاومة، لم يعد ذي حيثية إقليمية أو مقرراً أو مؤثراً في المنطقة وبالتالي فإن الأسباب التي كانت تقف خلف موقف باريس من حزب الله وتواصلها الدائم مع جناحه السياسي انتفت. فالحرب الإسرائيلية على حزب الله لم تنته لمصلحة الأخير، فبعد تسليم سلاحه وفق اتفاق وقف اطلاق النار، وتراجع شعبيته وفق القراءة الفرنسية، واحتمال خلو البيان الوزاري للحكومة الجديدة بعد انتخاب رئيس للجمهورية، من معادلة جيش شعب ومقاومة ، كل ذلك يعني أن الاتحاد الاوروبي سوف يتشدد أكثر تجاه الحزب.
وفي السياق، يرى رئيس مؤسس justicia الحقوقية في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ المحامي الدكتور بول مرقص في حديث لـ"لبنان24"، أن الاتجاه الحالي في الغرب هو المزيد من التصنيف السلبي للحزب في ظل الأحداث الأخيرة والتغييرات في التوازنات الإقليمية والضغط على إيران، مع تشديده على أن حزب الله بعد قرار البرلمان السويسري لا يمكنه التواصل رسميا مع سفارة سويسرا، مؤكدًا في الوقت نفسه أن دور سويسرا سيبقى حيادياً، لكن لم يعد بإمكانها توجيه دعوات رسمية للحزب . المصدر: خاص "لبنان 24"