عربي21:
2025-03-25@20:08:22 GMT

ما المطلوب سورياً بعد سقوط نظام الأسد؟

تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT

إن سقوط الأنظمة الديكتاتورية والطغم الحاكمة، لا يعني بشكل من الأشكال التخلص من ذيولها المادية، وبراثنها وأيديولوجياتها، وآثارها النفسية والاجتماعية، على المجتمعات والشعوب التي كانوا يتحكمون بها قمعا وتنكيلا بما يحقق مصالحهم واستمرار حكمهم الاستبدادي.

إن ما حدث في يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 في سوريا، يشكل حدثا تاريخيا استثنائيا في تاريخ الشعوب، التي تنزع إلى الحرية والديمقراطية والتحرر من قيود الديكتاتورية، ويفتح صفحة جديدة ستُكتب فيها أحداث فريدة ختمت حقبة مؤلمة امتدت لنحو 54 عاما من حكم آل الأسد؛ حقبة لم يعانِ منها الشعب السوري فحسب، بل شعوب المنطقة كلها.



وإذا كانت بعض الأصوات من يساريين سابقين أو حاليين أو من القومجيين الذين يدّعون العروبة الميتة، أو تلك الحفنة المثقفة العدميّة التي تأقلمت مع الجدال العقيم، وتقوقعت بفكرها اللادياليتيكي، أو تلك الأقلام التي تعودت على الانتقاد الجارح والمشبوه، وليس على النقد البناء المنتمي، أو ما صدر عن تلك الأصوات التي تعمل وفق أجندات مالية معروفة المصدر، أو عن أولئك السذج البسطاء الذين يعارضون التغيير لمجرد الخوف والخشية من تكرار ما حدث خلال الفترة الأخيرة منذ بدء الثورة في 15 آذار/ مارس 2011 وحتى سقوط النظام؛ فإن كل هؤلاء المذكورين آنفا لهم الحق في التساؤل والخوف على مستقبل البلد، الذي أضحى شبه وطن يعاني وعانى طويلا، لا سيما أن الكثير من الأمور التي شهدتها التطورات والإجراءات الأخيرة يكتنفها الغموض، وتحتاج إلى إجاباتٍ واضحةٍ وصريحة.

التعاون من أجل إنجاح الدولة، وليس إسقاطها؛ لأن إسقاطها يعني انهيار وضياع الوطن. وما الدول إلا أداة لبقاء الأوطان وازدهار الشعوب والحفاظ على المنجزات، وهذا بدوره لا يعني أن كل ما كان في حقبة الـ54 عاما من الأسدية الظالمة يجب تدميره؛ فهناك ما بناه وأنجزه أبناء الشعب الشرفاء، وهذا ما يجب العمل على إصلاحه وتطويره
ولكن الاختلاف هنا -وليس الخلاف- أن هذه الأصوات لم تترك للقيادة الجديدة فرصا للإجابة على هذه التساؤلات، وفرصا أخرى للتعبير عن المزيد من أفعالهم وسلوكياتهم ومواقفهم إزاء كل القضايا التي يطالب بها هؤلاء المشككون، أو أصحاب النوايا والتساؤلات الطيبة الإيجابية. ولربما كانت براغماتية القيادة الجديدة المنهمكة بالشأن الداخلي التنظيمي والخدمي والأمني يعيقها من التفرغ لهذه المخاوف المشروعة، والتساؤلات المحقة بمعظمها.

وعليه، بات المطلوب من السوريين كشعب عموما، وهيئات محلية ومكونات مختلفة، والنخب المجتمعية من مثقفين وأكاديميين وتجار وصناعيين وحرفيين، أن يسعوا إلى تحقيق بوادر السلم الأهلي بين مختلف الطوائف والأقليات والمذاهب؛ وذلك بنبذ الخطاب التقسيمي ورفع شعار "سوريا للجميع"، وللانطلاق إلى مرحلة البناء الاقتصادي والخدمي، التي هدمها النظام البائد، والسعي أيضا لمحاربة الفساد بكل أشكاله، والامتثال للقوانين الأخلاقية قبل المدنية، والبدء بعملية إعادة بناء النظام التعليمي التربوي الذي ينتج الإنسان الملتزم وطنيا بواجباته وحقوقه على حد سواء، والذي يبني الإنسان الواعي لواقعه، والقادر على مواجهة التحديات وحل المشكلات، والإنسان القادر على تحقيق ذاته بالابتعاد عن الاستئثار بالمقدرات واستغلال الآخرين.

والأكثر من ذلك، المطلوب من أبناء سوريا على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم وعقائدهم، ومذاهبهم وطوائفهم، العمل على إعادة الاعتبار إلى قيم التعاون والتشاركية ونكران الذات والشهامة والتضحية وحب الغير واحترام الرأي والرأي الآخر، لتعود مجتمعاتنا خالية من بذور الحقد وروح الانتقام والتدمير والتخريب ونبذ الفرقة والتشرذم، وذلك عبر عملية توعوية تشارك فيها المؤسسات والأفراد والأسر.

إن كل ما سبق يدفعنا إلى التعاون من أجل إنجاح الدولة، وليس إسقاطها؛ لأن إسقاطها يعني انهيار وضياع الوطن. وما الدول إلا أداة لبقاء الأوطان وازدهار الشعوب والحفاظ على المنجزات، وهذا بدوره لا يعني أن كل ما كان في حقبة الـ54 عاما من الأسدية الظالمة يجب تدميره؛ فهناك ما بناه وأنجزه أبناء الشعب الشرفاء، وهذا ما يجب العمل على إصلاحه وتطويره.

إن الثورة تعني تغييرا شاملا لكل جوانب الحياة، وإعادة بناء وليس تدمير الدولة، بل تعني التخلص من نظام الفساد والظلم، وتعني نشر العدالة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد، وضمان حرية الرأي والتفكير والتعبير والعقيدة، بإطارٍ حرٍ ديمقراطي مؤسساتي يقود إلى حياة كريمة للمواطن وإلى الازدهار والتنمية الشاملة للبلاد.

أمام هذا الواقع الجديد الذي انتظره السوريون لعقود طويلة، فإن التحديات جسام أمام القيادة الجديدة. إذ إنه يتطلب إشراك كافة مكونات الشعب السوري لقيادة التغيير المنشود، وذلك من خلال فتح الحوار مع هذه المكونات، وهذا يعني عدم إغفال أو تجاهل أي مكوّن في سوريا، بل تكريس التعددية والتشاركية السياسية، والعمل على تعديل دستورٍ يحمي الجميع ويصون الحقوق والحريات العامة، وصياغة قانون محاسبة من تلوث يده بالدم
أمام هذا الواقع الجديد الذي انتظره السوريون لعقود طويلة، فإن التحديات جسام أمام القيادة الجديدة. إذ إنه يتطلب إشراك كافة مكونات الشعب السوري لقيادة التغيير المنشود، وذلك من خلال فتح الحوار مع هذه المكونات، وهذا يعني عدم إغفال أو تجاهل أي مكوّن في سوريا، بل تكريس التعددية والتشاركية السياسية، والعمل على تعديل دستورٍ يحمي الجميع ويصون الحقوق والحريات العامة، وصياغة قانون محاسبة من تلوث يده بالدم؛ لتهدئة خواطر ذوي ضحايا النظام في سجون الإجرام، والمحاسبة القانونية لأولئك الذين تجرّأوا على قمع الشعب المطالب بالحرية، ودفعه إلى التهجير بعد تدمير أملاكهم والاعتداء على أرواحهم، وهذا لا يتناقض مع روح التسامح البعيد عن الثأر والانتقام الذي أعلنته القيادة الجديدة.

كما يجب العمل على إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة وبنائها من جديد على أسس ديمقراطية واضحة، وعدم إطالة فترة المرحلة الانتقالية. ولتحقيق الأمن والاستقرار الأهلي وضبط الواقع الأمني، المطلوب التصدي لكافة التجاوزات والخروقات؛ من خلال إعادة تشكيل قوات الأمن والشرطة، وإعادة بناء جيش وطني على أسس سليمة يضم كافة الفصائل المسلحة للدفاع عن الوطن ضد الأخطار الخارجية.

وعلى صعيد التحديات الخارجية، فإن القيادة الجديدة مطالبة بالانحياز لمواقف الشعب برفض التدخلات الخارجية وإملاءاتها، والحفاظ على السيادة الوطنية ووحدة أراضي سوريا ومنع تقسيمها، كذلك العمل على إزالة كل القواعد الأجنبية وانسحاب جميع القوات الأجنبية، والوقوف بوجه الاعتداءات ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي حفاظا على سيادة وكرامة الوطن، والعودة إلى الحاضنة العربية، والاحتفاظ بعلاقات حسن الجوار مع الدول الشقيقة والصديقة، بما يضمن سيادتها وعدم التدخل بشؤون الآخرين.

إن الاكتفاء بخلع الزي العسكري، وقص اللحى، واعتماد الخطاب الديني الذي ينسجم مع المزاج الشعبي العام، وإطلاق التصاريح المطمئنة؛ لا يُقنع وحده بأننا أمام حالةٍ جديدة ومستقبلٍ جديد يستحقه الشعب، ما لم يرتبط ذلك بممارسة عملية ديمقراطية واسعة وتشاركية وتعددية سياسية من مختلف النخب، التي وقفت بوجه النظام الساقط، بعيدا عن ديكتاتوريةٍ جديدة ونظامٍ قمعيٍ جديد.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا التغيير الثورة سوريا ثورة تغيير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القیادة الجدیدة العمل على

إقرأ أيضاً:

بشرى سارة لأصحاب المعاشات قبل العيد.. وهذا موعد الزيادة الجديدة

يبحث الكثير عن موعد صرف معاشات أبريل 2025، حيث قررت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بدء صرف معاشات شهر أبريل 2025 اعتبارًا من يوم 25 مارس الجاري، بدلًا من الموعد المعتاد في 1 أبريل، وذلك حرصًا على تلبية احتياجات أصحاب المعاشات والمستفيدين قبل إجازة عيد الفطر المبارك، في إطار جهود الدولة للتيسير على المواطنين خلال المناسبات الرسمية.

موعد صرف معاشات أبريل 2025

أعلنت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي في بيان رسمي عن تقديم موعد صرف معاشات أبريل 2025 ليبدأ يوم الثلاثاء 25 مارس، بدلًا من الموعد المقرر سابقًا، على أن يستمر الصرف خلال أيام 25 و26 و27 مارس، لضمان حصول المستفيدين على مستحقاتهم المالية قبل حلول العطلات الرسمية.

صرف معاش إبريل الثلاثاء.. حالتان لوقفه للمستحقين طبقا لقانون التأميناتنقيب المحامين يعلن موعد زيادة المعاشات.. ويؤكد: لا نساوم ولن نتنازل عن الحقوقاحتفالًا بعيد الفطر .. تبكير صرف معاشات أبريل 2025عقوبات في انتظارك عند صرف المعاشات نتيجة هذا الفعل؟

موعد زيادة المعاشات

من المقرر أن يتم زيادة المعاشات رسميا بعد قرار الحكومة ضمن الحزم الاجتماعية الأخيرة، حيث تكون الزيادة 15% بدءا من معاش يوليو المقبل والمستحق يوم 1 يوليو 2025

أماكن صرف معاشات أبريل 2025

أتاحت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي عدة وسائل لصرف معاشات شهر أبريل 2025، تيسيرًا على المستفيدين وتوفيرًا لخيارات متعددة تناسب الجميع، حيث يمكن صرف المعاشات من خلال:

فروع البنوك الحكومية والخاصة المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية.ماكينات الصراف الآلي (ATM) التابعة للبنوك المختلفة.مكاتب البريد المصري.منافذ شركة فوري.المحافظ الإلكترونية للهاتف المحمول.طريقة الاستعلام عن المعاشات

لتمكين أصحاب المعاشات والمستفيدين من معرفة تفاصيل مستحقاتهم بسهولة، يمكنهم الاستعلام عن المعاشات إلكترونيًا باتباع الخطوات التالية:

الدخول إلى الموقع الرسمي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.  https://www.nosi.gov.eg/ar/Pages/HomePage/Home.aspx اختيار أيقونة "صاحب معاش"، ثم الضغط على "الخدمات التأمينية".النقر على خيار "الاستعلام عن البيانات الأساسية لملف المعاش".إدخال الرقم القومي في الخانة المخصصة، ثم الضغط على "استعلام".ستظهر كافة البيانات الخاصة بالمعاش المستحق للمستعلم.الموعد الرسمي لزيادة المعاشات 2025

ضمن حزمة القرارات الاجتماعية التي أقرتها الدولة لتحسين مستوى معيشة المواطنين، أعلنت الحكومة عن زيادة جديدة في المعاشات سيتم تطبيقها مع بداية العام المالي الجديد في يوليو 2025. وتشمل هذه الزيادة:

رفع الحد الأدنى للأجور لجميع العاملين بالدولة إلى 7 آلاف جنيه شهريًا.زيادة المعاشات بنسبة 15% اعتبارًا من يوليو 2025.تفاصيل صرف المعاشات قبل إجازة العيد

جاء قرار تقديم موعد صرف معاشات شهر أبريل 2025 كجزء من جهود الدولة لضمان تلبية احتياجات أصحاب المعاشات قبل بدء إجازة عيد الفطر، وذلك لتسهيل عملية الصرف ومنع التكدس أمام مكاتب البريد وفروع البنوك.

وتؤكد الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي أن جميع المنافذ ستكون متاحة للصرف خلال الأيام المحددة، مع تطبيق الإجراءات اللازمة لضمان سلاسة العملية.

قانون التأمينات الاجتماعية وآلية حساب المعاش

حدد قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019 القواعد التي يتم على أساسها احتساب المعاش، حيث تنص المادة 24 من القانون على أن يتم احتساب المعاش وفقًا لمدة الاشتراك في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وذلك بدءًا من تاريخ العمل بهذا القانون، وفقًا للمعامل المنصوص عليه في الجدول رقم 5 المرافق للقانون.

كما نص القانون على أن الحد الأقصى لقيمة المعاش يبلغ 80% من أجر أو دخل التسوية، وذلك لضمان تحقيق الاستقرار المالي لأصحاب المعاشات بعد التقاعد، مع مراعاة زيادات المعاشات الدورية التي تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المستفيدين.

الاستعدادات لصرف المعاشات قبل العيد

حرصًا على تسهيل عمليات الصرف، أكدت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي على جاهزية جميع المنافذ، مشيرة إلى أنه سيتم تخصيص فرق دعم لمتابعة عمليات السحب من ماكينات الصراف الآلي وتوفير السيولة النقدية اللازمة لتلبية احتياجات المستفيدين، خاصة مع ارتفاع معدلات السحب قبل الأعياد والمناسبات.

كما أوضحت الهيئة أن أصحاب المعاشات يمكنهم تجنب الزحام من خلال استخدام خدمات الصرف الإلكتروني مثل المحافظ الإلكترونية أو البطاقات المصرفية، والتي توفر إمكانية السحب من أي ماكينة صراف آلي في أي وقت.

أهمية تبكير صرف المعاشات

يأتي قرار تبكير صرف معاشات أبريل 2025 ضمن الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة لدعم الفئات الأكثر احتياجًا وتخفيف الأعباء المالية عليهم، خاصة مع اقتراب عيد الفطر، حيث يحتاج الكثيرون إلى تأمين مستلزمات العيد والاحتياجات الأساسية قبل العطلة الرسمية.

مقالات مشابهة

  • انقطاع الإنترنت في جميع أنحاء سوريا
  • خبيران: إسرائيل تريد استسلام العرب وهذا المطلوب لوقف تمددها
  • قراءة أولية في الإعلان الدستوري في سوريا الجديدة
  • قراءة أولية للإعلان الدستوري في سوريا الجديدة
  • هذا الذي يدور في اليمن‬ .. ‫وهذا القادم‬ !
  • بشرى سارة لأصحاب المعاشات قبل العيد.. وهذا موعد الزيادة الجديدة
  • تعود لفلول نظام الأسد.. العثور على بئر أسلحة في حمص
  • مبعوث ترامب يحذر من سقوط نظام السيسي.. خطوة لإخضاعه أم دعوة لإنقاذه؟
  • هل تستعيد إيران نفوذها في سوريا؟
  • تعرف على نوعية الأسلحة التي يستخدمها الجيش الأميركي في ضرباته ضد الحوثيين في اليمن؟